عرض مشاركة واحدة
قديم 01/03/2009   #1
صبيّة و ست الصبايا ورده بغداد
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ ورده بغداد
ورده بغداد is offline
 
نورنا ب:
Apr 2006
المطرح:
في قلب أخويـــــــه
مشاركات:
2,335

Lightbulb عندما يكون الجاني مُبرأً والمجني عليه متهماً


محاكمة منتظر الزيدي في بغداد تحمل كل مضامين الأساطير الدرامية الإغريقية، ومعها كل سخرية التاريخ.
فالضحية تُحاكَم بدلاً من الجاني. ويُلقى القبض على القتيل بتهمة إهانة القاتل. ويُهدَّد المظلوم بالسجن لخمس عشرة سنة فيما الظالم يتمتع بالحرية في مزرعته في تكساس.
من كان يجب أن يُحاكَم هو الرئيس السابق بوش لا الزيدي. فهو لم يأتِ إلى العراق بصفته رئيس دولة يزور رئيس دولة أخرى، بل بكونه القائد الأعلى لجحافل قوات عسكرية غازية تحتل أرض بلد آخر. وهو لم يتلقَّ نعلي حذاء الزيدي إلا لأنه تسبب بكوارث ليس فقط للعراق بل حتى للولايات المتحدة نفسها.
فحرب الاختيار لا حرب الضرورة التي شنها على بلاد الرافدين، أدت إلى مصرع 4113 قتيلاً و30 ألف جريح في صفوف القوات الأمريكية، ونحو 1.2 مليون شهيد عراقي منذ الغزو (وفق دراسة بريطانية حديثة)، هذا إضافة إلى ملايين الجرحى وضحايا الصدمات والأمراض النفسية، و4 ملايين مهاجر ومهجّر عراقي من أرضه أو بيته. وهذه الحصيلة توجّت حرباً أمريكية أخرى على العراق بدأت العام 1991 حين أدى القصف الجوي الأمريكي طيلة 42 يوماً إلى استشهاد 113 ألف مدني عراقي، وفق إحصاءات الهلال الأحمر الدولي.
اقتصادياً، أعاد غزو بوش، وقبله الحصار والعقوبات التي فرضت على العراق طيلة 13 سنة، البلاد إلى العصر الحجري: لا بنى تحتية، لا مصانع، لا كهرباء (12 ساعة في اليوم). لا مياه نظيفة، لا طرقات. أما النفط، فقد انتقمت شركات النفط من العراق بعد مرور 36 سنة على تأميمه البترول، وأعادت فرض السيطرة الكاملة عليه.
وسياسياً واجتماعياً كان الدمار مريعاً. فقد نُسفت كل ركائز الدولة العراقية من جيش ووزارات وإدارات، ومُزّق نسيج المجتمع العراقي إلى أشلاء مذهبية وإثنية، وتم تشجيع (التنظيف المذهبي)، وباتت الحرب هي القانون لا الاستثناء.
العراق بعد احتلال بوش لم يعد يعرف نفسه. فهويته أصبحت ملتبسة. وسكانه تقوقعوا داخل حدود مناطقهم الجغرافية وأقفاص أساطيرهم الإيديولوجية. وثروتهم النفطية، التي تشكل 90 في المئة من دخلهم القومي، تم تقاسمها بالعدل والقسطاس بين ميليشيات النهب وإدارات الفساد في الداخل، ومافيات شركات النفط الكبرى في الخارج.
كيف يمكن، والحال هذه، أن يُحاكَم الزيدي بتهمة إهانة بوش؟
محامو منتظر يبلون بالطبع بلاء حسناً. فهم يركزون على حقيقة كون زيارة بوش للعراق رمزاً لاحتلال لا تجسيداً لعلاقات رسمية، وهم يوردون نماذج مماثلة حدثت في التاريخ العراقي الحديث ضد الاحتلال البريطاني.
بيد أن هذا لا يكفي. الخطوة التالية يجب أن تتضمن رفع دعوى أمام المحاكم الدولية لمقاضاة بوش على نتائج فعلته. وهذا الوقت مناسب تماماً للقيام بذلك مع الصعود الكبير الذي تشهده هيئات القضاء الدولي، من المحكمة الدولية لمجرمي الحرب في يوغوسلافيا السابقة، إلى المحكمة الدولية لمقاضاة قتلة رفيق الحريري.
نعلم إن مثل هذه الخطوة محفوفة باستحالات سياسية. فالقانون يُطبَّق على الضعيف لمصلحة القوي. والتاريخ يمليه المنتصر كما يشاء على المهزوم.
ومع ذلك فالمحاولة لا تضر. إذ هي على الأقل تعيد إقعاد هرم العدالة الدولية على قاعدته بدلاً من أن يبقى واقفاً على رأسه كما الأمر الآن، حيث الجاني مُبرّأ والمجني عليه مُتهم.
منتظر الزيدي ينتظر هذه الخطوة، وهو يستأهل، وكثيراً في الواقع، أن يعامل وفق قواعد القوانين الدولية لا وفق ألاعيب سخرية التاريخ.


المصدر
http://www.almadarnews.org/index2.html

je te vois ke tu es fort sans pleurer ..... et de lamour ni
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02628 seconds with 10 queries