أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   القصة و القصة القصيرة (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=17)
-   -   متفرقات ..انطون تشيكوف (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=104730)

achelious 16/07/2008 05:44

متفرقات ..انطون تشيكوف
 
أقصر قصة قصيرة..
كنت في الخامسة عشرة من عمري عثرت في الطريق على ورقة من فئة الجنيه منذ أربعين سنة ومنذ ذلك لم أرفع وجهي عن الأرض وأستطيع الأن وأنا على حافة القبر أن أحصي محصول حياتي وأن أسرده كما يفعل أصحاب الثروات هكذا: 2917 زراراً – 44172 دبوساً – 12 سن ريشة – 3 أقلام – 1 منديل – ظهر محنى – حياة بائسة.

أنطون تشيكوف:D

The morning 16/07/2008 06:02

جــميل :D

whiterose 16/07/2008 06:07

وجدا.....

achelious 16/07/2008 19:24

الساذجه
 
طلبت - قبل بضعة أيام - من مربية أولادي ( جوليا فاسيليفنا ) موافاتي بغرفة المكتب.
- تفضلي بالجلوس ( جوليا فاسيليفنا ) - قلت لها - كيما نسوي مستحقاتك .
ويبدو أنك تلبسين رداء الرسمية والتعفف إذ أنك لم تطلبيها رسميا مني رغم حاجتك الماسة للمال ... حسنا ... كنا إذا قد اتفقنا على مبلغ ثلاثين روبلا في الشهر ...
- بل أربعين قالت باستحياء.
- كلا .. اتفاقنا كان على ثلاثين ، دونت ملاحظة بذلك . أدفع إلى المربيات ثلاثين روبلا عادة . لقد عملت هنا مدة شهرين لذا ..
- شهران وأيام خمسة قالت مصححة
- بل عملت لمدة شهرين بالتمام والكمال - قلت بإصرار - لقد دونت ملاحظة بذلك ، وهذا يعني أنك تستحقين ستين روبلا يخصم منها أجر تسعة أيام تعرفين تماما أنك لم تعملي شيئا لـ ( كوليا ) أيام الأحد وكنت تكتفين بالخروج به للنزهة ... هناك أيضا ثلاث إجازات و ...
ولم تعقب .. اكتفت المسكينة بالنظر إلى حاشية فستانها فيما كست محياها حمرة شديدة .. مانبست ببنت شفه
- ثلاث إجازات فلنخصم من ذلك إذا اثنى عشر روبلا ... كما وأن ( كوليا ) قد مرض فاستغرق ذلك ثلاثة أيام لم يتلق عبرها أي درس ... شغلت إبان ذلك بـ ( تانيا ) فقط ، هناك أيضا أيام ثلاثة شعرت فيها بآلام في أسنانك ممضة اعفتك زوجتي خلالها من العمل بعد الظهر ... اثنا عشر وسبع يساوي تسعة عشر ، واطرحي ذلك فيتبقى بعد ذلك ... آ ... واحد وأربعون روبلا ... أصبح ذلك
واحمرت العين اليسرى ( لجوليا فاسيليفنا ) ثم ... غرقت بالدمع ، فيما تشنج ذقنها وارتعش ... وسعلت بشدة ثم مسحت أنفها ... إلا أنها ... لم تنبس بحرف
- " قبيل ليلة رأس السنه كسرت كوب شاي وصحنه ، يخصم من ذلك روبلان رغم أن تكلفة الكوب هي في الواقع أكثر من ذلك إذ إنه كان ضمن تركة قيمة ... لا يهم ليست تلك هي أولى مامنيت به من خسائر ... بعد ذلك ونتيجة لإهمالك صعد ( كوليا ) شجرة فتمزق معطفه ، يخصم من المجموع عشرة روبلات ... كما وأن الخادمه قد سرقت - بسبب لامبالاتك حذاء ( فانيا ) ينبغي أن تفتحي عينيك جيدا ... أن تتوخي الحذر والحيطة
فنحن ندفع لك ثمن ذلك ... حسنا نطرح من كل ذلك خمسة روبلات وإني قد أعطيتك عشرة روبلات يوم العاشر من يناير
- لم يحدث ذلك ّ همست ( جوليا فاسيليفنا )
- بلى دونت ملاحظة بذلك قلت بإصرار
- حسنا وإذا أجابت بنبرات كسيرة .
- فإذا ما خصمنا سبعة وعشرين من واحد وأربعين فسيتبقى لك أربعة عشر روبلا
وغرقت بالدموع حينها كلتا عينيها فيما ظهر العرق على أنفها الصغير الجميل ... ياللبنية المسكينة
- لم أحصل على مال سوى مرة واحدة
- قالت صوت راعش متهدج النبرات - وكان ذلك من زوجتك . ماتجاوز ما استلمته ثلاث روبلات ... لا أكثر سيدي
- حقا أرأيت لم أدون ملاحظة بذلك - سأخصم من الأربعة عشر روبلا ثلاثة فيتبقى لك أحد عشر روبلا
ودفع إليها بالمبلغ فتناولته بأصابع مرتجفة ثم دسته في جيبها .
شكرا قالت هامسة .
- ولماذا هذه الـ ( شكرا ) سألتها
- للمبلغ الذي دفعته لي .
لكنك تعرفين أني قد غششتك ... أني قد سرقتك ونهبت مالك فلماذا شكرتني
- في أماكن أخرى لم يكونوا ليدفعوا لي شيئا البتة
- لم يمنحوك على الإطلاق شيئا زال العجب إذا لقد دبرت هذا المقلب كي ألقنك درسا في المحافظة على حقوقك ، سأعطيك الآن مستحقاتك كاملة ... ثمانون روبلا ... لقد وضعتها في هذا الظرف مسبقا ... لكن - تساءلت مشدوها - أيعقل ذلك أن يتسم إنسان بكل ذلك الضعف والاستسلام لماذا لم تعترضي لم كل ذلك الصمت الرهيب ... أيعقل أن يوجد في هذا العالم النابض بالظلم والأحقاد والشراسة إنسان بلا أنياب أو مخالب إنسان في سذاجتك وخضوعك
وابتسمت في ذل وانكسار فقرأت في ملامحها " ذاك ممكن " واعتذرت منها مجددا عما سببته لها من ألم وإحراج ، إذ إن الدرس كان قاسيا حقا قبل أن أسلمها الظرف الذي يحوي أجرها ... ثمانون روبلا تناولتها بين مكذبة ومصدقة ... وتلعثمت وهي تكرر الشكر ... المرة تلو المرة ثم غادرت المكان وأنا أتأملها وسيل من جراحات الإنسان المعذب في أرجاء غابة الظلم يندح في أوردتي وهمست لنفسي :
- حقا ما أسهل سحق الضعفاء في هذا العالم.


أنطوان تشيكوف
ترجمة حصه العمار

:D



achelious 16/07/2008 19:29

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : The morning (مشاركة 1061491)
جــميل :D

قرأت انو هي أقصر قصة عرفها العالم حتى اللحظة, وهي مؤلفة من خمسين كلمة-
بس ما سجلت هالشي لأنو قرأت قصة أقصر منها.. لكاتب مكسيكي..
نال جائزة عن اقصر قصة في العالم, بيقول بقصتو..
"عندما استيقظت وجدت ان الديناصورات لم تنقرض.." ;-)
شكرا لمرورك:D

achelious 16/07/2008 19:30

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : whiterose (مشاركة 1061492)
وجدا.....

:shock::? شوهي؟!

وشم الجمال 16/07/2008 20:09

حلوة عزخم الاحداث يللي فيها;)

وشم الجمال 16/07/2008 20:19

شو هاد؟؟؟؟
وانا عم اقرا بسب عليه لهالزلمة وبحكي بكل وقاحة عم يحكيلها بدو يعطيها اجرها وهيي بكل خنوع بتقبل باي شي بحكيه وبتسكت .....كتير انزعجت بس لما قريت النهاية كمان حسيت قديش كانت قاسية على انسانة متلها...

جد ما اسهل سحق الضعفاء بالعالم لانن بلا لسان ولانو تعلموا يسكتو ويخنعوا...

ميرسي عالقصة يللي صحت شغلة جواتي...يسلمو اخيليوس:D

The morning 16/07/2008 21:53

الظلم , الظلم , الظلم , يأكـل روائـح النزيف من ثنايا الضعف .. رائعه

achelious 16/07/2008 23:11

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : وشم الجمال (مشاركة 1061904)
شو هاد؟؟؟؟
وانا عم اقرا بسب عليه لهالزلمة وبحكي بكل وقاحة عم يحكيلها بدو يعطيها اجرها وهيي بكل خنوع بتقبل باي شي بحكيه وبتسكت .....كتير انزعجت بس لما قريت النهاية كمان حسيت قديش كانت قاسية على انسانة متلها...

جد ما اسهل سحق الضعفاء بالعالم لانن بلا لسان ولانو تعلموا يسكتو ويخنعوا...

ميرسي عالقصة يللي صحت شغلة جواتي...يسلمو اخيليوس:D

:lol: بعرف احاسيسك..:p حنق:x بس بعدين متل ماقلتي.. النهاية معبرة بحق,
وأنا لاأعتقد إنها مجرد قصة خيالية.. بل هي أكثر واقعية من الواقع..
وأحلى شغلة فيها.. إنها متل الصدمة الكهربائية -الجهاز المستخدم في المشافي-
بتصعق الواحد لتوعيه;-)
شكرا لمروك وشم أو سوسو:D
ابقي ميلي دايما صوبنا:D

achelious 16/07/2008 23:14

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : The morning (مشاركة 1062012)
الظلم , الظلم , الظلم , يأكـل روائـح النزيف من ثنايا الضعف .. رائعه

شكرا لمرورك مورنينغ:D انتظري المزيد;-)

achelious 17/07/2008 07:14

وشـــايـــة
 
( سيرجى كابيتونيتش أهينيف ) , أستاذ الخط , كان يزوج ابنته إلى أستاذ التاريخ والجغرافيا . مهرجانات الزفاف كانت تسلك السبيل المتوقع بنجاح تام . بداخل غرفة الرسم كانوا يغنون , ويلعبون , ويرقصون . النُدَّل المأجورون من النادى كانوا يهرعون بحيرة وذهول هنا وهناك حول الغرف , لابسين سترات سوداء مشقوق ذيلها وأربطة عنق بيضاء بياضاً باهتاً . كان هناك صخب مستمر وضجيج حديث , كان أستاذ الرياضيات وأستاذ اللغة الفرنسية ومخمن الضرائب الأدنى يتكلمون بسرعة جالسين جنباً إلى جنب على الأريكة , وغير ذلك يعترضون على من حولهم , بوصفهم لأحوال الضيوف بأنهم أشخاص يُدفنون أحياءاً ! , ويقدمون آراءهم فى الروحانية , لا واحد منهم كان يؤمن بالروحانية , ولكنهم وافقوا جميعاً على أن هناك العديد من الأشياء فى هذا العالم التى دائماً ما تكون وراء العقل البشرى . بداخل الحجرة الأخرى كان أستاذ الأدب يشرح للزائرين الأحوال والظروف فى مسألة حق الحارس فى التعدى على عابرين السبيل .
الموضوعات المطروحة على حد الفهم والإدراك كانت موضوعات شائكة ومثيرة للهجوم , إلا أنها كانت مقبولة للغاية لدى الجميع .

