عرض مشاركة واحدة
قديم 09/06/2006   #54
شب و شيخ الشباب krimbow
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ krimbow
krimbow is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
damscus-syria
مشاركات:
4,822

افتراضي


نتابع

الرسالة الخامسة من القسم الرياضي في الموسيقى


بسم الله الرحمن الرحيم
وإذا قد فرغنا من ذكر الصنائع العلمية الروحانية التي هي أجناس العلوم، ومن ذكر الصنائع العلمية الجسمانية التي هي أجناس الصنائع، وبينا ماهية كل واحد منهما، وكمية أنواعهما، وما الأغراض المطلوبة منهما في رسالتين لنا، فنريد لأن نذكر في هذه الرسالة الملقبة بالموسيقى الصناعة المركبة من الجسمانية والروحانية التي هي صناعة التأليف في معرفة النسب، وليس غرضنا من هذه الرسالة تعليم الغناء وصنعة الملاهي، وإن كان لا بد من ذكرها، بل غرضنا هومعرفة النسب وكيفية التأليف اللذين بهما وبمعرفتهما يكون الحذق في الصنائع كلها.
أعلم يا أخي- أيدك الله وإيانا بروح منه- بأن كل صناعة تعمل باليدين، فإن الهيولى الموضوعة فيها إنما هي أجسام طبيعية، ومصنوعاتها كلها أشكال جسمانية، إلا الصناعة الموسيقية فإن الهيولى الموضوعة فيها، كلها جواهر روحانية، وهي نفوس المستمعين، وتأثيراتها فيها مظاهر كلها روحانية أيضاً. وذلك أن ألحان الموسيقى أصوات ونغمات، ولها في النفوس تأثيرات كتأثيرات صناعات الصناع في الهيوليات الموضوعة في صناعاتهم، فمن تلك النغمات والأصوات ما يحرك النفوس نحوالأعمال الشاقة، والصنائع المتعبة، وينشطها ويقوي عزماتها على الأفعال الصعبة المتعبة للأبدان، التي تبذل فيها مهج النفوس وذخائر الأموال، وهي الألحان المشجعة التي تستعمل في الحروب، وعند القتال في الهيجاء، ولا سيما إذا غني معها بأبيات موزونة في وصف الحروب ومديح الشجعان مثل قول القائل: لوكنت من مازن لم تستبح إبلي بنواللقيطة من ذهل بن شيبانا
ومثل قول البسوس بنت منقذ: لعمري لوأصبحت في دار منـقـذ لما ضيم سعد وهوجار لأبـياتـي
ولكنني أصبحي فـي دار غـربة متى يعد فيها الذئب يعد على شاتي
فيا سعد لا تغرر بنفسك وارتحـل، فإنك في قوم عن الجار أمـوات
فإن هذه الأبيات وأخواتها يقال إنها كانت سبباً لإثارة أقوام إلى الحرب والقتال بين قبيلتين من قبائل العرب سنين متواترة. ومن الأبيات الموزونة أيضاً ما يثير الأحقاد الكامنة، ويحرك النفوس الساكنة، ويلهب نيران الغضب مثل قول القائل: واذكروا مصرع الحسين وزيد وقتيلاً بجانب الـمـهـراس
فإن هذه الأبيات وأخواتها أيضاً أثارت أحقاداً بين أقوام وحركت نفوسهم، والتهبت فيها نيران الغضب، وحثتهم على قتل أبناء الأعمام والأقرباء والعشائر، حتى قتلوهم بذنوب آبائهم ووزر أجدادهم، ولم يرحموا منهم أحداً. ومن الألحان والنغمات أيضاً ما يسكن سورة الغضب ويحل الأحقاد ويوقع الصلح، ويكسب الألفة والمحبة، فمن ذلك ما يحكى في بعض مجالس الشراب اجتمع رجلان متغاضبان، وكان بينهما ضغن قديم وحقد كامن، فلما دار الشراب بينهما ثار الحقد والتهبت نيران الغضب، وهم كل واحد منهما بقتل صاحبه. فلما أحس الموسيقار بذلك منهما، وكان ماهراً في صناعته، غير نغمات الأوتار، وضرب اللحن الملين المسكن وأسمعهما؛ وداوم حتى سكن سورة الغضب عنهما، وقاما فتعانقا وتصالحا.

ومن الألحان والنغمات ما ينقل النفوس من حال إلى حال ويغير أخلاقها من ضد إلى ضد، ومن ذلك ما يحكى أن جماعة كانت- من أهل هذه الصناعة- مجتمعة في دعوة رجل رئيس كبير، فرتب مراتبهم في مجلسه، بحسب حذقهم في صناعتهم، إذ دخل عليهم إنسان رث الحال، عليه ثياب رثة، فرفعه صاحب المجلس عليهم كلهم، وتبين إنكار ذلك في وجوههم، فأراد أن يبين فضله، ويسكن عنهم غضبهم، فسأله أن يسمعهم شيئاً من صناعته، فأخرج الرجل خشبات كانت معه فركبها، ومد عليها أوتاره وحركها تحريكاً، فأضحك كل من كان في المجلس من اللذة والفرح والسرور الذي حل داخل نفوسهم، ثم قلبها وحركها تحريكاً آخر أبكاهم كلهم من رقة النغمة وحزن القلوب، ثم قلبها وحركها تحريكاً نومهم كلهم، وقام وخرج، فلم يعرف له خبر.
فقد تبين بما ذكرنا أن لصناعة الموسيقى تأثيرات في نفوس المستمعين مختلفة كاختلاف تأثيرات صناعات الصناع في الهيوليات الموضوعة في صناعاتهم، فمن أجلها يستعملها كل الأمم من بني آدم وكثير من الحيوانات أيضاً. ومن الدليل على أن لها تأثيرات في النفوس استعمال الناس لها، تارة عند الفرح والسرور في الأعراس والولائم والدعوات، وتارة عند الحزن والغم والمصائب وفي المآتم؛ وتارة في بيوت العبادات وفي الأعياد، وتارة في الأسواق والمنازل، وفي الأسفار وفي الحضر، وعند الراحة والتعب، وفي مجالس الملوك ومنازل السوقة، ويستعملها الرجال والنساء والصبيان والمشايخ والعلماء والجهال والصناع والتجار وجميع طبقات الناس.

عندما تتأجج نار التحششيش .. تنأى الحشائش بالحشيش الحشحشش ..
وحشيشة التحشيش .. عمر أحشش ..
حش الحشائش في حشيش محشش ..
حشاش يا أخا الحشيش ..
حشش على تحشيش محششنا القديم ..
سوريا الله حاميا
jesus i trust in you
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04173 seconds with 11 queries