عرض مشاركة واحدة
قديم 10/01/2008   #35
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


بل أضاف محفوظ العديد من الشخصيات «المقاومة» بملامحها وقدرتها الخاصة والمتواضعة، حتي أصبحت في ذاتها، ومنها (1) «نفيسة» تلك الفتاة الفقيرة في رواية «بداية ونهاية»، ويصلح أن نطلق عليها لقب «المومس» الفاضلة»، حتي إنها تتخلص من حياتها بإلقاء نفسها في النهر وانتحرت حفاظا علي وجاهة وسمعة أخيها الضابط الذي تربي وتعلم من فيض عطائها.
(2) «سعيد مهران» ذلك السفاح أو الذي بات سفاحا بفعل أفاعيل الانتهازيين والأحوال الاجتماعية القاهرة، حتي شعرنا بالإشفاق عليه، وتعاطف القارئ معه، في رواية «اللص والكلاب» تلك الرواية التي اعتبرها النقاد نقلة مهمة في تاريخ الرواية العربية.
(3) «عباس الحلو» الذي عاش في «الزقازق» فقيرا، ذلك الذي بدا منعزلا عن العالم، مكتفيا بما فيه، اقتحمه العالم بعد الحرب العالمية الثانية، فخرج «عباس» ليعمل في «الكامب» أو المعسكر الإنجليزي حتي يوفر ما يجعله قادرا علي الزواج من «حميدة». قهرتهما الأحداث ولم يلتقيا بعد خروجهما من الزقاق إلا عندما ضاعت «حميدة» في ليل الرذيلة حتي قتلت أخيرا.
(4) «عاشور الناجي» وقد بدا في أعمال «محفوظ» الرمزية علي أكثر من اسم فهو الفتوة المدافع عن الحق والحقيقة مقاوم الظلم والظالمين.
وتتعدد الشخصيات المقاومة، فمنذ نموذج «فهمي» ابن السيد أحمد عبدالجواد في «بين القصرين» وهو نموذج الوفدي المحب لسعد زغلول قائد ثورة 1919 حتي «عامر وجدي» في رواية «ميرامار» ويدعي النقد المتابع أن تلك الشخصيات تعبر عن تجربة وفكر شخص «نجيب محفوظ» نفسه لنقل انتماءات محفوظ السياسية.
كما تجلت ملامح المقاومة في أعمال محفوظ بعد رصد الشخصيات رصده للأحداث ونقده المباشر وغير المباشر للواقع المعيش من خلال الالتفات إلي جزئيات الحياة اليومية، هذا بجانب رصد تغيرات الزمن وانعكاسها علي النص الروائي.
ففي رواية «زقازق المدق» مع بدايات العمل رصد الكاتب تخلي المقاهي بالقاهرة عن خدمات الراوية الشعبي الذي يغني بالربابة بعد استخدام المذياع، ذلك الاختراع السحري الجديد لتسلية الرواد، كما تجلت مظاهر الخلل في القيم الاجتماعية وفي عادات أهل الزقاق، فتواجه أثر ما أحدثته الحرب علي معيشة وحياة المصريين نتيجة الحرب العالمية الثانية وأزمات الحكم وتجار السوق السوداء، وهو تجلي في مصير شخصياته الروائية، وفي تقنيات الفن الروائي.
بدت الثلاثية وحدها في رصدها الكلي لمظاهر الحياة اليومية لأفراد الشعب قبل ثورة 1919 وحتي عام 1946 ببليوجرافيا لمجمل ملامح الحياة المعيشية بمصر «خصوصا الطبقات الدنيا» فبرز الجانب المعتم منه وأسبابه، مما يكسب الوعي بالذات ويدفع إلي الرغبة في التغير والتقدم، وهو ما يعد أهم ملامح أدب المقاومة، بل وتبرز أهميته الحقيقية بلا صوت زاعق أو افتعال صارخ.
لقد بدأت البورجوازية المصرية في الظهور من خلال عائلة متوسطي التجار «السيد أحمد عبدالجواد» تابعت أجيالها لرصد مسارات التحولات السياسية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية، فكان ولده «كمال عبدالجواد» الذي يعد النموذج للمثقف الجديد ابن نتائج ثورة 1919، وثمرة كل التفاعلات الحضارية الجديدة نتيجة احتكاك الشرق بالغرب. زاد التعليم وأعلن عن اتفاقية الاستقلال عام 1936، وتعددت المذاهب الفكرية وتعددت الأحزاب، بل وبدأت قاعدة للصناعات المصرية والمعاملات البنكية المصرية، وغيرها، لذا لم يكن غريبا أن يدرس الفلسفة، «وهو ما كان محل سخرية الأب» إلا أنه جيل آخر لهموم أخري أولها البحث عن طريق جديد للخلاص.
كما كان ابن شقيقته «خديجة» أحمد عاكف الشيوعي امتدادا له، ولكنه اتخذ من الصراع الطبقي موقف الماركسي الثوري، إن النص الروائي في الثلاثية بما يحمل من عوامل الكشف عن السلبي في الذات الجمعية، والبحث عن طريق للخلاص الجمعي من خلال تبني فكرتي الهوية والحرية نموذجا لمجمل أعمال «محفوظ» التي تتبني خصوصية ملامح أدب المقاومة.
لا يفوتنا اختيار نمط شخصية «المومس» في العديد من روايات محفوظ، لكل ما حملها الروائي من دلالات، حتي أصبحت «نموذجا» للعديد من المفاهيم المقاومية، فهي غالبا تسقط بسبب الفقر والقهر الاجتماعي، ودوما تبدو مضحية نبيلة السلوك إلي حد قد لا يتوافر عند غيرهن.
هكذا كانت «مومس» زقاق المدق والقاهرة الجديدة وبداية ونهاية، أما «نور» مومس «اللص والكلاب» فهي أكثرهن تعبيرا عما نعانيه من دلالات مقاومية، نظرا لدورها الجوهري الفاعل والتي أضافت جانبا مكملا لدلالات شخصية السفاح/ الضحية

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03232 seconds with 11 queries