فى تمام منتصف الليل اتجه مالك البيت إلى المطبخ ليرى هل كل شىء قد جهز للعشاء . المطبخ كان مليئاً من الأرض وحتى السقف بأدخنة ناشئة من إوزة وبطة , وكثير من الأشياء المطبوخة الأخرى . وعلى منضدتين كانت الكماليات .. المشروبات , أضواء منعشة موضوعة فى مظهر فوضوى فنى . الطباخة ( مارفا ) , امرأة ذات وجه أحمر اللون , بنية جسمها كان كالبرميل بحزام من حوله , كانت مسرعة باهتياج بشأن المناضد .
قال ( أهينيف ) وهو يحك يديه ببعضهما البعض , ويلعق شفتيه :
" أرينى السمكة الكبيرة ذات الكافيار يا ( مارفا ) " واستطرد : " يالها من رائحة ! , أنا بهذا يمكننى أن أأكل المطبخ بأكمله . هيا , أرينى السمكة "

ذهبت ( مارفا ) إلى أحد الموائد , وبحذر , رفعت قطعة من جريدة مشحمة . تحت الورقة وعلى صحن هائل , كانت ترقد سمكة ضخمة , مطلية بالهُلام ومُزينة ببراعم ( الكَبَر ) الخضراء المخللة , والزيتون , والجزر .
( أهينيف ) حدق النظر إلى السمكة ولهث . أشع وجهه بابتسامة بهيجة . وأعاد نظره إلى فوق . فانحنى لأسفل , وبشفتيه أصدر صوت كصوت عجلة غير مزيتة تدور . وقبل أن يقف بدقيقة , طقطق أصابعه , ومرة أخرى لَمَظ شفتيه .

فجأة جاء صوت من الغرفة المجاورة :
" أها ! صوت قبلة عاطفية حارة ... من ذا الذى تقبلينة بالخارج , يا ( مارفا ) الصغيرة ؟ "
وظهر من مدخل الباب المدرس المساعد ( فانكن )
" من هو ؟ .. آه ! ... إنى سعيد لمقابلتك ! يا ( سيرجى كابيتونيتش ) ! , يجب على أن أقول أنك جد رائع رفيع ! "

قال ( أهينيف ) بارتباك :
- " أنا لا أُقَبِّل , من قال لك ذلك يا أحمق ؟ , إنى فقط كنت ألمظ شفتاى .. بشأن .. إظهار وتبيين دلالة عن ... ابتهاجي بلذة .. النظر إلى السمكة "

- " قل هذا لأحد غيرى " , وتلاشى الوجه الفضولى لـ (فانكن ) , وتبدل بابتسامة عريضة ساخرة .
شاع الدم فى وجه ( أهينيف ) وقال فى نفسه :
" توقف ! , هذا الحقير سيذهب الآن ويصطنع فضيحة . سيلحق بى خزياً وعاراً أمام كل المدينة , هذا الحيوان "

ذهب ( أهينيف ) بجبن داخل غرفة الرسم ونظر بخلسة حول المكان ليرى ( فانكن ) . ( فانكن ) كان يقف بقرب من البيانو , وينحنى لأسفل بتفاخر ومرح , ويهمس بشىء ما لأخت زوجة المراقب , والتى كانت تضحك .
قال ( أهينيف ) فى نفسه :
" يتكلم عنى ! , اللعنة عليه ! , وهى تصدق هذا .. تصدقه ! إنها تضحك ! .. الرحمة ! لا , لا يمكن أن أدع هذا يمر .. أنا لا أستطيع , يجب أن أفعل شيئاً يمنع تصديق الناس له .. سأكلمهم كلهم , وسيظهر لهم على أنه أحمق وناشر للإشاعات "

حك ( أهينيف ) رأسه بيده , ولا زال متعصباً فى ارتباك , وذهب إلى أستاذ اللغة الفرنسية .
قال ( أهينيف ) للرجل الفرنسى :
" لقد كنت للتو فى المطبخ لأرى تجهيز طعام العشاء , أنا أعلم بأنك مولع بالسمك , وأنا عندى سمكة كبيرة ذات كافيار شهى , وفجأة يا رفيقى العزيز , وبدون أية مقدمات , وعلى بعد يارة ونصف , قال ’ ها , ها , ها ’ , و .. , بالمناسبة ... لقد نسيت ... فى المطبخ منذ قليل , ومع تلك السمكة الكبيرة .. هناك قصة صغيرة ! لقد ذهبت إلى المطبخ قبل الآن بالضبط , وأردت أن أنظر إلى أطباق العشاء . نظرت إلى السمكة ولمظت شفتاى فى تلذذ .. ولحدة الصوت , جاء فى تلك الدقيقة هذا الأحمق ( فانكن ) وقال ...’ ها , ها , ها ...
إذن أنت تقبل ( مارفا ) ’ , أقبل ( مارفا ) , الطباخة ! يا له من شىء للتخيل , الساذج الأحمق ! تلك المرأة مكتملة السمنة بشكل غريب , وكأنها مجموعة بهائم تجمعوا فى تكتل معاً , وهو يتكلم عن التقبيل ! هذا الشخص الشاذ ! "

" من هو هذا الشخص الشاذ ؟ "
سأل هذا أستاذ الرياضيات وهو آت .

قال ( أهينيف ) :
" ها هو ذا , هناك , ( فانكن ) ! لقد ذهبت إلى المطبخ ... " وقال قصة ( فانكن ) .. واستطرد :
" ... لقد أضحكنى هذا الشخص الشاذ ! إنى لأفضل أن أُقَبِّل كلب عن أن أفعل هذا بـ (مارفا ) لو خيرتنى "
نظر ( أهينيف ) حوله ووجد مخمن الضرائب الأدنى .

قال له (أهينيف ) :
" كنا نتكلم عن ( فانكن ) , هذا الشخص الشاذ , لقد ذهب إلى المطبخ , و وجدنى بجانب ( مارفا ) , وبدأ يخترع كل أنواع القصص السخيفة , ويقول ’ لماذا تُقَبِّل ؟ ’ , يجب أن عقله قد سقط منه كثيراً , وقد قلت ’ إنى لأفضل أن أُقَبِّل ديكاً رومياً عن ( مارفا ) .. ثم إن لدى زوجتى الخاصة بى أيها الأحمق ’ , لقد أضحكنى ! "

- " من الذى أضحكك ؟ "
سأل هذا القسيس الذى درَّس الكتاب المقدس بالمدرسة , وهو ذاهب تجاه ( أهينيف )

-" ( فانكن ) . لقد كنت واقفاً داخل المطبخ , حسناً , وأنظر إلى تلك السمكة الكبيرة .... "
وهكذا وبعد نصف ساعة تقريباً كان كل المعزومون يعلمون حادثة السمكة و ( فانكن ) .
قال ( أهينيف ) فى نفسه وهو يحك يده باليد الأخرى :
" دعه يلغو الآن , دعه .. , سيبدأ فى قول قصته لهم , وسيقولون له فى الحال , ’ كفاك هراءاً بعيد الاحتمال , أيها الأحمق , نحن نعلم كل شىء عن ذلك ! ’ "

وهنا كان ( أهينيف ) مرتاح البال للغاية , وكنتيجة لسعادته الشديدة , شرب أربعة كؤوس مملوئين عن آخرهم . وبعد مرافقة الصغار إلى غرفهم , ذهب إلى السرير ونام كالطفل البرىء , وفى اليوم التالى لم يعد يفكر بشأن حادثة السمكة الكبيرة . ولكن , وا حسرتاه ! .. أنت تريد , وأنا أريد , والله يفعل ما يريد . لسان شرير فعل فعله الشرير , وكانت خطة ( أهينيف ) بلا فائدة .
فقط بعد أسبوع واحد – وللدقة , فى يوم الأربعاء بعد المحاضرة الثالثة – عندما كان ( أهينيف ) يقف عند منتصف حجرة الأساتذة , حاملاً لتقرير عن ميل للمشاغبة لولد يُدعى ( فيسيكين ) , ذهب مدير المدرسة لـ ( أهينيف ) وسحبه جانباً وقال له :


" أنظر , يا ( سيرجى كابيتونيتش ) , يجب أن تعذرنى ... إنه ليس من شأنى , ولكن عموماً يجب أن أجعلك تدرك الموقف , إنه من واجبى , أنظر , هناك إشاعات أنك على علاقة رومانسية مع ال ... طباخة .. , هذا لن يضرنى شخصياً فى شىء , .. لك الحرية فى أن تغازلها , تقبلها , كما تشاء , ولكن لا تجعل هذه الأمور عامة وتنشرها للجميع , من فضلك , إنى أتوسل إليك ! لا تنسى أنك مدرس مدرسى "
( أهينيف ) تحول إلى شخص بارد ضربه دوار عنيف . رجع البيت كرجل ملدوغ من سِرب نحل بالكامل . كرجل محروق بماء مغلى . وأثناء مشيه إلى المنزل , شعر بأن كل من فى المدينة ينظر إليه على أساس أنه سىء السمعة . وفى المنزل كانت تنتظرة مشكلة طازجة .
سألته زوجته على العشاء :
" لماذا لا تلتهم طعامك كعادتك ؟ " , واستطردت :
" ما الذى يشغل تأملك هكذا ؟ هل تفكر فى شأن علاقاتك الغرامية ؟ تعلق آمالك بمحبوبتك ( مارفا ) ؟ إنى أعلم كل ما هو بشأن هذا , أيها المسلم ! أصدقاء أخيار قد نبهونى من غفلتى ! آ ه ه ... أيها الهمجى ! "

وصفعته على وجهه . خرج من جلسة المنضدة , وهو لا يشعر بالأرض تحت قدميه , وبدون أن يرتدى قَلَنْسُوَّته أو معطفه , جعل طريقه إلى ( فانكن ) . و وجده بالبيت .
وجه ( أهينيف ) كلامه لـ ( فانكن ) :
- " أيها الوغد ! لماذا لطخت وجهى بالطين أمام كل المدينة ؟ لماذا جعلت تلك الوشاية تنتشر عنى ؟ "

