أخوية

أخوية (http://www.akhawia.net/forum.php)
-   الفســـــــــــــــاد (http://www.akhawia.net/forumdisplay.php?f=78)
-   -   النص الكامل للمحاضرة التي ألقيتها في منتدى د. جمال الأتاسي ل (http://www.akhawia.net/showthread.php?t=6904)

غريب الدار 28/05/2005 11:31

النص الكامل للمحاضرة التي ألقيتها في منتدى د. جمال الأتاسي ل
 
النص الكامل للمحاضرة التي ألقيتها في منتدى د. جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي في دمشق يوم 2/4 / 2005
قبل الاعتقال
بسم الله الرحمن الرحيم

أشكر منتدى د. جمال الأتاسي على دعوتي، وأشكركم جميعاً على حضوركم، وآمل ألا أثقل عليكم، وأن تتسع صدوركم لما أن قادم على ذكره.
ابدأ من أعماق التاريخ والتراث، من أسطورة قديمة تحكي قصة الصراع من أجل الربيع بين إينانا ربة الأرض والحياة (الأم والأخت والعاشقة) وبين ربة الموت والعالم الأسفل على ملكية آلهة الخصب والربيع دموزي.. هذه إينانا العاشقة تحضر نفسها للقاء حبيبها:

من أجل دموزي اغتسلت
جدلت مع الغار شعري
صبغت بالكحل عيني
زينت بالقلادة عنقي
وبالعنبر طيبت ثغري
دموزي ضم خاصرتي براحتيه الواسعتين
وراح يداعبني
قبلته في شفتيه
وقدراً حلواً تمنيت له

إن موت الربيع وانبعاثه ليس جديداً على الثقافة والتراث السوريين، وهو قصة شعرية أسطورية تاريخية قديمة، كما أن النواح على الربيع المقتول المتجسد رمزاً في إله يمنح الخصب، ربما كان أقدم ألحاننا وأغانينا، واللطم عليه ما يزال قائماً بأشكال وصور مختلفة، أما عودته وإعادة بعثه فكان يتطلب صوماً وتضرعاً وتضحية وقرابين, تلك التي إذا لم تقدم توقفت دورة الحياة. في حين تترافق عودته بالرقص والفرح والمجون الجماعي.
فالأعياد والاحتفالات المحلية تعيد وتكرر تلك القصة الحزينة الحالمة بسعادة لا تدوم، وحلم لا يعمر طويلاً، وربيع سرعان ما يقتل، وتضحية وقرابين كثيرة من أجل عودته.. نعود للأسطورة:

انشقت الأرض فجأة..
وظهرت العفاريت
أما الذي قبل الشفاه المقدسة
فقد وجل قلبه
أو جس خيفه
فر للبعيد
اختبأ بين الأخاديد
كان فؤاده مفعماً بالدمع
صفق العفاريت بأيديهم
وراحوا يبحثون عنه
عفريت لحق بعفريت
فتلوا حبلاً من أجله
نجروا له عصاً
أحاطوا به من كل جانب
أمسكوه, قيدوه
عصبوا عينيه
ثبتوا بالمسامير كفيه
واقتادوه
إن مشى أمامهم
ضربوه
وإن سار خلفهم
اقتلعوه
غيلان متوحشون
ينتزعون الزوجة.. من فراش زوجها
والطفل الرضيع... عن صدر أمه
سريعاً
وصلوا به إلى المذبح
راحوا يدورون حوله
رقصوا رقصة الدماء
نطقوا بكلمات الغضب
صاحوا صيحة التأثيم
حدقوا بعيونهم..
عيون الموت

ترنح دموزي وتهأوى
خر على الأرض صريعاً
صار جثة هامدة
على جسده المقدس
لم يمد القماش

الأخت تأملت في جثة أخيها
تفجر الدمع من عينيها
خدشت وجنتيها
شقت ثوبها
مزقت فمها
صدر عنها نواح..
مر فوق السيد المسجى
أو اه..
أو اه يا أخي
أو اه يا أخي
الذي لم تكن أيامه طويله
أو اه يا أخي الذي جلب الحزن لأمه
أن تنام نومة قلقه..
أن تنام نومة أخيره
ولا تنهض
السماء ! مزقيها أيتها العاصفة
أقيمي مأتماً أيتها الصحراء
أيتها الرمال
أقيمي مأتماً
أقيموا مناحة
يا سراطين النهر
كلكم جميعاً أقيموا مأتماً دائماً
ولتنطلق من أمي
التي ليس عندها عشرة أرغفة
صرخة عويل

