عرض مشاركة واحدة
قديم 01/12/2006   #11
شب و شيخ الشباب Alshami
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Alshami
Alshami is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
دمشق ولا أبتغي سواها
مشاركات:
1,259

افتراضي


عهد الإستقلال الوطني

برهن فيصل على أنه رجل دولة وسياسي محنّك، واستطاع أن يتحرك بهدوء وحذر لكسب ثقة الشعب العراقي وتأييده، وفي الوقت نفسه كان يمالئ السياسة البريطانية متبعًا سياسة خذ وطالب. كما وطَّد علاقاته مع مختلف القوى والحركات السياسية والاجتماعية في العراق بما فيها القوى الوطنية المعارضة، فكان يتقرب من فئة سياسية لينال تنازلات من الفئة المناوئة الأخرى. وكانت غايته التقليل من النفوذ البريطاني دون إثارة حفيظة البريطانيين عليه مما قد يؤدي إلى خلعه عن العرش.
نجح الملك فيصل بذكائه وكياسته في أن يكون نقطة الالتقاء ومركز الثقل لجميع القوى والمصالح السياسية والاجتماعية، وأن يكون الموجِّه والموازن لحركتها. وقد استخدم نفوذه من أجل تقليل الاحتكاك والتصادم بين الأطراف المتنازعة والمتنافسة.
وقد نظر العرب إلى العراق بعد استقلاله نظرة أمل في أن يسهم بنصيب كبير في مساعدة البلدان العربية الأخرى لنيل استقلالها وتحررها. وساعدت هذه الظروف على أن يكون العراق ملجأ للعرب الفارين من اضطهاد سلطات الانتداب أو السلطات المحلية في كل بلاد الشام، وطالب بعضهم الملك فيصل بإقامة دولة واحدة من العراق وبلاد الشام تحت العرش الفيصلي. وظن بعضهم أن العراق يمكن أن يؤدي دورًا أساسيًا في الاتحاد العربي من جهة، وتحرير البلاد العربية واندماجها في وحدة شاملة من جهة أخرى. وهكذا أصبح العراق مركز الثقل في الحركة العربية في المدة الواقعة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية بسبب غدر الإنجليز بأماني العرب في الوحدة والتحرر إبان الحرب العالمية الأولى، مما ساعد على ظهور الحركة العربية في العراق. وكانت هذه الحركة تصب فيها روافد القضايا العربية الأخرى أكثر مما كانت تتحكم فيها ظروف العراق الخاصة.
وعلى العموم، فإن العراق قد تقدم وتطور خلال حكم الملك فيصل (1921-1933م) ونتيجة لمواقف فيصل الرائدة في المجالات الداخلية والخارجية والعربية والدولية، فإنه قد حظي بحب الجماهير وتأييدها، إلا أن الأجل لم يمهله لمتابعة مسيرة الكفاح والنضال، فتوفي في السابع من سبتمبر 1933م، وترك فراغًا كبيرًا كان له أبلغ الأثر في مستقبل العراق عامة ومستقبل الأسرة الهاشمية الحاكمة بصورة خاصة. وخلفه مباشرة ابنه غازي الذي حكم في الفترة من 8 سبتمبر1933 إلى3 أبريل 1939م.
كان غازي عند تتويجه شابًا يافعًا قليل الخبرة. وفي خلال السنوات الأولى من حكمه، ترك إدارة شؤون البلاد إلى مجلس الوزراء ورجال الطبقة الحاكمة الذين كانوا يتنافسون على السلطة، ويحاولون إرضاء السفارة البريطانية. ولم يعد بمقدور الملك الشاب أن يكون مركز الثقل في السياسة الخارجية والداخلية للعراق، كما لم يعد بمقدوره أن يوازن بين القوى والمصالح الوطنية وبين السفارة البريطانية والقوى السياسية والاجتماعية الموالية لها؛ لهذا شهدت فترة حكمه اضطرابات وانتفاضات عشائرية كثيرة وانقلابات عسكرية متعددة، أدت إلى دخول الجيش معترك السياسة، وفرض سيطرته على الحياة السياسية في العراق عدة مرات.
وخلال فترة الثلاثينيات تشكلت في العراق مجموعات سياسية وطنية بعضها يؤيد التعاون مع بريطانيا، وبعضها الآخر يرفض النفوذ البريطاني كلية، وآخرون يقفون موقفًا وسطًا بين الجانبين لما فيه مصلحة العراق.
وفي عهد الملك غازي، شهدت البلاد كثرة تغيير الوزارات، وفساد الحياة النيابية، وعجز التنظيمات السياسية والحزبية عن التعبير عن وجهة نظرها في غياب الديمقراطية، فاضطرت معظم الأحزاب والمجموعات السياسية إلى التحالف مع فئات غير سياسية، كالعشائر والجيش، تملك قوة السلاح والأفراد من أجل مساعدتها للوصول إلى الحكم. وقد شهدت هذه الحقبة العديد من حركات التمرد العشائرية والانقلابات العسكرية من أجل إسقاط حكومة وتبديلها بحكومة أخرى.

