عرض مشاركة واحدة
قديم 05/10/2007   #14
صبيّة و ست الصبايا ليندا
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ليندا
ليندا is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
1,130

افتراضي


إضــــــاءات علـــى المســـــــــرح القــــومي

تشير تجربة المسرح القومي في دمشق إلى غنى وثراء هذه التجربة على الرغم من كل العقبات التي اعترضت طريقها على مدى مراحل عمرها المختلفة والممتدة على ما يقارب النصف قرن، وقد جاء تأسيس فرقة المسرح القومي في العام 1959 وبداية انطلاقته الفعلية في العام 1960 تكريساً لواقع أضحى معه وجود فرقة مسرحية رسمية مطلباً فنياً وثقافياً،
بل وحضارياً بعد تجربة مسرحية بلغت من العمر ما يقارب المئة عام، جلّها تجارب ومحاولات شخصية أو جماعية على نطاق ضيق، اضطلعت بالقيام بها مجموعة من الهواة الموهوبين الذين حاولوا ما وسعتهم المحاولة تأسيس هذا الفن في هذه الأرض، فكانت تجاربهم ومحاولاتهم هذه متفاوتة النجاح ومتفاوتة الفشل، حسب الظرف الاجتماعي والسياسي والاقتصادي القائم، ولكن مما لا شك فيه أن كل محاولة مهما بلغت من البساطة والتواضع ساهمت ولو بشكل رمزي في الوصول إلى المرحلة التي أصبح فيها وجود مسرح رسمي ومحترف أمراً ضرورياً لا غنى عنه، وبناء عليه دعت مديرية الفنون في وزارة الثقافة والإرشاد القومي بدمشق في أواخر الخمسينيات النوادي والفرق الفنية السورية في دمشق وغيرها من المدن السورية إلى اجتماع تمهيدي لبحث موضوع تأليف فرقة قومية رسمية تعمل للنهوض بالفن المسرحي، وقد لبى الدعوة العديد من المهتمين بالمسرح، كما استجابت لها النوادي والفرق السورية، وانتهت مداولات المجتمعين إلى تأليف فرقة قُبِل فيها الهواة والمحترفون من مختلف النوادي والفرق،‏
كالنادي الشرقي والنادي الفني والمسرح الحر، وغيرها، وانتهت المداولات إلى تشكيل فرقة قومية ترتبط بوزارة الثقافة وتتفرغ للتمثيل وهكذا تألفت أول فرقة مسرحية رسمية في دمشق . انضم إلى هذه الفرقة القومية الرسمية والتي صارت تعرف باسم المسرح القومي معظم أعضاء النوادي والفرق الفنية في دمشق وغيرها من المدن السورية . ويمكن أن نعتبر تأسيس المسرح القومي وبداية عروضه في مطلع الستينيات بمثابة الولادة الثانية للمسرح في سورية ومرحلة نوعية جديدة في مسيرة وتاريخ هذا المسرح بعد مرحلة الفرق الخاصة ذات الإمكانات المحدودة التي كانت تعتمد على المسرحيات المقتبسة، الكوميدية منها على وجه التحديد . واشتمل القرار الرسمي على عدة فرق وكان قراراً تنظيمياً تضمن إنشاء مسارح وفرق فنية. وقد استقطب المسرح القومي نخبة من الممثلين وأصحاب المواهب الذين أغرتهم التجربة الجديدة، وكان معظم أعضاء هذه الفرق في بدايتها من هواة الناديين الشرقي والفني، على جانب عدد من المحترفين العاملين في المسرح الحر أو في فرقة سعد الدين بقدونس .‏
وتمت الاستعانة بالمخرجين رفيق الصبان وهاني صنوبر، وسرعان ما انضم إلى الفرقة مخرجون عادوا إلى بلادهم بعد أن درسوا المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة وبهذا أخذ يتكون للمسرح السوري على المدى الطويل الطاقم الفني اللازم لقيام حركة مسرحية وأصبح ينتظر المؤلفَ المحليَّ الواعي القادر على أن يكتب نصاً مسرحياً قابلاً للتمثيل . وقد باشرت الفرقة تدريباتها في العام نفسه، إذ كانت الاجتماعات تعقد صباحاً ومساء للتداول في أمور المسرح أو للقيام بالتدريبات والبروفات .‏
وفي يومي 25 و26 شباط 1960 قدمت الفرقة القومية أول إنتاجها المسرحي في صالة سينما الحمراء وهو مسرحية "براكساجورا" تأليف أرستوفانس اقتباس توفيق الحكيم وإخراج رفيق الصبان وقام بأداء الأدوار فيها الفنانون : محمود جبر-موسى عكرماوي-عبد الرحمن آل رشي-عدنان عجلوني-كوثر ماردو-أرليت عنحوري-هيلدا زخم.. ومسرحية "المزيفون" لمحمود تيمور إخراج نهاد قلعي وقام بأداء الأدوار فيها : يعقوب أبو غزالة-داوود يعقوب-نزار شرابي-أكرم خلقي-محمد صالحية-رضوان الساطي-ظفيرة قطان . ثم تتابعت عروض الفرقة الوليدة بهمة وحماس، وكانت مديرية المسارح من أجل تقديم هذه العروض المسرحية تستأجر دور السينما أو المسارح الأخرى كالمسرح العسكري وغيره . وقد ظلت على هذه الحال زهاء سنتين ونيف حتى افتتحت في مطلع عام 1962 مسرح القباني، ثم اشترت سينما الحمراء وحولتها إلى صالة الحمراء وربطتها بملاك المديرية في وزارة الثقافة والإرشاد القومي .‏
