عرض مشاركة واحدة
قديم 12/07/2006   #8
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


وغضب أهل مصر غضباً شديداً على عثمان وعلى واليه بمصر، عمرو بن العاص، فقرر عثمان عزل ابن العاص، واستعمل عبد الله بن أبي سرح، فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن علي عثمان، فأرسل إليه عثمان فقال: " يابن النابغة، ما اسرع ما قمل جُربان جُبتك! إنما عهدك بالعمل عاماً أو أقل. أتطعن عليّ وتأتيني بوجه وتذهب عني باخر! والله لولا أُكلة ما فعلت ذلك ". قال: فقال عمرو: " إن كثيراَ مما يقول الناس وينقلون إلي ولاتهم باطل، فاتق الله يا أمير المؤمنين في رعيتك! " فقال عثمان: " والله لقد استعملتك علي ظلعك، وكثرة القالة فيك ". فقال عمرو: " قد كنت عاملا لعمر بن الخطاب ففارقني وهو عني راضى ". فقال عثمان: " وأنا والله لو آخذتك بما آخذك به عمر لاستقمت، ولكني لنت عليك فأجترأت علي، أما والله لأنا أعز منك نفراً في الجاهلية ". فقال عمرو: " دع عنك هذا، فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد وهدانا به، قد رأيت العاص بن وائل ورايت أباك عفان، فوالله للعاص كان أشرف من أبيك ". قال: فانكسر عثمان وقال: " ما لنا ولذكر الجاهلية"[25]
فالخليفة عثمان كان يعلم بما يقول الناس عن عمرو بن العاص وكان يعلم بنواقصه ولكنه رغم ذلك ولاه على مصر ولم يحاول أن يدقق في سلوكه في مصر. كان يكفي أنه عمرو بن العاص وأنه من أشراف بني أمية.
وخرج عمرو بن العاص من عند عثمان وهو محتقد عليه، يأتي علياً مرة فيؤلبه علي عثمان ويأتي الزبير مرة فيؤلبه علي عثمان، ويأتي طلحة فيؤلبه علي عثمان، فلما كان حصر عثمان الأول، خرج من المدينة حتى انتهى إلي أرض له بفلسطين يقال لها السبع، فنزل في قصر له يقال له العجلان وهو يقول: العجب ما ينتابنا من ابن عفان .
واستمر غضب الرعية في مصرعلى عثمان، وكان بها محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حُذيفة يحرضان المصريين على الخروج على عثمان. وخرج المصريون في خمسمائة رجل وأظهروا أنهم يريدون العمرة، وسار القوم حتى نزلوا ذا خُشب وجاء الخبر أن القوم يريدون قتل عثمان إن لم ينزع. أتى رسولهم إلي علي ليلاً وإلي طلحة وإلي عمار بن ياسر، فلما رأى عثمان ما رأى، جاء علياً فدخل عليه بيته فقال: يابن عم! إنه ليس لي مترك ولي حق عظيم عليك، وقد جاء ما ترى من هولاء القوم، وإناأاعلم أن لك عند الناس قدراً، وأنهم يسمعون منك، فأنا أحب أن تركب إليهم فتردهم عني، فإني لا أحب أن يدخلوا علي، فان ذلك جرأة منهم علي، وليسمع بذلك غيرهم. فقال علي: علام أردهم؟ قال: علي أن أصير إلي ما أشرت به علي ورأيته لي، ولست أخرج من يديك. فقال علي: ذلك كله فعل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وابن عامر ومعاوية، أطعتهم وعصيتني. فقال عثمان: إني أعصيهم وأطيعك. فركب علي إلي أهل مصر فردهم عنه، فانصرفوا راجعين .
وقبل أن يصلوا إلى مصر عثروا على رجلٍ يحمل رسالة من عثمان إلى واليه في مصر يطلب منه قتلهم، فرجعوا وحاصروا منزل عثمان. فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها وأعطى الناس من نفسه التوبة، فقال: أما بعد أيها الناس، فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله، وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه، ولكني منتني نفسي وكذبتني وضل عني رشدي، وسمعت رسول الله يقول: من زل فليتب ومن أخطأ فليتب ولا يتمادى في الهلكة، فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب. فرق الناس له يومئذ وبكى من بكى منهم. فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان بن الحكم وسعيد بن العاص ونفرا من بني أمية. فقال مروان: والله لإقامة علي خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تُخّوف عليها. وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس. فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم. قال فخرج مروان إلي الباب والناس يركب بعضهم بعضا فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب! شاهت الوجوه! جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا! أخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم، أرجعوا إلى منازلكم فإنا والله ما نحن مغلوبين علي ما في أيدينا.