تدخل الجيش في السياسة. تألفت بعض القوى السياسية من أمثال ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني وحكمت سليمان مع بعض رؤساء عشائر الفرات الأوسط للقيام بحركة مسلحة ضد حكومة علي جَودت، 1934م، وضد وزارة جميل المدفعي عام 1935م، مما أدى إلى إسقاطهما وكلّف الملك ياسين الهاشمي بتأليف الوزارة بتأييد الجيش.
وفي مايو 1936م قامت بعض العشائر بحركة أخرى ضد حكومة ياسين الهاشمي، إلا أن الحكومة أصدرت أوامرها إلى الجيش للقضاء على الحركات العشائرية.
ومما يجدر ذكره، أن الجيش العراقي كان قوة وطنية ضاربة بعد الاستقلال، وقد تمثل ذلك في إخماد الجيش العراقي لفتنة الآشوريين عام 1933م، وكذلك إخماد ثورات الفرات الأوسط (الرميثة وسوق الشيوخ والمنتفق) عام 1935م، ثم قمعه لحركة بارزان واليزيدية في الشمال خلال عامي 1935 و1936م. وقد اندلعت هذه الثورات والانتفاضات بإيعاز من رجال السياسة في بغداد، أو بسبب معارضة القبائل لقانون التجنيد الإجباري.
وعلى العموم، فقد قام الجيش بأول انقلاب عسكري في بغداد بقيادة بكر صدقي للإطاحة بوزارة ياسين الهاشمي عام 1936م، غير أن ضباط الجيش أطاحوا به بعد عشرة أشهر فقط، وذلك لأنهم كانوا يريدون إنهاء مظاهر التدخل الأجنبي، ووضع نظام سياسي سليم مستقر، وتحرير الدول العربية الشقيقة التي كانت تسعى للحرية والوحدة. وظل الجيش القوة المحركة للسياسة العراقية من وراء ستار، وصار هو الذي يقر تشكيل معظم الوزارات وإسقاطها خلال الفترة 1937 - 1941م عن طريق الانقلابات العسكرية.

ميثاق سعد آباد 1937م. شهدت هذه الفترة توقيع العراق على اتفاق ميثاق سعد أباد عام 1937م بين كل من العراق وتركيا وأفغانستان وإيران، وكذلك توقيع معاهدة تقسيم شط العرب بين إيران والعراق، وتوقيع معاهدة الإخاء والتحالف بين العراق والسعودية وبين العراق واليمن عام 1936م.

مقتل الملك غازي 1939م. لقد كان الملك غازي يولي القضايا الوطنية والقومية جل اهتمامه، حيث تبنَّى مهاجمة الاستعمار، وخصص إذاعة خاصة من قصره لتذيع البيانات الوطنية ضد الاستعمار الإنجليزي والفرنسي، لذا عمد الاستعمار البريطاني إلى التخلص منه، فقُتل في حادث سيارة غامض إثر ارتطامها بعمود كهربائي في مساء 3 أبريل (نيسان) 1939م. وهاج الشعب العراقي وقامت مظاهرات صاخبة تندد ببريطانيا ومعاونيها في العراق. ونودي بابنه فيصل الثاني ملكًا على البلاد، وكان عمره أربعة أعوام، وعُين خاله الأمير عبد الإله وصيًا على العرش، والذي حكم البلاد بالتعاون مع رئيس الوزراء نوري السعيد.

