أخوية - من قال إن الرجال لا يبكون؟!

بقلم: مسعود عكو *
من قال إن الرجال لا يبكون؟

من قال إن الدموع حكر على النساء؟

من قال إن الرجل يجب أن يكون قوياً لا تهزه فاجعة؟

من قال؟ ومن قال؟ ومن قال؟

لماذا تفعلون ببلدي هكذا؟

لماذا تفعلون بشعبي هكذا؟

لطالما حلمت أن أعيش مثل البشر. لطالما فكرت بحياة مثل حياة أبناء آدم. لطالما تمنيت يوماً أضحك فيه ولا أقول في نفسي (اللهم أعطني خير هذا الضحك). لماذا سأبكي طول عمري؟ لماذا نصيبي أن أعيش في غابة القوي فيها لا يكتفي بقتل الضعيف بل ينهش لحمه ويمص دمه ويلعق في النهاية عظمه ويكتسي جلده؟

هل لقتل الناس خُلق الناس؟

هل ذبح البشر عندكم هواية؟ أم مهنة؟ أم رياضة؟

أتتلذذون بنهش لحم ميت؟ أتأكلون لحم أخيكم الإنسان؟ ألم يأب الكلب أكل لحم الكلب فماذا أنتم؟

قلت في نفسي أنا أحلم. لا يوجد على أرض الخليقة بشر هكذا. إني أرى كل ذلك حالماً بأحلام اليقظة. مستحيل أن يمد إنسٌ يده ويقطع أنفاس أخيه الإنس، فالجان لم تفعل بالإنس هذا، والوحش أحياناً يترك الطريدة عندما يراها مرتعبة، بل يترك القطيع عندما يشبع من طريدة واحدة، فأي جنس من الكائنات أنتم؟

من أجل كلمة يضربونك لكمة، ومن أجل جملة يرفعون بك الفلقة، من أجل كتاب يحكمون عليك بسنة، ومن أجل مبدأ يحكمون عليك بالمؤبد الذي لا يشبه بمؤبد أحد.

أن تهرب السلاح خير من السياسة! أن تهرب الكوكايين والحشيش أحسن من أن تتعاطى السياسة؟ أن تكون شاذاً جنسياً وزير نساء أشرف لك من أن تكون زعيم حزب أو ناشطاً سياسياً أو حتى كاتباً وصحفياً مستقلاً!!

أهكذا يا بلدي تتركني وحيداً ينهشون لحمي وأنا حي؟ يمصون دمي وأنا أراهم يفعلون ذلك؟ يغتصبون كرامتي وأنا الذي أريد رفع كرامتك عالياً حتى على حساب كرامتي؟!

أنترك العدو المتربص بنا؟ أنترك محتلي أراضينا وسارقي خيراتنا ومغتصبي كرامتنا ونلاحق أبناء جلدتنا ونهزم أبناءنا وإخوتنا ونحارب أبناء عمومتنا؟ أهكذا تكون الحرب؟ أم هذه معركة أهم من معركة الوطن الكبرى مع العدو الأكبر؟ أم لم تعودوا تميزون بيننا؛ فهل نحن أعداؤكم بدلاً من مغتصبي الجولان ومرتكبي مجازر صبرا وشاتيلا وقانا؟ ألم تعودوا تميزون؟!

لم تعد تهمنا الحياة في بلد لا تُحترَم فيها كرامة البلد. وما عدنا نعشق العيش على أرض نحن أصحابها ولكننا فيها ألد الأعداء بالنسبة للمستبدين بأمرنا. ما عدنا نشعر بوجودنا حتى كبهائم أو حجارة على قارعة الطريق الوعر الذي سيؤدي بهم إلى هاوية هم موعودون بها وإن طال وقتها.

__________

* كاتب كردي سوري - القامشلي