يراعة نبتت وحدها
تحني رأسها إليه
على مثواه الطاهر
لا ينسكب الماء
عند قبره
ما من لبن يسكب للفقراء
لم يبق ثمة لبن..
فاللبن كله قد شفطوه
أغنام الحظيرة:
تدب على الأرض بأقدام ملتوية
غيلان حيتان
سفاحون
ينقضون على كل شيء
وسرعان ما يبددون جثث ضحاياهم المذبوحة

غريب الدار 28/05/2005 11:32

كنت آمل أن تنهي هذه الأسطورة إلى مجرد مسرحية شعرية تراثية تؤدى على خشبات المسارح، لا أن تستمر تجربة حياتية دائمة التجدد، تطبع حياة الشعب السوري بما تحمله من أسى وتفجع.
في عامي 1978 – 79 انطلقت نسمات ربيعية من جراء حراك غير مسبوق في مؤسسات المجتمع المدني، سرعان ما سحقت بقسوة, ومر بعدها عقد قاتم كئيب على سوريا هو عقد الثمانينات، ثم بدأت بوادر انفراج بتأثير انهيار منظومة الدول الاشتراكية الفاشية الشمولية. مع تلك النسمات تشكلت لجان الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية. لكن القمع أحبط أي عدوى لرياح التغيير، ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية البنيوية الخانقة في نهاية التسعينات علا صوت الشارع في انتقاد الأو ضاع القائمة والاستبداد والفساد المستشريين..

