تحت مظلة الحقيقة يجلس مواطن من الدرجة العاشرة بملامح مهترئة وجسم هزيل، يقال أنه شاب في مقتبل العمر لكني رأيت في عينيه رجلاً مسناً تفترسه حسرة العمر اللاهث من لا شيء إلى الضياع، يقلب صفحات الثرثرة اليومية، يتأمل زبائن اللغة، يدعو لله أن يفتح له باب الرزق (أي أن يزيد من مستهلكي الكذب واللغو)!
مسكين، لا يعلم بأنه قد يكسب بضعة قروش يقتات بها حتى يصبح على نهار جديد، لكن آخرين يكسبون من دعواته الساذجة دنانير كثر يقتاتون بها على أمثاله.
تحرق أشعة الشمس اللاسعة أخبار الصباح المتناثرة على حائط الاعترافات المنافقة، فتتباطأ خطوات ثقافة اليوم بانتظار ثقافة الغد لعلها تحمل ما هو أكثر إثارة للجدل والتهكم لتتآكل ساعات الصباح النشيطة في حوار فارغ بين أفراد الطبقة العاملة.
وبينما يحصد المواطن الأقل اعتباراً ثمار اليوم، يزرع (المواطن) الأكبر شاناً عناوين لا تحتمل التأجيل فتحتشد الدمى معلقة بخيوط خفية لجمعها خشية ان تفرّ بضعة حروف من الأهمية وغمزات من الدبلوماسية (أقصد همزات).. لصنع تحفة من الإنجازات بالغة التكاليف والقرارات مدفوعة الثمن، والتي سنهرع غداً صباحاً لشرائها بثمن أيضاً، فترقص أصابع تلك اليد العملاقة احترافاً لصنع حقيقة نستطيع أن نصدقها و نشتريها.
كل جنون بينكتب بالدم ..