الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 06/11/2006   #223
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي عند قدمي أبي الهول


تتغلى على البسيطة شعوبٌ ودولٌ تأتي بالأديان والشرائع واللغات والعادات, وتتبارى في محق عمل الأجيال زلازل وبراكين وصواعق وأوبئة وثورات وزعازع وطوفانات. وأنت هنا رابض أمام أهرام انتصبت في وجه الفضاء تنقض أحكام الفناء. والهياكل تلقى بين يديك حديث الدهر بألفاظ الحجر والصوان وتعززه بصور الأرباب والملوك والكماة.
- ههنا تربض فريدًا على وثير الرمال في مملكتك الفيحاء مملكة الكتمان والجلال والإيماء, وعظمة القياصرة حديثة النعمة ودميمة حيال عظمتك المجردة الرفيعة. والإنسان المتطاول الشغوف بهتك الأستار يدخل إيوان وحدتك السنيّ. ولكنك في غيبوبتك غير منظور لهذه الأشباح الفانية, وغير ملموس لهذه الأيدي الذبابية المتنقلة على مخالبك ومنكبيك تلهّيًا واستقصاءً.
- وأنا صورة من ملايين صور الحياة نهضتُ أتفهّم الحياة كما نهض جميع أولئك المساكين. وكما وقفت قديمًا على طريق طيبة تلقى الأسئلة على العابرين وقفت أسأل أبناء السبيل عن معنى الحياة, فقال أحدهم (هي صدر الأم).
فالتصقت بصدر أمي, فإذا أنا منه في عش دفء وحرارة وحصن مناعة وأمان, لا ترعبني الرياح العاصفة والرعود الداوية والبروق الملعلعة والسيول المتدفقة. ومر يوم. فضاق بي صدر أمي وعدت إلى موقفي أسأل (ما هي الحياة?).
فأجاب مجيب (هي الدين والتقوى).
فبادرت أمرّغ جبهتي على عتبة المذبح مخفية أداة التقشف والإماتة تحت مزركش الأثواب. وأقرع صدري مستغفرة عن آثام لم أرتكبها وذنوب لم تخطر على بالي. فناجتني الصور الصامتة في أطرها, وهمست لي الصلبان بنكال الحربة والمسامير. فمر يوم. وصدر الهيكل الذي كان لينًا عطوفًا انقلب كالمرمر صلابة وبرودة. وصارت الطقوس الدينية ترتيبًا مسرحيّا. وأرواح البخور التي كانت تنزل عليّ فيض الوحي والإلهام غدت مزعجة كعطور تنشرها ذوات الذوق الكثيف. فعدت إلى مكاني من السبيل سائلة (ما هي الحياة?).
فقال صوت الغرور: (وهل هي للفتاة غير التيه والدلال والتظرف?).
فمضيت أسأجل مرآتي فتعشقت صورتي فيها. ولم أكن أفارق تلك الصورة إلاّ لأبحث عما يزينها ويجملها. وكان يبكيني مشهد الباكين, فأصبحت وقد تذوقت لذة اللهو واللعب في نسل خيوط القلوب. ومر يوم. فأطل شبح الملل في عينيّ. فعدت أسأل أبناء السبيل (ما هي الحياة?).
فعلا صوت الحضارة في صفير البخار وجلبة الآلات وقال: (هي الثروة والجاه العالمي وأبهة العمران).
فعدوت في سبيل هذه, سوى أني لم أصرف ساعة حتى تحجّر كياني. فعدت والضجر يقتلني أسأل (ما هي الحياة?).
- فقال صوت العلم الرزين: (أنا الحياة لأني أشرح الحياة).
