عرض مشاركة واحدة
قديم 10/06/2006   #87
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


وأعلم أن الغرض في كون الناس أكثرهم فقراء، وخوف الأغنياء من الفقر، هوالحث لهم على الاجتهاد في اتخاذ الصنائع، والثبوت فيها، والتجارات، والغرض فيها جميعاً هوإصلاح الحاجات، وإيصالها إلى المحتاجين؛ والغرض في ذلك متاع لهم إلى حين. والغرض في تمتعهم إلى حين هوأن تتمم النفس بالمعارف الحقيقية والأخلاق الجميلة والآراء الصحيحة والأعمال الزكية، والغرض في تتميم النفس التمكين لها من الصعود إلى ملكوت السماء، والغرض في صعودها إلى ملكوت السماء هوالنجاة من بحر الهيولى وأسر الطبيعة، والخروج من هاوية عالم الكون والفساد إلى فسحة عالم الأرواح، والمكث هناك فرحاً مسروراً ملتذاً مخلداً أبداً.
فصل في أن كل صناعة تحتاج إلى الفكر والتعقل

وأعلم يا أخي أنا إنما ذكرنا هذه الصنائع والمهن، ونسبنا هذه الرسالة إلى رسائل العقل والمعقول، لأن هذه الصنائع يعملها الإنسان بعقله وتمييزه ورويته وفكريته التي كلها قوى روحانية عقلية. وأيضاً إن كل عاقل إذا فكر في هذه الصنائع والأفعال التي تظهر على أيدي البشر، فيعلم أن مع هذا الجسد جوهراً آخر هومظهر هذه الأفعال المحكمة، وهذه الصنائع المتقنة من هذا الجسد، لأن الجسد قد يوجد بعد الممات برمته تاماً لم ينقص منه شيء، وقد فقدت منه هذه كلها، فيعلم أن معه جوهراً آخر فارقه، فمن أجل ذلك فقدت هذه الفضائل كلها، لأنه هوالذي يحرك هذا الجسد وينقله من موضع إلى موضع في الجهات الست، وكان يحرك أيضاً بتوسطه أشياء خارجة من ذاته، وكان أيضاً يحمل معه حملاً على ظهره وكتفه، فلما فارقه احتاج هذا الجسد إلى أربعة نفر يحملونه على لوح مطروحاً عليه لا يطيق قياماً ولا قعوداً ولا حركة، ولا يحس بوجوده، ولا م يفعل به من غسل ودفن. وقد زعم كثير من أهل العلم ممن ليست له خبرة بأمر النفس، ولا معرفة بجوهرها أن هذه الصنائع المحكمة والأفعال المتقنة التي تظهر على أيدي البشر، الفاعل لها هوهذا الجسد المؤلف من اللحم والدم والشحم والعظام والعصب بأعراض تحله مثل الحياة والقدرة والعلم وما شاكلها، ولم يعرفوا أن هذه الأعراض ليس حلولها في الجسم، وإنما هي أعراض نفسانية تحل جوهر النفس، وذلك أن الإنسان لما كان مجموعاً من جسم ميت ونفس حية، وجدت هذه الأعراض في حال حياته، وفقدت في حال مماته، وليست الحياة شيئاً سوى استعمال النفس الجسد، ولا الممات شيئاً سوى تركها استعماله، كما إنه ليست اليقظة سوى استعمالها الحواس الخمس، ولا النوم شيئاً سوى تركها استعمالها.
فصل في شرف الصنائع أعلم يا أخي بأن الصنائع يتفاضل بعضها على بعض من عدة وجوه: إحداها من جهة الهيولى التي هي الموضوع فيها، ومنها من جهة مصنوعاتها، ومنها من جهة الحاجة الضرورية الداعية إلى اتخاذها، ومنها من جهة منفعة العموم، ومنها من جهة الصناعة نفسها. فأما التي شرفها من جهة الحاجة الضرورية إليها فهي ثلاث أجناس، وهي الحياكة والحراثة والبناء كما ذكرنا قبل.
وأما التي شرفها من جهة الهيولى الموضوع فيها فمثل صناعة الصاغة والعطارين وما شاكلها. وأما التي من جهة مصنوعاتها فمثل صناعة الذين يعملون آلات الرصد مثل الأسطرلاب وذوات الحلق والأكر الممثلة بصورة الأفلاك وما شاكلها، فإن قطعة من الصفر قيمتها خمسة دراهم، إذا عمل منها أسطرلاب يساوي مائة درهم، فإن تلك القيمة ليست للهيولى ولكن لتلك الصورة التي جعلت فيها.
وأما الذهب والفضة اللذان هما الهيولى الموضوع في صناعة الصواغين أوالضرابين، إذا ضرب منهما دراهم ودنانير أوصياغة ما، فليس مبلغ تفاوت القيمة ما بين الموضوع والمصنوع مثل ما يبلغ في صناعة أسطرلاب وغيرهما. وأما التي شرفها من جهة النفع منها للعموم فهي مثل صناعة الحمامين والسمادين؛ والكناسين وغيرهم، وذلك أن الحمام المنفعة منه للصغير والكبير والشريف والوضيع والمدني والغريب والقريب والبعيد كلهم بالسوية لا يتفاضلون في الانتفاع به.