- " أية وشاية ؟ عن ماذا تتكلم ؟ "
-"من الذى نشر إشاعة تقبيلى لـ ( مارفا ) ؟ أليس هو أنت ؟ قل لى . ألم يكن أنت ؟ , أيها اللص ! "
( فانكن ) نظر بدهشة بعينين طارفتين , ونزع من نفسه كل رمز دال على العنف والثورة , وبدا رزيناً , وأعاد عينيه لتنظر إلى التمثال الذى يعبده , وقال بألفاظ واضحة ومتسقة :
" يلعننى إلهى ! يجعلنى أعمى ويقتلنى , إذا كنت قد قلت كلمة مفردة عنك ! من الممكن أن أُشَرَّد , أو أُصاب بمرض أسوأ من الكوليرا لو قلت ذلك عنك ! "

إخلاص وصدق ( فانكن ) كان غير قابل للارتياب , لقد كان من البين أنه ليس هو مخترع الوشاية .
تساءل ( أهينيف ) فى تعجب :
ولكن من إذن ؟ , من ؟! " , وظل يسترجع بعقله ويمر على كل معارفه الشخصية , ويضرب نفسه على صدره ويقول :
" من إذن ؟! "



أنطون تشيكوف
ترجمة أحمد صادق
:D

saman 17/07/2008 07:51

هههههههههههههههههه:lol:
عنجد فظيفة ...:o بصراحة هي اول مرة بقراها ...:oops:
ميرسي كتييييير أخيليوس ...:D

achelious 17/07/2008 08:52

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : M.E.e.R.O (مشاركة 1062372)
هههههههههههههههههه:lol:
عنجد فظيفة ...:o بصراحة هي اول مرة بقراها ...:oops:
ميرسي كتييييير أخيليوس ...:D

:DWelcOme M.E.e.R.O
كترن..;-)

achelious 18/07/2008 05:51

وفاة موظف
 
ذات مساء رائع كان ايفان ديمتريفيتش تشرفياكوف ، الموظف الذي لا يقل روعة، جالساً في الصف الثاني من مقاعد الصالة ، يتطلع في المنظار إلي ( أجراس كورنيفيل ). وراح يتطلع وهو يشعر بنفسه في قمة المتعة ، وفجأة... وكثيرا ما تقابلنا (وفجأة) هذه في القصص. والكُتّاب علي حق ، فما أحفل الحياة بالمفاجآت ! وفجأة تقلص وجهه ، وزاغ بصره ، واحتبست أنفاسه... وحول عينيه عن المنظار وانحني و... آتششش!!! عطس كما ترون ، والعطس ليس محظورا علي أحد في أي مكان ، إذ يعطس الفلاحون ، ورجال الشرطة ، بل وحتي أحيانا المستشارون السريون . الجميع يعطس ، ولم يشعر تشرفياكوف بأي حرج ، ومسح أنفه بمنديله ، وكشخص مهذب نظر حوله ليري ما إذا كان قد ازعج أحدا بعطسه ، وعلي الفور أحس بالحرج . فقد رأي العجوز الجالس أمامه في الصف الأول يمسح صلعته ورقبته بقفازه بعناية ويدمدم بشيء ما . وعرف تشرفياكوف في شخص العجوز الجنرال بريزجالوف الذي يعمل في مصلحة السكك الحديدية .
وقال تشرفياكوف لنفسه : - لقد بللته... انه ليس رئيسي ، بل غريب ، ومع ذلك فشيء محرج ينبغي أن اعتذر .
وتنحنح تشرفياكوف ومال بجسده إلي الامام وهمس في اذن الجنرال :
- عفوا يا صاحب السعادة ، لقد بللتكم.. لم أقصد .
- لا شيء ، لا شيء .
- أستحلفكم بالله العفو . انني.... لم أكن اريد !
- أووه، اسكت من فضلك ! دعني أصغي !
وأحْرَج تشرفياكوف فابتسم ببلاهة ، وراح ينظر إلي المسرح . كان ينظر ولكنه لم يعد يحس بالمتعة ، لقد بدأ القلق يعذبه ، وأثناء الاستراحة اقترب من بريزجالوف وتمشي قليلا بجواره ، وبعد أن تغلب علي وجله دمدم :
- لقد بللتكم يا صاحب السعادة.. اعذروني.. انني لم أكن اقصد أن...
فقال الجنرال:
- أوووه كفاااك ! أنا قد نسيت وأنت مازلت تتحدث عن نفس الامر ! .
وحرّك شفته السفلي بنفاد صبر .
وقال تشرفياكوف لنفسه وهو يتطلع إلي الجنرال بشك :
( يقول نسيت بينما الخبث يطل من عينيه... ولا يريد أن يتحدث... ينبغي أن أوضح له انني لم أكن أرغب علي الاطلاق... وأن هذا قانون الطبيعة ، وإلاّ ظن أنني أردت أن أبصق عليه ، فإذا لم يظن الآن فسيظن فيما بعد ! ) .
وعندما عاد تشرفياكوف إلي المنزل روي لزوجته ما بدر عنه من سوء تصرف . وخُيِّل إليه أن زوجته نظرت الي الأمر باستخفاف ، فقد جزعت فقط ، ولكنها اطمأنت عندما علمت أن بريزجالوف ( غريب ) .
- ومع ذلك اذهب إليه واعتذر... وإلاّ ظن أنك لا تعرف كيف تتصرف في المجتمعات ! .
- تلك هي المسألة ! لقد اعتذرت له ، ولكنه... كان غريبا... لم يقل كلمة مفهومة واحدة... ثم إنه لم يكن هناك متسع للحديث .
وفي اليوم التالي ارتدي تشرفياكوف حُلّة جديدة ، وقص شعره ، وذهب إلي بريزجالوف لتوضيح الأمر... وعندما دخل غرفة استقبال الجنرال رأي هناك كثيراً من الزوار ورأي بينهم الجنرال نفسه الذي بدأ يستقبل الزوار ، وبعد أن سأل عدة أشخاص رفع عينيه إلي تشرفياكوف . فراح الموظف يشرح له :
- بالأمس في ) اركاديا ) لو تذكرون يا صاحب السعادة عطست و... بلّلتكم من غير قصد.. اعتذر..
- يا للتفاهات.. الله يعلم ما هذا ! .
وتوجه الجنرال إلي الزائر التالي : - ماذا تريد ؟ .
وفكر تشرفياكوف ووجهه يشحب: ( لا يريد أن يتحدث ... إذن فهو غاضب.. كلا ، لا يُمكن أن ادع الأمر هكذا.. سوف اشرح له...) .
وبعد أن أنهي الجنرال حديثه مع آخر زائر واتجه إلي الغرفة الداخلية ، خطا تشرفياكوف خلفه ودمدم :
- يا صاحب السعادة ! إذا كنت أتجاسر علي ازعاج سعادتكم فإنما من واقع الإحساس بالندم !. لم أكن أقصد ، كما تعلمون سعادتكم ! .
فقال الجنرال وهو يختفي خلف الباب :
- إنك تسخر يا سيدي الكريم ! .
وفكر تشرفياكوف : ( أية سُخرية يمكن أن تكون ؟ ... ليس هنا أية سخرية علي الاطلاق ! جنرال ومع ذلك لا يستطيع أن يفهم ! ... إذا كان الأمر كذلك فلن اعتذر بعد لهذا المتغطرس. ليذهب الي الشيطان ! ...سأكتب له رسالة ، ولكن لن آتي اليه... أقسم لن أتي ) ! .
هكذا فكر تشرفياكوف وهو عائد إلي المنزل . ولكنه لم يكتب للجنرال رسالة . فقد فكر وفكر ولم يستطع أن يدبّج الرسالة . واضطر في اليوم التالي إلي الذهاب بنفسه لشرح الأمر . ودمدم عندما رفع إليه الجنرال عينين متسائلتين :
- جئت بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة ، لا لكي أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم. بل كنت اعتذر لأني عطست فبللتكم... ولكنه لم يدر بخاطري أبدا أن أسخر وهل أجسر علي السخرية؟ فلو رحنا نسخر ، فلن يكون هناك احترام للشخصيات إذن..
وفجأة زار الجنرال وقد ارتعد وأرعد :
- أخرج من هنااا !! .
فسأل تشرفياكوف هامسا وهو يذوب رعبا :
- ماذا ؟ .
فردد الجنرال ودق بقدمه :
- أخرج من هنااا !! .
وتمزّق شيءٌ ما في بطن تشرفياكوف . وتراجع إلي الباب وهو لا يري ولا يسمع شيئا ، وخرج إلي الشارع وهو يجرجر ساقيه.. وعندما وصل آليا الي المنزل استلقي علي الكنبة دون أن يخلع حُلته... ومات.

