الموضوع: في النَّوادِر!
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/08/2009   #54
شب و شيخ الشباب قرصان الأدرياتيك
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ قرصان الأدرياتيك
قرصان الأدرياتيك is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
مشاركات:
1,446

افتراضي


في نوادر القضاة (الجزء الأخير):

- وادّعى رجلٌ عندَ قاضٍ على امرأةٍ حسناءَ بدَينٍ، فجعلَ القاضي يميلُ إليها بالحُكمِ، فقالَ الرّجلُ: أصلحَ اللهُ القاضي، حُجَّتي أوضحُ من هذا النّهار؛ فقالَ له القاضي: اسكتْ يا عدوَّ الله، فإنَّ الشّمسَ أوضحُ من النّهار، قمْ لا حقَّ لكَ عليها؛ فقالت المرأةُ: جزاكَ اللهُ عن ضَعفي خيراً، فقدْ قَوّيتَه؛ فقالَ الرّجلُ: لا جزاكَ اللهُ عن قوّتي خيراً فقدْ أوهيتَها.

- ورفعتْ امرأةٌ زوجَها إلى القاضي تبغي الفُرقة، وزعمتْ أنّه يبولُ في الفراشِ كلَّ ليلة؛ فقالَ الرّجلُ إلى القاضي: يا سيّدي، لا تعجلْ عليَّ حتّى أقُصَّ عليكَ قصّتي: إنّي أرى في منامي كأنّي في جزيرةٍ في البحرِ، وفيها قصرٌ عالٍ، وفوق القصرِ قُبّةٌ عالية، وفوق القبّة جملٌ، وأنا على ظهرِ الجمل، وإنَّ الجملَ يُطأطئُ برأسِه ليشربَ من البحر، فإذا رأيتُ ذلك بُلتُ من شدّة الخوف. فلمّا سمعَ القاضي ذلكَ بالَ في فراشِه وثيابِه، وقالَ: يا هذه أنا قد أخذني البولُ من هَولِ حديثِه، فكيفَ بمَن يرى الأمرَ عياناً!

- وحُكيَ أنَّ تاجراً عبرَ إلى حمصَ، فسمعَ مؤذّناً يقول: أشهدُ أن لا إله إلا الله وأنَّ أهلَ حمصَ يَشهدون أنَّ محمّداً رسولُ الله؛ فقالَ: واللهِ لأمضِيَنَّ إلى الإمامِ وأسأله، فجاءَ إليهِ، فرآهُ قد أقامَ الصّلاةَ وهو يُصلّي على رجلٍ، ورجلُه الأخرى ملوّثة بالعَذِرَةِ. فمضى إلى المُحتسبِ ليخبره بهذا الخبر، فسألَ عنهُ، فقيلَ: إنّه في الجامع يبيعُ الخمرَ؛ فمضى إليهِ، فوجده جالساً وفي حِجْرِه مُصحفٌ، وبين يديه باطيّةٌ مملوءةٌ خمراً، وهو يحلفُ للنّاسِ بحقِّ المصحف أنَّ الخمرةَ صِرفٌ ليس فيها ماءٌ، وقد ازدحمت النّاسُ عليهِ وهو يبيعُ؛ فقالَ: واللهِ لأمضينَّ إلى القاضي وأُخبره. فجاءَ إلى القاضي، فدفعَ البابَ، فانفتحَ، فوجدَ القاضي نائماً على بطنِه، وعلى ظهرِه غلامٌ يفعلُ فيه الفاحشةَ؛ فقالَ التّاجرُ: قَلبَ اللهُ حمصَ، فقالَ القاضي: لمَ تقولُ هذا؟ فأخبره بجميع ما رأى؛ فقالَ: يا جاهلُ، أمّا المؤذّن: فإنَّ مؤذّننا مرضَ فاستأجرنا يهوديّاً صَيِّتاً يؤذّن مكانَه، فهو يقولُ ما سمعتَ؛ وأمّا الإمامُ: فإنّهم لمّا أقاموا الصّلاةَ خرجَ مُسرعاً، فتلوّثتْ رجلُه بالعَذِرَة، وضاقَ الوقتُ، فأخرجها من الصّلاة، واعتمدَ على رجلِه الأخرى، ولمّا فرغَ غسلَها؛ وأمّا المُحتسبُ: فإنَّ ذلك الجامع ليسَ له وقفٌ إلا كَرْمٌ، وعِنَبُه ما يؤكل، فهو يعصرُه خمراً ويبيعه، ويصرفُ ثمنَه في مصالح الجامعِ؛ وأمّا الغلام الذي رأيتَه: فإنَّ أباه ماتَ، وخلّفَ مالاً كثيراً، وهو تحتَ الحَجْرِ، وقد كَبرَ، وجاءَ جماعةٌ شهدوا عندي أنّه بلغَ، فأنا أمتحنُه؛ فخرجَ التاجرُ من البلدِ، وحلفَ أنّه لا يعودُ إليها أبداً.

إذا كانَ قاضي حمصَ هكذا فلا عتبَ على أهلِها.

وبقاضي حمصَ نختمُ "نوادرَ القضاة". .

Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03185 seconds with 10 queries