عرض مشاركة واحدة
قديم 23/10/2006   #6
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


ويلجأ جنبلاط اليوم إلى الحديث عن مسؤولية الحزب الحاكم في دمشق عن قتل كمال جنبلاط، مصوراً الصراع بينه وبين السوريين لدى جماعته وكأن المسألة مسألة ثأر لكمال جنبلاط؛ وبالفعل جرت تعبئة الدروز الجنبلاطيين في هذا الاتجاه. مع العلم أن جنبلاط في حملته هذه يتحالف مع القوى السياسية والميليشيات الفاشية المسؤولة عن قتل آلاف الشبان والنساء والأطفال والشيوخ، من الدروز الجنبلاطيين كما من بقية اللبنانيين والفلسطينيين المقيمين في لبنان، والمسؤولة عن ارتكاب المجازر انطلاقاً من صبرا وشاتيلا وصولاً إلى كفرمتى وعبيه ومختلف قرى الشحار. وكأن جنبلاط يريد أن يقول إن دماء كل هؤلاء الشهداء هي دماء رخيصة لا تعني له شيئاً، فيضع يده بيد هؤلاء القتلى في حين يصب جام غضبه في قضية قتل كمال جنبلاط. مع العلم أن "المكانة" السياسية التي يمثلها جنبلاط اليوم ما كان ليبلغها لولا الدعم السوري غير المحدود له في حرب الجبل. فجنبلاط بعدما كان على وشك الاعتراف بالهزيمة واعتزال السياسة عام 1982 (حين ظهر على شاشات التلفزة في عهد بشير الجميل قائلاً: سأعتزل السياسة وأذهب إلى فرنسا. وسلامي إلى ابني تيمور في الأردن" !!! فهو استعاد، بل عزز، مكانته السياسية بفضل مئات الشهداء الذين سقطوا في حرب الجبل دفاعاً عن عروبة لبنان، والذين يتنكر جنبلاط لدمائهم اليوم، وبفضل الدعم السوري والفلسطيني الذي قدم بدوره مئات الشهداء فضلاً عن المساعدات المادية والعسكرية التي لولاها لما استطاع جنبلاط الانتصار في حرب الجبل، ولربما كان لا يزال معتزلاً السياسة ومقيماً في فرنسا. هذا مع العلم أن جنبلاط نفسه قال عقب "انتصاره" في حرب الجبل: "إن السوريين أنسوني قضية قتل كمال جنبلاط"، نتيجة دعمهم غير المحدود له في تلك الحرب.
وربما يكون صحيحاً أن أحد أقطاب النظام السوري هو المسؤول عن قتل كمال جنبلاط مرةً، وها أمر فيه جريمة كبرى وخطأ استراتيجي فادح؛ لكن ما هو صحيح أيضاً أن كمال جنبلاط قُتل ألف مرة على أيدي من يدّعون أنهم يثأرون له اليوم.
فكمال جنبلاط قُتل فعلاً حين قُتلت الروح الوطنية العروبية التحررية في نفوس جماهيره، وقُتل حين أصبح التشبيح والسرقة شطارة وأصبح مال الحرام حلالاً؛ كما قُتل حين انتُهكت كرامة بيروت على أيدي أَبَوَات حزبه، وقُتل حين رفعت الأعلام الفرنسية على قبره، ثم قُتل حين رفعت صوره إلى جانب صور القَتَلى وعملاء إسرائيل وحيتان المال، وقُتل حين تحالف وليد جنبلاط مع أرباب الرأسمالية المتوحشة ضد العمال والفلاحين والفقراء والمساكين الذين "ليس على صدورهم قميص"، وهو يقتل اليوم ألف مرة حين يتحول وليد جنبلاط إلى أداة بيد المشروع الأميركي – الإسرائيلي.
هذا هو وليد جنبلاط الذي سعى بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة لتسويقه بوصفه بطلاً تاريخياً ومخلِّصاً محرراً، كما سوِّق لمحمود عباس يوماً أنه المخلِّص في فلسطين، وكما سُوِّق لأحمد الجلبي من قبل أنه المخلِّص في العراق، أو كما سُوِّق لبعض الرموز "الانقلابية" في أوروبا الشرقية وإفريقيا وغيرهما من مناطق العالم الثالث.
ولا يتردد جنبلاط من وقت إلى آخر، في أن يملي علينا دروساً حول الأنظمة الوراثية في بعض البلدان العربية، متناسياً أنه نموذج مصغّر عن تلك الأنظمة، لكنه نموذج مكثّف وأكثر تجذراً وعمقاً في التاريخ، وأكثر تضليلاً في الثقافة السياسية. لذا يبدو له أن اقتلاعه من جراء رياح الديمقراطية الآتية من الشمال، أكثر صعوبة من اقتلاع أي نظام وراثي عربي آخر. فهل هذا ما يراهن عليه وليد جنبلاط؟
هذا هو مأزق الدروز السياسي في لبنان: قيادة سياسية لا تعرف الثوابت، تعمل على جرف الدروز باتجاه خيارات سياسية خطيرة تقطعهم عن عمقهم الحضاري والتاريخي، وتقضي على الوجه المضيء من تراثهم السياسي وهويتهم الوطنية العربية التي طالما كانت مصدر فخر لهم. فالدروز الجنبلاطيون باتوا اليوم لعبة صغيرة في أيدي الدول الاستعمارية، التي طالما لعبت بما يسمى "الأقليات" في لبنان من أجل تمزيق هذه المنطقة العربية والسيطرة عليها.
لكن الدروز الجنبلاطيين يبدو أنهم لم يتعلموا الدرس من تجربة الموارنة في هذا الصدد، الذين طالما راهنوا على المشاريع الاستعمارية، بما فيها المشروع الصهيوني، ووضعوا أنفسهم في حال عداء مع عمقهم الحضاري والتاريخي، وكانت النتيجة إقحام لبنان في سلسلة حروب أهلية لم تُمحَ آثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية بعد. إلى أن بدأ الموارنة بالفعل يتبنون سياسة عقلانية متصالحة مع هذا العمق، وهي سياسة تتمثل اليوم بالتيار العوني، الذي أخذ يوفق في الفترة الأخيرة بين نزعته الاستقلالية اللبنانية وبين تعزيز الارتباط والتفاعل الطبيعي مع المحيط العربي - الإسلامي.
أما الدروز الجنبلاطيون فهم بفضل قيادتهم المقامرة هذه، يقحمون أنفسهم في مشاريع شبيهة للمشاريع التي أقحم الموارنة أنفسهم فيها في القرنين التاسع عشر والعشرين. وها هي النظرة الامتعاضية - على الأقل - أخذت تتسع تجاه الدروز في أوساط هذا العمق العربي - الإسلامي، سواء في لبنان أم في المحيط. فهل من أصوات عاقلة وجريئة يمكنها أن تعلو وسط الدروز اليوم من أجل إعادة تصويب المسار والحفاظ على الهوية؟

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04293 seconds with 11 queries