عرض مشاركة واحدة
قديم 13/05/2009   #14
شب و شيخ الشباب مـــــداد
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ مـــــداد
مـــــداد is offline
 
نورنا ب:
Sep 2007
المطرح:
القاووش التحتاني..
مشاركات:
59

إرسال خطاب MSN إلى مـــــداد
افتراضي


اليوم الخامس

يوم جمعة، يوم آخرَ داخل هذا المكان، مسجونين مخنوقين، لأنه يوم عطلة كان يفترض أن نذهب إلى شعبة التجنيد ليتم تصويرنا، وشعبة التجنيد مغلقة لأنه يوم جمعة، كانَ يوماً بارداً وثقيلاً يسيرُ ببطئ على جدران هذا السجن الشاحب.
كان ثمة شخص يدّعي أنه قاتل محكوم بالسجن لفترة 9 سنوات، انتهت مدة محكوميته ويستعد لاستعادة حريته، بدا لي أقل بكثير من مجرم، لم أحاول فهم تفاصيل جرمه، ولكنه بدا قادراً على مواساتي، مِن خلالِ هدوئِهِ وتعاطفه، وقد أثَّرَ بي كثيراً مظهرُ الشاب الذي دخلَ السجن أمس وبدأ يبكي، فهمت لاحقاً أنه موظف في إحدى شركات الاتصال يبلغ من العمر حوالي 33 سنة، وهوَ متخلّف عن الخدمة الإلزامية قادوه قبل ليلة إلى هذا المكان، بدا منهاراً وعاجزاً تماماً، لَم أستطِعْ منعَ نفسِي مِن الوقوفِ بجانبهِ مرة أخرى.
كانت تجربةً مريرة أن أتناسى حجم الاختناق الذي أعيشه لأواسي ذلكَ الآخر الغارق في سوداوية معتمة، تذكرتُ حالة الانهيار الأولى التي أصابتني في اليوم الأول، وماهية الشعور البغيض عندما تم وضع القيد في يدي، والطريقة التي تم اقتيادي بها من مكان إلى آخر وصولاً إلى هنا، تذكرتُ حالي وصرتُ أرثي لِنفسي.
قضيتُ هذا اليوم متنقلاً بيْن الشبان الصغار المتواجدين معنا، كل منهم يحاورني ويقصُّ عليَّ قصته، بدوا لي جميعاً ضحية واقعٍ هش نعيشه عموماً في هذا المجتمع البغيض والوقح، تفاجأتُ حين أخرجَ أحدهم قصيدة من جيبه وطلَب مني أن أقرأها.. كانَ شاباً صغيراً في حوالي العشرين، وهو لم يتجاوز في دراسته الصف السادس، ولكن كلماته رقيقة وعذبة، جعَلَتني أشعرُ بفرحة غامرة لأجله، رغمَ أني نسيت أن أسأله عن سبب تواجده هنا في هذا المكان، إلاّ أنني فرحت ولو للحظات قليلة بالحديث معه.

تفاجأتُ أيضاً حينَ تحدثتُ معَ أحدِ الموقوفين الصِّغار في السِّن، قال لي أنه ذهب من فترة إلى شعبة التجنيد وأخبروه أن يراجعهم مع بداية الشهر الرابع، ولَم يكن ينوي التخلف أبداً عن بداية الشهر الرابع ومثله كثيرين.. إلاّ أنهم فوجئوا بما حدث..
لم أفهم والله.. ما الفائدة من كل هذا..؟!! ما الفائدة؟!!! وإلى أين سنصل..
روحي مشبعة بالسواد.. أغلقت الأبواب كلها أمامي، لَم أكن محقاً حين آمنتُ يوماً بفرجةِ النور تلك، شاءتِ الأقدار أن أعيشَ هذه التجربة، ربما حتى أحرّر نفسي مِن وهم ما هوَ أجمل.. لتنجلي أمامَ عيناي حقائِق تبدو سوداء قاتِمة.

مرَّ الوقت ببطءٍ شديد هذا اليوم، ومرة أخرى عجزتُ عن النوم، كنتُ أحسِّ بالمرض مثل شبحٍ يرافقني أنى اتجهْت، وكنتُ قلقاً بشدّة وأوجاعُ رأسي متفاقمة، ولَم أحصَل إلاّ على قليلٍ جداً مِن الهدوء قبل الفجر بقليل.
* * *

زُرني هــنــــــــــــا
http://NJ180degree.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03220 seconds with 11 queries