عرض مشاركة واحدة
قديم 15/03/2005   #1
شب و شيخ الشباب raji_k
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ raji_k
raji_k is offline
 
نورنا ب:
Oct 2003
المطرح:
حمص- سوريا
مشاركات:
108

إرسال خطاب MSN إلى raji_k إرسال خطاب Yahoo إلى raji_k
افتراضي 9 آذار تذكار الشهداء ج2


الشهداء الأربعون في البحيرة المجلّدة
فقاد الجند أولئك الأبطال إلى البحيرة القائمة بالقرب من مدينة سبسطية، ليلقوهم في الماء. إلا أن الشهداء البسلاء ما كادوا يصلون إلى ضفاف تلك البركة حتى أسرعوا ونزعوا ثيابهم وألقوا بأنفسهم في ذلك الجليد، وهم يشجعون بعضهم بعضاً ويسبحون الرب. وكانوا يقولون بعضهم لبعض: "إن الجند نزعوا ثياب الفادي الإلهي واقتسموها بينهم. وان يسوع احتمل ذلك لأجل معاصينا. فلننزع الآن ثيابنا لأجل حبه، ونكفّر بذلك خطايانا". وكانوا يصلون في وسط الجليد ويثبتون بعضهم بعضاً بكلام ينعش فيهم روح الإيمان ويثير حماسهم. وكانوا يقولون: "نزلنا أربعين إلى الماء، فسنذهب أربعين إلى السماء".
إلا أنه لا نعيم على الأرض بغير كدر يشوبه. فبينا كان هؤلاء الأبطال يضحون بحياتهم في سبيل إيمانهم، خارت قوى أحدهم. فخرج مسرعاً من الجليد إلى الماء الساخن. فناداه رفاقه. فلم يسمع لهم بل أصرّ على النجاة من ذلك العذاب. إلا أن ذلك المسكين لقي حتفه قبل أن يعود إلى نعيم الحياة.
ولكن خيانة أحدهم، وإن آلمت قلوبهم، لم تكن إلا لتثبتهم في جهادهم. فصمدوا بنفس جبارة للموت الذي كانوا يرونه مسرعاً إليهم. وانتصف الليل والشهداء يتألمون، ولكنهم يسبحون ويجاهدون. أما الحراس الواقفون فكانوا ينظرون إليهم بإكبار وإعجاب. وقبل الفجر بقليل، في تضاعيف ذلك الظلام الدامس، ظهر بغتة نور سماوي أضاء البحيرة وأذاب الجليد وسخّن الماء. ونزلت الملائكة من السماء وفي يد كل منهم أكليل. فوضعوها على رأس كل شهيد من أولئك الشهداء التسعة والثلاثين.
وشاهد تلك الأعجوبة أحد الحراس، فحركت نعمة الروح القدس قلبه، وامتلأ من الإيمان وصاح برفاقه وقال: أنا مسيحي، وأريد أن أموت لأجل المسيح بدل ذاك الذي خانه وهرب من ميدان الجهاد. ثم نزع ثيابه ورمى نفسه في الماء. فعاد الشهداء إلى عددهم الأول، وأضحوا أربعين، وفاضت نفوسهم بالشكر لتدابير المولى عزّ وجل.
موت الشهداء الأربعين
فلما كان الصباح كان الكثيرون من أولئك الشهداء البسل قد ماتوا ونالوا في السماء إكليل الاستشهاد. ولما علم الحاكم اغريكولا بما حدث في الليل اغتاظ جداً. وأمر بأن يُخرج الجند الشهداء من البحيرة، وأن تُكسر سوقُ من بقي منهم حياً، ون تُحرق أجسامهم جميعاً في النار.
فأخرجهم الحراس كلهم، وكسروا ساقي كل من وجدوه حياً بعد. ووضعوا تلك الأجسام المائتة والمهشّمة بعضها فوق بعض في عربة، وذهبوا بها ليحرقوها. وكان البعض من أهالي أولئك الشهداء، وغيرهم أيضاً من المسيحيين، قد أتوا ليتبركوا خلسة بنظرة إلى أولئك الأبطال أو بقبلة أجسامهم المائتة. وحدث أن الجند الذين هشموا أجسام أولئك القديسين أبقوا على واحد منهم كانت الحياة لا تزال قوية فيه، وكان الشباب يتدفق من عينيه، على أمل أن ما قاساه من الآلام يثني من عزمه فيكفر بالمسيح ويعود إلى الحياة. فتركوه ملقاً على الحضيض وساروا بالباقين.
وكانت والدة ذلك الشاب بين الحضور. فلما رأت ما كان، بدل أن تفرح بأمل عودة ابنها إليها، خافت عليه أن يفوته إكليل الاستشهاد. فركضت إليه تلك الأم القديسة واعانته على الجلوس، وأخذت تشجعه وتكلمه عن أفراح السماء وأمجاد القديسين، وتقول له: يا نور عيني، تشجع حتى تذهب إلى أنوار الملكوت فتعزي قلبي الكسير وتجعلني أسعد الأمهات على الأرض. ثم حملته وركضت وراء العربية وألقته بين رفاقه. فشتمها الجند ولكموها، وحملوا ذلك الشاب مع سائر الشهداء إلى النار. وتبعته وهي تصلي وتتضرع إلى الله، لكي يثبت ابنها ويقبل ذبيحة قلبها.
وهكذا قضي أولئك الشهداء الأربعون، بعد أن ذاقوا جميع أنواع العذابات، وصمدوا لها حباً لذلك المعلم والفادي الكريم الذي عاش ومات لأجلهم. وذهبوا إليه في ملكوته لينعموا معه في الأفراح السماوية مدى الأبدية. وكان ذلك في اليوم التاسع من شهر آذار (مارس) سنة 320.

R-K
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02345 seconds with 10 queries