أنطون تشيكوف:D

achelious 19/07/2008 01:40

الحرباء
 
بمعطفه الجديد ؛ وبشيء ما يتأبطه يلجُ العريف " آخميلوف " باحةَ السوق يتبعه شرطيٌّ ذو شعر أحمر ، حاملاً ما صادراه من فاكهة .. الصمت يشيع في الأرجاء ، وليست ثمّة حركة جلّية .. أبوابُ المحلات ونوافذها مواربةٌ علىَ سعتها مثل أفواه جائعة تحدّق بأسى لدنيا الله .
علىَ نحوٍ مباغت تٌمزّق أستار الصمت صرخةُ : " هكذا تريد أن تعضّني أيها الكلب الملعون . هذا زمان ما عاد للكلاب حرّية عضّ الآخرين .. آه !.. آه أوقفوه !.
يندلع نباحٌ متواصل .. تتوجّه أنظار " آخميلوف " ناحيةَ الصوت .. هناك كلبٌ برجلٍ عرجاء يفرٌّ هارباً من ناحية " مخزن أخشاب بنجوجن " ملاحَقاً مِن قبل رجلٍ ذي قميص أبيض يحاول الإمساك به فيتعثّر ساقطاً .. غير أنّه يفلح في القبض عليه من قائمتيه الخلفيّتين .. يعوي الكلبُ ومعه تستمرُ صيحاتُ الرجل .
وجوهُ بعيونٍ ناعسةٍ تطلُّ من نوافذ المحلات ؛ تُطالع حشداً بشرياً التأم سريعاً كأنّه انبثقَ من ثنايا الأرض .
- " أتعتقد أنّ من الضروري توجيه اللوم والتوبيخ لتجمّع ٍغير مسموح به كهذا ؟ ".. يحاور آخميلوف شرطيَّهُ .
يستديرُ يساراً ويخطو باتجاه الحشد جوار الباب الرئيس لمخزن الأخشاب ، يشاهد الرجلَ ذا القميص الأبيض يرفع يداً عارضاً على العيون المُبحلِقة إصبعاً مُدمّىَ فيما وجهه يشي بتعابيرِ رجلٍ شبه مخمور : " إنتظر ! .. سأجعلك تدفع الكثير مقابل هذا ، أيها الشيطان " .
وسرعان ما يتعرّف أخميلوف على الرجل : إنّه " كريوكين " ؛ مثلما يشاهد الكلب خالقَ الجلبةِ يرتجفُ وسط الحشد وقائمتاه الأماميتان ممدودتان ..كلبٌ أبيض تُبقّع ظهرَه بقعةٌ صفراء ، عيناه تمتلئان بتعابير الخشية والقلق .
- " ما الخَطب ؟ ! " .. يروح أخميلوف يتساءل ، صانعاً طريقاً له وسط الحشد " . لماذا تقف هنا ؟ وما الذي جرىَ لإصبعك ؟ ومن كان يصرخ ؟ "
- أنا .. لم أمَسَ أحداً .. ينطقُ "كريوكين" ثم يواصل "كنت أتجول في غابة ديمتري ديمتريفتش ، هناك عندما هاجمني هذا الكلب المتوحش وعضّ اصبعي .. ليس لديَّ يا سيدي غير هاتين اليدين أعمل بهما ، وعضّةُ هذا الكلب ستوقفني عن العمل لفترةٍ لا تقل عن سبعة أيام ، لهذا على صاحبه أن يدفع لي تعويضاً ؛ ألا يوجد في القانون ما ينبغي تحمله من تبِعات مخاطر الحيوانات ، لانّه لو تُرِك لكلِّ حيوان حريةَ العضّ والفتك بالآخرين فلن يبقَ أحدٌ علىَ قيدِ الحياة في هـذا العالم"
بصرامةٍ ظاهرة يرتفعُ حاجبا العريف أخميلوف ويهبطان :
- مَن هو صاحب هذا الكلب ؟ .. لن أسمح لمثلَ هكذا خروقات أن تحدث وتستمر . إنَّ على الجميع أن لا يتركوا كلابَهم طلقيةً كما تشاء ، لقد ولّىَ الزمن الذي يُترك فيه مَنْ لا يُطيع القوانين سأعاقب مالكَ هذا الكلب ، وسأعُلِّمه من أنا . يستدير إلى الشرطي المرافق :
- يا يلديرين ، تحرَّ عمّن يكون صاحب هذا الكلب .. هذا الكلب يجب أن يُقتل .. إفعل ذلك سريعاً ، فقد يكون مسعوراً .. على أي حال لمن هذا الكلب ؟
- يبدو أنّه كلبٌ الجنرال ييجالوف .. ينطُقُ أحدٌ من الحشد .
- للجنرال ييجالوف ؟ ها !.. يالديرين ، إخلع معطفي ! .. ما هذا الحر الشديد ! من المحتمل أن تمطر هذا اليوم .. يوجد ثمة شيء لا أفهمه كيف عضّك هذا الكلب ؟ يتوجه العريف أخميلوف إلى "كريوكين" متساءلاً . "وكيف طال أصبعك ، إنّه كلبٌ صغير بينما أنتَ رجلٌ كبير ؟ .. ربّما فعلت ذلك بنفسك وأدّعيت جرحك من فعل هذا الكلب المسكين سعياً للحصول على مال .. أعرفكم أيها الشياطين !!
- " أطفأ السيجارة في وجه الكلب لكن الكلب ليس غبياً فعضّه ، ياسيدي . " يتفوه الشرطي يلديرين .
- تكَذٌب ! .. ما شاهد مثل هذا ، يا سيدي ما شاهد مطلقاً .. ولكنْ دعْ الحاكم يقررّ ، القانون يؤكد بسواسية الجميع في هذا العهد ؛ ولي أخٌ يعمل في قسم الشرطة فإنْ لم ..
- توقف !
- " كلاّ ! هذا ليس كلب الجنرال "يقول الشرطي يلديرين مُظهراً إهتماماً ، " لا يملك الجنرال كلباً كهذا ، هذا كلبٌ لا يمُت إلى كلابه بشيء ".
- أمتأكد من ذلك ؟ " يسأل العريف أخميلوف .
- نعم ، كلّ التأكيد .
- وأنا متأكد أيضا .. كلابٌ الجنرال غالية الثمن ، أما هذا الكلب فليس له شعر مقبول ولا شكل يُعتَد به لماذا يقتني الناس كلاباً قميئة .. لو كان في بطرسبورج أو موسكو مثل هذه الكلاب هل تخمن ما يحدث ؟ لن يجهدوا أنفسهم في البحث في فقرات القانون للتخلّص منها ، بل يصنعون لها نهاية سريعة .. " ياكريوكين " لا شكّ أنك تعاني من ألم الجرح لذلك سوف لا أترك الأمرَ يجري عادياً ، سألقّن مالكي هذه الكلاب درساً .. ولكن يبتسم أخميلوف مفكِّراً ! أعتقد أنني شاهدتُ هذا الكلب في باحة الجنرال .
- "طبعاً ؛ إنه كلب الجنرال " يأتي صوت من عمق الحشد .
- يالديرين ؛ ساعدني .. ألبسني معطفي وخذ الكلب إلى الجنرال تأكد إن كان له أم لا. قل وجدته في الطريق فأتيت به ؛ قدم لهم رجاءً ؛ إرجوهم أن لا يتركوا الكلب في الشارع ، لأنه كلب ثمين وقد يرتكب أحدهم حماقة فيطفئ سيجارة في خطمه فيتسبب في إيذائه ، الكلب مخلوق رقيق .. وانت أيها الغبي .. أخفضْ يدك فلا ضرورة لعرض إصبعك السخيف ، إنها حماقتك .
- ها هو طباخ الجنرال ، دعونا نستفهم منه .. مرحباً بروخور تعال هنا للحظة ، إنظر هل هذا كلبكم ؟ !
- هذا ! .. لم نقتن مثل هذه الكلاب في حياتنا أبداً .
- هذا كلب لا يستحق السؤال عنه .. يتمتم أخميلوف .. متشردٌّ وينبغي قتله .
- كلا .. ليس لنا مطلقاً ، بل هو عائد لأخ الجنرال الذي وصل إلى المدينة توّاً . سيدي لا يفضِّل هذه الأنواع ، إنما أخوه من يرغبها .
- هكذا إذاً أخوه فلاديمير إيفانوفيتش وصل إلى هنا " يتساءل أخميلوف بمحّياً مُشرق وابتسامة تغمر وجهه : " حسناً ، حسناً ، لم أكن أعرف ذلك . " إذاً هو في زيارة لمدينتنا !
- نعم ، ياسيدي في زيارة ،
- حسناً ، حسناً وهذا هو كلبه ، أنا مسرور جداً خذه ! يا لهُ من كلب صغير وبارع ، سريعاً أمسك باصبع هذا الرجل ها .. ها .. ها ، لماذا ترتجف أيها الكلب الصغير .. لم تفعل شيئاً يستحق الخوف ؛ وهذا الرجل وغدٌ وشرير..
ينادي "بروخور" على الكــلب ويذهب به بينما يوجه أخميلوف تهديداتــــه إلى "كريوكين" . يحكم شدّ معطفه على جسده ثم يتخذ طريقه إلى داخل السوق يتبعه الشرطي يلدرين حاملاً الفاكهة المصادرة ..

أنطون تشيكوف
:D

achelious 20/07/2008 16:57

الصبي الشرير
 
هبط إيفان إيفانيتش لابكين، الشاب اللطيف الهيئة وأنا سيميونوفنا زامبليسكايا، الشابة ذات الأنف الصغير المقعي، على الشاطئ المنحدر، وجلسا على أريكة . وكانت هذه الأريكة تقوم قرب الماء تماما، وسط خمائل الصفصاف اليافعة الكثيفة . مكان ساحر ! ما إن تجلس هنا حتى تختفي عن العالم، فلا تراك إلا الأسماك والعناكب المائية الراكضة كالبرق فوق صفحة المياه . وكان الشاب والشابة مزودين بالسنانير والشباك وعلب ديدان الطعم وغيرها من أدوات الصيد . وما إن جلسا حتى شرعا على الفور في صيد السمك . وبدأ لابكين يقول وهو يتلفت : - كم أنا سعيد بأننا أخيرا أصبحنا وحدنا..أريد ان أقول لك الكثير يا آنا سيميونوفنا..الكثير جدا..عندما رأيتك أول مرة..سنارتك تغمز..أدركت عندها لأري غرض أحيا، أدركت أين معبودي الذي ينبغي أن أكرس له كل حياتي الكادحة الشريفة .. يبدو أنها سمكة كبيرة تغمز .. ما إن رأيتك حتى أحببتك، لأول مرة، أحببتك حبا جارفا ! انتظري لا تجذبي، دعيها تغمز.. خبريني يا عزيزتي، استحلفك، هل أستطيع أن آمل – لا بأن تبادليني الحب، كلا فأنا لا استحق، أنا حتى لا أجرؤ على التفكير في ذلك، هل أستطيع أن أطمع في...اسحبي!
رفعت آنا سيميونوفنا يدها عاليا بالسنارة وشدتها وصرخت . ولمعت في الهواء سمكة فضية خضراء . - يا إلهي ، فرخ ! آي ، آه .. أسرع ! أفلتت ! أفلتت السمكة من السنارة، وتلوت على العشب قافزة نحو محيطها و .. غاصت في الماء ! .
وبينما كان لابكين يطارد السمكة أمسك عفوا بذراع آنا سيميونوفيا بدلا من السمكة، عفوا ضمها إلى شفتيه ...وشدت هي ذراعها، ولكن بعد فوات الآوان : فقد انطبقت الشفتان عفوا في قبلة.
حدث ذلك عفوا . وتلت القبلة قبلة أخرى، ثم الأيمان والتأكيدات .. يا لها من لحظات سعيدة ! ولكن ليس هناك شيء سعيد بصورة مطلقة في هذه الحياة الدنيوية، فالشيء السعيد عادة يحمل في طياته السم، أو يسممه شيء ما خارجي . وهذا ما كان في هذه المرة أيضا . فبينما كان الشاب والشابة يتبادلان القبلات سمعا فجأة ضحكا . نظرا إلى النهر وأصابهما الذهول :
فقد كان هناك صبي يقف في الماء عاريا مغمورا حتى وسطه . كان ذاك هو التلميذ كوليا شقيق آنا سيميونوفنا، كان واقفا في الماء ينظر إلى الشاب والشابة وهو يبتسم بخبث، وقال : -أه .. تتبادلان القبل ؟ طيب ! سأقول لماما.
فدمدم لابكين وهو يتضرج بالحمرة .
- آمل بأنك إنسان شريف .. إن التلصص شيء وضيع، والوشاية شيء منحط، كريه .. أعتقد أنك إنسان شريف ونبيل.
فقال الإنسان النبيل : - هات روبلا وعندئذ لن أقول ! وإلا فسأقول.
وأخرج لابكين من جيبه روبلا وأعطاه لكوليا، وضم هذا قبضته المبللة على الروبل، وصفر ثم سبح مبتعدا.
ولم يعد العاشقان الشابان إلى تبادل القبلات بعد ذلك في هذا اليوم .
وفي اليوم التالي جلب لابكين أصباغا وكرة من المدينة لكوليا، وأهدته أخته كل علب الأدوية الفارغة التي كانت تمتلكها . ثم اضطرا إلى إهدائه أزرار أكمام قميص بوجوه كلاب . ويبدو أن هذا كله أعجب الصبي الشرير، ولكي يحصل على المزيد مضى يراقبهما . وأينما ذهب لابكين وآنا سيميونوفيا كان يذهب . ولم يتركها دقيقة واحدة .
وصر لابكين على أسنانه وقال : - وغد ! ما أصغره ومع ذلك فياله من وغد كبير !
- ترى كيف سيصبح فيما بعد ؟!
وطوال شهر يونيو نغص كوليا على العاشقين المسكينين حياتهما . كان يهددهما بالوشاية، ويراقبهما ويطالب بالهدايا. ولم يكن يكفيه ما يحصل عليه، وفي آخر الأمر بدأ يتحدث عن ساعة جيب .. فماذا ؟.. اضطرا أن يعداه بساعة .
وذات مرة ، أثناء الغداء عندما قدموا البسكوت المحشو بالحلوى قهقه كوليا فجأة وغمز بعينه وسأل لابكين : - أقول ؟ هه؟
واحمر لابكين بشدة؛ وبدلا من البسكوت راح يمضغ الفوطة، وهبت آنا سيميونوفيا واقفة من أمام المائدة وركضت إلى غرفة أخرى .
وظل العاشقان في هذا الوضع حتى آخر أغسطس، حتى ذلك اليوم الذي طلب فيه لابكين، أخيرا، يد آنا سيميونوفنا .
أوه كم كان يوما سعيدا فبعد أن تحدث لابكين مع والدي العروس وحصل على موافقتهما، كان أول ما فعله أن انطلق إلى الحديقة ومضى يبحث عن كوليا، وعندما وجده كاد يبكي من الفرحة وأمسك بهذا الولد الشرير من أذنه . وجاءت آنا سيميونوفنا ركضا . فقد كانت هي الأخرى تبحث عن كوليا، وأمسكت بأذنه الثانية .. كان ينبغي أن تروا أية متعة ارتسمت على وجهي العاشقين عندما راح كوليا يبكي ويضرع إليهما : - يا أحبائي، يا أعزائي، لن أعود إلى ذلك . آي، آي، سامحاني .
وبعد ذلك اعترافا بأنهما لم يشعرا أبدا طوال فترة حبهما بمثل هذه السعادة، بمثل هذه المتعة الغامرة، التي أحسا بها عندما كانا يشدان أذني هذا الولد الشرير .

