الموضوع: في النَّوادِر!
عرض مشاركة واحدة
قديم 23/06/2009   #29
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


في نوادر القُضاة

- كانَ لبعضِ القُضاةِ بغلةٌ، فقرأَ يوماً في المُصْحَف "وما مِن دابّةٍ في الأرضِ إلا على اللهِ رِزقُها" (هود: 6)، فقالَ لغُلامِه: أطلقِ البغلةَ ورِزقُها على اللهِ؛ فصارتِ البغلةُ تدورُ الأسواقَ والأزِقّة، وتأكلُ من قُشورِ الباذنجانِ وقُشورِ الرمّانِ وقُشورِ البطّيخ، وقُماماتِ الطَّريقِ، فماتت؛ فأمرَ الغلامَ بإحضارِ المشاعليّة ليحملوها لظاهرِ المدينة، فأحضرَهم، فطلبوا من القاضي عشرةَ دراهمَ أُجرةَ حَمْلِها، وقالوا: ليسَ لنا شيءٌ نرتزقُ منه إلا من مثل هذا، وسيِّدُنا رجلٌ غنيٌّ، وله أشياءُ كثيرةٌ؛ العدالةُ والتَّزويجُ والعُقودُ والوِراقةُ والسِّجنُ، والإطلاقُ، وجامِكيَّةُ الحُكمِ، وأُجرةُ اليمين، والتَّدريسُ، والأوقافُ؛ فقالَ لهم القاضي: ألمِثلي يُقالُ هذا، وأنتم لكم اثنا عشر باباً من المنافعِ، منها: الوَسَخُ، والزَّفرُ، والهَلَعُ، والوَلَعُ، وبيتُ النّبذة، وشركةُ النّفوس، وجِباية الأسواق، وحَرْقُ النارِ، وسَلبُ الشطّارِ، ولكم الضّياحُ، وثمنُ الإصلاح، وما تروحوا من هذه البَغلة بلا شيءٍ؛ جِلدُها للدبّاغين، وذَنَبُها للغرابليّة، ومعرفتُها للشّعّار، وتطبيقتُها للبيطارِ. قال: فتقدّم أحدُهم إليهِ، وقالَ: بحقِّ من تابَ عليكَ، وردَّ عاقبتَك إلى خيرٍ، وأراحَك من هذا المعاشِ، تصدّق علينا بشيءٍ، ولا تدعَنا نروحُ بَلاش.

- وولّى يحيى بن أَكثم قاضياً على أهلِ جَبُّل، فبلغه أنَّ الرّشيدَ انحدرَ إلى البَصرة، فقالَ لأهلِ جَبُّل: إذا اجتازَ الرّشيدُ فاذكروني عندَه بخيرٍ؛ فوعدوه بذلك. فلمّا جاءَ الرّشيدُ تقاعدوا عنه، فسرّحَ القاضي لحيتَه، وكبّرَ عِمامتَه، وخرجَ، فرأى الرّشيدَ في الحُرّاقة ومعه أبو يوسف القاضي، فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، نِعْمَ القاضي قاضي جَبُّل، عَدَلَ فينا، وفعلَ كذا وكذا؛ وجعلَ يُثني على نفسِه؛ فلمّا رآهُ أبو يوسف عرفَه، فضحكَ، فقالَ له الرّشيدُ: ممَّ تضحك؟ فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، المُثني على القاضي هو القاضي؛ فضحكَ الرّشيدُ حتّى فحصَ برِجلِه الأرضَ، ثمَّ أمرَ بعَزلِه، فعُزِل.

- وأحضرَ رجلٌ ولدَه إلى القاضي، فقالَ: يا مولانا، إنَّ ولدي هذا يشربُ الخمرَ، ولا يُصلّي، فأنكرَ ولدُه ذلكَ، فقالَ أبوه: يا سيِّدي، أفتكونُ صلاةٌ بغيرِ قراءة؟ فقالَ الولدُ: إنّي أقرأُ القرآنَ؛ فقالَ له القاضي: اقرأ حتّى أسمع؛ فقالَ:
عَلِقَ القلبُ الرّبابا ..... بعدما شابتْ وشابا
إنَّ ديـنَ اللهِ حقٌّ ..... لا أرى فيه ارتيابا
فقالَ أبوه: إنّه لم يتعلّم هذا إلا البارحة؛ سَرَقَ مُصحفَ الجيران، وحفظَ هذا منه؛ فقالَ القاضي: وأنا الآخر أحفظُ آيةً منها، وهي:
فارحمْني مُضنىً كَئيبا ..... قد رأى الهجرَ عذابا
ثمَّ قالَ القاضي: قاتلكم اللهُ، يتعلّمُ أحدُكم القرآنَ ولا يعملُ بهِ.

يتبع (بس مو هلا) .

Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03198 seconds with 10 queries