عرض مشاركة واحدة
قديم 17/07/2008   #46
شب و شيخ الشباب المحارب العتيق
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ المحارب العتيق
المحارب العتيق is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
جرح الياسمين
مشاركات:
3,677

افتراضي الصناعات الشامية ... الحرير وصناعة الأقمشة



اشتهرت سورية بصناعتها منذ القدم، وتميزت بالصناعات التقليدية وتخصصت بها، وعرفت من خلالها على الصعيد العالمي.
واستطاعت مدينة دمشق على وجه الخصوص إثبات جدارتها في هذا المجال، فلا يكاد ينازعها منازع في كثير من تلك الصناعات، فقد برع أهلها براعة لم تتأت لأحد سواهم.. حتى غدت صناعاتها من تقاليد أهل المدينة، ففاخر بها الدماشقة. ولو قدر للمرء أن يقوم بجولة، في بيوتها القديمة لوقف مشدوهاً أمام تلك النقوش والزخارف والفنون المعمارية.. ولأقمشة دمشق شهرة عالمية، وبخاصة الحريرية منها، فقد كان ولايزال نسيج البروكار من أبهى وأفخر أنواع النسيج الحريري في العالم.


وتشير الكتابات الهيروغليفية إلى أن السوريين كانوا سادة صناعة النسيج في أواخر الألف الرابعة قبل الميلاد، وأن منسوجاتهم كانت منتشرة في أكثر بقاع العالم المعروفة آنذاك. ‏
وتحدث الادريسي عن المنسوجات الدمشقية خلال زيارته لدمشق سنة «510هـ» فقال: ‏
«مدينة دمشق جامعة لصنوف من المحاسن، وضروب من الصناعات وأنواع من ثياب الحرير، كالخز والديباج النفيس الثمين العجيب الصنعة، العديم المثال، الذي يحمل منها إلى كل بلد ويتجهز منها إلى كل الآفاق والأمصار». ‏
كما يشير إليها أبو البقاء البدري في القرن التاسع للهجرة بقوله: ‏
«ومن محاسن دمشق مايصنع فيها من القماش على تعداد نقوشه وضروبه ورسومه، ومنها عمل القماش الأطلس بكل أجناسه وأنواعه، وعمل القماش الهرمزي على اختلاف أشكاله، وتباين أوصاله، ومنها أيضاً القماش السابوري بجميع ألوانه، وحسن لمعانه.. ومنها صناعة الحرير بالفتل والدواليب والسرير». ‏
وكانت زخارف المنسوجات الحريرية، تنفذ على النول بالمكوك اليدوي، وقد تأثرت أقمشة العصر الإسلامي الأول بأسلوب المنسوجات الساسانية والبيزنطية، ثم ظهرت التأثيرات الإسلامية التي تتسم بتدرج التحديدات للأشكال والرسوم. ‏
واستمر التأثير الساساني حتى أوائل العصر العباسي، ثم بدت التأثيرات السلجوقية وذلك في براعة استخدام العقبان وأشجار النخيل في الزخرفة. ‏
مراحل عمل النسيج