غريب الدار 28/05/2005 11:32

ومع خطاب القسم الذي حمل معه التفاؤل والأمل في إصلاح سلمي متدرج، ووجه دعوة لكل مواطن من أجل المشاركة في مسيرة الإصلاح، ودعا إلى احترام الرأي الآخر، والتحلي بالروح الديمقراطية. تنادى عدد من المثقفين الشجعان مع عدد من السياسيين أو المهتمين بالشأن العام لتوقيع أو ل وثيقة رسمية مدنية تطالب بالإصلاح أقصد وثيقة الـ 99. ولما لم تبادر السلطة لقمع هذه الوثيقة ولا الموقعين عليها، تشجع أعداد أكبر للنشاط وانتهوا إلى وثيقة الـ 1000 وما تبعها من تشكيل ما سمي في النهاية بلجان إحياء المجتمع المدني، وبروز ظاهرة المنتديات التي بدأت بمنتدى الحوار الوطني في منزل النائب رياض سيف، وبعده منتدى المرحوم الدكتور جمال الأتاسي، ثم منتديات أخرى مثل منتدى اليسار ومنتدى حقوق الإنسان ومنتدى الكواكبي وغيرها في أكثر من مكان، كما تأسست جمعية حقوق الإنسان وازداد نشاط مجموعات وهيئات أخرى، وبدا وكأن قوى المجتمع قد بدأت تدب فيها الروح، أو كأن المجتمع قدر يقرر الخروج من صمته ويترك مقعد المتفرج على مسرح السياسة ويصعد للخشبة، أو كأن الرموز الثقافية والسياسية قد بدأت تسير نحو تأطير الرأي العام وتشجيعه على المشاركة السياسية، عبر فتح أو سع شكل من أشكال الحوار الوطني الديمقراطي، للوصول إلى توافقات جديدة، وعقد وطني جديد، يلغي مرحلة من الاستبداد والتعسف طالت وطالت وأحبطت كل تطور وتقدم، بل كانت هي المسؤولة عن تأخر سوريا وتخلفها.
وفجأة ومن غير مقدمات ولا مبررات وكأن انقلاباً قد حدث، بدأت حملة قمع الربيع في آذار 2001 في الضغط لإغلاق المنتديات، وتم إغلاقها جميعاً بالضغط والتهديد، ما عدا واحد، وذلك تحت ذريعة التنظيم، لكن رفض طلبات الترخيص التي قدمناها، كشف أن المسألة هي مسألة قمع وليس تنظيم، وفي نهاية الصيف كان الوقت قد حان لانكشاف حقيقة وعود الإصلاح، وهكذا وفي تنكر تام لخطاب القسم وللدستور والقانون، ولحصانة نواب مجلس الشعب، تم اعتقال النائب مأمون الحمصي، ثم جرى اعتقال المحامي رياض الترك الأمين العام للحزب الشيوعي السوري، والذي كان قد قضى عقدين في السجون من دون محاكمة، ثم وبعد عودة افتتاح منتدى الحوار الوطني بيوم واحد اعتقل النائب رياض سيف بشكل تعسفي ودون اعتبار لحصانته البرلمانية، وبعده بيومين تم اعتقالي مع الدكتور وليد البني وفي اليوم التالي اعتقل الدكتور عارف دليلة عميد كلية الاقتصاد في كل من حلب ودمشق ومؤسس جمعية العلوم الاقتصادية، كما اعتقل آخرين، وبعد أيام اعتقل المحامي حبيب عيسى أحد مؤسسي منتدى د. جمال الأتاسي والناطق الرسمي باسمه والمهندس فواز تللو عضو لجنة منتدى الحوار الوطني.. واستغلت السلطة انشغال العالم بأحداث 11 أيلول للتغطية على اعتقالنا ومحاكمتنا ومعاملتنا السيئة، وتوهمت أنها حصلت على الدعم الخارجي بدخولها الحلف المضاد للإرهاب، فهي كما تدعي: تملك الخبرة الكبيرة في هذا المجال، مشيرة إلى الهمجية التي مورست في الثمانينيات، واستغلت ذلك من ثم في ترهيب الباقين للجم كل نشاط فعال، وتتابعت حملات الضغط، وشملت إحالة الناشطين للمحاكمات.. ومنهم المحامي هيثم المالح رئيس جمعية حقوق الإنسان، ثم اعتقل ناشطين أكراد في اعتصام بيوم الطفل العالمي، ثم أحيل للقضاء 14 ناشط في حلب، واعتقل طلاب، واعتقل أيضاً مستخدمين للانترنت، وأخيراً أعقبت أحداث القامشلي حملات اعتقال عشوائية وتعسفية طالت الآلاف.. ثم اعتقل المحامي أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن حقوق الإنسان، وما يزال التضييق على النشاطات والحريات والضغط على الناشطين يجري على قدم وساق بأشكال ووسائل مختلفة، وما يزال الربيع يقأو م الموت ويقاتل عبر منابره الحرة وناشطيه الأحرار. وما تزال السلطة تمارس القمع والتعذيب بكل أشكاله، بهدف إعادة الشعب إلى داخل دائرة الرعب، لتأبيد سلطان الخوف حارساً لحالة الإذعان التي تسهل استباحة عرق المواطن وثروات الوطن.

غريب الدار 28/05/2005 11:33

كل ما جرى لنا كان تعسفياً، وأحيانا مزاجياً، والقانون لم يراع أبداً، لا في طريقة توقيفنا، ولا في حيثياته، ولا في المكان الذي أو قفنا فيه، ولا شروط التوقيف، ولا في المحكمة التي حولنا إليها، ولا في أصول المحاكمات، ولا في توصيف التهم والأدلة، ولا في إصدار الأحكام. كما جرى انتهاك واضح وصريح لكل حقوقنا كسجناء ووضعنا في منفردات معزولة طيلة مدة سجننا، وحرمنا لفترات طويلة من الزيارات ومن الخروج للتنفس ومن كل وسائل الإعلام وحتى من الكتب، وعبثاً طالبنا أن يطبق علينا قانون السجون، فكان الجواب الوحيد الذي نسمعه هكذا هي التعليمات , وفي نهاية المطاف كانوا يقولون نحن القانون هنا.

