مثل كل أسئلة "لماذا" ، يمكن للسؤال عن "لماذا للرجال حلمات" أن يطرق على عدة مستويات. ابنتي ذات الأعوام الأربعة ، المرتابة دائما بوجود خدعة عندما تُسأل مثل هذه الأسئلة الواضحة ، تجيب "لأنها تنمو لديهم ". ثم تبحث عن جواب مخادع و تضيف بسرعة بأن الصدر سيبدو مضحكا جدا بوجود الشعر فقط.
يتوقع دائما من علماء البيولوجيا التطورية ، الذين عملهم هو تفسير التنوع في الطبيعة ، أن يقدموا غالبا تفسيرات تكيفية Adaptive لأسئلة "لماذا" هذه . يمكن اثبات أن لبعض السمات– من خلال اختبارات مناسبة- تفسيرات تكيفية ، و سمات أخرى قد يكون لها تفسيرات تطورية جيدة ولكنها ليست بالضرورة تكيفية. وهذا لأن التطور عملية مقيدة بالعديد من العوامل منها التاريخ ، الصدفة ، وألية الوراثة . وهذا يشرح أيضا لماذا تكون سمات معينة في الكائن الحي ليست كما لو أنها قد "صممت" من البداية from scratch . الحلمات في ذكور الثدييات توضح هذه النتيجة التطورية المقيدة.
يرث الطفل البشري من كل جين نسخة من أبيه ونسخة من أمه. وتكون الصفات المورثة للطفل الذكر تركيبا من صفات كلا الوالدين. إذن من وجهة نظر جينية ، يجب أن يتحول السؤال إلى : كيف يمكن للذكور والإناث أن يختلفوا إذا كانوا يرثون الجينات من كلا الأبوين؟ نحن نعلم أنه أمر شائع وجود فروق واضحة بين الذكور والإناث (أو ما يسمى التمايز الشكلي الجنسي) مثل ألوان الريش عند ذكور الطيور ، والتمايز في الحجم عند الحشرات. والطريقة الوحيدة التي من الممكن فيها لهذه الفروقات أن تتطور هو إذا كانت نفس السمة (اللون مثلا) قد أصبحت مفصولة على المستوى الجيني عند الذكور والإناث. ويحدث هذا إذا كانت السمة متأثرة بجينات مختلفة عند الذكور والإناث، أي اذا كان يتحكم فيها جينات متوضعة على الصبغي الجنسي أو إذا كان التعبير الجيني قد تطور ليكون معتمدا على السياق (أي عندما تجد الجينات نفسها على صبغيات ذكر أو أنثى).
فكرة وجود أساس جيني مشترك لسمتين ( في هذه الحالة في الذكور و في الإناث) تعرف بالإرتباط الجيني. وهي كمية تقاس عادة من قبل علماء الجينات التطوريون. الوضع الإفتراضي في التطور هو أن يتشارك الذكور والإناث في الصفات من خلال الإرتباطات الجينية.
يحدث فصل الصفات الذكورية والأنثوية اذا كان هناك انتخابا Selection له: يحدث الفصل اذا كانت السمة مهمة في النجاح التكاثري للذكور والإناث ولكن السمة الأحسن أو "الأمثل" مختلفة عند الأثنين. و نحن لا نتوقع بأن يحدث الفصل Uncoupling إذا كانت السمة مهمة لجنس محدد وغير مهمة للجنس الأخر. والحالة الأخيرة هي حالة حلمات الذكور. فحسناتها في الإناث ، في سياق النجاح التكاثري ، واضحة ولكن لأن الوضع الافتراضي الجيني هو أن يرث الذكور والإناث نفس السمات ، فإن أفضل تفسير لوجود حلمات في الذكور هو أنه ارتباط جيني يستمر ويدوم من خلال عدم وجود إنتخاب ضده لإزالته ، أكثر من وجود انتخاب له.
وبشكل ملفت من الممكن أن يقال أن حدوث المشكلات المتعلقة بوجود حلمات للذكور ، كالسرطان مثلا، يشكل انتخابا معاصرا ضدهم. وباتجاه أخر فإن حلمات الذكور مشابهة للبنى اللاوظيفية مثل بقايا عظام الحوض الغير ضرورية في الحيتان: لو كانت قد سببت اذى لكانت قد اختفت.
وفي اطروحة حديثة فإن ستيفن جاي غولد و ريتشارد لونتن أكدوا بأنه ليس من الضروري أن نفترض مباشرة أن كل صفة لها تفسيرا تكيفياAdaptive explanation. فالفسحات المثلثية مثلا في كاتدرائية القديس مارك في فينيسيا هي ببساطة توابع معمارية ناتجة عن التقاء سقف مقنطر بأعمدته الداعمة ، ووجود الحلمات في الذكور هو نتاج معماري جانبي للحلمات في الإناث. اذا لماذا يملك الرجال حلمات ؟ لأن الإناث تملكها ...
اندرو . م . سايمونز ، بروفيسور البيولوجيا من جامعة كارلتون في اوتاوا ، اونتاريوا. والمقال من موقع مجلة ساينتفيك أمريكان في زاوية Ask the expert بعنوان Why do men have nipples?.
J.S: Death is the solution to all problems. No man = No problem.
|