عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2008   #20
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


ولعلنا في تخيلنا للكراهية أو التبرم أو الضيق لم نتجاوز الحقيقة، ولم نحلق في الخيال، دليلنا على ذلك أن أول ما فعله عثمان غداة ولايته، أن أطلق الصحابة يذهبون حيث شاءوا وزاد على ذلك بأن أجزل لهم العطايا، وذلك أمر يتفق مع طبيعة عثمان وما جبل عليه من لين ورقة وكرم وتسامح، ولم تكن عطايا عثمان هينة أو محدودة، فقد أعطى الزبير ستمائة ألف وأعطى طلحة مائة ألف.

ولعله كان يتألف قلوبهم، لعلمه أن اجتهاداته قد تختلف مع اجتهاداتهم، وأنه مقدم على أمور لن تكون منهم محل قبول، ومن صالحه أن يذهبوا في الآفاق، وأن يكون قبولهم لعطاياه مانعاً لهم من الثورة أو حتى الغضب، حين يعلمون أنه وهب ابنه الحارث مثلها، أو أنه اقطع القطائع الكثيرة في الأمصار لبنى أمية، غير أنهم لم يأبهوا لشيء من هذا في أول الأمر، فقد خرجوا إلى الأمصار، وإذا بالدنيا تقبل عليهم إقبالاً لم يخطر لهم على بال أو خيال، وأقبلوا هم أيضاً على الدنيا.


وحين تقبل الدنيا دون حدود، فلابد أن تـُدبـِر العقيدة ولو بقدر محدود، أما كيف أقبلت هذه، وكيف أدبرت تلك، فتعال معي وتأمل، وتدبر معي:
ثروات خمسة من كبار الصحابة أسماؤهم لوامع بل إن شئت الدقة أسماؤهم اللوامع، فهم جميعاً مبشرون بالجنة وهم من الستة الذين حصر فيهم عمر الخلافة، وأحدهم هو الخليفة المختار، وهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف، ننقلها إليك من كتاب موثوق به هو (الطبقات الكبرى لابن سعد).


يقول ابن سعد بسنده:
(كان لعثمان ابن عفان عند خازنه يوم قتل ثلاثون ألف ألف (الألف ألف هي المليون) درهم و خمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار (الدرهم عملة فارس والدينار عملة الروم) فانتهبت وذهبت، وترك ألف بعير بالربذة وترك صدقات كان تصدق بها ببر أديس وخيبر ووادي القرى قيمة مائتى ألف دينار).


1. كانت قيمة ما ترك الزبير واحد وخمسين أو اثنين وخمسين ألف ألف. وكان للزبير بمصر خطط وبالإسكندرية خطط وبالكوفة خطط وبالبصرة دور وكانت له غلات تقدم عليه من أعراض المدينة


2. عن عائشة بنت سعد ابن أبي وقاص: مات أبي رحمه الله في قصره بالعتيق على عشرة أميال من المدينة، وترك يوم مات مائتى ألف وخمسين ألف درهم


3. كانت قيمة ما ترك طلحة بن عبيد الله من العقار والأموال وما ترك من الناض ثلاثين ألف درهم، ترك من العين ألفى ألف ومائتى ألف دينار، والباقي عروض

4. ترك عبد الرحمن بن عوف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة بالبقيع ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً، وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه وترك أربع نسوة فأخرجت امرأة من ثمنها بثمانين ألفاً .


و قد ذكر المسعودى تقديرات مقاربة لما سبق من ثروات مع اختلاف في التفاصيل، واستند طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى لتقديرات ابن سعد، وذكر ابن كثير أن ثروة الزبير قد بلغت سبعة وخمسين مليونا وأن أموال طلحة بلغت ألف درهم كل يوم.
ولعل القارئ قد تململ كثيرا، وهو يستعرض ضخامة ما تركه كبار الصحابة من ثروات، ولعله انزعج كما انزعجنا لحديث الملايين ولعله أيضاً يتلمس مهرباً بتصور أن الدراهم والدنانير لم تكن ذات قيمة كبيرة في عصرها، لكنى أستأذنه أن يراجع نفسه.


فابن عوف توفى بعد عمر بن الخطاب بثمانى سنوات، والزبير وطلحة توفيا بعد عمر بثلاث عشرة سنة، وأقصى ما يفعله التضخم (بلغة عصرنا الحديث) في تلك الفترة القصيرة، أن يهبط بقيمة النقد إلى النصف مثلاً، ويحكى المسعودى عن عمر أنه:
(حج فانفق في ذهابه ومجيئه إلى المدينة ستة عشر ديناراً فقال لولده عبد الله: لقد أسرفنا في نفقتنا في سفرنا هذا)، وإذا كانت الستة عشر ديناراً قد كفت عمراً وولده، أو كفت عمراً وحده، شهراً كاملاً، فلنا أن نتخيل ما تفعله عشرات الملايين، وما يملكه صاحب الذهب الذي يقصر جهد الرجال عن قطعة (بالفؤوس).

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08260 seconds with 11 queries