رأيت النهارات تغفو ،
و الطين تحت العذاب .
أيها الفارس الرخو ،
هدهد لأبنائك المترفين بأشلائهم
علهم يصبرون قليلاً على الموت
باسم الكتاب.
56
لا تشبه أحدا سواك،
فالظلام الهائم في جهامة الحبر وزهر الخشخاش،
متصاعد في بياض ذاهل، أكثر كآبة مما تزعم ،
وحنين القصب ،
بناياته الصقيلة ،
أكثر بسالة من يديك المرهقتين لفرط العمل .
وزرقة النوم الزاخر بالكائنات،
ودهشة الحلم في همل الليل ،
أكثر فصاحة من نصك الأخير.
لا شيء يشبهك .. سواك،
ولا أحد.
57
لم يكن الحوذي غير شبح يذرع الغابة
مؤثثاً مواقع أقدامه بانتظارات فادحة.
يقود عربات الليل، عبر الحانات، نحو أكواخ الساحل ليغوي النساء برجال أصحاء يمنحونهن نسلاً من صغار الطغاة ،
يزخرفون السهرة بملهاة الحكمة، وبغتة يكبرون.
قيل إن الحوذي هو نفسه الحصان، وقيل إنه العربة والحانة والنساء وطغاتهن الصغار. وأحياناً يكون هو الرجل الغريب،
تصادفه الأشباح والساحرات في منعطفات الغابة،
تطير في وجهه حيوانات مجنحة بالمخطوطات،
يتقمصها ويعود في هيئة حوذي،
يزعم الحكمة وبلاغة البوح .
ثمة أخبار بأن الغابة لم تعرف عربةً أو حوذياً
قبل أن يشرع الشاعر في رسم هذا الكتاب.
58
يصغي معها للصمت وقرينه،
يهدي لها أحجاراً نادرة في هيئة المخطوطات ،
وما إن تقرأ الكلمة حتى تطير مثل شهوة الليل ،
تباغتها نار فاضحة .
|