عرض مشاركة واحدة
قديم 23/10/2006   #5
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


واللافت للنظر فعلاً أن هذا الانقلاب الذي أحدثه جنبلاط لا يواجه أي اعتراض يذكر، سواء في أوساط "جمهور" الدروز الجنبلاطيين أم في صفوف الحزبيين أم حتى في أوساط "المثقفين" الدروز الذين يُفترض أن يكونوا أكثر وعياً بما يجري. غير أن هذا الوضع له أسبابه طبعاً. فوليد جنبلاط استطاع خلال فترة زعامته، تصفية أي حالة اعتراضية أو اختلافية داخل الحزب التقدمي الاشتراكي. وهكذا لم يُبقِ وليد جنبلاط في صفوف الحزب التقدمي الاشتراكي إلا ثلاثة أنواع من الرعايا: فئة "البلاطيين" الانتهازيين الذين يجدون في تقربهم من وليد جنبلاط فرصة لإظهار الذات أو للوصول إلى النفوذ والثروة، وهم بطبيعتهم ذوو ميول يمينية، مع العلم أن وليد جنبلاط يعرف هذه الحقيقة، لأنه هو ساهم في صنعها؛ ثم فئة "الموظفين المطيعين" الذين لم يعتادوا أن يقولوا "لا"، بل إن طاعة الأوامر والتقيد بمواقف البيك تمثل قمة طموحهم وإخلاصهم؛ ثم فئة المتحمسين العصبويين الذين غالباً ما يطغى الفقر والجهل عليهم وهم يسهل على جنبلاط تضليلهم وتهييجهم غريزياً. أما الدروز الجنبلاطيون غير الحزبيين، بمن فهم "المثقفون"، المدجّنون في معظمهم، فيستطيع جنبلاط أن يبتزهم في لقمة عيشهم. فإن كنت درزياً فمن الصعب أن تصبح يوماً مديراً عاماً أو أستاذاً في الجامعة اللبنانية على الرغم من كل المؤهلات العلمية والمهنية التي تحملها، أو تصبح ضابطاً في الجيش أو حتى جندياً أول أو موظفاً عادياً، أو أن تُرشّح نفسك لدورة قضاة مثلاً، إلا إذا كنت جنبلاطياً مطيعاً ومَرضِيَّاً عنك من البيك، أو كنت بارعاً في الوصول، ولديك الأقنية التي تفتح أمامك الأبواب إلى بلاطه.
أما الديمقراطية التي تهب رياحها على وليد جنبلاط هذه الأيام فحدِّث عنها ولا حرج، وقد تذوقناها فعلاً في سنوات الحرب كما نتذوقها الآن في سنوات السلم. فكان يكفي مجموعة مقاتلين في صفوف حزبه خلال سنوات الحرب أن يعترضوا على تدمير بيوت المسيحيين في بعض قرى الجبل وعلى مشروع الفرز الطائفي والدولة الدرزية حتى يساقوا إلى بيت الدين ويُشبعوا ضرباً وحشياً؛ ويكفيك أن تتجرأ بعد الحرب وترشح نفسك للانتخابات النيابية في منطقته وفي وجه لائحته حتى يُقضى على مستقبلك المهني وتطرد من عملك وتصبح منبوذاً في المجتمع الجنبلاطي، كما حدث مع الدكتور مروان أبو شقرا مدير مستشفى عين وزين سابقاً؛ أو يكفيك أن تكتب مقالة في صحيفة تنتقد فيها الزيارات المتكررة للسفير الأميركي لبلدة الرملية مثلاً، كما فعل الكاتب المرحوم حاتم سلمان، حتى ينـزل عليك غضب نائب المنطقة الجنبلاطي وأزلامه ويهددوك بالطرد من البلدة، أو يهددوا مراسل الصحيفة بإقفال مكتبه في عاليه إذا ما تجرأ ثانية وأرسل إليها نوعاً كهذا من المقالات؛ أو حتى يكفي مجموعة شبان مستقلين أو غير جنبلاطيين، أن يفكروا في تأسيس منتدى ثقافي أو نادٍ رياضي حتى توضع في طريقهم العقبات، فأيُ شيء: "إما أن يمر من خلالنا وإما لن يمر". أما اليوم فلا تحدّث بلا حرج! فالقرى الدرزية في لبنان تعيش جواً من الإرهاب الاجتماعي والسياسي، فإن عبّرت عن رأي مخالف لسياسات وليد جنبلاط وخياراته الخاطئة فيمكن أن تنبذ وتهدد.