أنطون تشيكوف
ترجمة الدكتور أبو بكر يوسف
:D

The morning 20/07/2008 18:34

هههههههه ..
جميـله و مضـحكه القصه و احلى مقطع تبع شد الادن :lol:

achelious 21/07/2008 17:57

بطاقة اليانصيب
 
السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا، كل يوم تذكره أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشاركه شظف العيش، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته .العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اكتراث واضح، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه. تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين، وقد رأى أن الرقم الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في أحلامه وينسى نفسه.. كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير البيت؟ طبعا. وكل الأثاث؟ بالتأكيد. ويسدد الديون المتراكمة عليه؟ لا بأس. ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجديدة التي ولجها.
فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الحصيفة التي اشترت البطاقة. يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية. العزيزة ماشا يبدو أن أحلامها هي الأخرى كانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها، حيث تبادره قائلة .. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج، على طريقة "رجلي على رجلك" المعروفة بين الزوجات.
للكلام وقع صاعقة على الرجل الذي كان، حتى لحظات قليلة، وقورا. لم يكن يتخيل أن تطلب أم العيال السفر للخارج، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟ وفي ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج؛ عجوز لا تعرف إلا الشكوى، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ؛ في جسدها وفي ملابسها. لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما- هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى؟

أنطون تشيكوف
:D

وشم الجمال 21/07/2008 18:05

يا امي شو هاد!!!!!!!!!!!!!

جد الفلوس بتغير النفوس .
احيانا بحمد ربي انو ماني غنية لانو لحظتها ما بضمن اني كون سراب القنرعة يللي بتحب الناس.

بس لو صرت غنية شو رح يصير؟؟؟؟

مشكور اخيليوس:D

وشم الجمال 21/07/2008 18:33

نهفة جد حلوة ....شهوني على .....
ما تفهموني غلط على اني شد دان اي حدا:lol:


ميرسي الك اخيليوس :D

achelious 21/07/2008 18:59

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : وشم الجمال (مشاركة 1066419)
بس لو صرت غنية شو رح يصير؟؟؟؟
مشكور اخيليوس:D

مافينا نعرف وماتصيري..;)
شكرا لمرورك:D

achelious 21/07/2008 19:00

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : وشم الجمال (مشاركة 1066435)
نهفة جد حلوة ....شهوني على .....
ما تفهموني غلط على اني شد دان اي حدا:lol:


ميرسي الك اخيليوس :D

بظن فهمتك صح!.;-)
شكرا لمرورك:D

suryoyo 21/07/2008 21:37

يمكن كان لازم ..... العصا :lol:

مشكور حبي ...

achelious 21/07/2008 22:00

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : suryoyo (مشاركة 1066675)
يمكن كان لازم ..... العصا :lol:

مشكور حبي ...

شرفت suryoyo:D

The morning 22/07/2008 06:50

الله يبعد اليانصيب و يسعدو :lol:

sandra 22/07/2008 12:33

من هالشي النسوان عنا بيحتارو كيف يخلو الرجال تصرف وما يضل معو قرش زيادة
مشان ما يفكروا متل السيد إيفان :p
أخيلوس متابعة قصصك دايماً أنا وبنبسط بقراءتها :D

achelious 22/07/2008 18:37

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : The morning (مشاركة 1067259)
الله يبعد اليانصيب و يسعدو :lol:

هههههه:lol:
اقتباس:

كاتب النص الأصلي : sandra (مشاركة 1067370)
من هالشي النسوان عنا بيحتارو كيف يخلو الرجال تصرف وما يضل معو قرش زيادة
مشان ما يفكروا متل السيد إيفان :p
أخيلوس متابعة قصصك دايماً أنا وبنبسط بقراءتها :D

اي..قال يامآمنة بالرجال...
:DU r Welocome Sandra
شكرا لمروركم:D

achelious 23/07/2008 00:26

فانكا
 
في ليلة عيد الميلاد لم ينم الصبي " فانكا جوكوف" ابن الأعوام التسعة والذي أعطوه منذ ثلاثة أشهر ‏للاسكافي "الياخين" ليعمل صبياً لديه. وانتظر حتى انصرف أصحاب البيت والاسطوات إلي الصلاة ‏فاخرج من صوان الاسكافي محبرة وقلماً بسن مصدي، وفرش أمامه ورقة مجعدة وراح يكتب. وقبل أن ‏يخط أول حرف نظر إلي الباب والنوافذ بحذر، وتطلع بطرف عينه إلي الأيقونة الداكنة التي امتدت على ‏جانبيها أرفف محملة بالنعال، وزفر زفيراً متقطعاً. كانت الورقة مبسوطة علي الأريكة، أما هو فقد جثا ‏علي ركبتيه أمامها. وكتب:
‏" جدي العزيز " قسطنطين مكاريتش" ! أنا اكتب إليك خطاباً. أهنئكم بعيد الميلاد وأرجو لك من الله كل ‏الخير. أنا ليس لدي أب أو أم، ولم يبق لي غيرك وحدك".‏

وحول " فانكا" بصره إلي النافذة المظلمة التي عكست ضوء شمعته المتذبذب، وتخيل بوضوح جده " ‏قسطنطين مكاريتش" الذي يعمل حارساً ليلياً لدي السادة لدي " آل جيفارف ". و هو عجوز صغير نحيل ‏إلا انه خفيف الحركة بصورة غير عادية، في حوالي الخامسة والستين، ذو وجه باسم دائماً وعينين ثملتين. ‏كان نهاراً ينام في مطبخ الخدم أو يثرثر مع الطاهيات، أما في الليل فيطوف حول بيت السادة متدثراً ‏بمعطف فضفاض من جلد الحمل ويدق علي صفيحة. ومن خلفه يسير مطأطأ الرأسين مع الكلبة العجوز ‏‏"كاشتانكا" والكلب "فيون" الذي سمي هكذا للونه الأسود وجسده الطويل كالنمس.‏

كان هذا الـ " فيون " مهذباً ورقيقاً بصورة غير عادية، وكان ينظر بنفس الدرجة من التأثر سواء ‏لأصحابه أم للغرباء، ولكنه لم يكن يحظى بالثقة. كان يخفي تحت تهذيبه واستكانته خبثاً غادراً إلي أقصي ‏حد. فلم يكن هناك من هو أحسن منه في التلصص في الوقت المناسب ليعض الساق، أو التسلل إلي ‏المخزن، أو سرقة دجاجة من بيت فلاح. وقد حطموا له ساقيه الخلفيتين غير مرة، وعلقوه مرتين، وكانوا ‏يضربونه كل أسبوع حتى الموت، ولكنه كان يبعث من جديد.‏

وربما يقف الجد الآن أمام البوابة ويزر عينيه وهو يتطلع إلي نوافذ كنيسة القرية الساطعة الحمرة، ويثرثر ‏مع الخدم وهو يدق الأرض بحذائه اللباد. والصفيحة التي يدق عليها معلقة إلي خصره،. ويشيح بيديه ثم ‏يتململ من البرد، ويضحك ضحكة عجوز ويقرص الخادم تارة والطاهية تارة أخري.‏

ويقول وهو يقدم للفلاحات كيس تبغه:
‏- ألا ترغبن في استنشاق التبغ؟
وتستنشق الفلاحات ويعطسن، ويستولي علي الجد إعجاب لا يوصف ويقهقه بمرح ويصيح:
‏- بقوة و إلا لزقت!
ويقدمون التبغ للكلاب لتشمه. وتعطس "كاشتانكا" و تلوي بوزها، وتبتعد مغضبة. أما " فيون" فلا يعطس ‏تأدبا، بل يهز ذيله. والجو رائع. الهواء هادئ، وشفاف ومنعش.‏

