عرض مشاركة واحدة
قديم 28/09/2009   #4
شب و شيخ الشباب Nasserm
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Nasserm
Nasserm is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
المطرح:
نقطة زرقاء باهتة
مشاركات:
998

افتراضي


القبلة السابعة (في الدين)

بعض الناس يجدون حرجاً في الحديث عن التقبيل من منظور ديني، علماً بأن الدين هو مصدر أساسي في التوجيه. وأول ما يمكن التأمل فيه هو خلق الله في الأرض. قال تعالى في خلق الإنسان في سورة البلد: "ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين، وهديناه النجدين" فالعينيان للرؤية، واللسان للتذوق والكلام، والشفتان للمس والتعبير بحروف شفوية أو بابتسام أو ببرطمة استياء، أما النجدان فهما الثديان عند ابن عباس، وهما الخير والشر عند غيره. وتفسير ابن عباس أكثر انسجاماً مع ملامح المولود حديثاً حيث تظهر ملامح وجهه المذكورة وحركة لسانه وشفتيه في البحث عن ثدي أمه ليرضع. والآية الكريمة تذكر الملامح مجملة وتترك للإنسان أن يكتشف وظائفها بالملاحظة والعلم. وقد يكتشف العلم معجزة الخلق في أن شيئاً لم يخلق عبثاً، وقد يقصّر في الاكتشاف كما هي الحال في معرفة وظائف الدماغ.

لكنه يقر بأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم.
فالوليد منذ يولد وتحتويه الأم بذراعيها، وتقربه من صدرها بحركة عفوية، يبحث عن غذائه بفمه وشفتيه ولسانه، وهو مهيّأ خلقيّاً لمصّ ثدي أمه. هذه الحركة الأولى بالفم وغايتها التغذي. تتحوّل بعد أشهر إلى حركة أبسط. وهو حين يراقب أمّه تقبله قبلات ناعمة على خديه وجبينه، يبدأ بمحاولة تقبيلها حين يغدو أكثر وعياً وأكثر فهماً للغة. فهي تدعوه إلى تقبيلها، فيحاول بالمسّ أولاً وبالمصّ ثانياً. وبعد قليل يعي أن التقبيل فعل جميل، يعبر عن الحب وتبادل العواطف. وينشأ على ذلك في إطار الأسرة. فإذا بلغ اتضح له أن للتقبيل وظائف أخرى. ما دام الأمر كذلك، وما دام التقبيل سلوكاً فطرياً يحقق غاية تتصل بالوجود، فإن الدين لا يقف حائلاً دون التقبيل، ولا يمنعه ولا يحرمه.

ولنا في الرسول أسوة حسنة. فقد كان النبي (ص) يقبل نساءه، وله في ذلك أسلوب لا يختلف عما هو مألوف بين الناس في عصره أو في هذا العصر. وهو القائل: "لا يقعَنَّ أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة. وليكن بينهما رسول، قيل: وما هو؟ قال: القبلة والكلام." هذا النبي الحضاري له في العلاقة بين الزوجين توجهات كثيرة تضمنها كتاب "الطب النبوي" لابن قيّم الجوزية الدمشقي في فصل خاص يتصل بالجنس.

و(القبلة الرسول) عند البني الكريم قبلة طاهرة نظيفة، لا يجوز أن تفسدها رائحة غير مستحبة كرائحة البصل والثوم. والقبلة النظيفة يمارسها فم نظيف. ونظافة الفم أداتها السّواك. وهو القائل: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة". ولا شك أن تبادل القبلات بين الزوجين ممكن بعد كل صلاة، فنظافة الفمين مضمونة. وزيادة في الحرص فإن السواك مطلوب قبل التقبيل. والرسول الحضاري الكريم كان يكره البصل والثوم، ويمنع من تصدر عنه رائحتهما من المسجد، وكان يقول: "أقتلوهما طبخاً". والمعنى أن يطبخا طبخاً شديداً حتى تزول رائحتهما.
وفي هذا توجيه حضاريّ واضح للذين يمارسون التقبيل أن يمتنعوا عن أكل البصل والثوم حتى يحققوا شرط الرائحة الطيبة في أثناء التقبيل.
ومن محاسن التقبيل بين الزوجين أنه لا ينقض الوضوء ولا يفسد الصيام. ولذلك بعض الشروط عند الفقهاء. وبين الفقهاء خلاف، والمتشددون يقولون إن التقبيل ينقض الوضوء ويفسد الصيام في كل حال. والدخول في متاهات الفقهاء واجتهاداتهم لا يعنينا في هذا المقام. لكن الثابت أن ما قاله المتشددون لم يرد في القرآن الكريم ولا الأحاديث النبوية الشريفة.
واختلاف الفقهاء يذكرني بسؤال طرحه أحد الرجال في فيلم "سلامة" التي كانت تقوم بدورها أم كلثوم وهي تغني "قول لي ولا تخبيش يا زين" سألها رجل: القبلة حلال ولاّ حرام؟
وتساءلت أم كلثوم "القبلة، القبلة، القبلة؟" باللهجة البدوية، ثم أصدرت فتواها غناءً:


القبلة إن كانت للملهـوفْ.........اللي على ورد الخد يشوفْ
ياخدها بدال الواحدة ألوفْ.........ولا يخشاش للناس مـلام

لا أدري إذا كان الفقهاء يسمحون بأن تكون صاحبة الفتوى في الحلال والحرام امرأة مغنّية، وأن تكون فتواها علىالنحو الذي ذكرته؟ وإذا انتهوا إلى قرار نقيض معارض، فعلى وسائل الإعلام أن تلغي الأغنية، وأن تزيلها من فيلم "سلامة" حتى يعود الحق إلى نصابه. ومع كل هذا التشديد سيستمر التقبيل ظاهرة إنسانية لا يلغيها أحد. ومحاولة اكتشاف من يقبل الآخر أمر لا تستطيعه أعتى أجهزة المخابرات، لأن التقبيل عادة يتم في الظلام والعيون مغمضة!!

وفي الدين المسيحي ظهر في العصور الوسطى ما يسمى بالقبلة المسيحية The Christian Kiss وهي من طقوس الكنيسة. وقد جاء في إصحاح الرومان: "ليُحيِّ أحدكم الآخر بقبلة مقدسة" واتبع الناس هذا التوجيه الديني الإنساني. وانتشرت هذه القبلة بين الرجال والنساء على أنها قبلة مقدسة. واضطرت بعض الدول أن تضع قانوناً للسيطرة على التقبيل المنتشر. ففي فرنسا كان أحد القوانين ينص على أن المرأة تكون زانية إذا قبّلت رجلاً غير زوجها. وفي إيطاليا نص أحد القوانين على أن الرجل الذي يقبّل امرأة في العلن يجبر على الزواج منها. وأوجدت الكنيسة بعد ذلك "قبلة السلام" وهي قبلة الكاهن للمرضى التي تمنح السلام للمريض. لكن هذه القبلة اختفت في عصر النهضة. والتقبيل عند اليهود والمسيحيين قديم. ولا أحد ينسى قبلة يهوذا الإسخريوطي للمسيح ليدّل عليه الرومان حتى يقبضوا عليه ويصلبوه، ويهوذا هذا وهو أحد حواريي المسيح ندم على فعلته وانتحر.

وفي هذا العصر أصبح التقبيل يمارس في الغرب بين الجنسين علناً في كثير من المناسبات كعيد رأس السنة الميلادية في منتصف الليل. وفي أعياد الميلاد العادية وفي الوداع والاستقبال لزائر أو مسافر. وأحياناً يتم التقبيل بلا مناسبة، على الشاطئ الرملي في أثناء السباحة، وعلى مقعد حديقة عامة، وفي السيارة، وفي المصعد، وفي المطاعم والمدن الترفيهية. فالأمكنة المكشوفة والمغلقة كلها صارت صالحة للتقبيل، والناس يمرّون بالعشاق المتعانقين بلا توقف أو اكتراث. وفي البوذية يقبل الراهب الأرض في أثناء حجه النهائي ثلاثين ألف مرة، خلال مشية ستة أميال.


القبلة الثامنة (عند الشعوب)

اليابان:
لم يكن اليابانيون يمارسون التقبيل في حياتهم اليومية، إلى أن اختلطوا بالحضارة الغربية، فتعلموا كيف يقبّلون.

الصين:
كان الصينيون يعدّون التقبيل عملاً منافياً للحشمة والأخلاق سواء كان في السرّ أو العلن، ثم تغيّرت نظرتهم إلى التقبيل، بعد أن رأوا أن الغربيين يدعون إلى ممارسة التقبيل لما فيه من فوائد جنسية واجتماعية.

إندونيسيا:
القبلة عند الإندونيسيين مقتصرة على تقبيل الخد فقط.

الهند:
الهنود هم الذين جعلوا للقبلة معنى رومانسياً. وكتاب الحب عندهم (كاماسوترا
Kama Sutra) هو رسالة تضمنت قواعد الوصول إلى المتعة الروحية والجسدية. والقبلة ركن أساسي في الوصول إلى المتعتين. وتسمى القبلة عندهم Chummi.

مصر القديمة:
لم تكن القبلة معروفة في مصر القديمة. وليس في أوراق البردي أو الصور الحائطية ما يشير إلى ذلك. ولم يؤثر على كليوباترا أنها قبّلت يوليوس قيصر أو مارك أنتوني. وفي هذا تقصير فادح لا يتناسب مع ملكة العشق. وعدم ذكر القبلة في علاقاتها لا يدلّ دلالة قاطعة على أنها لم تمارس التقبيل. وذلك إن حدث يتعارض مع ما كان يجري في روما.