أما حديث جنبلاط عن حقوق الإنسان وعن أنظمة الاستبداد العربية وسجونها، فإن تاريخ وليد جنبلاط يظهر أنه ليس أقل استبداداً من أي حاكم عربي. ولو كان لجدران سجن بيت الدين أفواه تنطق لتحدثت عن وسائل التعذيب التي تعرض لها بعض السجناء في عهد الإدارة المدنية التي أنشأها وليد جنبلاط في أثناء حرب الجبل، والتي لا تقل وحشية عن وسائل التعذيب في أي سجن عربي... أو أمريكي.
وتشمل عملية التضليل التي يمارسها جنبلاط في مواقفه السياسية معركته ضد السوريين. مع العلم أن من حق جنبلاط، كما من حق أي مواطن لبناني أو سوري آخر، الاعتراض على طبيعة الأداء السوري في لبنان على مدى ثلاثة عقود تقريباً. لكن هذا الاعتراض شيء والرهان على المشروع الأمريكي - الإسرائيلي والانحراف إلى أقصى اليمين والتحالف مع الفاشية اللبنانية شيء آخر. حتى إن الأمور ليست كما يجري تصويرها، فهجمة جنبلاط على سوريا ليست لأن بعض أجهزتها الأمنية عاث فساداً في الساحة اللبنانية، بل لأن جنبلاط، البارع في براغماتيته، يبدو أنه يسعى دوماً لكي يلتحق بالأقوى والأدسم؛ فالالتحاق بالأقوى يوفر له مزيداً من النفوذ، والالتحاق بالأدسم يوفر له مزيداً من العطاءات. هكذا استطاع جنبلاط أن يوفق بين التحاقه بالنظام السوري والتحاقه بالحريري حين كانت العلاقة بين هذين الطرفين حميمية، أو تعاونية على الأقل، ويومها كان السوري لا يزال يمثل الطرف الأقوى في الساحة اللبنانية؛ أما حين برزت عضلات الكاوبوي الأمريكي، وبات الأدسم أكثر قدرة على التعبير عن دوره الحقيقي، فلمَ لا يلتحق جنبلاط بالكاوبوي الأمريكي ما دام ذلك يعزز نفوذه السياسي في أي معادلة جديدة، ويضمن له تدفق العطاءات!!! لكن الرياح لا تجري بما تشتهي سفنه على ما يبدو.
ثم من قال إن الخلاف بين جنبلاط والسوريين هو حقاً كما يدعيه جنبلاط أو كما تظهره وسائل الإعلام! فجنبلاط لم يقطع علاقته حتى الآن ببعض رموز النظام السوري، وتحديداً تلك الرموز التي ثبت أنها كانت الأكثر فساداً في ذلك النظام وكانت تمثل عائقاً أساسياً أمام أي محاولة إصلاحية في دمشق، الأمر الذي أدى إلى إقصائها من السلطة في ما بعد. وليست مصادفة أبداً أن تلك الرموز كلما كانت تتعرض لمزيد من الإقصاء من دائرة القرار في دمشق كانت لهجة جنبلاط تجاه سوريا تزداد حدة. وهذا أمر يعبر في حقيقته عن تحالف طبقي خفي كان يجمع أبرز أقطاب "أغنياء الفساد" في كلا البلدين، الذين كونوا جماعة ضغط فاعلة لإعاقة أي محاولة إصلاحية يمكن أن تهدد مصالحهم في أي من البلدين، وللنيل من الخيارات الوطنية والقومية، في كلٍ من سوريا ولبنان، الممانعة للمشروع الأمريكي – الصهيوني في المنطقة.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08787 seconds with 11 queries