والليل حالك ومع ذلك تلوح القرية كلها بأسقف منازلها البيضاء وأعمدة الدخان المنبعثة من المداخن، ‏والأشجار وقد كساها الثلج ثوباً فضياً، وأكوام الثلج. والسماء كلها مرصعة بنجوم تتراقص بمرح، ويبدو ‏درب التبانة واضحاً وكأنما غسلوه قبل العيد ودعكوه بالثلج.. وتنهد " فانكا" ، وغمس الريشة في الحبر ‏ومضي يكتب:
‏" بالأمس ضربوني علقة، شدني المعلم من شعري إلي الحوش وضربني بقالب الأحذية لأني كنت أهز ابنه ‏في المهد فنعست غصباً عني. وفي هذا الأسبوع أمرتني المعلمة أن أقشر فسيخة، فبدأت أقشرها من ذيلها، ‏فشدت مني الفسيخة وأخذت تحك رأسها في وجهي. والاسطوات يسخرون مني ويرسلونني إلي الخمارة ‏لشراء "الفودكا" ويأمرونني أن اسرق الخيار من بيت المعلم، والمعلم يضربني بكل ما يقع في يده. وليس ‏هناك أي طعام، في الصباح يعطونني خبزاً، وفي الغداء عصيدة، وفي المساء أيضا خبزاً، أما الشاي أو ‏الحساء فالسادة وحدهم يشربونه. ويأمرونني أن أنام في المدخل، وعندما يبكي ابنهم لا أنام أبداً وأهز المهد. ‏يا جدي العزيز، اعمل معروفاً لله وخذني من هنا إلي البيت في القرية. لم اعد احتمل أبداً... أتوسل إليك ‏وسوف اصلي لله دائماً، خذني من هنا و إلا سأموت..‏

وقلص " فانكا" شفتيه ومسح عينيه بقبضته السوداء وأجهش بالبكاء. ومضي يكتب: " سأطحن لك التبغ، ‏واصلي لله، وإذا بدر مني شيء اضربني كما يُضرب الكلب. وإذا كنت تظن أنه ليس لي عمل فسأرجو ‏الخولي بحق المسيح أن يأخذني ولو لتنظيف حذائه، أو أعمل راعياً بدلاً من " فيدكا" . يا جدي العزيز، لم ‏اعد احتمل أبداً، لا شيء سوي الموت. أردت أن اهرب إلي القرية ماشياً ولكن ليس لدي حذاء واخشي ‏الصقيع، وعندما أصبح كبيراً فسوف أطعمك مقابل هذا ولن اسمح لأحد أن يمسك، وإذا مت يا جدي ‏فسأصلي من أجل روحك كما أصلي من أجل أمي " بيلاجيا". وموسكو مدينة كبيرة.. والبيوت كلها بيوت ‏أكابر، والخيول كثيرة، وليس هناك غنم، والكلاب ليست شريرة. والأولاد في العيد لا يطوفون بالبيوت ‏منشدين ولا يسمح لأحد بالذهاب للترتيل في الكنيسة. ومرة رأيت في أحد الدكاكين، في الشباك، صنانير ‏تباع بخيوطها لصيد كل أنواع السمك، عظيمة جداً، بل وتوجد صنارة تتحمل قرموطاً وزنه "بوذ". ورأيت ‏دكاكين فيها مختلف أنواع البنادق التي تشبه بنادق السادة، ويمكن الواحدة منها تساوي مائة روبل.. وفي ‏دكاكين اللحوم يوجد دجاج الغابة وأرانب، ولكن الباعة لا يقولون أين يصطادونها.‏ يا جدي العزيز، عندما يقيم السادة شجرة عيد الميلاد خذ لي جوزة مذهبة وخبئها في الصندوق. قل للآنسة ‏‏" أولجا اجناتيفنا" أنها من أجل "فانكا".‏

وتنهد " فانكا" وسمر عينيه في النافذة من جديد. وتذكر أن جده كان دائماً يذهب للغابة لإحضار شجرة عيد ‏الميلاد ويصحب معه حفيده. يا له من عهد سعيد! كان الجد يتنحنح والثلج يتنحنح و"فانكا" يتنحنح مثلهم. ‏وكان يحدث أن الجد، قبل أن يقطع الشجرة، يجلس ليدخن الغليون، ويشم التبغ طويلاً وهو يضحك من ‏‏"فانكا" المقرور.. وشجيرات عيد الميلاد الشابة تقف متلفعة بالثلج وساكنة وهي تنتظر أيها التي ستموت؟ ‏وفجأة يمرق أرنب كالسهم عبر أكوام الثلج.. ولا يستطيع الجد أن يمسك نفسه عن الصياح:
‏- امسك، امسك.. امسك!
آه، يا شيطان يا ملعون، ثم يسحب الجد الشجرة المقطوعة إلي منزل السادة، حيث يشرعون في تزيينها.. ‏وكانت الآنسة "اولجا اجتاتيفنا" التي يحبها "فانكا"، هي التي تشغله أكثر من الجميع، وعندما كانت أم ‏‏"فانكا" "بيلاجيا" علي قيد الحياة كانت تعمل خادمة لدي السادة، كانت " اولجا اجتناتيفنا" تعطي " لفانكا " ‏الحلوى، ولما لم يكن لديها ما تعمله فقد علمته القراءة والكتابة والعد حتى مئة، بل وحتى رقصة ‏‏"الكادريل"، ولما ماتت" بيلاجيا"، أرسلوا "فانكا" اليتيم إلي جده في المطبخ مع الخدم، ومن المطبخ إلي ‏موسكو عند الاسكافي "الياخين"...
ومضي فانكا يكتب: " احضر يا جدي العزيز، استحلفك بالمسيح الرب أن تأخذني من هنا. أشفق علي أنا ‏اليتيم المسكين، لان الجميع يضربونني، وأنا جوعان جداً، ولا أستطيع أن أصف لك وحشتي، وابكي طول ‏الوقت. ومن مدة ضربني المعلم بالنعل علي رأسي حتى وقعت ولم أفق إلا بالعافية. ما أضيع حياتي، أسوأ ‏من حياة أي كلب.. تحياتي " لاليونا و "يجوركا الأحول" ، والحوذي، ولا تعط "الهارمونيكا" لأحد. حفيدك ‏دائماً " ايفان جوكوف"، احضر يا جدي العزيز".
وطوي " فانكا" الورقة المكتوبة أربع مرات ووضعها في مظروف كان قد اشتراه من قبل " بكوبيك".. ‏وفكر قليلاً ثم غمس الريشة وكتب العنوان:
إلي قرية جدي
وحك رأسه وفكر، ثم أضاف " قسطنطين مكاريتش". وارتدي غطاء الرأس وهو سعيد لأن أحداً لم يعطله ‏عن الكتابة، ولم يضع المعطف علي كتفيه، بل انطلق إلي الخارج بالقميص فقط...
كان الباعة في دكان الجزار الذين سألهم من قبل قد اخبروه أن الرسائل تلقي في صناديق البريد، ومن ‏الصناديق تنقل إلي جميع أنحاء الأرض علي عربات بريد بحوذية سكاري وأجرس رنانة.
وركض " فانكا" إلي أول صندوق بريد صادفه، ودس الرسالة الغالية في فتحة الصندوق.
وبعد ساعة كان يغط في نوم عميق وقد هدهدت الآمال الحلوة روحه.. وحلم بالفرن. كان جده جالساً علي ‏الفرن مدلياً ساقيه العريانتين وهو يقرأ الرسالة للطاهيات.. وبجوار الفرن يسير " فيون " ويهز ذيله...

تمت

أنطون تشيكوف
:D

achelious 27/07/2008 02:36

مُزحَة
 
كان يومًا شتويا مشرقًا، وكان صقيعٌ حاد، وكانت قطعٌ فضية منه تغطي الخصلات المتحدرة على جبين (نادينكا)، وأسفل شفتها العليا. كانت تتمسك بذراعي ونحن واقفان فوق تلةٍ عالية. ومن مكاننا حتى قاع الأرض امتد سهلٌ انعكستْ عليه الشمسُ بوضوحٍ وكأنه مرآة صافية. وإلى جانبنا كانت مزلجةٌ عليها قماشٌ أحمر اللون فاتحه.
رجوتها قائلا: "هيا بنا لنتزحلق للأسفل يا نادينكا. مرةً واحدة فقط. أؤكد لكِ أنه لن يحدث أي مكروه".
ولكن (نادينكا) كانت خائفة. فالمنحدر الذي يبدأ من تحت حذائها الطويل إلى أسفل التلة الثلجية بدا مريعًا لها كأنه هاوية سحيقة. خانتها شجاعتها وحبست أنفاسها وهي تنظر إلى الأسفل، بعد أن اكتفيتُ بأن اقترحتُ عليها امتطاء المزلجة، ولكن ماذا لو كانت هناك مخاطرة بالسقوط إلى الهاوية؟ كانت ستموت، كانت ستفقد صوابها.
قلتُ لها:" من أجلي أنا، لا تخافي. لا يجدر بك الخوف، فهو مرضٌ للنفس وجبنٌ عظيم".

استسلمت (نادينكا) أخيرًا، ومن ملامح وجهها أدركتُ أنها استسلمت وهي تختنق فزعًا. أجلستها على المزلجة، وهي شاحبة مرتعدة الأوصال، ثم طوّقتها بذراعي، ودفعتها وأنا معها إلى أسفل الهوة السحيقة.
انطلقت المزلجة كالرصاصة، والهواء المندفع بفعل تحليقنا ضرب في وجوهنا بكل قوته وهديره، ثم أطلق صفيره الحاد في آذاننا، وتمزّق على أجسادنا، ثم اشتدت قرصاته في وهج غضبه وحاول أن يقتلع رأسينا من على أكتافنا. كنا بالكاد نتنفس تحت ضغط الريح. بدا الأمر وكأن الشيطان نفسه أمسك بنا بمخلبيه وأخذ يسحبنا إلى الجحيم تتبعه زمجرته. كل ما كان يحيط بنا ذاب في خطٍ رفيع طويل طويل يتسارع بشدة. لحظة أخرى وبدا أننا لا بد هالكان.
قلتُ بصوتٍ خفيض: "أحبكِ يا ناديا".
بدأت المزلجة تتباطأ في حركتها أكثر فأكثر، وخَفتَ هدير الريح وطنين الهواء، وغدا التنفس أسهل، وأخيرًا وصلنا إلى الأسفل. كانت (نادينكا) أقرب للموت منها إلى الحياة. كانت شاحبة لا تكاد تتنفس، فساعدتها على النهوض.

