عرض مشاركة واحدة
قديم 22/07/2008   #4
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


لقد تطورت بعض القطرات وفق آليات التخمر. فحررت في البداية كميات كبيرة من الميتان وغاز الفحم اللذين انحلا في المحيطات. ولا تزال هذه الآلية موجودة اليوم: في أجواف المجترات مثلاً حيث تقوم البكتريا بالتخمير بغياب الأكسجين. لكن التطور كان سيسلك طريقاً أكثر فاعلية. ذلك أن التركيب الضوئي والتنفس كانا على وشك الظهور. ويرتكز الأول على اليخضور، والثاني على الهيموغلوبين. وقد حدث عندها افتراق بين هذين الصنفين. فمن جهة القطرات التي تصنع الطاقة مباشرة، وذلك عن طريق الضوء الشمسي الراشح في المحيطات وغاز الكربون الذي تحرره الخمائر (هذا هو التركيب الضوئي)؛ ومن جهة أخرى القطرات التي تمتص المواد الغنية بالطاقة والأكسجين الذي يطرحه غيرها (وهذا هو التنفس)، ويكون عليها بالتالي الانتقال من أجل إيجاد غذائها. ذلك هو الإفتراق بين البكتريا المستقبلية والعوالق المستقبلية، بين العالم الحيواني والعالم النباتي. وتقد تابعت هذه القطرات تطورها فتزودت بنوى. ووفق النظرية الحديثة جداً فقد عاشت أنواع الخلايا متكافلة مع بعضها. واكتملت هذه العضويات فيما بعد باكتساب سوط أو هدب يسمح لها بالانتقال. وهذه الخلايا ذات النوى والمتحركة كانت خلايا قناصة تملك في أغشيتها فتحة وأهداباً هزازة تجتذب البكتريا والعوالق ثم تلفظ فضلاتها. لقد عرفت الطبيعة كافة أشكال التطورات الممكنة الأخرى للخلايا. لكن الحياة أقصت كافة السبل غير القابلة للتكيف. وقد لعب الزمن دوره هذه المرة أيضاً. فهو يتقلص أو يتمدد تبعاً لمراحل التطور. إنه ظهور جزيء تفاعلي جداً يركز الزمان ـ المكان: فهو يستطيع اجتياح بيئته الخاصة والتخلص في وقت قصير جداً من الجزيئات الأخرى التي استغرقت آلاف السنين لتتطور. إن الدراسات الحديثة وفهم آليات التطور هذه فتح الباب عريضاً أمام باحثين يعملون حالياً في مختبراتهم على تطوير ما يسمونه بالحياة الصنعية، في محاولات لإعادة تمثل احتمالات تطور الخلايا الأولى. إنها متتالية من التفاعلات التي تقود إلى تفاعلات لاعكوسة وإلى خصائص جديدة. هكذا بني التاريخ الذي نوجد اليوم عند نهايته. ويؤكد جويل دو روني أن المصادفة لا تلعب هنا أي دور. فإذا بدت هذه القصة خارقة فلأننا موجودون هنا لنحكيها. لقد كان هناك ملايين من قصص الجنود الذين انتهوا بشكل مأساوي، لكن أحداً لم يخبر بقصصهم لأنهم لم يعودوا موجودين ببساطة. وكم وكم من المحاولات النادرة توصلت إليها الحياة ولم تستمر ولا نعرف عنها شيئاً اليوم. إن تاريخنا هو السرد الوحيد الذي نستطيع إعادة تشكيله،ولهذا فهو يبدو خارقاً إلى هذا الحد. عند هذا الحد من قصتنا كانت تعمر الأرض خلايا تحيا بسلام في المحيطات. وكان يمكن لهذا النمط من الحياة أن يستمر. فما الذي بعث التطور الحيوي من جديد باتجاه التعقيد؟ لقد سممت هذه الخلايا نفسها بالفضلات التي كانت تطرحها. وكان لا بد لها من التجمع لأسباب كثيرة والعيش في تجمعات متكافلة لتقاوم افتقار البيئة أو فسادها أو القناصة إلخ. وهكذا أدت الحياة الجماعية إلى ولادة أولى أشكال متعددات الخلايا البسيطة. إنها أولى العضويات البحرية من ديدان واسفنجيات وغيرها. لقد تم هذا التطور خلال عدة مئات آلاف السنين فقط، وبعدها بدأ التطور يتسارع. وشيئاً فشيئاً تصبح القصة مألوفة لنا أكثر فأكثر؛ فلدينا منذ الآن كائنات نعرف سلالاتها أو أحافيرها. وكان التطور التالي بالتأكيد هو الجنس. لقد نمت شجرة الحياة وتفرعت في ثلاثة فروع رئيسية هي: فرع الفطريات والسرخسيات والطحالب والنباتات الزهرية؛ وفرع الديدان والرخويات والقشريات والعنكبوتيات والحشرات؛ وفرع الأسماك والزواحف وحبليات الظهر ثم الطيور والضفدعيات والثدييات...