غريب الدار 28/05/2005 11:33

السلطة تعلم أننا ضحايا تعسفها، لذلك أصرت على عزلنا في سجون مغلقة، ثم محاكمتنا في محاكم سرية تعمل بالتعليمات، ومنعتنا من حقنا في الدفاع عن النفس، وفي استجواب شهود الادعاء أو تقديم شهود الدفاع، ومن ثم في نقض الأحكام الجائرة الصادر بحقنا، من محكمة سرية غير دستورية غير شرعية، محكمة مستقلة عن الشعب وتحكم باسم أجهزة الأمن وتوجيهاتها..
والسلطة تعلم أيضاً أننا مارسنا حقنا الطبيعي في التعبير عن الرأي الذي كفلته كافة الشرائع السمأو ية والأرضية، وهي ما تزال إلى اليوم ترفض إعطاء زملائي الذين تركتهم في السجن أبسط حقوقهم كسجناء، وأنا هنا أذكر أنهم ما يزالون في زنزانات انفرادية قذرة بعد ثلاث سنوات ونصف، وهذا يعتبر بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، شكلاً رهيباً من أشكال التعذيب والتحطيم الجسدي والعقلي، وأذكر أيضاً بأن ثلاثة أرباع أحكامهم ستنقضي بعد شهر من الآن، فهل ستوافق السلطة على منحهم حقهم القانوني في الإعفاء من ربع المدة، وأي حجة ستقدمها السلطة لترفض ذلك.

غريب الدار 28/05/2005 11:34

هل محكمة أمن الدولة العليا محكمة خارجة عن القانون والنظام القضائي المعمول به في عموم سوريا، وهل هناك قانونان اثنان في سوريا، واحد تطبقه محكمة أمن الدولة وآخر تطبقه محاكم أخرى، ومن أعطى الأهلية لمحكمة أمنية غير دستورية، كي لا تلتزم بأصول المحكمات القضائية، وكي تصدر أحكاماً مبرمة غير قابلة للنقض، بخلاف الدستور، ومن هي كي تمنع وتعطل إجراءً قضائياً روتينياً ينطبق على كل السجناء بنص قانوني صريح، (أقصد الإعفاء من ربع المدة)، ولماذا لا ينالون هذا الحق وهم قد قضوا أحكامهم في سجن انفرادي مشدد، بدل الاعتقال السياسي العادي الذي نص عليه قرار الحكم، وهم قد تعرضوا للإهانة والضرب، ولم نسمع عن أي اعتذار رسمي، أو عن تقديم أحد من الجناة للمحاكمة بهذا الجرم، (أقصد الاعتداء بالضرب على سجين)، ولا عرفنا من أصدر هذا الأمر أو لماذا وبموجب أي قانون أو قرار قضائي أو صلاحيات دستورية .

غريب الدار 28/05/2005 11:34

لقد صودرت مني 25 لوحة زيتية رسمتها في السجن بعد الحصول على موافقة إدارة السجن وشعبة الأمن السياسي ومحكمة أمن الدولة العليا، ولكونها ملكية فكرية ذات قيمة مادية ومعنوية محمية بموجب مرسوم تشريعي، ولكون مصادرتها تمت خارج القانون وبعيداً عن القضاء، ما أزال أطالب السلطات المتعسفة، بالإفراج عن أعمال فنية نادرة ستشكل جزءً من تراث الحرية لأجيال الغد، فالسلطة الأمنية قد مددت قمعها للأشخاص نحو تدمير الثقافة والفن وقررت الانضمام إلى طالبان أفغانستان .

