عرض مشاركة واحدة
قديم 02/02/2008   #2
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

Lightbulb


وهنا فكرت أنه من الضروري أن أعرف إذا ما كان السبب الرئيسي لانفصالها عن خليل الثاني هو أمر العلاقة الجنسية أم سفره خارج لبنان، فسألتها عن ذلك. عندئذٍ ارتبكت ولم تقدر أن تشرح لي ما هو السبب الحاسم. قابلت ذلك بتعبيرات على وجهي تدل على أنني لم أستطع أن أفهم السبب الحقيقي، فقطعتْ استرسالَها غير الفعال في إفهامي وقالت: "بصراحة، الحادثة التي تعرضتُ لها السنة الفائتة أثَّرتْ عليَّ كثيرًا."
هذه "الحادثة" باختصار، كما روتْها لي، حادثة اختطاف كانت قد تعرضت له السنة الفائتة عندما كانت عائدة إلى بيروت في الساعة 10 ليلاً مع ابن عمِّها في سيارته. تعطلتْ السيارة في منتصف الطريق تقريبًا. وبينما هما يهمَّان باكتشاف العطل، انقضَّ عليهما رجلان ضخمان – وهما بالمناسبة فلسطينيان – وكادا أن يغتصباها، لولا أن ابن عمها دافع عنها، فضرباه حتى اعتقدا أنه مات، فخافا وهربا. قالت لي: "صرت كل ما أشوفه [خليل الثاني] شم منه نفس ريحتهم، وأنفر منه، وأعمل معه مشاكل بلا سبب – حتى زعل وبطَّل."
وبدأت دمعة وراء أخرى تسقط من عيني سهاد، واستمرت في ذلك حوالى الخمس دقائق. تركتها حتى تفرغ غضبها وحزنها دون أن أتفوه بأية كلمة. وعندما هدأتْ بعض الشيء، سألتُها فيما إذا كانت قادرة على متابعة اللقاء؟ فردت بأن لا مانع لديها – إلا إذا كانت قد "طوشتني" بأحاديثها. "طبعًا لا"، كان جوابي. وتابعت سائلاً إياها: "ماذا كنت تشعرين عندما كنت ترينه بعد الحادثة؟" أجابت: "أحيانًا كنت أتخيله واحد منهم وأغمض عيوني... ما عدت روح لعنده على المركز كثير، صرت أكره الفلسطينيين، وهو صار يطلب مني أنو أجي لأجل أنو يخلصني من عقدتي... "يا ريته لم يطلب مني كل هذا أصلاً... يا ريته ما طلب مني أن أعمل معه شي كان أحسن."
كان قد مضى على اللقاء هنا أكثر من ساعة وعشر دقائق، كما أن سهاد كانت قد هدأت قليلاً. فاختتمت اللقاء، محاولاً أن أشرح لها أنه كون الذين اختطفوها فلسطينيين فهذا لا يعني أن كل الفلسطينيين سيئين؛ كما أنه لا يعني أن خليل الثاني هكذا.
تأويل اللقاء الخامس:
ربما أطلت في الحديث عن اللقاء الخامس؛ ولكنه كان غنيًّا جدًّا. وكان واضحًا أن السبب في صراحة سهاد هذه المرة، أكثر من غيرها، هو أن الألم الذي كانت تعانيه من جراء هذه العلاقة مع خليل الثاني كان أكبر من الألم الذي ستعاني منه عندما ستفصح عن مشاعرها بهذه الصراحة.
إن الاشكالية التي كانت تعاني منها سهاد، كما بدت لي قبل الحادثة، تتلخَّص كالتالي: هل تسمح لنفسها بمغامرة جنسية مع هذا الشاب لتجذب اهتمامه، وتُرضي رغباتِه، وتجازف باحترامه لها كفتاة مستقيمة (كما تعلمت ذلك من أهلها)؟ أم أنه ينبغي عليها أن تبقى متحفظة وتجازف باهتمامه لها؟ هل تجرؤ على معارضة قيم ورغبات أهلها فتثير غضبهما؟ أم أنه من الأفضل لها أن تنسحب من أرض المعركة؟ وهكذا أتت الحادثة لتعطيها مبررًا قويًّا – حسب منطقها – للانسحاب من أرض المعركة.
ولكن الطريقة التي انسحبت بها سهاد ة التي عبَّرتْ عنها ("أنا وحدة ما بعرف أعمل سِكْسْ")، والخوف من القضيب الذي كان لديها، يدلان على أن للمشكلة أبعادًا أعمق من تلك التي قلناها قبل قليل، دون أن ننفي صحة ما قلناه؛ أبعادًا ربما تتعلق بأفول عقدة خصاء لديها منذ الطفولة.