قالت وهي تنظرُ إليّ بعينين ملؤهما الرعب: "لا شيء سيجعلني أكرر ذلك. لا شيء في هذا العالم كله. كدتُ أموت".
بعد دقائق استعادت اتزانها ونظرت إليّ بتساؤل، هل نطقتُ فعلا بتلك الكلمات الثلاث، أو أنها تخيلتْ ذلك في غمرة الإعصار؟ جلستُ بجانبها أدخّن وأنظر بإمعانٍ في قفازي.
تأبطتْ ذراعي وقضينا وقتا طويلا نمشي قرب التلة الثلجية. من الواضح أن اللغز أرهقها. هل سَمِعَتْ تلك الكلمات أم لا؟ نعم أم لا؟ نعم أم لا؟ كانت مسألة كبرياء أو شرف، مسألة حياة..كانت مسألة في غاية الأهمية، بل أهم مسألة في العالم. ظلت (نادينكا) تنظرُ في وجهي بنفاد صبرٍ وحزن نظرة حادة. كانت تجيبُ بعشوائية، تنتظر ما إذا كنت سأتكلم أم لا. ياه، يا لهذا اللعب بالمشاعر على هذا الوجه الجميل! لاحظتُ أنها كانت تصارع نفسها، وأنها كانت تريد قول شيء، تريد أن تسأل سؤالا، ولكنها لم تجد الكلام. شَعَرَتْ بأن الفرحة تسقيها حَيرةً وخوفًا وارتباكًا.
قالت من دون أن تنظر إليّ: "لدي فكرة".
فسألتها: "ما هي؟"
- هيا بنا..نتزحلق للأسفل مرة أخرى.

عانينا في تسلق التلة الثلجية من الدرجات مرة أخرى. أجلستُ (نادينكا)، وهي شاحبة مرتعدة الأوصال على المزلجة. مرةً أخرى طرنا نحو الهاوية الرهيبة، ومرة أخرى قابلنا هدير الريح وطنين الهواء، ومرة أخرى عندما كان انحدارنا في أصخب لحظاته وأسرعها، قلتُ بصوتٍ خفيض: "أحبكِ يا ناديا".
عندما توقفت المزلجة، رشقتْ (نادينكا) ببصرها التلة التي انزلقنا عليها، ثم تفرستني بنظرة طويلة، وأرهفت السمع لصوتي الذي لم يكن فيه مثقال ذرة من اهتمام او مشاعر. وكلّ جسمها، كل جزء منه، حتى الفراء والقبعة عليها أصدر أقصى علامات التعجب، وعلى وجهها أسئلة محيّرة: "ما معنى هذا؟ من نطق بتلك الكلمات؟ هل قالها، أو أنني تخيلتها فقط؟"
أقلقها ذلك الشكُ وأفقدها صبرها. لم تجب الفتاة المسكينة على أسئلتي، وعبست، وبلغت أدمعها طرف جفنيها.

سألتها: "ألم يكن من الأفضل لو ذهبنا إلى البيت؟".
قالت هائجة: "أنا..أنا أحب هذا التزحلق. هلا تزحلقنا مرة أخرى؟".
لقد "أحبّت" التزحلق، ولكنها عندما ركبت على المزلجة، كما في المرتين السابقتين، كانت شاحبة مرتعدة الأوصال بالكاد تتنفس من فرط الفزع.

تزحلقنا للمرة الثالثة، ولاحظتُ أنها كانت تحدق في وجهي وتراقب شفتيّ. ولكنني وضعتُ منديلي على شفتي، وسعلتُ، وعندما وصلنا إلى منتصف التلة استطعتُ أن أتمتم بـ"أحبكِ يا ناديا".
وبقي اللغز لغزًا. كانت (نادينكا) صامتة، تتفكر في شيءٍ ما. رافقتها إلى البيت، وحاولتْ أن تمشي ببطء، تخفف سرعتها تنتظر ما إذا كنت سأقول لها تلك الكلمات أم لا، ولاحظتُ كيف أن روحها كانت تعاني، وكيف كانت تجتهد كي لا تقول لنفسها:"لا يمكن أن تكون الريح قد قالتها. ولا أريد أن تكون الريح هي التي قالتها".
في الصباح التالي تركتْ لي رسالة جاء فيها: "إن كنت ذاهبًا للتزحلق اليوم، خذني معك. ن".
ومنذئذٍ بدأتُ أذهب كل يومٍ للتزحلق مع (نادينكا)، وبينما نحن نطير بالمزلجة، كنتُ أقول في كل مرة بصوتٍ خفيض نفس الكلمات:"أحبكِ يا ناديا".
وسرعان ما اعتادت (نادينكا) على تلك العبارة وأدمنتها كالكحول أو المخدر الذي لا فرار منه. لم تستطع العيش من دونها. نعم كان التزحلق فوق التلة الثلجية يرعبها كما كان في السابق، ولكن الخوف والخطر أضفيا سحرًا غريبًا على كلمات الحب. تلك الكلمات كما كانت دومًا، لغزًا يحير النفس ويعذبها تشويقًا. وبقيَ المشتبهان كما هما، أنا والريح. لم تكن تعرف أيا منا كان يمارس الحب معها، ولكنها بالتأكيد بدأت تفقد الاهتمام بذلك. ما دام الشرابُ مُسكرًا كلُ الكؤوسِ سواءُ.
وحدث يومًا أن ذهبتُ إلى ساحة التزلج وحيدًا، وبينما أنا بين الجموعِ رأيتُ (نادينكا) تصعد التلة الثلجية وتبحث عني، ثم نزلتْ من على الدرجات في حياء. كانت تخافُ أن تذهب بمفردها. يااه كم كانت تخاف! كانت بيضاء كالثلج، ترتعد، وكأنها تسوق نفسها إلى مقصلتها. ولكنها ذهبت، ذهبت دون أن تنظر وراءها، بإصرار. من المؤكد أنها قررت وضع الأمر في محك الاختبار أخيرًا. هل كانت تلك الكلمات الجميلة ستُسمع من دون وجودي؟ رأيتها شاحبة، انفرجت شفتاها بفزع، وركبت على المزلجة، فأغمضتْ عينيها لتقول للأرضِ وداعًا إلى الأبد. تزحلقت.. لا أعرف ما إذا كانت (نادينكا) سمعت تلك الكلمات أم لا. رأيتها فقط تنهض من على المزلجة باهتة المنظر شديدة الإعياء. وكان من السهل الجزم بالنظر إلى وجهها أنها لم تكن متأكدة ما إذا سمعت شيئا أم لا. لقد حرمها فزعُها وهي تطير إلى الأسفل حاسة السمع، وتمييز الأصوات، والفهم.
وجاء شهرُ مارس، وأتى الربيع بأبهى حلله. أظلمت تلتنا الثلجية وفقدت بهاءها، وذابت. وهكذا توقفنا عن التزحلق. لم يكن هناك مكانٌ آخر تستطيع فيه المسكينة (نادينكا) سماع تلك الكلمات، وبالتأكيد لا شخص آخر يقولها، حيث لم تكن هناك ريح، وكنتُ أنا ذاهبا إلى (بطرسبوج) لمدة طويلة، وربما للأبد.
وحدث قبل يومين من رحيلي أن كنتُ جالسًا عند الغروب في الحديقة الصغيرة التي يفصلها عن فناء منزل (نادينكا) سورٌ عالٍ عليه مسامير. كان الجو ما يزال باردًا، وبعض الثلج ركامٌ هناك قرب كومة السماد، وبدت الأشجار ميتة، ولكن عبق الربيع كان منتشرًا، والغربان تنعق وهي تأوي إلى منامتها. صعدتُ على السور ووقفتُ هناك طويلا وأنا أختلس النظر من خلال شق. رأيتُ (نادينكا) تخرج إلى الفناء وتحدق في السماء بعينين ملؤهما اللهفة والحسرة. كانت رياح الربيع تهب في وجهها الشاحب الكئيب. ذكّرَتها بالريحِ التي كانت تهبّ علينا على التلة الثلجية عندما سَمِعَتْ تلك الكلمات الثلاث، وغدا وجهها حزينًا جدًا جدًا، وانزلقت دمعة على وجنتها، ورفعت الطفلة المسكينة ذراعيها وكأنها تتوسل إلى الرياح أن تجلب لها تلك الكلمات مرة أخرى. وفي انتظار الرياح قلت بصوتٍ خفيض:"أحبكِ يا ناديا".
وحلّت الرحمة. يا لذاكَ التغير الذي حدث لـ(نادينكا)!. اغرورقت عيناها بعبراتها، ثم ملأت وجهها ابتسامة عريضة، فبدت مرحة وسعيدة وجميلة، ورفعت ذراعيها لتستقبل الرياح.
وعدتُ أدراجي لأحزم أمتعتي.
كان هذا منذ زمنٍ بعيد. (نادينكا) الآن متزوجة. لقد تزوجت -ولا يهم ما إذا كان ذلك باختيارها أم لا- ولديها الآن ثلاثة أطفال. ولم تنسَ أننا ذهبنا ذات مرة للتزحلق، وأن الرياح حملت لها الكلمات "أحبكِ يا نادينكا". بالنسبة لها، كانت هذه هي أكثر اللحظات المؤثرة والجميلة في حياتها.
ولكن الآن وأنا أكبر سنًا أعجز أن أفهم لماذا نطقتُ بتلك الكلمات، وماذا كان هدفي من تلك المزحة.

أنطون تشيكوف
ترجمة: أحمد حسن المعيني
نقلتها إلى الإنجليزية: كونستانس غارنت

:D

sandra 27/07/2008 02:53

يا لها من مزحة :pos:
طول قرائتي للرواية وأنا ناطرة يقولها بصوت عالي
يسلمو أخيلوس كالعادة قصص حلوة منك :D


saman 27/07/2008 03:23

شو هالمزحة هي :pos: ميرسي عالقصة .... كتيييير حلوة :سوريا:

وشم الجمال 27/07/2008 08:56

اخيليوس قلتلك قبل هيك اني بكرهك؟؟؟؟

لك شو هاد يعني ما بحبها....هفففففففف جد جنس ادم غليظ

تضرب بس ما بكرهك:oops:


قصة حلوة ونفسي كان بيتصاعد بس مو لانو بانتظار الكلمة تطلع لكن لانو كان المشوار حلو بالرعبة والرعشة ولهفتها:D

وشم الجمال 27/07/2008 09:27

احيانا بتكون الحياة كتير قاسية وبنشوف انو نحنا شفنا فيها بس بنطلع ما شفنا شي
قصة مؤثرة ومتعبة ...بس جد الدنيا بنت كلب....