العراق والحرب العالمية الثانية. أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا يوم 3 سبتمبر 1939م، وكانت بداية اندلاع الحرب العالمية الثانية، فأسرعت حكومة نوري السعيد آنذاك بقطع العلاقات مع ألمانيا، وأصدرت أوامرها بطرد الرعايا الألمان أعضاء السفارة الألمانية من بغداد، كما اعتقلت الرعايا الألمان وسلمتهم للسلطات البريطانية واقترح نوري السعيد إعلان العراق الحرب على ألمانيا، وتقديم فرقتين عسكريتين للمشاركة إلى جانب الحلفاء (بريطانيا وفرنسا) في حربهم ضد دول المحور (ألمانيا وإيطاليا).
وكان لموقف الحكومة رد فعل سيئ لدى الأوساط الشعبية في العراق، لا سيما وأن بريطانيا كانت تمارس سياسة بغيضة في الأوساط العراقية، في حين كانت ألمانيا تحرز انتصارات كاسحة وتمني العراقيين بوعود من أجل حرية العراق واستقلاله، وعدائها للاستعمار واليهود. وقد انعكس هذا التطور على الوضع السياسي في العراق، فانتظمت مختلف الفئات والقوى السياسية في معسكرين متضادين دخلا في صراع مفتوح للسيطرة على مقاليد الأمور، وكان المعسكر الأول يضم المجموعة الموالية لبريطانيا، في حين يضم المعسكر الثاني المجموعة الوطنية والقومية المناوئة لبريطانيا والحلفاء والمؤيدة لدول المحور.
وقد طالبت المجموعة الثانية بالوقوف موقف الحياد بين الأطراف الدولية المتنازعة، ودعت إلى تطبيق بنود المعاهدات والمواثيق التي يرتبط بها العراق باعتدال دون الاندفاع بالوقوف إلى جانب بريطانيا في حربها مع المحور، كما رأت وجوب استغلال فرصة الحرب لمساومة بريطانيا وفرنسا من أجل الحصول على ضمانات وتنازلات لتحقيق استقلال البلاد العربية، وضمان حق الشعب العربي الفلسطيني، وتسليح الجيش العراقي وتنمية اقتصاديات العراق.
وكان يتزعَّم هذا المعسكر الوطني رشيد عالي الكيلاني وناجي شوكتْ وناجي السويدي وتدعمهم شخصيات عربية أمثال الحاج محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين وفوزي القاوقجي. وقد حصلت هذه المجموعة على تأييد واسع من قِبل الشعب العراقي وفي صفوف الجيش خاصة.
وبدا واضحًا أن صِدَامًا عنيفًا سيحدث في المستقبل، فاستقالت وزارة نوري السعيد في مارس 1940م، وتم تكليف رشيد عالي الكيلاني رئيسًا للوزراء. وقد ألحت بريطانيا على الوزارة لإعلان العراق الحرب على ألمانيا، فطلب رئيس الوزراء العراقي رشيد عالي الكيلاني من بريطانيا تعهدًا باستقلال فلسطين واستقلال سوريا نظير إعلان الحرب على ألمانيا واشتراك العراق في الحرب. ولكن الحكومة البريطانية رفضت ذلك فتأزمت العلاقات بين الطرفين.

أنا الدمشقيُ لوشرحتمُ جسدي*** لسـالَ منـه عناقيـدٌ وتفـاحُ

إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات،
وخمسة أسماء وعشرة ألقاب،
مثوى 1000 ولي ومدرسة عشرين نبي،
وفكرة خمسة عشر إله .‏‏‏‏‏
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.10504 seconds with 11 queries