عرض مشاركة واحدة
قديم 23/10/2006   #3
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


فما بالك بالمواقف التي كان وليد جنبلاط وكتلته النيابية يتخذونها حيال السياسة الاقتصادية والمالية خلال تلك الفترة، على الرغم، وهنا تكمن المفارقة الكبرى، من أن تلك السياسات اليمينية التي ينتهجها وليد جنبلاط وحزبه، متسلحين بالقواعد "الشعبية" للدروز الجنبلاطيين، هي سياسات مناقضة تماماً للمصالح الفعلية لتلك القواعد الشعبية البائسة، التي تأسس الحزب التقدمي الاشتراكي من أجلها أصلاً؛ فضلاً عن أنها ساهمت في إفقار وتجويع هذه القواعد.
كيف يمكن تفسير هذه الدوافع لدى وليد جنبلاط؟
إن وليد جنبلاط لم ينشأ نشأة يسارية أساساً، وهو لم يكن على علاقة منسجمة سياسياً بكمال جنبلاط، على الرغم من كل الإدعاءات التحريضية المضللة التي يمارسها اليوم عبر إثارة موضوع قتل هذا القائد العربي؛ لأن وليد جنبلاط في الواقع ليس حريصاً على مبادئ وأخلاقيات كمال جنبلاط ولا على ثوابته السياسية والطبقية، فوليد جنبلاط هو من حيث مكوناته الشخصية امتداد لبشير جنبلاط، الإقطاعي، المستبد، البراغماتي، غير المتمسك بالثوابت، محب المال والسلطة، الذي لا يجيد احترام جماعته، الطامح إلى الاستفراد بالزعامة حتى لو عبر القضاء على كل منافسيه، أضف إلى ذلك دفاع وليد جنبلاط عن مصالح الطبقة الرأسمالية الاحتكارية التي هو أحد رموزها، مقابل كمال جنبلاط، المبدئي، الأخلاقي، الاشتراكي، المتواضع، الذي يجيد احترام الآخرين، الزاهد، المتعالي على المال والثروة، المدافع عن مصالح العمال والفلاحين والفقراء، الذي إذا رفع شعاراً عمل على تطبيقه على نفسه قبل أن يطلب من الآخرين تطبيقه... والمفارقة الكبرى بين الرجلين هي أن كمالاً انطلق في حياته السياسية من موقع تقليدي إقطاعي يميني صديق للاستعمار، حاولت الست نظيرة (والدته) أن تزجّه فيه، غير أنه انقلب على ذلك الموقع وانتهى قائداً وطنياً وعربياً، يسارياً، معادياً للاستعمار، ساعياً لتغيير النظام السياسي والطبقة الحاكمة في لبنان. أما وليد فهو على العكس تماماً، انطلق في حياته السياسية من موقع وطني تقدمي، قائداً للحركة الوطنية، و"انتهى" زعيماً طائفياً يمينياً لبنانوياً، جبلياً، صديقاً للاستعمار، بل أداة في يده.
وبالفعل سعى جنبلاط في السنوات الأخيرة للتخلص من عبء كمال جنبلاط ذي التوجهات النقيضة لتوجهاته التي لا يزال بعض المحازبين المضلَّلين يرددونها، فأجرى انقلاباً منظماً على المفاهيم تمهيداً لإجراء القطيعة مع كل الخط السياسي الفعلي الذي كان كمال جنبلاط يمثله. وقد سعى، بواسطة بعض الكتب والأفلام الوثائقية التي أعدت مؤخراً، لتقديم صورة مغايرة عن كمال جنبلاط تتوافق مع تطلعات وليد جنبلاط نفسه، من خلال إعادة إبراز بعض الأفكار والمواقف الليبرالية اللبنانوية التي كان كمال جنبلاط يعبر عنها في بداية حياته السياسية في منتصف الأربعينات وقبل أن يؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، أو من خلال تشويه أهداف كمال جنبلاط في تجربة الحركة الوطنية اللبنانية ومواقفه تجاه القضية الفلسطينية.
وكثيراً ما عبّرت مواقف وليد جنبلاط وسلوكه عن نزعة لديه إلى تقمص شخصية بشير جنبلاط، فسنوات طاحنة من الحرب بعد عام 1982 راح ضحيتها آلاف الشبان والمواطنين ودمّرت مئات القرى وكانت لها آثارها الإقليمية والدولية، واندحرت بنتيجتها قوات الحلف الأطلسي عن بيروت، وسقط اتفاق 17 أيار الموقع بين لبنان وإسرائيل، وهزم المشروع الفاشي اللبناني – ولو موقتاً – لم يرَ وليد فيها إلاّ قضية واحدة حاول اختصارها بكلمات معدودة: ها قد عدنا يا بشير. تلك كانت الصيحة الأولى التي أطلقها في قصر المير بشير في بيت الدين حين احتفل بانتصاره في حرب الجبل معلناً انتزاع القصر من المير بشير الشهابي ثأراً لبشير جنبلاط. ولم تتوقف نزعة الثأر لديه يومها عند هذا الحد، بل راح يبحث عن سبل استعادة تلك الأراضي التي انتزعها بشير الشهابي من بشير جنبلاط، فامتدت أنظاره إلى سهل البقاع، مستملكاً العديد من العقارات في البقاع الغربي باحثاً عن طريق تصله بوادي التيم، آملاً، ربما، في تحقيق حلم طالما سعى بشير جنبلاط لتحقيقه وليرى نفسه على رأس إمارة تضم دروز المشرق العربي جميعاً. وكثيراً ما يستغل جنبلاط عقدة الثأر لديه عبر مكيافيلليته المعروفة لتغطية نزوات ومصالح شخصية. وبالفعل، تجري ترجمة المشهد السياسي ذي الوجهين الانتقامي – الانتفاعي بوجه واحد في الثقافة السياسية والتعبئة الشعبية وسط جماعة الدروز الجنبلاطيين، وهو الوجه الانتقامي – التضليلي في حقيقته – الذي يستمد جنبلاط قوته الشعبية منه.