اللقاء السادس: الحلم الأول:
كان هذا اللقاء سريعًا وقصيرًا. هكذا أرادتْه سهاد. فقد استدعتْني خارج الوقت المحدَّد للجلسة، وقالت إنها تريد أن تحدِّثني عن حلم رأتْه في ذلك اليوم.
عندما وصلتُ كانت سهاد في المطبخ، وقد بدا عليها الفرح بعض الشيئ، كانت مهتمة لأن تريني شيئًا في المطبخ. رأيت صحنًا من اللبنة، وقد أخذت وقتًا لكي أعرف أنه لبنة! فسهاد أضافت اليها الكثير الكثير من الشطَّة والنعناع اليابس والزيت حتى تغير لونُها ورائحتها. أخبرتني أنها تستطيع أن تأكلها الآن، وأنها سعيدة بذلك لأنها يساعدها من التقليل من الخوف من الإصابة بترقُّق العظم.
أثار المشهد اهتمامي، وقلت لها إن ذلك جيد إذا لم تكن هناك من طريقة تساعدها على تقبُّل أكل اللبنة. انتقلنا بعد ذلك إلى الحديث عن الحلم الذي وصفتْه بـ"الجميل الغريب". كان الحلم كالتالي:
رأيت نفسي مستلقية في سريري – وكنت عارية تمامًا. وفجأة أحسستُ أن هناك شيئًا ما يلامس جسمي. كان منظره غريبًا مُبهَمًا. إنه رجل، لكنه كان هلاميًّا ضبابيًّا. لم أستطع أن أرى أو أن أشعر بأيِّ تفصيل من تفاصيل جسمه الدخاني تقريبًا. استمرَّ بمداعبتي، وشعرتُ كأنني نمت معه. غمرتْني سعادة، وأحسست بنفس الشعور الذي أحسُّه عندما يلامسني أحدهم في الواقع. استيقظت دون أن أحتلم، ولكن الإحساس استمرَّ معي لبضع ثوان بعد أن اختفى، وانتهى الحلم.
حاولت أن أستفسر عن بعض نقاط الحلم، وأن أعرف شكل هذا الشخص. فلم تستطع سهاد أن تصفه؛ فقد كان أشبه بـ"شبح"، كما قالت. ثم سألتها بشكل مباشر: "هل شعرتِ بالـ"أورغاسم" [ذروة النشوة]؟ فأجابت بلا، وبأنها أصلاً لم تشعر به كثيرًا؛ فالعلاقات التي كانت تقوم بها لم تصل إلى هذه المرحلة المتطورة.
لم تُرِدْ سهاد – لسبب ما – أن تكمل الجلسة. فقد تذرَّعتْ بموعد عمل آخر، وطلبت مني تفسيرًا مباشرًا للحلم؛ فأجبتها أنه يجب عليَّ أن أفكر فيه قليلاً، ثم آتيها بتفسيره لاحقًا.
تأويل اللقاء السادس:
إن حادثة اللبنة هذه كانت مهمة جدًّا بنظري. فهي، من جهة، تطور لمستْه لدى العميلة في تعاطيها مع مخاوفها: ففي حين كانت ترفض في بداية الجلسات أن تقترب من أي مكان توجد فيه لبنة أو جبنة، نراها الآن تحاول أن تتغلب على ذاتها، وتوجِد حلاً بسيطًا لمشكلتها؛ كما أنها، من جهة ثانية، تدل على إشارة صريحة من اللاوعي لديها على أن ما فسَّرناه سابقًا عن موضوع رفضها لكلِّ ما ينتجه الخروف (على أنه ناتج من حادثة ذبح الخروف في صغرها) كان غير كافٍ لفهم هذه النقطة. إن اللون والرائحة هما الأساس هنا، وليس كون اللبنة هي منتج من الخروف فقط. لقد استطاعت سهاد أن تأكل اللبنة فقط عندما تغير لونُها ورائحتها.
هنا أشير إلى افتراض لا أدري ما مدى صحته: وهو أن للَّبنة لون السائل المنوي لدى الرجل نفسه؛ كما أن الرائحة القوية النفاذة لبعض أنواع الجبن توازي في نفاذها رائحة هذا السائل. ولكن هنا يبقى السؤال: هل حقًّا أنها تعرف لون ورائحة هذا السائل؟
إن هذا الربط يفتح أمامنا المجال لتأويلات جديدة. وإذا ما ربطنا ذلك بالتفسير الذي وجدته للحلم والذي أراه كالتالي: لقد حمل الحلم رمزًا مختلطًا؛ فهذا الرجل الشبحي الهلامي الدخاني، يرمز إلى اختلاط الأنيموس Animus بالظل Shadow لديها. والحلم، كما نعرف بحسب يونغ، يمثل الحقيقة أي الواقع الداخلي كما هو، لا كما يفترضه المرء – وهو حالة لا يريد الوعيُ أن يعرف شيئًا عنها، أو لا يقبل حقيقتها وواقعها (الظل). إذًا سهاد في حقيقة واقعها الداخلي – الذي ربما يرفضه واقعها الخارجي الشعوري ولكن لا يمكننا أن نفصله عنه – ترغب في الممارسة الجنسية الكاملة؛ ولكن، ربما نتيجة لهذا الاختلاط لديها الذي لا تعرف كيف تحدِّد معالمه وشكله، نراها ترفض ذلك في الواقع الخارجي الواعي.
لقد أدى الحلم هنا وظيفته التعويضية، وهي الوظيفة الأسمى، لأن هذه الأحلام التعويضية تحتوي على إدراكات وعواطف وأفكار يترك غيابُها في الواعية فراغًا، يملؤه الخوف بدلاً من أن يملأه الفهم الواعي. وبهذا يكون الحلم قد عوَّضَ عن غياب الرغبة لدى سهاد في الواقع، وحاول بذلك أن يوازي هذا الخوف والرفض الحاصل لديها من مغامرة الرغبة التي عادت إلى الواقع في هذه الفترة مع عودة خليل الثاني.
إن ربط هذه المعطيات يؤدي إلى استخلاص فكرة أن لدى العميلة رفضًا خارجيًّا للقضيب ولكلِّ ما يمتُّ إليه بصلة، وبات يجب عليَّ أن أبحث، من الآن فصاعدًا، عن جذور هذا الرفض في لاوعيها وفي ماضيها.