إن أكثر ماتعتمد عليه صناعة النسيج، هي عملية تحضير الغزول، فعملية الحياكة ليست كل شيء، بل لابد من أعمال كثيرة قبل الحياكة، فبعد أن يحضر المعلم الحرير والغزل، يعطيه إلى الصناع الذين يقومون بتحضيره، لجعله قابلاً للحياكة على النول التقليدي، وهذه المراحل لابد منها، ولايمكن تجاوز أي مرحلة منها وهي: الكبابة، الفتال، المسدّي، الصبّاغ، والمزايكي والملقي، ومن ثم يأتي دور الحائك، وقد اشتهر بكل من هذه الأعمال أناس تمرسوا بعملهم وتوارثوه حتى أن أسرهم حملت اسم عملهم. وبعد انتهاء الحائك من حياكة النسيج يدفع به إلى الدقاق، ثم يحول النسيج إلى المكبس. ‏
روائع المنسوجات الدمشقية البروكار ‏
البروكار نسيج حريري اشتهرت به مدينة دمشق من أكثر من خمسة قرون، وهو يعتمد بالدرجة الأساس على شرانق حرير القز، وينسج على الأنوال اليدوية التقليدية، التي توفر لهذا النسيج رقة اللحمة والسدى، وهو نسيج رقيق، ناعم الملمس، مقاوم، هفهاف، يصعب نسجه على الأنوال الآلية. ‏
وقد استطاعت منسوجات البروكار أن تلبي حاجات الأسواق والأذواق المعاصرة، في الأزياء والديكور والمفروشات.. وللبروكار الدمشقي شهرة عالمية، وهذه الشهرة جعلت هذا النوع من القماش يصل إلى القصر الملكي في بكنغهام في بريطانيا، وذلك حين طلبت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية، أن يكون ثوب زفافها من البروكار الدمشقي، الموشى بالذهب والفضة، وجرت خياطته في القصر الملكي عام «1947م». ‏
وتشير المصادر إلى أن المهتمين بصناعة النسيج في العالم قد تساءلوا يومها عن هوية النول الذي نسج عليه هذا الثوب، هل هو من معمل النعسان بباب شرقي، أم من نتاج معمل «مزنّر» الواقع ألى الشرق من باب شرقي. ‏
والبروكار الدمشقي نسيج من خيوط تحيك نفسها بنفسها من الحرير الطبيعي، ومنه مايدخل في نسيجه خيوط دقيقة من الذهب أو الفضة، على أشكال رسوم الطيور والغزلان والراقصات. ‏
وصناعته تتطلب جهداً ووقتاً، فالصانع الماهر عليه أن يجلس وراء النول ساعات طويلة لاتقل عن عشر ساعات من العمل المتواصل، ليتاح له نسج متر واحد من البروكار. ‏
معامل البروكار


