-
أخوية > 
فن > 
أدب > 
الشعر > مختارات من شعر رياض الصالح الحسن-ديوان وعل في الغابة
 
عرض كامل الموضوع : مختارات من شعر رياض الصالح الحسن-ديوان وعل في الغابة
قصائد
 
 
 
"أنت في وحدتك
 
 
بلد مزدحم"
 
 
روفائيل ألبرتي
 
 
 
غرفة الشاعر
 
 
 
يفتح بابَ الكلماتِ و يدخلُ بخطىً خائفةٍ
 
 
في أنحاءِ الغرفةِ
 
 
بعض قصائد ذابلة
 
 
كلمات تتمدد فوق الكرسيّ
 
 
و أخرى تتعلّق بالمشجب
 
 
سنبلة تهرب من بين أصابعه
 
 
و طيور تقتحم الشفتين
 
 
يرى عشبًا ينبت في المكتبةِ المهملةِ
 
 
و نبعًا ينبثق من الحائط
 
 
بعد قليل سوف يداهمه الليل بأقمار و كوابيس
 
 
تداهمه أشجار الغابة
 
 
و رمال الشاطئ
 
 
و حصى الأنهار
 
 
و آبار فارغة
 
 
يملؤها بحروف سوداء
 
 
ماذا يأخذ من جثث الأيام
 
 
و ماذا يترك
 
 
غير قصائد ذابلة
 
 
و غبار الكلمات؟
 
 
و بعد قليل
 
 
سوف يداهمه الشرطيّ
 
 
ليسأله عن جمل غامضةٍ
 
 
و يحذره من استعمال "القُبلة" و "القنبلة"
 
 
و يمضي..
 
 
هو ذا الشاعر
 
 
يفتح نافذة القلبْ
 
 
يغلق عينيه
 
 
و يحلم بقصيدة حبْ
الولد النائم
 
قبل أن يذهبَ للحرب مضى نحو السرير
أغلق عينيه و نام..
رأى فيما يرى الأولاد
سهلاً فسيحًا تركض الغزلان فيه
سربًا من عصافير
و أشجارًا من الدراق
أزهارًا لها هيئة أقمارٍ
رأى نهارًا واسعًا جدًا
و من أقصى النهار جاء رجل يسعى
ألقى على الطفل قميصًا من دمٍ
فاختفى السهل و ماتت الغزلان
و الأشجار
اختفى النهار..
قال الولد الجميل: لا بأس
أغمض عينيه بعينيه
و نام
رأى عشرين ملاكًا يهبطون قربه
سألهم: هل تأكلون البرتقال
هل نستطيع أن نلعب لعبة الهرّة و الفأر
أختبئ الآن فوق سريري
جديني أيتها الهرّة/الملاك..
....
و من أقصى السماء
جاءت القنبلة فوق سرير الولد الجميل
طار الملاك
و ماءت الهرة حينما رأت إصبع طفل في التراب
قال الولد الجميل:
لا بأس، لا بأس
عاد إلى السرير متعبًا
أغمض عينيه بعينيه
و نام..
رأى فيما يرى الحالم
أسماكًا على الجدران
ذئبًا يسبح في البركة
تمساحًا يعود للملهى
و امرأة تنتظر الربّ أمام قصر العدل
صاح الولد الجميل:
لا أريد أن أرى شيئًا
أريد أمي و زجاجة الحليب و القماط
قال الولد الجميل شيئًا
ليس حسنًا جدًا
و ليس سيئًا جدًا:
"عاش البط
عاش النهر
عاشت الهرّة
عاشت الأشجار
عاشت أختي و أخي
و لتسقط الدبابة.."
...
...
أغلق عينيه بعينيه
و نام أبدًا
كنجمة في السماء
كوعل في الغابة
 
أمامي الكثير لأعطيه
و خلفي الكثير للمقابر
أمامي النهر و رائحة الصباح و الأغاني
البشر الرائعون و السفر و العدالة
و خلفي الكثير الكثير
من الكهنة و التماثيل و المذابح
و ها أنذا أمشي و أمشي
بين هزائمي الصغيرة و انتصاراتي الكبرى
و ها أنذا أمشي و أمشي
متألقًا كنجمة في السماء
و حُرًّا كوعل في الغابة
لي وطن أحبه و أصدقاء طيّبون
بنطال و حذاء و كتب و رغبات
و وقت قليل للرقص و الجنون و القنبلة
لقد بدأت أتعلم كيف أبتسم و أقول وداعًا
و بدأت أتعلم كيف أتألم
بعيدًا عن الضجيج و العواصف
أما الكلمة الجميلة، الجميلة
التي تشبه طائرًا أبيض
و التي تشبه شجرة في صحراء
فلقد اكتشفتها متأخرًا قليلاً
مثلما تكتشف السفينة اتجاهها
و مثلما يكتشف الطفل أصابعه و عينيه
لذلك أمشي و أمشي و أمشي
فأمامي الكثير لأعطيه
و خلفي الكثير للمقابر
و لذلك أمشي و أمشي و أمشي
و لا أنتظر أن ينتهي طريقي
هذه صخرة و هاتان عينان
هذا قمر و تلك أوزة
و ثمة أشياء كثيرة لم أكن أراها:
أيدي الأمهات
أكياس الطحين
و طلاب المدارس
إنّني أفتح عيني كنبع صغير
و أتحرك برشاقة الرعاة
فلقد بدأت أعلم
-و ربما متأخرًا قليلاً-
أن آلاف الحروب و ملايين الجرائم
لم تستطع منع القطة من المواء عندما تجوع
و الوردة من أن تتفتح
و المطر من أن ينهمر بغزارة...
لذلك أمشي و أمشي و أمشي
متألقًا كنجمة في السماء
و حُرًّا كوعل في الغابة
و عندما أصل إلى البيت
وحيدًا أو عاشقًا
مرحًا أو حزينًا
أعترف لنفسي بأخطائي القليلة
و أنتظر:
عشب الطريق
هدير القطارات
و عمال المصانع
و لون السماء في الصباح الباكر
الباكر
الباكر
اخوية نت 
بدعم من : في بولتـين الحقوق محفوظة ©2000 - 2015, جيلسوفت إنتربـرايس المحدودة