العطايا
***
لا يصدقن أحد أنني بالدمع أو اللوم أصنع الضياء
بهذا تتجلّى السيادة
بالله، الذي بسخريته الفائقة
منحني الاثنان في نفس الوقت الكتب والظلام.
في مدينة الكتب هذه خلق هاتين العينين
حاكمان أعميان لا يستطيعان سوى القراءة،
في مكتبة الأحلام، الفقرات الخالية من النقط
التي يمنحها كل فجر جديد
كي توقظ القلق. في نهار عقيم
فرِّق عليهم كتبه التي لا تُحصى،
الصعبة كالنصوص الصعبة
التي فُنيت في الإسكندرية.
هناك حكاية إغريقية قديمة تروي كيف مات أحد الملوك
من الجوع والعطش، برغم النبع والفواكه التي قُدّمت له،
فقدتُ الاتجاه، مشيتُ مجهداً من جهة إلى أخرى
في هذه المكتبة الشامخة الطويلة العمياء.
الجدران موجودة، لكن بدون نفع،
دائرة المعارف، الأطلس، الشرق
والغرب، كل القرون، سلالات الحكّام،
الرموز، الكون، ونشأة الكون.
أستكشفها ببطء في عتمتي،
الظلام الأجوف في عصاتي المترددة،
أنا، الذي تعودت على اكتشاف الجنة
على هيئة مكتبة.
هناك شيء ما لا يمكن بتاتاً استدعاءه
الصدفة وحدها هي التي تتحكّم في تلك الأشياء،
وشخص آخر لقي هذا الحكم
في زمن يعود لكتب أخرى وظلام آخر.
بينما أمشي خلال المعارض المضجرة
يبدأ في النمو الإحساس مع نوع من الفزع المقدس
أنني ذلك الآخر، أنني الميت،
وأن الخطوات التي أمشيها هي أيضاً خطواته.
من منا نحن الاثنين الذي يكتب هذه السطور الآن
عن جمع هو أنا وظلام واحد؟
ما الذي يهم أي كلمة هي اسمي
إذا كانت اللعنة التي لا تتجزّأ هي نفسها؟
غروساك أو بورخيس، أحدِّق في هذا المحبوب
يصبح العالم مشوّهاً أكثر، ونورهُ
يخفت إلى رماد شاحب ومهزوز
يشبه النوم والنسيان الذين للظلام.