وأما أكثر الصنائع فأهلها متفاوتون في منافعها كاختلافهم في الملبوسات والمأكولات والمشروبات والمسكونات وأمثالها من الأمتعة المصنوعة، حال الغني فيها خلاف حال الفقير، إلا الحمام المزين وأمثالهما. وأما صناعة السمادين والزبالين فإن الضرر في تركها عظيم عام على أهل المدينة، وذلك أن العطارين الذين الموضوع في صناعاتهم مضاد للموضوع في صناعة السمادين، لوأنهم أغلقوا دكاكينهم وأسواقهم شهراً واحداً لم يلحق من ذلك من الضرر لأهل المدينة مثل ما يلحق من الضرر من ترك السمادين صناعاتهم أسبوعاً واحداً، فإن المدينة تمتلئ من السماد والسرقن؛ والجيف والقاذورات، وما يتنغص عيش أهلها من أجله.
وأما التي شرفها من الصناعة نفسها فهي مثل صناعة المشعبذين؛ والمصورين والموسيقيين وأمثالهم، وذلك أن الشعبذة ليست شيئاً سوى سرعة الحركة وإخفاء الأسباب التي يعملها الصانع فيها؛ حتى إنه مع ضحك السفهاء منها، يتعجب العقلاء أيضاً من حذق صانعها. وأما صناعة المصورين فليست شيئاً سوى محاكاتهم صور الموجودات المصنوعات الطبيعية أوالبشرية أوالنفسانية، حتى إنه يبلغ من حذقهم فيها أن تصرف أبصار الناظرين إليها عن النظر إلى الموجودات أنفسها، بالتعجب من حسنها ورونق منظرها؛ ويبلغ أيضاً التفاوت بين صناعها تفاوتاً بعيداً، فإنه يحكى أن رجلاً في بعض المواضع عمل صوراً وتماثيل مصورة بأصباغ صافية وألوان حسنة براقة، وكان الناظرون إليها يتعجبون من حسنها ورونقها، ولكن كان في الصنعة نقص حتى مر بها صانع فارة؛ حاذق، فتأملها فاستزرى بها وأخذ فحمة من الطريق ومثل بجانب تلك التصاوير صورة رجل زنجي كأنه يشير بيديه إلى الناظرين. فانصرفت أبصار الناظرين بعد ذلك عن النظر إلى تلك التصاوير والأصباغ،بالنظر إليه والتعجب من عجيب صنعته وحسن إشارته وهيئة حركته.
وأما شرف صناعة الموسيقى فمن وجهين اثنين: أحدهما من جهة الصناعة نفسها، والآخر من جهة تأثيراتها في النفوس، وأيضاً من جهة تفاوت ما بين صناعها، وذلك أن الواحد منهم يضرب لحناً فيطرب بعض المستمعين، وآخر يضرب لحناص فيطرب كل المستمعين. وقد يحكى أن جماعة من أهل هذه الصناعة كانوا مجتمعين في دعوة رجل كبير رئيس، إذ دخل عليهم إنسان رث الحال، عليه ثياب النساك، فرفعه صاحب المجلس عليهم كلهم، فتبين الإنكار في وجوههم، فأراد أن يبين فضله، فسأله أن يسمعهم شيئاً من صنعته، فأخرج خشبات وركبها تركيباً، ومد عليها أوتاراً كانت معه، وحركها تحريكاً، فأضحك كل من كان في المجلس، من اللذة والفرح، ثم قلب وحرك تحريكاً آخر، فأبكى كل من كان في المجلس، من الحزن ورقة القلب، ثم قلب وحرك تحريكاً، فنوم كل من كان في المجلس، وقام وخرج فلم يعرف له خبر.
وأعلم يا أخي بأن الحذق في كل صنعة هوالتشبه بالصانع الحكيم الذي هوالباري- جل ثناؤه- ويقال أن الله تعالى يحب الصانع الفاره الحاذق. وروي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: إن الله تعالى يحب الصانع المتقن في صنعته. ومن أجل هذا قيل في حد الفلسفة إنها التشبه بالإله بحسب طاقة الإنسان. وإنما أردنا بالتشبه التشبه في العلوم والصنائع وإفاضة الخير، وذلك إن الباري- جل ثناؤه- أعلم العلماء وأحكم الحكاء وأصنع الصناع وأفضل الأخيار؛ فكل من زاد في هذه الأشياء درجة، ازداد من الله قربه،كما ذكر الله سبحانه في وصف الملائكة الذين هم خالص عباده فقال:" يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب، ويرجون رحمته".
وأعلم يا أخي أن الوسيلة لا تكون إلا بعمل أوعلم أوعبادة، لأن العباد لا يملكون شيئاً سوى سعيهم كما ذكر الله- عز وجل- فقال:" وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى".

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05357 seconds with 10 queries