تحت رأفة كل من في يديه سلطة، من الداخل أو الخارج، أصحاب السلطة السياسية، الاقتصادية والمصلحة الفردية، يترنح المواطن العربي بين النكران والخوف، بين التملق والنميمة، يلتصق بجدران بيته حتى يصبح جزءاً منها، يترقب بعين غافلة شاشة التلفاز ليصنع جدران أخرى في داخله تحجزه عن العالم، فماله وذاك الذي كان يوماً شقيقاً وشريكاً وممولاً من أقرانه العرب، وما همه من ملامح جديدة مشوهة تُرسم للشخصية العربية، ممن يجرده من كرامته وماله وحتى قميصه.
يرصد غلاء الأسعار والضرائب المفتعلة، يراقب ذل مواطن شقيق ونعش آخر بدقة ليشبع نفسه حسرة وتحسفاً على ما آلت إليه الأحوال، ويثرثرفي اليوم التالي مع أصدقائه وجيرانه وزملائه.
ربما ينتظر معجزة كعادته، فكل الأمور لديه قدرية، ولم َ لا؟ فهذا أسهل وأقل ألماً وجهداً، أن يوصد الأبواب على عقله وقلبه وإرادته أبسط من أن يفتحها ليتفاعل مع من حوله بإيجابياته وسلبياته، وأن ترى عينه الحرب والفقر والمرض صامتاً (أجمل) من أن يعيشها إن تكلم!
فليصمت ما بقي منه قبل أن يحاسبه الزمن الماضي بما كتب لتاريخه والوقت القادم بما مزق من أوراق لهذا التاريخ ولتواريخ أخرى ستكتب أو لن تكتب.
فما أصعب أن يكتب تاريخ من صمت!
كل جنون بينكتب بالدم ..