غريب الدار 28/05/2005 11:35

إخوتي الأعزاء: النظام أكبر من أي فرد , النظام ينتج أفراده ويصنعهم، وليس الفرد هو من يصنع النظام، النظام كتجسيد مفترض للآيديولوجيا يخدع المنتسبين له، ويزين نفسه بمسحات أخلاقية وقيمية، لكن ما يتجسد من سلوكه يفضح جوهره وتكوينه الحقيقي، والنظر للنظام يجب أن يتم من خلال أفعاله وليس أقواله.
هناك أكثر من 70 دولة حكمت بمثل هذا النوع من النظم الشمولية فسورية ليست ظاهرة استثنائية وفريدة، ومعظم هذه الدول نجحت في الانتقال من هذا النظام نحو نظام أكثر حرية وعدالة بسلام وسلاسة، وشعبنا لا يقل عن شعوبها أبداً .
في النظام التعسفي الذي يدار بالتعليمات وليس بالقانون، وبالولاء الشخصي وليس المسؤولية القانونية , يتحول الإنسان الحر المسؤول إلى عبد مأمور بموجب صفقة يبيع بموجبها إرادته وضميره مقابل أجر ومنافع. هذا الفرد هو في النهاية مسؤول عن خطئه، فالله قد خلقه حراً وليس عبداً، ووظيفته في الدولة يحددها القانون وليس التعليمات الشفهية، وهو مسؤول عن أفعاله وما تقاضى مقابلها من منافع، وعن جبنه وتخاذله عن أداء واجبه الذي نص عليه القانون، وعن خيانته لقيمه وضميره.. ومع ذلك فأخطاء النظام أكبر من أن يتحملها شخص واحد، فللسلطة إغراءاتها وللمال إغراءاته، والنفس ضعيفة وأمارة بالسوء، خاصة بعد شيوع ثقافة الفساد والإفساد والتسيب والإهمال والسلبية. وكل مواطن حتى لو كان خارج السلطة، هو أيضاً مسؤول عن سلوك سلطة تحكم باسمه، وهو إن لم يشاركها، لكنه سكت وتغاضى ولم يعترض.. وحتى في حال أشد السلطات قمعية لن تنعدم بين يديه وسائل مقاومتها . أقول هذا لكي لا نوجه تهمنا لأشخاص في النظام، فلا فرق كبير بينهم، ولكي لا ينحصر طلب الإصلاح في استبدال أشخاص سرعان ما يصبحون نسخة عن أسلافهم، عندما ينخرطون في ماكينة النظام ذاتها . فكل الأنظمة المتشابهة تنتج شخصيات متشابه إلى حد التطابق.
وكما يقول الكواكبي الاستبداد والفساد صنوان متلازمان، فكل من يحتكر السلطة سيجد نفسه سريعاً يسعى نحو احتكار الثروة، وبالعكس، ولما كان النظام الحالي قد بدأ بالديكتاتورية، فإن الفساد اللاحق به هو جزء تكويني من مكوناته، فرموز الفساد على علاقة وطيدة مع النظام، وهكذا كانت الخطوط الحمر الخمسة التي وضعها النظام أمام حركة ربيع دمشق تعني شيئاً واحداً هو حماية وتخليد الاستبداد والفساد، وتأبيد معاناة المواطن، ووأد الأمل بأي إصلاح أو تغيير.
فعندما يدور الحديث عن الإصلاح الكل يتنطح ويدعي أنه من أنصار الإصلاح، لكن الكل متفق على أن يبدأ الإصلاح من غيره، ولا يشمل مكاسبه وامتيازاته، وهكذا يتفق الجميع عملياً على عدم فعل أي شيء، ببساطة تفشل كل آليات الإصلاح المطروحة لأن أو ل مبدأ من مبادئ الإصلاح هو أن تبدأ من نفسك وليس من غيرك، وهذا ما يرفضه بشدة رموز الفساد والاستبداد المتحكمين بالسلطة والثروة، والذين كانوا شخصياً وراء إحباط عملية الإصلاح وسحق ربيع دمشق ورمينا في السجون. وهم الآن من يحاولون جر سوريا في طريق الهلاك. لنفس الدوافع ونفس الأسباب. متغطين بشعارات وطنجية، يكذبها في كل ثانية قلة أمانتهم، التي تجلت في حصولهم بطرق غير مشروعة على ثروات هائلة أفقرت الوطن والمواطن.

غريب الدار 28/05/2005 11:35

لا بأس، ليكذبونا وليثبتوا وطنيتهم ويعلنوا عن ثرواتهم ومصادرها، وليسمحوا للرأي العام التحقق من صحتها، هنا تظهر الوطنية الحقيقية وليس الكلام الفارغ المعد للتجارة ....
على فكرة , قانون إعلان الذمة المالية ومراقبتها لكل مسؤول وموظف، موجود ومعمول به في سوريا وقد أكد عليه مجلس الشعب أكثر من مرة، لكن أيا من المسؤولين لم يجد نفسه معنياً به، فهم مشغولون في تحصيل أكبر قدر من الثروة، وعلى عينك يا تاجر، في ظل حالة الطوارئ المفروضة فقط على حرية الرأي والتعبير، والعمل السياسي، وهنا قد يتنطح من يتنطح ويطالبني بالدليل، فأقول له ليس المطلوب مني أنا المواطن المعزول تقديم الدليل على فساد الموظف، الذي يستخدم كل ماكينة السلطة القمعية المافيوية وجيوش الشبيحة في إزاحتي عن الوجود، بل المطلوب من الموظف إثبات نزاهته على الدوام بواسطة نظام الشفافية المالية. وطالما أنه لم يعلن ويصرح عن ثرواته ومصادر دخله وكم استهلاكه فهو متهم ومدان حتى يثبت العكس.