كان في أواسط القرن العشرين عدد من المعامل النظامية لنسيج البروكار، أشهرها على الإطلاق المعمل الذي أسسه جورج وسليم النعسان في باب شرقي بدمشق عام 1860م. ‏
وأنوال هذا المعمل تقليدية، تعتمد على الحرير الطبيعي، ويضم هذا المعمل معرضاً دائماً لأروع ماتنتج دمشق من الصناعات التقليدية بخاصة المنسوجات الدمشقية العريقة، من بروكار ودامسكو، وديما وألاجا وأغباني. وهناك أيضاً، معمل الرنكوسي الذي يستعمل الحرير الطبيعي على الأنوال الميكانيكية. أما معمل مزنّر فكان ينسج البروكار على الأنوال التقليدية والحرير الصناعي، إلا أنه توقف عن نسج البروكار وتحول إلى نسج الدامسكو. ‏
وللبروكار أنواع عديدة ومختلفة، تختلف باختلاف العناصر المستعملة مع الحرير فمن البروكار ماهو عادي (سادة) إلا أنه ملون، وترتبط هذه الألوان بالأذواق، وحسب الطلب الذي يختلف من دولة لأخرى، فالألمان مثلاً يفضلون اللون الأزرق البروسي. والسويديون يفضلون اللون الزهري الفاتح بينما يميل الأمريكيون إلى الألوان الرمادية. ‏
ومن البروكار ماهو مقصب بخيوط ذهبية أو فضية، وقد تكون تلك الخيوط من معدني الذهب والفضة، ودورها ينحصر في الرسوم وأشكال النسيج التزيينية، وتشمل تلك الرسوم أشكالاً متنوعة منها ماهو نباتي ومنها ماهو حيواني. ‏
وفي أيامنا هذه، فإنه من المؤسف القول إنه لايوجد اليوم إلا نول واحد، وهو النول الموجود في مركز مدرسة عبد الله باشا العظم، بالقرب من متحف التقاليد الشعبية بدمشق القديمة. ‏
الدامسكو ‏
ويسمى الوشي، واسمه مشتق من اسم مدينة دمشق، وقد نقله العرب إلى الأندلس، فنسب إلى دمشق. والدامسكو نسيج من الحرير الطبيعي أو الصناعي موشى برسوم الفرسان والصيادين والطرائد والأشجار والزهر والثمار. وهو على أنواع عديدة من النقوش والرسوم ومنها: الأطلس، والثابوري، والهرمزي، والمنيّر، والمعين، والمسهم والمعمد... وقد اشتهرت هذه الأنواع بدمشق فعرفت بها وأطلق عليها جميعاً اسم الدامسكو. والدامسكو وكما البروكار من المنسوجات التي تميزت بها دمشق منذ القرن الحادي عشر، وكان يطلق عليه اسم «التبة» عندما كان عرض قماشه «100م» أما الآن فقد أصبح منه ماهو بعرض «220سم». ‏
الألاجا ‏
نسيج من حرير وقطن تركز نسجه في عدد من المدن السورية، وبخاصة دمشق، وينسج بأشكال مختلفة، وله أنواع كثيرة، وأسماء كثيرة أيضاً، ومن أسمائه: الهندية، القطنية، المصرية، كمخة، المثمنة، المسننة، العطافية. ‏
وكانت منسوجات الألاجا المعروفة بـ «الصاية» بمنزلة الزي الشعبي لمعظم السوريين حتى أواسط القرن العشرين، ولايزال بعض أبناء الريف في مدينة حماة يرتدونه، وكذلك المسنون من أبناء المنطقة الشرقية من سورية. ‏
الديما ‏
أثواب من قطن مقلمة بألوان صفراء وزهرية، أو صفراء وبيضاء، وهي تقليد لنسيج الألاجا، لكن الألاجا من حرير وقطن، أما الديما فهي من القطن فقط، ولايدخل في نسيجها الحرير، وهي مشهورة لدى الدمشقيين ويقبل على ارتدائها أصحاب الدخل المحدود. ‏
الأغباني ‏
مهاد من نسيج قطني بمواصفات خاصة، توشيه وتطرزه زخارف بخيوط من حرير أو قصب، ويعد هذا النسيج من مفاخر منسوجات دمشق، وكان في البداية تقليداً للزنار الهندي، وقد وجد في مدينة حلب، وكان فيها «117» معملاً ثم راج نسيج الأغباني بدمشق على الأنوال التقليدية، فأخذوا ينسجون أثواب الروز من الحرير البلدي ثم يرسلونه للنساء للقيام بتطريزه، وقد جرت محاولات لنسج الأغباني على الأنوال الميكانيكية إلا أنه لم يلق القبول. ‏
طباعة الأقمشة ‏
تعد طباعة الأقمشة من الحرف اليدوية التي حفلت بها سورية،بشكل عام، وهي تعتمد على طباعة القماش القطني، وقد دخلت هذه الحرفة إلى الأسواق السورية عن طريق شرق آسيا، واشتهرت بها حماة وحلب وجسر الشغور، ولهذه الأقمشة استخدامات متعددة، كـ «الملايا» (لباس خاص بالمرأة) والستائر والمفروشات، وهي ذات رسوم متعددة تقترن باسمها ومن ذلك: فلة، ياسمين، وردة، بذر الليمون... وكانت حرفة طباعة الأقمشة رائجة جداً في دمشق وكان صناعها يستخدمون قوالب خشبية أو من النحاس المحفور، واستخدمت في طباعة الرسوم اللازمة لتطريز الأغباني، وبعد انتشار الأساليب الحديثة بطباعة القماش، لم يعد يستعمل هذه الأقمشة إلا القليل من أبناء الريف وبخاصة النساء. ‏
واليوم، ونحن نعيش احتفالات دمشق عاصمة للثقافة العربية لابد من تسليط الضوء على هذه الصناعة عن طريق تنظيم زيارات خاصة للوفود القادمة إلى البيوت الدمشقية والمدارس التي تهتم بهذه الصناعة، أو إقامة معرض دائم خلال العام يتم فيه عرض هذه المنسوجات. بالإضافة إلى إنتاج فيلم وثائقي وعرضه على الزوار يبين المراحل التي مرت بها هذه الصناعة وحالات الانتعاش والركود التي تعرضت لها. ‏

الفهيم بيريح

لك تاري الحمار لو شو ماسلموه بيصدق حالو وبدك تناديلو سيد حمار
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06308 seconds with 10 queries