فألقيت بنفسي في الخضم الزاخر أعالج العلم المادي تارةً والفلسفة الروحانية أخرى. كم من علم خلقنا, أيها المليك, لنبحث عمّا لا يُعلم, وكم من لغة أبدعنا لنشرح ما لا يشرح! فهداني الجهابذة إلى القوة التي يتم بها التفاعل الكوني بين الأجرام فلا تتفلت من عناقها شمس ولا ذرة: الجاذبية. فسألت: وما هي هذه الجاذبية? من رآها من سمعها? من لمسها? أهي وسيط ينتقل على تموج الأثير, أم هي سيّال يتموّج بنفسه مستقلاّ عن العناصر? فأجابوا (ذاك سر الحياة وهو مجهول).
الحياة! مجهول! لفظتان تمثلان الانفصال والاتحاد جميعًا.
هذه الرمال التي تفرش ربوعك بطنافس ناعمة - منذ أربعة آلاف سنة, يا حارس الصحراء, منذ أربعة آلاف سنة والعلم يقلِّب الذرة الواحدة منها ويديرها ويقسمها ويجزّئ تقسيمها. لقد نحرها بحثًا ودرسًا وتحليلاً متلمسًا علة تركيبها واللغز المتوارى وراء محلها. فسارت جهوده من مجهول إلى مجهول ومن استفهام إلى استفهام. وما زال مثلى أنا الطفلة الغريرة يسأل (ما هي الحياة? ما هي الحياة?).
كذلك طال استجوابي للسابلة فضحك كثيرون ومضوا لأنهم لم يفهموا, والقليلون الذين وقفوا وأجابوا أرهفوا فىَّ اللجاجة والحرقة والأسى.
***
يا وليد بابل أم السحر والتعاويذ, إلى أي حقيقة رمز بك الرامزون? ولماذا جعلوا بين كفيك درجات خفية تفضي إلى سرداب امتد وتاه في مجاهل الأهرام? لماذا أودعوا قلبك مفتاح باب الغيب حيث كان العرافون يستمعون للآلهة الهواتف? ولماذا لا يعرف موضع أصغرك الأجوف منك سوى شفتيك المطبقتين على كرّ الأعقاب?
نحن مثلك نترقب ونتوقع, ونتوقع ونترقب, فهل تعلم ما هذا الذي ننتظرهُ وتنتظرهُ الآفاق المنحنية علينا? لقد سُجنَّا في حالك الظلمات تخترقها خيوط النور حينًا بعد حين فنهبُّ نحسبها مقدمة لتحقيق الرجيّة, وما هي غير السراب الخدّاع فيزيد الظلام حلكًا ونلبث في الانتظار متردِّدين.
أصحيح أن لغزك لغز الدهور أم خلقك الإنسان رمزاً له كما خلق آلهته على صورته ومثاله? لقد أعطاك من الثور الخاصرتين مكمن الغريزة الجوفية الرامزة إلى السكوت, ومن الأسد براثن التحمس والاستماتة الرامزة إلى الجرأة, ومن النسر الجناحين المحلقين في بعيد المدى الرامزين إلى المعرفة, ومنه - من إنسانيته - أعطاك الرأس مشيرًا إلى التبصر والإرادة المدركة المتغلبة على الغريزة والانفعال والخيال. فكيف يحصر فيك جميع هذه النزعات التي تتجاذبه ولا يضيف إليها ما بقي? لماذا لا يكون ابتسامك الدائم صورة الأمل المتجدد أبدًا فيه? أليس أنه مثلك لأنك مثله? أليس إن في أعماقه أبا هول شاخصًا أبدًا في السموات العُلا كلما ظفر بفجر وشروق لبث يتوقع بزوغ كوكب جديد وشروق شمس ساطعة?

ادعـــي علـــي بالموت.. ولا سمني
بس لا تفارقني دخيــل الله و تغيب
طاري السفر يا بعد عمري همني
شلون اودع في المطار اغلـــى حبيب :cry:
تعال قبل تروح عني ضمني
اقرب من انفاسي ترى حالي صعيب
ابنتثر قدام عينك لمني
وابسألك هل نلتقي عما قريب
نسيت حتي اسمي دخيلك سمني
باللى تسمينى البيلك واجيب
مجنون عاقل ما علي من لامني
انا مع نفسي واحس اني غريب


 
 
Page generated in 0.06316 seconds with 11 queries