غريب الدار 28/05/2005 11:36

منذ فترة قريبة خرج شهود عيان من فروع الأمن يروون مشاهداتهم عن تعذيب وحشي يجري الآن، جلد وماء بارد وكهرباء وتعليق وكراسي ألمانية.. يجري خاصة بحق مجموعات من الشباب المتدين، أنا لا افهم كيف يستمر التعذيب على قدم وساق، بعد تصديق سوريا على معاهدة منع التعذيب, وصدور مرسوم تشريعي رئاسي فيه. ولا أفهم كيف ننتقد الآخرين ونسكت عما يجري عندنا وبأيدينا وبحق أبنائنا، أنا لا أفهم كيف يقبل شعب حر كريم اعتنق عبر التاريخ أنبل الشرائع بقصص مرعبة تجري في سجوننا وفي أقبية فروع الأمن، ولماذا لا نفتح السجون ويطلع الرأي العام على ما يجري فيها، ولماذا لا يجوز للمحاكم قبول الدعاوى المرفوعة ضد مرتكبي جرم التعذيب من رجال الأمن إلا بعد موافقة الأمن ذاته..

غريب الدار 28/05/2005 11:37

ومنذ فترة قريبة أيضاً , جرى اعتصام سلمي أمام قصر العدل بدمشق للمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين وإطلاق الحريات العامة والعمل على إيجاد حل ديمقراطي للمسألة الكردية. لكن العقل الأمني تفتق عن ذكاء نادر، فأمر قادة الاتحاد الوطني الطلاب بالنزول إلى ذات المكان وفي ذات الوقت، ولم يكن خافياً كيف حملتهم الباصات وكيف سار معهم رجال وضباط الأمن، وبدل أن تعلم مدارسنا وجامعاتنا لغة الحوار وقبول الرأي الآخر وتعلم أبناءنا الأخلاق والقيم والأدب، صارت تعلم القمع والوحشية والإرهاب، فأطلقت العنان لممارسات تذل من يقوم بها قبل من يقع ضحيتها.. لقد كانت رسالة معبرة جداً أن يقوم الأبناء بضرب آبائهم ؟ وبماذا ؟ بعصي تحمل أعلام سوريا.. نعم لقد فهمت الرسالة ولا حاجة للشرح.
:jakoush:

غريب الدار 28/05/2005 11:37

أخوتي الأعزاء: القوي , ليس الذي يتمادى في الخطأ , بل من يملك القدرة على الاعتذار، ولا يقلل من هيبة السلطة أن تستمع وتلبي طموحات ومطالب الناس بل هذا هو واجبها، والشرعي من يحصل على احترام الناس وليس من يحصل على رهبتهم..

غريب الدار 28/05/2005 11:37

أخوتي الأعزاء: بالعصا والضرب، بالعنف والسجون، بالكذب والنفاق لا تبنى الأوطان، ولا توجد كرامة ولا حرية مع الجبن والخوف والسلبية، ولا يوجد وطن مع الظلم، إن ظلم إنسان واحد على يد السلطة الحاكمة هي جريمة مسؤول عنها كل فرد وبشكل شخصي. الوطن بيت وأسرة، وفي الأسرة لا مكان للظلم ولا للحقد ولا للانتقام. وداخل الوطن لا يجوز أن يمارس العنف من أي جهة جاء، ولا لأي سبب كان. ولا يجب أن تسود الفوضى والتخريب والعبث والتسيب والإهمال والفساد والرشوة والاختلاس، الوطن أمانة ومن يسيء إلى هذه الأمانة يجب أن يقصى عن السلطة، من اعتدى على مواطنيه بالضرب والإهانة لا يحق له أن يدعي الوطنية، من امتدت يده إلى المال العام وملأ جيوبه بالمال الحرام، وراكم الأرصدة في مشاريع الداخل وبنوك الخارج، لا مكان له في السلطة، ولا حماية ولا حصانة يجب أن تقدم إليه، ورجل الدولة الذي يبتز المواطنين ويرهبهم ومن ثم يمارس جرم التعذيب عليهم في السجون والمعتقلات، لا يصح ائتمانه على أمن الوطن، ولا القاضي المختلس والمرتشي على إحقاق الحق وإقامة العدالة، الحق بين والباطل بين، ومصادر الشرعية لا تقبل التزوير، وطريق الإصلاح أيضاً بين، والذي يبدأ بعودة الحقوق لأصحابها، ورفع المظالم وبشكل خاص إطلاق سراح جميع المعتقلين، ثم إغلاق ملف الاعتقال والنفي، ودفع التعويضات. كما يتوجب تقديم كل مسؤول تسول له نفسه الإساءة للمواطنين ويسيء استخدام منصبه للعدالة علناً لكي يكون عبرة لغيره، عندها تبدأ مسيرة الإصلاح وتتم مصالحة حقيقية بين أفراد الأسرة الواحدة .
أخوتي: في الوطن لا يوجد ابن ست وابن جارية .. وليس هناك من ولد من أجل أن يحكم ويبقى حاكماً، ومن ولد من أجل أن يحكم ويبقى محكوماً، فسورية قد اختارت النظام الجمهوري بشكل نهائي لا عودة عنه، وهذا يعني تداول كل سلطة تبعاً لنتائج الاقتراع التعددي والنزيه .
ورغم اختلافنا الكبير معهم، ورغم ممارساتهم المستنكرة ضدنا، ورغم فسادهم واستبدادهم، وتنكرهم لكل مبادئ الحكم الشرعي، وحتى لدستورهم ولقانونهم هم الذي وضعوه بأيديهم، نحن نعتبر رجال السلطة أبناء وطننا، أهلهم أهلنا وأبناؤهم أبناؤنا وأخطاؤهم يمكن إصلاحها أو تعويضها، ولن نقبل بأي انتقام أو تصرف حاقد ضد احد .فالوطن يستحق منا أن نتسامح مع بعضنا من أجل مصلحته العليا، وأن نكبر فوق جراحنا.

