عرض مشاركة واحدة
قديم 14/12/2009   #290
شب و شيخ الشباب Hobbit
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Hobbit
Hobbit is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
مشاركات:
205

افتراضي


13 كانون الأول


من الشروط الأساسية للصلاة الاستسلام .
هذه الكلمة وحدها ترعبنا .
و لكن الواقع أن هذا الموقف من الله أمر لا بد منه في كل صلاة .
هذا ما استوقفني في حياة امرأة كتبت قصتها بنفسها و قرأتها منذ زمن ، و هي تخبر كيف أنها وُلدت و ترعرت في عائلة فقيرة إلى أن التقت شاباً قررت و إياه أن يتزوجا . و كان ميسور الحال فاتخذا لهما منزلاً في منطقة جميلة راقية . و ما إن ولدت طفلها الأول و جوّالعائلة يفيض بالبهجة ، حتى أحسَّت يوماً بأنها مريضة . و بعد أن أُخضعت للفحوصات و التحاليل أتاها الطبيب كئيباً ليحمل إليها خبراً ما كانت تنتظر سماعه البتة : " لقد توقف كبدك عن العمل تماماً " . فأجابته و في صوتها ارتجاف و صراع : " أأنت تقول لي إنني أشرف على الموت ؟ " فخفض عينيه و قال بصوت هادئ مرتجف : " لقد عملنا كل ما في وسعنا " . ثم غادر غرفتها و مضى .
شعرت أن نار الغضب تتأجج في داخلها . و هي في قمة الغضب ، أرادت أن تعبر لله عن رفضها له و للحال التي هي فيها . فوقفت و توجهت نحو الكنيسة في المستشفى و هي في وهنها تسند يدها إلى حائط الممشى الذي يفصل بين غرفتها و الكنيسة ، فقد شاءت هذه المرة أن تكون المقابلة معه وجهاً إلى وجه . وصلت إلى الكنيسة و لم يكن هناك أحد فتقدمت نحو الهيكل و هي تردد الحديث الذي تريد أن تجابه الله به : " إنك إله كاذب مزيف . أنت تقول للناس منذ ألفي سنة إنك " تحب " . و لكن ما إن يجد إنسان شيئاً من السعادة حتى تأتيه مصيبة تعيده إلى بؤسه و شقاه . لقد أردت أن أقول لك إنني عرفتك الآن على حقيقتك و أن كل شيء بالنسبة إلي قد انتهى " .
و بينما هي تقترب من الهيكل ، إذا بها تهوى من ضعفها و تسقط . فوجدت نفسها أمام عبارة كُتبت على السجادة أمام باب الهيكل :
" أيّها الرب يسوع ، ارحمني أنا الخاطئة "
قرأت تلك العبارة و رددتها ، فجأة تبدد غضبها و تبخرت كلمات العنف التي كانت تريد أن تجابه الله بها . فوجدت نفسها تسند رأسها بيديها و تردد " أيها الرب يسوع ارحمني أنا الخاطئة " .
ثم توقفت و راحت تصغي بصمت و في عمق نفسها سمعت صوتاً يقول لها :
" إن ما حدث لك دعوة من الله لتسلمي حياتك إليه . يعمل الأطباء هنا ما في وسعهم و لكنني أنا الذي سوف يشفيك " .
و في ظلمة تلك الليلة كان موعدها مع الله فأسلمت إليه أمرها و ألقت بحياتها بين يديه .
عادت إلى غرفتها و غرقت في سبات عميق . و عندما أجريت لها الفحوصات في اليوم التالي عاد إليها الأطباء ليقولوا لها إن كبدها عاد يعمل مجدداً ! لقد قادها الله إلى حافة الهاوية ، تماماً كما فعل بأيوب في العهد القديم ، و لكنه فعل ذلك ليحملها على الاستسلام لإرادته . إنه شرط أساسي لكل صلاة .
لتكن مشيئتك !
و لكنه موقف مخيف يجعل المرء يشعر و كأنه عريان من كل ما يمكنه أن يدافع به عن نفسه . هنا تسقط العقبات و تكشف الأقنعة و يبقى صوت الله يدوّي : " توقف و تذكر أنني الله " .
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03516 seconds with 10 queries