اللقاء السابع:
الحلم الثاني:
لقد اكتفيتُ في هذا اللقاء بأن أوضح لها جانبًا من حلمها، وهو ما يخصُّ أن لديها الرغبة في داخلها لأن تقيم علاقة كاملة مع أحدهم، ولكنها ربما لا تستطيع ذلك، لأن ذلك يتعارض مع قيمها، أو بالأحرى قيم أهلها، وأن الحلم هنا جاء ليعوض نقص الرغبة لديها الذي كانت تشعر به خلال فترة ما قبل رجوع خليل الثاني.
ابتدأت سهاد اللقاء بتوتر وارتباك. وقج عَزَتْ ذلك إلى حالتها التي وصفتها كالتالي: "لا – مش
معقول – الحالة التي عم أمر فيها غريبة... تصوَّر أنو خليل حكا معي وقال أنو بدو ياني وأنو بيحبني من زمان... كان عم يحاول نسياني... والآن صار بدو يتزوجني." ولم أستطيع أن أميز في البداية عن أيِّ خليل تتكلم، الأول أم الثاني، فسألتها: "خليل الثاني؟" وأتى الجواب غريبًا جدًّا: "لا... خليل الثاني رحل منذ يومين – خليل هذا غير الاثنين...". تابعت الحديث سائلاً إياها: "وما قصة خليل الثالث هذا؟"
بدأت تشرح لي تاريخ علاقتها بخليل الثالث الذي كان صديقها منذ الصغر. لقد تربيا بعضهما مع بعض تقريبًا، بحكم الصداقة والقرابة بين العائلتين. وخليل الثالث هذا مسلم سني مثلها، ولكنه يحمل بعض الأفكار الشيوعية المتحررة؛ أشقر, قوي البنية، وهو يدرس الآن الطب في سنته الأخيرة في تركيا التي يعرفها جيدًا من الرحلات المشتركة بين العائلتين منذ زمن طويل.
وعندما انتهت من الشرح سألتُها: "وما رأيك أنتِ؟" أجابتني والحيرة بادية على وجهها: "لا أعرف... أهلي موافقين كتير على الموضوع، وعم يشجعوني كتير... بس...". وتوقفت، فأكملتُ جملتها: "بس ماذا؟" أجابت: "بس... ما بعرف كيف... خلو – وهو اسم الدلع – خلو متل أخي... وأنا لا أشعر تجاهه بأي شي غير ذلك... ولا أقدر أن أعتبره حبيبي أو زوجي... بحبه كتير، وبس يغيب بشتقله... بس متل أخي، عرفت كيف؟"

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.14609 seconds with 11 queries