غريب الدار 28/05/2005 11:38

نحن بحاجة لنظام وأمن وحقوق وقانون سيد على الجميع، وهذه ثوابت لا يجوز التفريط بها، وهي غاية الدولة ومسؤولية الحكومة، وقبلها وبعدها مسؤولية كل مواطن مخلص وشريف، لكن يجب أن تأخذ هذه الحكومة تفويضاً شرعياً من الشعب، ويجب أن يعبر القانون المعمول به عن توافق اجتماعي صريح وواضح , وفق آليات التمثيل الحقيقي الشرعي الذي يتم عبر صندوق الاقتراع النزيه، وفي مناخ من الحريات التي تشمل حتماً حرية التعبير والنشر والاجتماع والتظاهر وتشكيل الأحزاب والجمعيات. ويجب أن يسهر على تطبيق القانون جهاز قضائي مستقل محايد كفؤ ونزيه شفاف تحت عين الشعب والإعلام الحر المستقل.

غريب الدار 28/05/2005 11:38

نحن نرى أن الأساس في الوطن هو الفرد، وليس الأمة، الأساس هو الإنسان الحر السيد الذي يتمتع بحقوقه الأساسية قبل أن يدخل في علاقة تعاقد مع غيره لتشكيل المجتمع، فحقوق الفرد قبل أي دستور وأي نظام وأي قانون، وكل تعاقد يلغي حقوق الفرد الطبيعية التي أقرتها مواثيق حقوق الإنسان هو تعاقد فاسد، لا يقره أطراف تتمتع بالأهلية لتوقيع العقد. بل هو سجن وقيد ووسيلة استغلال وإكراه. الوطن لا يبدأ بالعقيدة ولا بالهوية ولا بالرمز. ولا يستمد مبرر وجوده منها، ولا يقبل أن تفرض عقيدة ما (دينية أو دنيوية) على المجتمع وبواسطة السلطة، كما هو منصوص عنه في المادة الثامنة من الدستور الحالي، على كل حال هذا الدستور معطل عملياً بسبب فرض حالة الطوارئ.