ميرسي ابو الشباب

achelious 27/07/2008 17:57

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : sandra (مشاركة 1072542)
يا لها من مزحة :pos:
طول قرائتي للرواية وأنا ناطرة يقولها بصوت عالي
يسلمو أخيلوس كالعادة قصص حلوة منك :D

أهلا ساندرا نورتي:D

اقتباس:

كاتب النص الأصلي : M.E.e.R.O (مشاركة 1072563)
شو هالمزحة هي :pos: ميرسي عالقصة .... كتيييير حلوة :سوريا:

نورت ميرو. ايقى عيدا:lol::D
اقتباس:

كاتب النص الأصلي : وشم الجمال (مشاركة 1072647)
اخيليوس قلتلك قبل هيك اني بكرهك؟؟؟؟

لك شو هاد يعني ما بحبها....هفففففففف جد جنس ادم غليظ

تضرب بس ما بكرهك:oops:


قصة حلوة ونفسي كان بيتصاعد بس مو لانو بانتظار الكلمة تطلع لكن لانو كان المشوار حلو بالرعبة والرعشة ولهفتها:D

بيعجبني تفاعلك مع القصة يا بنت..استمري;)نورتي:D

achelious 29/07/2008 01:29

نشوة
 
منتصف الليل بعينين متوحشتين وشعر أشعث ، اقتحم ميتيا كلداروف شقة والديه ودخل جميع الغرف بعنف كان والداه على وشك أن يأويا إلى فراشهما وكانت أخته قد آوت فعلا الى فراشها وهى فى الصفحة الأخيرة من روايتها وكان إخوانه التلاميذ نائمين
- من أين أتيت؟
- سأله والداه متعجبين
… هل أصابك مكروه ؟
آه , لا أدري من أين ابدأ, أنا منذهل , منذهل تماما! انه شئ لا يصدق بتاتا
انفجر ميتيا ضاحكا وتهاوى على كرسي ذي ذراعين وقد غلبة السرور
شئ لا يصدق ! لن تصدقوه أبدا . انظر الى هذا
قفزت أخته من فراشها وهرعت إليه وقد لفت نفسها بالبطانية . واستيقظ التلاميذ
هل حدث مكروه ؟ تبدو فظيعا
أنا سعيد جدا يا أمي. هذا هو السبب. الان كل الناس فى روسيا يعرفون عني . كلهم . حتى الان , كنت تعرفون بوجود كاهن من الدرجة الرابعة عشرة ديميترى كلداروف , أما الان فالكل في روسيا يعرفونني.
يا إلهي , . يا أماه
قفز ميتيا وقف وجال راكضا فى كل غرفة ثم عاد فجلس ثانية
- ألن تخبرنا بماذا حدث, بربك!
- آه، إنكم تعيشون هنا كالبهائم إنكم لا تقرأون الصحف، ليس عندكم أي فكرة عما يحدث ، والصحف مليئة بمثل هذه الأشياء الجديرة بالاهتمام. حال حدوث أي شئ ، يعلنونه للناس جميعا ، تجدونه مكتوب هناك بوضوح . يا الهى أنا سعيد جدا المشاهير من الناس فقط تظهر أسماؤهم فى الصحف ، ثم فجاءة يذهبون ويطبعون قصة عني!
- ماذا ؟ أين؟!
شحب لون الأب. رفعت الأم بصرها الى الأيقونة ورسمت علامة الصليب على نفسها. قفز التلاميذ خارجين من أسرتهم وركضوا إلى أخيهم الأكبر ولم يكن يغطي أجسامهم سوى قمصان نومهم الصغيرة والقصيرة
- لقد فعلوا ذلك عنى. أنا الأن معروف فى كل أنحاء روسيا. احتفظوا بهذه النسخة ، يا أمي ، ونستطيع الان أن نخرجها بين وقت واخر ونقرأها. انظروا!
سحب ميتيا الصحيفة من جيبه وسلمها الى والده وغرز إصبعه على عبارة محاطة بقلم ازرق
– اقرأها بصوت عال
وضع الأب نظارته على عينيه
- هيا اقرأ
رفعت الأم نظرها الى الأيقونة ورسمت علامة الصليب على نفسها
تنحنح الأب ثم بدأ
- فى التاسع والعشرين من كانون الأول ، وفى الساعة الحادية عشر مساء ، كان الكاهن من الدرجة الرابعة عشر ديميترى كلداروف
-رأيتم؟ رأيتم؟ استمر يا أبي
- … كاهن من الدرجة الرابعة عشر ، ديميترى كلداروف ، وهو خارج من الحانة الواقعة فى الطابق الأرضي من عمارات كوسخين فى شارع برونايا الصغيرة وفى حالة من السكر ــ
- كنا أنا وسيميون بتروفيتش . لقد ذكروا كل التفاصيل استمر والان استمعوا الى هذا الجزء من القصة
ولما كان فى حالة من السكر زلت قدمه وسقط أمام حصان العربة الذى يعود الى ايفان كنوتوف وهو فلاح من قرية بميكينو فى مقاطعة ينوف ، الذي كان واقفا في تلك البقعة. إن الحصان الخائف بعد أن داس على كلداروف وجر فوقه الزلاقة التى كان يجلس فيها ايفان لوكوف وهو تاجر من الصنف الثانى فى موسكو اندفع نازلا الى الشارع، إلا أن بعض مستخدمي الزريبة امسكوا به قبل فراره . ولما كان كلداورف لأول وهلة في حالة من فقدان الوعى أخذ إلى مركز الشرطة وقام الطبيب بفحصه. إن الضربة التى تلقاها كانت على مؤخرة رأسه ــ
- لقد ارتطمت رأسي بعريش العربة ، يا أبي استمر ، اقرأ الباقي
_ …… التى تلقاها على مؤخرة رأسه ، اعتبرت على انها سطحية . وقد كتبت الشرطة تقريرا بخصوص هذا الحادث. وأعطيت الإسعافات الطبية للمصاب ــ
- لقد مسحوا مؤخرة رأسي بالماء البارد انتهى؟ والان ماذا تقولون فى ذلك ، ها ؟ سينتشر هذا فى كل أنحاء روسيا ، الان . أعطني إياها
يختطف ميتيا الصحيفة ويدسها فى جيبه
- يجب أن أسرع واريها لآل ماكروف . ثم لآل ايفانتسكى ونتاليا ايفانوفا ، وانيسيم فاسيليتش لا استطيع الانتظار . وداعا
لبس ميتيا قلنسوته الرسمية مع عقدة شريطها ، وركض خارجا إلى الشارع وقد غمره الشعور بالثقة والسعادة والانتصار..


أنطون تشيكوف:D

biomen 29/07/2008 01:45

رااااااااااااائعة achelious ...ارجو ان تتحفنا بغيرها :D

achelious 29/07/2008 16:34

قصاصة
 
عندما تقاعد المستشار "كوزيروجوف" من عمله ابتاع بيتا في الريف واستقر فيه، هناك – وتقليدا لأستاذ التاريخ الطبيعي ذائع الصيت كايجرودوف – راح يكدح في الأرض التي تتمثل في حديقة البيت.
حيث أدرك الموت عزيزنا كوزيروجوف صارت مذكراته وممتلكاته من نصيب مديرة منزله "مارفاييفلاميفنا"
وكما يعلم الكل فإن هذه المرأة العجوز الجديرة بكل تقدير سارعت بهدم البيت لتشيد على أنقاده فندقا يقدم لعملائه المشروبات الروحية، وخصصت إلى جانب بار الفندق حجرة لملاك الأراضي وأصحاب الأعمال الذين يأتون في الغالب بحثا عن المتعة ..

كانت مذكرات كوزيروجوف على طاولة بتلك الحجرة وفي خدمة أي عميل يرغب في نزع ورقة من الدفتر ليقضي بها مصلحة
وبالمصادفة البحتة وقعت في يدي صفحة من المذكرات .. كانت تلك القصاصة تتحدث عن بعض الأنشطة التي مارسها الفقيد .. وإليكم بيانها :
3 مارس :
بدأت الهجرة الربيعية للطيور. بالأمس شاهدت العصافير .. مرحى يا صغار الجنوب ذوات الريش .. إنني من تغريدك العذب أتخيل أنني أسمع من يقول لي : - كن سعيدا يا صاحب الفخامة!


14مارس :
سألت مارفا اليوم :
- لماذا لا يكف الطاهي عن الصياح والنرفزة؟!
أجابتني : إنه يعاني من حنجرته .. قلت معارضا : إنني أعاني من حنجرتي بيد أنني لا أصرخ ..!
آه، لكم تخفى الطبيعة من أسرار!
لقد تناولت – إبان خدمتي في مدينة سان بطرسبرج – لحم الرومي بإسراف، لكنني لم أشاهد ذلك الديك الرومي إلا بالأمس .. إنه طائر مميز للغاية ..


22 مارس :
ناداني ضابط شرطة المنطقة وتناقشنا في الفضيلة.كنت جالسا وهو واقف. سألني :
- ألا ترغب يا صاحب الفخامة أن تعود شابا؟!
- مستحيل أن أفعل، فلو بدأت من جديد لما استطعت الوصول إلى مكانتي الرفيعة الحالية
فغمز لي بعينه وانصرف دون تعقيب!


16إبريل :
بيدي حفرت حوضين في حديقة البيت وزرعت الحنطة. لم أبح بالسر لمخلوق لأفاجيء مارفا التي أدين لها بالسعادة في شطر كبير من حياتي. بالأمس ونحن نشرب الشاي جأرت مارفا بالشكوى من بدانتها المفرطة التي تحول دون ولوجها من باب المخزن. قلت لها :
- على العكس يا عزيزتي فإن حجمك البديع يضفي عليك جاذبية لا يمكنني أن أقاومها. احمر وجهها فنهضت أطوقها بكلتا زراعي إذ لا تكفي لذلك ذراع واحدة!


28 مايو :
شاهدني رجل معمر جالسا قريباً من الحمامات المخصصة للسيدات على ضفة النهر فسألني عن السبب فأجبته :
إنني هنا لأمنع الشباب من التطفل والتسكع ..
قال :
- فلتكن هذه مهمتنا معا!
وجلس إلى جانبي وبدأنا نتحدث عن الفضيلة!


أنطون تشيكوف:D

MaTyA 29/07/2008 16:52

على سيرة انطوان تشيخوف.. او انطون تشيكوف متل ما كاتبو انت

بحب اذكر شي قالتو ذا مورنينغ عنو.. انو هو رسام كاريكاتيري ايضًا

وهالشي ما الكل بيعرفو

حلو ..
وما بعرف ليه ابتسمت لما قريت جملة انو طوّقها بـ كلتا ذراعيه .. لانو ذراع وحدة ما بتكفي

:D وائل

biomen 29/07/2008 16:54

حلو كتييير المقتطف هاد...
يعني هلاّ في كتير اشياء الها اهمية كبيرة في الحياة بس تلاقيها مهملة من طرف اصحابها

تبع 16 ابريل عجبتني :lol:...في الجزائر 16 ابريل عيد العلم

يسلمو ناطرين غيرها :D


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 14:06 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.10672 seconds with 11 queries