الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 30/12/2007   #47
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


- في أية بيئة ترعرعت؟
- هذا الكتاب هو سيرة ذاتية، لكنه أيضا تأريخ للخمسين سنة الأخيرة من حياة اسطنبول. إنني أروي القصة الثقافية لمدينتي دون أن تستحوذ فيها سيرتي على الباقي. المشكل هو أن السيرة الذاتية هي فن الاجتزاء و عدم الإفصاح، أن نشتغل بواسطة الأجزاء و نترك بعض اللقطات للمونتاج كما يقال في السينما. كان بإمكاني أن أكتب عشرة أجزاء عن حياتي و عشرة أخرى عن مدينتي، و لكن بالاحتفاظ على نقط الاشتراك بين الاثنين لم يبق سوى كتاب واحد: هو هذا. لم أحتفظ سوى بالحلقات التي طبعت لحظات الانفتاح الفكري على الفن والسياسة، فكلها عرفت ميلادها في مكان ما من المدينة وفي وقت محدد، و بطريقة جعلتني لا أدعي رصد تاريخ اسطنبول بل أن أبين بأنه كان لها تأثير واضح في حياة شاب كان على الدوام يحلم بأن يصبح كاتباَ.
- أنت تروي بأنك كنت تتمنى أن تصبح رساماَ.
- نعم هذا صحيح بالفعل. بين 7 سنوات و 22 سنة أردت أن أصبح رساماَ. لقد رويت بأية طريقة دفعتني اسطنبول أن أصبح ذاك الرسام الذي لسته. وأنا يافع كنت أتنزه في أزقة المدينة أصور المناظر و الناس و عندما أعود إلى البيت كنت أظنني بمتابة بيسارو أو أوتريو. بعدئذ تساءلت عن البعد الجمالي لهذه المدينة، وبتأملي في هذه الفكرة اكتشفت نصوص الكتاب الفرنسيين للقرن التاسع عشر وعلى الخصوص بودلير. بالنسبة له فالمناظر تؤثر مباشرة على الحواس وعلى وجدان من يتأملها. و بالتنقيب في هذه الفكرة و بمحاولة معرفة لماذا كانت اسطنبول مثيرة جدا صادفت أيضا كبار الأدباء الفرنسيين الآخرين أمثال فلوبير ونيرفال و غوتيي الذين كانوا يأتون إلى اسطنبول ويكتبون حولها الكثير مؤثرين في الكتاب الأتراك و مانحين إياهم القوة أيضا للكتابة. وهكذا بقراءتي لهؤلاء الكتاب فهمت أن الكتابة كانت بصيغة أخرى تتساوى مع الرسم. و لأجل ذلك نجد الرسم والرسامين حاضرين دوما في رواياتي. إن الكاتب هو رسام يستخدم الكلمات بدل الألوان و القلم عوض الريشة.
- لماذا قايضت بالريشة القلم؟
- من بين أمنياتي في أن أصبح رساما هناك الرغبة في قضاء الساعات كل يوم وحيدا داخل المكتب. إنها أيضا ميزة الكاتب، إنني أحب هذه العزلة، كما أحب الحلم كذلك.
- ما هو مفتاح فهم اسطنبول؟
- التعقيد. إننا نعيش في مجتمعات تريد أجوبة آنية و سهلة لكل شيء. إن اسطنبول مدينة تذكرنا بأن هذه الرغبة هي مجرد وهم، فوحده التعقيد يجيب عن الأسئلة التي تطاردنا. واسطنبول هي وجه التعقيد بعينه، إنها المزيج بين مدينة إسلامية تقليدية و مدينة أوربية ليبرالية. مفتاح هذه الحاضرة هو في هذه النصيحة: احترموا هذه الظلال و الرموز، فكلما أفلتت منك المدينة يمكنك أن تفهمها، إنها مفارقة مطلقة، أفهم ذلك. ففي اسطنبول نأتي للتفرج على المدينة و ليس لاستكشاف أسرارها، لأننا في هذه الحال لن نخرج سالمين.
- هل هذا يعني أن اسطنبول قابلة للاندماج في أوربا؟
- بالنسبة إلي فاسطنبول تشكل جزءا من أوربا بما أن فريق غلط سراي لكرة القدم يلعب من أجل كأس أوربا. إذا طلبتم مني معرفة هل اسطنبول توجد في أوربا سأجيبكم بأن تنظروا إلى الخارطة لتعاينوا الأمر. لكن بكل جدية لسنا لحدود اليوم في المستوى المطلوب. من هذا المنطلق يتوجب على تركيا أن تكون ثقافيا قادرة على اللحاق بالديمقراطيات الأوربية في الاتحاد لكن دون القطع مع جوهرها الحقيقي. فرغبة تركيا في دخول الاتحاد الأوربي تطرح المشكل التالي: ماهي الثقافة الأوربية؟ هل هو الدين؟ هل هو التاريخ؟ هل هي الجغرافيا؟ أم هو شيء آخر؟ إن اسطنبول تنتمي تاريخيا و جغرافيا إلى أوربا، لكن السؤال الذي يجب علينا جميعا (الأتراك و باقي دول الاتحاد) الإجابة عليه هو : كيف نرى مستقبل أوربا؟

آخر تعديل butterfly يوم 10/01/2008 في 12:01.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04010 seconds with 10 queries