غريب الدار 28/05/2005 11:38

الوطن يبدأ من أفراد أحرار متمتعين بالسيادة على قدم المساواة، فهم أحرار في عقائدهم وضمائرهم، ولا تشكل هويتهم وقناعاتهم شرطاً مسبقاً لانتمائهم للوطن، أو تنقص أو تزيد من حقهم في المشاركة في الحياة السياسية، فكل من ولد على هذه الأرض أو عاش عليها فترة محددة من الزمن له ذات الحق في الجنسية، وله كامل حقوق المواطنة وكل الفرص المتساوية مع غيره. وبعد أن نعترف بالفرد، يجري بناء كل تعاقد وتحالف ونظام وسلطة فوق ذلك، والتي يشترط أن تكون تداولية وتعبر عن نتائج الاقتراع التعددي الحر، وهذا هو الجوهر العميق لليبرالية والديمقراطية . وهو المحتوى الحقيقي للعلمانية، فالعلمانية لا تعني التخلي عن الهوية ولا عن الدين ولا عن العقيدة، لكن تشترط أن لا تكون الأساس في الوطن السياسي، الذي يجب أن يؤمن حقوقاً متساوية لجميع أبنائه، بغض النظر عن الهوية القومية نزولاً نحو الانتماء العشائري، أو الانتماء الديني نزولاً نحو الطائفي.

غريب الدار 28/05/2005 11:39

في الوطن لا توجد عائلة كريمة وعائلة غير كريمة، ولا يوجد سيد وعبد، ولا يوجد طائفة حاكمة وطائفة محكومة. الشعب ليس رعية في مزرعة أحد. لكل فرد نفس الحصة من السيادة والحرية، والجميع متساوون في الكرامة الإنسانية والعزة الوطنية. إن جوهر المجتمع المدني يتجسد هنا في تجاوز المجتمع الأهلي دون إلغائه، ووظيفة المجتمع المدني هي تجسيد حالة اجتماعية مختلفة عن الحالة الأهلية، تؤسس لحقوق المواطنة التي يتمتع بها كل فرد له حق الانتماء المباشر للوطن والدولة، دون الحاجة للمرور في بوابات المجتمع الأهلي (أي الهويات القومية والعقائد والديانات والانتماءات الجغرافية والعشائرية والطائفية..) وما يحدث في لبنان والعراق يؤكد أن الديمقراطية بحاجة لكي تنجح إلى مجتمع مدني، مما يجعلنا نتمسك بمفاهيمنا هذه كي لا ننزلق ذات يوم من الاستبداد السياسي إلى الإقطاع السياسي والطائفية السياسية.

غريب الدار 28/05/2005 11:39

أما الدين كمنظومة معرفية – قيمية، وكمنبع للقيم والأخلاق وكضابط طوعي للسلوك المراقب من قبل الضمير فهو شيء رائع وضروري , وهو حاجة اجتماعية ملحة وأساسية، لكن هذا ليس مبرراً لإعطاء رجال الدين سلطة مادية على الآخرين، ومن ثم حرمان الشعب من حقه في تقرير مصيره دون شروط أو وصاية. ولا يوجد إنسان بلا انتماء أو بلا هوية، أو بدون عقيدة أو قيم، لكن هذا الانتماء وهذه الهوية وهذه العقيدة يجب أن لا تكون عنصرية تحرم الآخرين من ذات الحق.
كما أن الدولة ليست شخصاً بشرياً لتدخل في علاقات أخوة أو عداء تاريخي مع الدول الأخرى، الدولة كائن سياسي يرتبط مع الكائنات الأخرى بعلاقات سياسية تنطلق وتنتهي بالمصالح المتبادلة، فلا يوجد عدو تاريخي ثابت للدولة، كما لا يوجد حليف دائم، وعندما تتغير الإدارة تتغير السياسات ومعها سلوك الدولة، وفي عالم السياسية الدولية هناك براغماتية سائدة، تتحرك فيها الخصومات والتحالفات حسب المكان والزمان والحالة. وقد يكون عدو الأمس صديق اليوم، والعدو الاقتصادي صديق أمني وهكذا. وللتعامل مع المتغيرات الدولية المدفوعة بالعولمة الرأسمالية، يجب أن نخرج مفهوم السياسة من عقلية العشيرة والفخذ والبطن والمصاهرة، إلى عقلية الدولة ذات المصالح. وهذا ضروري للتخلص من الشعارات الجامدة التي صارت معيقة ولا معنى لها، فلا الخارج خارج صرف ولا الداخل داخل صرف، والعالم يتغير ويسير بسرعة نحو الاندماج


الساعة بإيدك هلق يا سيدي 00:10 (بحسب عمك غرينتش الكبير +3)

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
ما بخفيك.. في قسم لا بأس به من الحقوق محفوظة، بس كمان من شان الحق والباطل في جزء مالنا علاقة فيه ولا محفوظ ولا من يحزنون

Page generated in 0.03252 seconds with 10 queries