فالخلافة وأمارة المؤمنين لم تكن بالنسبة لمروان بن الحكم شورى بين المسلمين، وإنما كانت حقاً لبني أمية وأصبحت مُلكاً في أيديهم، ولذلك قال للمصريين " ! جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا!"
وأخيراً، بعد حصار دام فترةً ليست بالقصيرة، دخلوا على عثمان فقتلوه وشغر منصب الخلافة مرة أخرى. ويعتقد بعض المؤرخين أن لبني أمية يداً في مقتل عثمان إذ كان معاوية يعلم أن عثمان كان رجلاً مسناً وأنه لو مات موتاً طبيعياً سوف تتحول الخلافة إلى عليّ بن أبي طالب ويفقد الأمويون حقهم في الخلافة إلى الأبد. فزار معاوية عثمان إبان اشتداد الثورة عليه، ويقال إنه نصح عثمان بأن يقتل علياً وطلحة والزبير زاعماً أنهم سيقتلونه إذا لم يقتلهم. فرفض عثمان هذه النصيحة، عند ذلك قال له معاوية: " أجعل لي الطلب بدمك إن قُتلت ". فأجابه عثمان على ذلك[26]
فعثمان كان ثالث خليفة للمسلمين، وتولى الخلافة بعد موت الرسول بحوالي اثنتي عشر عاماً فقط، ورغم حداثة الإسلام وكثرة الصحابة الذين عاصروا النبي وحفظوا عنه تعاليمه، تآمر عمرو بن العاص مع غيره على عليّ بن أبي طالب ومنحوا الخلافة لعثمان وبني أمية. ولم يحافظ عثمان على أموال المسلمين وحابى أقاربه على حساب الآخرين حتى قال عنه عمار بن ياسر: " لقد كفر عثمان كفرة صلعاء" [27].
وقد عاب الناس على عثمان عدة أفعال منها:
1- ضربه لعمار بن ياسر حتى فتق أمعاءه، لما كان بينه وبين عباس بن عتبة من خلاف
2- وضربه لابن مسعود حتى كسر أضلاعه ومنعه عطاءه، لما احتج أبن مسعود على حرق المصاحف
3- وابتدع في جمع القرآن وحرق المصاحف
4- وأجلى أبا ذر إلى الربذة
5- وأخرج أبا الدرداء من الشام
6- رد الحكم بن مروان بعد أن نفاه الرسول إلى الطائف
7- أبطل سنة القصر في الصلاة في السفر
8- ولى أبناء أعمامه وأبناء أخواله على المسلمين،( وأجزل لهم العطاء من بيت المال)
9- أعطى مروان خُمس أفريقية
10- وعلا على درجة رسول الله وقد انحط عنها أبو بكر وعمر
11- لم يحضر بدراً، وانهزم يوم أحد، وغاب عن بيعة الرضوان
12- لم يقتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان الذي أعطى السكين لأبي لؤلؤة وحرضه على قتل عمر
13- وكتب كتاباً إلى عامله في مصر ليقتل المصريين بعد أن أتفق معهم على عدة أمور وقت حصاره [28]
وإذا أخذنا هذه الاتهامات الخطيرة ضد عثمان، نجد المدافعين عنه يأتون بحجج لا تُقنع أحداً، فمثلاً يقول محب الدين الخطيب، محقق كتاب أبن العربي: العواصم من القواصم، في ضرب عمار بن ياسر: " كان بين عمار وعباس بن عُتبة بن أبي لهب خلاف حمل عثمان على أن يؤدبهما عليه بالضرب. قلت وهذا ما يفعله ولي الأمر في مثل هذه الأحوال" [29]. فأي منطق إسلامي هذا؟ رجلان بالغان عاقلان، اختلفا، فأدبهما خليفة المسلمين بالضرب مثلهم مثل أطفال المدارس.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05033 seconds with 11 queries