عرض مشاركة واحدة
قديم 22/03/2008   #5
شب و شيخ الشباب شب الكوبة
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ شب الكوبة
شب الكوبة is offline
 
نورنا ب:
May 2007
المطرح:
S y r i a n C o a s t
مشاركات:
493

افتراضي


سيـاستـه:


وُصف سيف الدولة بالسياسي البارع.. فلقد تخلص من مكر ودهاء (توزون).. كما تخلص من ظلم أخيه ناصر الدولة.. وهادن القرامطة ووثق صلاته بهم، وعقد معهم ما يشبه الصداقة مع كرهه الشديد لهم في دخيلة نفسه، وتمنيه لو مُكن من القضاء عليهم.. كما هادن معز الدولة بن بويه، وحرص على أن يعيش بسلام مع الإخشيديين وصاهرهم.. وحاول مداراة أكثر الأعداء وأشدهم من المحيطين به من أجل أن يتفرغ لأعداء الأمة الإسلامية (الروم) ليس إلا، باعتبارهم الأخطر، الذين يجب القضاء عليهم.. ولقد سار على ذلك وفق خطة حكيمة وضعها نصب عينيه، وهي ألا يحارب في أكثر من جبهة (إذ ان تعدد الجبهات الحربية مدعاة للهزيمة)..

وهكذا لم يكن سيف الدولة محارباً وفارساً وحسب، بل كان أستاذاً في تكتيك الحروب وتنظيم الخطط، الأمر الذي مكنه من التفرغ للروم، وإيقاع الرعب بهم والهزيمة بين صفوفهم..

وكان يدرك إن الانتصار على جيش ضعيف تحت قيادة قائد مضمور أمر يسير، غير خطير، بل لا يكاد يعد انتصاراً، ولكن تعظم قيمة النصر كلما كان العدو خطيراً وجيشه كبيراً وقائده ماهراً.. ومن هنا يمكن تقدير حجم انتصارات سيف الدولة حق قدرها.. لذا عد انتصاره على برداس فوكاس معجزة من السماء، وكان ذلك من الأمور التي تعلي قدره من الناحية الحربية وترفعه إلى مصاف أبطال الأساطير..

كان دائماً تحت السلاح، حتى لا يؤخذ على حين غرة.. لمعرفته أن العدو ألف الغدر والخديعة واستعمال الأساليب الخسيسة، التي يترفع عنها الخلق العربي الذي يتخلق به سيف الدولة. الذي لم يكن رجل عدوان وبغي ولم يكن قائداً لحملات سلب وغزو للسطو على الروم.. ومع كل حرصه ويقظته فقد استدرج من قبل نقفور في وسائل لا تتفق وقانون الحروب إلى معركة غير متكافئة في الوقت الذي عمت فيه فتن المماليك الأتراك وغدرهم به.. ولقد أدرك الخطر بعد فوات الوقت وحدس ما قد يتعرض إليه جيشه فلم يشأ ان يدخل الحرب مباشرة، وانسحب علّه يفلح في اختيار الوقت والمكان المناسبين، مما سهل على العدو اقتحام حلب أثناء غياب سيف الدولة وتدميرها بعد حصار مستميت وقتل أهاليها المسالمين. وحين عاد إليها بعد شهر وقف على اطلالها حزيناً.. (وقد أسرّ في نفسه ان ينتقم لرجاله الذين هلكوا وللأبرياء الذين قتلوا وللمدينة الجميلة التي خربت وهو ما حصل.. إذ خرجت جيوش المسلمين من طرسوس واقتحمت بلاد الروم وأوقعوا بجيوشهم وعادوا بغنائم وفيرة.. وانتهز سيف الدولة فرصة خلاف الروم على اختيار الإمبراطور الجديد فدخل بلادهم وأحرقها وسبى أكثر من ألفين وغنم من المواشي أكثر من مائة ألف رأس.. وظل يضرب في أرض العدو حتى وصل إلى (ملطية) وقد سبى وغنم ما لا يسهل حصره)(25).





مذهبه وتسامحه:


كان الحمدانيون شيعة ولكن في غير غلو. وكان سيف الدولة نفسه يتشيع فغلب على أهل حلب التشيع(26).

يا سيف دولة ذي الجلال ومن له = خير الخلائف والأنام سميُّ
أو ما ترى صفّين كيف أتيتها = فأنجاب عنها العسكر الغربيُّ
فكأنه جيشُ ابن حربٍ رعته = حتى كأنك يا عليُّ عليُّ


هكذا خاطب المتنبي سيف الدولة (الذي كان اسمه علي بن أبي الهيجاء وشيعي المذهب ويطرب إذا ما شبه بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع))(27).

إضافة إلى ما لعبته حلب عاصمة سيف الدولة من دور خطير في تاريخ العرب والمسلمين، إذ كانت هي وثغورها بمثابة الدروع الحصينة التي حمت أرض المسلمين التي قام البيزنطيون للاعتداء على استقلال الإمارة العربية بصفة خاصة والدولة الإسلامية بصفة عامة، فقد كان عهد سيف الدولة متميزاً من حيث التسامح المذهبي والديني.. فلم تقع أية خلافات أو مشاحنات بين المسلمين في حلب كما جرت في أمصار أخرى..

(وكان المجتمع الحلبي من الناحية العقيدية مجتمعاً هادئاً بعيداً عن الغلو خالياً من التعصب المذهبي، حتى أن أحمد بن إسحاق الملقب بابي الجود الذي ولي قضاء حلب بعد أبي الحصين كان حنفي المذهب)(2.

كما عاش أهل الذمة من النصارى واليهود حياة آمنة مطمئنة في ظل دولة سيف الدولة.. بالرغم من الاتجاه العدواني الصليبي.. وكان لهم مطلق الحرية في اختيار لون الحياة التي ينشدونها..

(ننشر هنا المكرمة التي تدل على مدى عطفه على الضعفاء واستجابته لاستغاثة المعوزين. وعلى أنه كان ملجأ أبناء الشعب في محنهم حتى وهم بعيدون عنه في بغداد. قال الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) وهو يترجم للفقيه الحنفي عبيد الله بن الحسن البغدادي الكرخي: لما أصاب أبا الحسن الكرخي الفالج في آخر عمره، حضر أصحابه، أبو بكر الدامغاني، وأبو علي الشاشي، وأبو عبد الله البصري، فقالوا: هذا مرض يحتاج إلى نفقة وعلاج والشيخ مقل ولا ينبغي ان نبذله للناس.. فكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان. فأحس الشيخ بما هم فيه، فبكى وقال: اللهم لا تجعل رزقي إلا من حيث عودتني، فمات قبل ان يحمل إليه شيء.. ثم جاء من سيف الدولة عشرة آلاف درهم.. فتصدقوا بها عنه)(29).



لــــــــــــــــــــــكل انســـــــــــــــــــــان في هذا العالم وطنـــــان وطنه الأم و ســـــــــــــــــــوريا
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03791 seconds with 11 queries