وتتسع دائرة الصفات البشيرية التي تقمصها وليد إلى غير ذلك، فالنزعة إلى التملك وتوريث الملك وَسَمَت الرجلين؛ فالشيخ بشير سعى طويلاً لجمع ثروة واستملاك أراضٍ ولو عن طريق المصادرة، حتى لو تطلب ذلك قتل أبناء عمه للسيطرة على بيوتهم في المختارة. ولكي يحصر الزعامة في بيته تخلص من أي شخصية كان يمكن أن تنافسه على ذلك. وها هو وليد جنبلاط مذ تسلّم عرش الزعامة مارس النزعة نفسها. وأول هدف للمصادرة لديه كان الحزب التقدمي الاشتراكي نفسه، فصادر الحزب، وألغاه كمؤسسة، وأصبحت كل ممتلكات الحزب جزءاً من أملاكه الشخصية، حتى إن العناصر البشرية في الحزب يتعاطى جنبلاط معها تعاطياً قطعانياً، وكأنها جزء من ممتلكاته، فلا رأي لها أو قرار، بل عليها الانقياد الأعمى بلا اعتراض في الاتجاهات التي يقررها هو يميناً أو يساراً. وقد اتسعت المصادرة لديه لكي تشمل منطقة الشوف ككل، إذ غالباً ما حاول جنبلاط في الثمانينات والتسعينات مصادرة 51 في المئة من أسهم أي مؤسسة إنتاجية أو مشروع استثماري كان ينوي أحد المستثمرين القيام به في منطقة الشوف، الأمر الذي ساهم في حرمان هذه المنطقة وأبنائها الكثير من مشاريع التنمية وبالتالي من فرص العمل. وها هي المناطق الواقعة تحت نفوذ جنبلاط اليوم ربما تكون من أفقر المناطق اللبنانية لناحية وجود فرص عمل أو مؤسسات إنتاجية.
وعلى مستوى الاحتكار الزعامي يمارس جنبلاط الأسلوب نفسه، فهو عملياً يمنع ظهور أي شخصية سياسية يمكن أن يكون لديها طموح سياسي، وهو عبّر غير مرة عن ذلك لبعض الأشخاص الطموحين، الذين كان يراهم يشيدون بيوتاً تلبي طموحاتهم السياسية أو يرممون ما ورثوه عن آبائهم من بيوت كان لها تاريخها: "إن الشوف لا يتسع لقصرين". وهذا ما يسعى جنبلاط إليه اليوم من خلال قطع الطريق على أي رأي مغاير، عبر حصر التمثيل البرلماني للدروز بجماعته ثم عبر الإمساك بمشيخة العقل وبالأوقاف الدرزية.
وجنبلاط لا يخفي توجهه إلى توريث الزعامة من بعده إلى ابنه تيمور، الذي بدأ منذ سنوات يتولى عنه بعض مهمات العلاقة بالرعية، كالقيام بواجبات التهاني والتعازي؛ وهو طالما سعى لانتزاع شرعية إقليمية لهذا التوريث أيضاً. وهذا ما حدث في لقاء جمعه بحليفه نائب الرئيس السوري آنذاك عبد الحليم خدام منذ أكثر منذ ثلاث سنوات في قصر المختارة، حين انتزع جنبلاط من خدام أمام كاميرات التلفزة توقيعه صورة تضم جنبلاط وابنه تيمور.

كيف تحدث عملية التحول التي يشهدها ركنا الثقافة السياسية لدى الدروز الجنبلاطيين؟
تجري إعادة إنتاج الثقافة السياسية لدى الدروز الجنبلاطيين في شق منها عبر مجموعة مكونات وعلى نحو شبيه لما يجري على مستوى إعادة إنتاج الثقافة السياسية لدى الجماعات والطوائف الأخرى في لبنان، على الرغم من احتمال اختلاف أهمية كل مكوّن بين جماعة وأخرى. لكن إلى جانب المكونات العامة التي تساهم في إعادة إنتاج الثقافة السياسية لدى مختلف الشعوب، المتمثلة بالصحافة وبوسائل الإعلام المرئية تحديداً، تبدو هناك مجموعة مكونات تحمل سمات خاصة لدى كل شعب أو فئة اجتماعية أو سياسية.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04766 seconds with 11 queries