لقد ولد الجنس وفق إحدى النظريات من الكائنات التي تأكل أفراد نوعها. فعندما تأكل الخلايا بعضها بعضاً يمكن أن تندمج فيها مورثات أنواع أخرى. وكانت هذه الظاهرة موجودة عند البكتريا. ومع ازدياد تعقيد العضويات أصبحت مزودة بخلايا متخصصة بالتكاثر، هي الخلايا الإنتاشية التي يحتوي كل منها على نصف خلايا مورثات عضويته، وهكذا تعمم الجنس. وبفضل الجنس أمكن للطبيعة أن تخلط مورثاتها، وهكذا انفجر التنوع. وبدأت مغامرة التطور البيولوجي الكبرى. وقد شهدت عدداً لا يحصى من التجارب المخفقة والأنواع التي لم تستمر. وكانت الظاهرة الهامة الثانية التي اندرجت في بنية العضوية هي آلية الزمن، أي الشيخوخة والهرم والموت. والموت هام بمقدار التكاثر نفسه. فهو يعيد الذرات والجزيئات إلى دورة الطبيعة وبفضله تتمكن الحياة من التجدد. وبعد أن عرف الكائن الحي الجنس والموت بدأ يطور قدراته. فباستخدام السكريات أغنى استقلابه وطور عضلاته مما سمح له بالحركة والعمل والسباحة والطيران والركض وإعمار العالم. وفي الوقت نفسه عملت اللواقط التي هي الحواس على تنسيق نشاطات العضوية. وهكذا ظهرت ثلاثة تطورات كبرى حديدة: النظام المناعي الذي يؤمن الحماية ضد الطفيليات والفيروسات؛ والنظام الهرموني الذي يسمح بالسيطرة على الإيقاعات البيولوجية والتناسل الجنسي؛ والنظام العصبي الذي يحكم الإتصالات الداخلية. وقد ظهرت هذه المنظومات الثلاث ما أن خرجت الحيوانات من الماء. كان الذي دفع إولى الكائنات المائية إلى اليابسة هو المنافسة الشديدة على الغذاء. ولهذا كان ثمة نوع غامر باتجاه اليابسة للحصول على غذائه ثم العودة إلى المياه لوضع البيوض فيها. وعلى مر الأجيال جازفت سلالات هذا النوع بالبقاء أكثر على اليابسة بفضل خياشيمها القادرة على التقاط الأكسجين؛ بل وأيضاً بفضل دموعها، إذ كان عليها المحافظة على عينيها رطبة للرؤية في الهواء. وكان أنسال هذا النوع هم الضفدعيات والبرمائيات. والحق أننا ما كنا لنكون لولا دموع هذه السمكة. وقد يسر الهواء الطلق الحركة والاتصال والتطور. ومع ظهور الهيكل العظمي أصبحت الحيوانات أقدر على التغلب على الجاذبية. وسمح لها اختراع العضلات بالتخلي عن كونها عجائن من الهلام الرخو مثل الديدان، بل وبممارسة ضغط آلي على بيئتها، وبتحمل وزن الشحوم الحامية لها والدماغ. وهكذا فقد تنوع كل شيء: الاستقلاب ومنظومات الحركة والأشكال...وبشكل مواز تم خلال هذا الوقت عند النبات انتقاء منظومات لأسر الطاقة الشمسية بواسطة الأوراق ولنقل الطاقة بواسطة النسغ. وعلى الرغم من بساطة الحياة النباتية الظاهرية لكنها تطورت وفق أنظمة معقدة تظهر بخاصة في نظامها التكاثري. وقد شهد تطور الحياة تسارعاً ثابتاً، لكنه مر أيضاً بفترات انقراض كبير وبطرق مسدودة. فمنذ مائتي مليون سنة كانت الديناصورات تسود الأرض بأنواعها الصغيرة والكبيرة والعاشبة واللاحمة والراكضة والطائرة والبرمائية. وقد انقرضت بسبب نيزك هائل قطره خمسة كيلومترات سقط في خليج المكسيك منذ نحو 65 مليون سنة. وكانت الصدمة عنيفة إلى حد أنها ارتدت من الجانب الآخر للكوكب وحرضت تفجر الصهارة. وأدى ذلك إلى حريق عالمي مما حرر غاز الفحم والغبار فتغطت الأرض بحجاب شاسع. وتعتم الكوكب ونجم عن ذلك برد رهيب رافقه بعد ذلك على الأرجح أثر للدفيئة أدى إلى التسخين. وكان عدد الأنواع الذي نجا ضئيلاً، ومنها الليموريات. وهي أنواع متحركة ومتكيفة جداً ومزودة بيدين ممسكتين. وقد لجأت إلى تجويفات الصخور واحتمت بها وولدت السلالات التي أدت إلى ظهور الثدييات. واكتسبت هذه الأخيرة ميزة جديدة لتؤمن بقاء نسلها. وهي حمل البيضة في داخلها

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05592 seconds with 11 queries