روما القديمة:
كانت القبلة في روما القديمة ظاهرة اجتماعية شاعت بين الناس في الأسرة الواحدة وبين الأصدقاء وفي الأسواق على أنها تحية. وتحوّلت في عهد الإمبراطورية الرومانية إلى تعبير رومانسي بدءاً من القبلة الزوجية التي كانت تتم في المذبح وبها يبدأ الزواج. وهي تعبر عن تبادل "نَفَس الحياة" للوصول إلى الإتحاد الروحي. وهناك قوانين بحثت في أمر القبلة بين الخطيبين. وعند الرومان ثلاث كلمات للقبلة:
Oscula وهي قبلة الصداقة، وBacio (باتشو) وهي قبلة الحب وتشبه كلمة (بوسة) الفارسية –المعربة، أما Suavia عند الرومان فتعني القبلة الشهوانية. وأعتقد أن يوليوس قيصر ومارك أنتوني كانا خبيرين بهذه الأنواع الثلاثة للقبلة.

أوروبا:
كان التقبيل في أوروبا خلال العصور الوسطى مستخدماً ولكن بحذر وفي الخفاء معظمه. وكان موضع القبلة يحدد مكانة المقبّل. فالقبلة على الخد أو الفم تكون بين المتماثلين في المرتبة الاجتماعية. والقبلة على اليد ثم على الركبة ثم على الأرض تعني التفاوت في المرتبة الاجتماعية بالترتيب نحو الأدنى. ومن هنا جاء قولهم "قبّل الأرض تحت قدمي السلطان".

فرنسا:
في العصور الوسطى كان التقبيل ذا صفة اجتماعية. وكان الملك لويس الثالث عشر يقبل كل امرأة في (نورماندي) بحجة منحها البركة الملكية. وقد اشتهرت القبلة الفرنسية بعد ذلك، وهي قبلة اللسان أو قبلة الروح كما تسمى أيضاً. وكان ينظر إلى فرنسا من خلالها على أنها بلد الجنس. ومن المعلوم أن العرب كانوا يمارسون هذا النوع من التقبيل منذ العصر الجاهلي. لكن هذا لم يصل خبره كما يبدو إلى الباحثين المختصين بالقبلة.

إنجلترا:
في العصور الوسطى كان الفرسان يقبل بعضهم بعضاً قبل البدء بدورات القتال التنافسية. والقبلة كانت تعني الثقة بالآخر، فالاقتراب والعناق دليل ثقة بأن الآخر لن يعضك أو يطعنك. وكانت القبلة كذلك تعادل البصمة في العقود القانونية يبصمها المتعاقد في أسفل العقد عند إشارة (
X). وفي عصر النهضة بقيت قبلة الصداقة. وكان المضيف يشجع ضيفه على تقبيل أفراد أسرته من الشفتين. وفي العام 1665 حصل الطاعون الكبير في لندن واستمر عاماً كاملاً. فتراجع التقبيل خوفاً من العدوى، وحلَّ محله الانحناء ورفع القبعة والتلويح باليد والمصافحة. وفي العام 1837 رفع توماس سافرلاند دعوى على امرأة تدعى كارولاين نيوتن لأنها عضت أنفه بوحشية حين حاول تقبيلها. لكن القاضي ردَّ الدعوى ونص حكمه على أن للمرأة أن تعض أنف من يحاول تقبيلها دون إرادتها إن رغبت في ذلك.

أمريكا:
في مدينة ديرفيلد بولاية إلّينويْ كان المرور يتعطل في محطات القطار جرّاء تقبيل الزوجات أزواجهم المغادرين. فخصصت الجهات المسؤولة منطقتين في المحطة، منطقة يسمح فيها بالتقبيل ، ومنطقة لا يسمح فيها بالتقبيل. وفي مطار نيو أورلينز كتبت لافتة بهذا الشأن تقول: يرجى البدء بقبلات الوداع قبل وقت كاف من موعد مغادرة الطائرة. وفي واشنطن المشهورة بقبلاتها الاجتماعية كان الرئيس كارتر يقبّل النساء اللاتي يحطن به، علماً بأن كارتر ينتمي إلى الطائفة المعمدانية الأكثر محافظة في أمريكا. ومعظم القبلات في أمريكا لا تستمر أكثر من دقيقة واحدة. وقد أجريت دراسة مؤخراً انتهت إلى أن 96% من الفتيات الأمريكيات يفضلن تقبيلهن على العنق والأذنين. وأن 10% منهن لا يرين غضاضة في تقبيل شخص آخر غير
boy friend الذي تصادقه وليس في هذا خيانة له.

الدانمرك:
كانت النساء في الدانمرك يرتدين قديماً قبعات لها حافة علوية ممتدة نحو الأمام. وكان يطلق على هذه القبعة آنذاك "قبلني إن استطعت" وكان الرجل يجد صعوبة في تقبيل المرأة التي تضع هذه القبعة لبروز الحافة.

(يتبع)..



ربما كان عدم الاتفاق أقصر مسافة بين فكرين. (جبران النبي)
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06468 seconds with 10 queries