[أبو النسيم]

لجان أحياء المجتمع المدني في سوريا


لجان إحياء المجتمع المدني هي نخبة من المثقفين السوريين جاءوا من منابت ومشارب فكرية وسياسية متنوعة لخلق مساحات من الفعل الإنساني المبادر والمستقل عن هيمنة السلطة. يتميز عملها بطابعه العلني والمباشر، والذي يهدف إلى بناء أشكال جديدة من العلاقات بين السلطة والمجتمع تنهض على أسس من الحرية والتعددية واحترام الآخر.

تحاول اللجان ردم الهوة بين العمل السياسي شبه المحرم والسلبية السائدة في أوساط الشعب، في إطار من الانفتاح والعقلانية، دون تخندق إيديولوجي أو أحكام مسبقة، وتبذل بالتالي جهداً خاصاً لنشر ثقافة الديموقراطية واحترام التنوع الفكري والسياسي ولإزالة العوائق التي تقف حائلا دون الحريات العامة وسيادة حقوق الإنسان والمواطن، وتبدي اهتماماً خاصاً بتنشيط المنظمات المجتمعية والسياسية، والإسهام في تلمس أشكال العمل المجتمعي الملائمة لوضع سوريا الخاص، كما تعمل على نشر روح المبادرة بين المواطنين، بما في ذلك إنعاش ثقة الناس بدورهم في الحياة العامة، وإن عليهم بذل الجهود من اجل تحرير أنفسهم بأنفسهم.

ما ساعد لجان إحياء المجتمع المدني لتحفر عميقاً في الحياة السياسية والاجتماعية السورية، هو تميزها بعدم امتلاك بنية تنظيمية، ومرونة أساليب عملها، وسرعة حراكها وقدرتها على اتخاذ المبادرات والخطوات العملية دون بيروقراطية، فهي لا تعرف بعد مرض التكتل والتنافس على مواقع قيادية، لأنه ليس فيها مواقع كهذه، ولأن كل واحد منها هو مركز بحد ذاته يشارك في جهودها حسب ما يخصصه لها من كفاءة وقدرة ووقت، دون تعسف تنظيمي أو إكراه.

تفتح لجان إحياء المجتمع المدني قلبها للجميع ولكل ملاحظة أو انتقاد، وتعمل على خلق فرص الحوار والتفاعل لبلوغ توافقات تساعد المختلفين على تعزيز ما هو مشترك بينهم، دون أن تقيد حقهم في الاختلاف أو في التعبير عنه. كما لا تتطلع اللجان إلى اخذ موقع ما، أو منازعة أحد دوره، بل ما يهمها هو تطوير أدوار الجميع وتعزيز مواقعهم في العمل الديموقراطي، سياسياً كان أم غير سياسي.