وقتها نشطت حركة نقدية في الجرائد والمجلات تتعرض بالنقد أو بالتجريح لنصوص المسرحيات والتمثيل والإخراج، كما عمدت المديرية نفسها إلى إقامة ندوات لمناقشة هذه العروض المسرحية المختلفة وهو التقليد الذي أعادته المديرية مؤخراً . كانت الموضوعات في العروض المسرحية التي قدمتها الفرقة القومية في أعوامها الأولى متنوعة ومن اتجاهات مختلفة : ذهنية، وتاريخية، وواقعية، واجتماعية، ووطنية، وكلاسيكية، وتراجيدية، وكوميدية، وشعرية، وانتقادية.. وفي الوقت الذي كان فيه الفضل للمسرح القومي في التعريف بالمسرح العالمي كانت جهود تُبذَل لتوجيه المسرح القومي نحو الهوية العربية والجمهور العربي، كما كان للكاتب المسرحي السوري مكانه في عروض المسرح القومي بدمشق وإن تأخر الأخذ بنصوصه ست سنوات لكنه استطاع إثبات وجوده فيما بعد وبزخم أشد كلما تقدمت تجربته وازدادت خبرته، وإذا ألقينا نظرة على تواجد النص المسرحي السوري في الستينيات لوجدناه متواضعاً قياساً إلى العقود التالية وهو أمر طبيعي نظراً لكون فن الكتابة للمسرح كان ما يزال في مراحله الأولى المتأثرة بأنماط الكتابة السائدة المستوردة، وقد كان أول ظهور لنص مسرحي محلي في المسرح القومي بدمشق نص مسرحية "البيت الصاخب" لوليد مدفعي في العام 1966 أي بعد ست سنوات من تأسيس المسرح القومي، تلاه نص لأحمد قنوع ثم توالت الأسماء لتظهر نصوص لعبد اللطيف فتحي ويوسف مقدسي وعلي عقلة عرسان وحكمت محسن وعلي كنعان، وبذلك يكون عدد العروض المسرحية المعتمدة على نصوص محلية في فترة الستينيات قد بلغ سبعة عروض، لكن هذا الرقم ما لبث أن قفز في السبعينيات إلى الـ 15 فكتب للمسرح القومي لأول مرة : أحمد يوسف داوود ومحمد الماغوط وصدقي اسماعيل وجان ألكسان ورياض عصمت ونذير العظمة وممدوح عدوان بينما كتب مصطفى الحلاج نصين وسعد الله ونوس ثلاثة نصوص واستمر علي عقلة عرسان وعبد اللطيف فتحي لوحدهما من كتّاب الستينيات في تقديم النصوص المسرحية فقدم عرسان نصين وفتحي نصاً واحداً، وشهد عقد الثمانينات تراجعاً طفيفاً بعدد النصوص المسرحية المحلية حيث بلغ عددها 11 نصاً فقط وبلغ عدد الكتّاب الذين يكتبون للمسرح القومي لأول مرة ثمانية هم وليد إخلاصي وأديب النحوي وأسعد فضة وسعيد حورانية وعبد الفتاح قلعه جي وعماد عطواني وجهاد سعد بالإضافة إلى فيصل الراشد الذي قدم نصين، وبقي من عقد السبعينيات ممدوح عدوان وحيداً ليقدم في الثمانينيات نصين مسرحيين، ويأتي عقد التسعينيات ليشهد قفزة في عدد النصوص المسرحية المحلية وكان أغزر كتّاب هذا العقد ممدوح عدوان الذي كتب للمسرح القومي أربعة نصوص مسرحية يليه طلال نصر الدين وتامر العربيد بنصين مسرحيين لكل منهما أما بقية الكتّاب فكان من نصيب كل واحد منهم نص واحد فقط وهم جهاد سعد وعبد الرحمن حمادي ورياض عصمت ووليد قوتلي وسعد الله ونوس وناصر الشبلي وكوليت بهنا، وعلى الرغم من عدم انقضاء عقد كامل من الألفية الثالثة إلا أن السنوات السبع الأولى منها شهدت من نصوص الكتّاب السوريين الذين قدم المسرح القومي بدمشق أعمالاً لهم ما لم يشهده أي عقد سابق، فحتى هذه اللحظة تم تقديم 25 عملاً مسرحياً لكتّاب سوريين كان نصيب طلال نصر الدين أربعة منها وثلاثة نصوص لجوان جان ونفس العدد لموفق مسعود ونصان لكل من عبد المنعم عمايري وممدوح عدوان ونص واحد لتامر العربيد وأكرم التلاوي ومأمون الخطيب ونوار بلبل وكمال البني ومحمود الجعفوري وهشام كفارنة وعبد الفتاح قلعه جي وزيناتي قدسية ورغدة الشعراني، ولا شك أن هذا الكم من النصوص المسرحية السورية مؤشر إيجابي على ازدياد الاهتمام بالكتابة للمسرح على الرغم من المردود المادي والمعنوي المتواضع العائد على الكتّاب المسرحيين . لقد استطاع المسرح القومي بدمشق عبر تاريخه الطويل أن يشكل البؤرة التي تصب فيها جهود المسرحيين السوريين لتقديم فن مسرحي راقٍ ونظيف وبعيد عن مظاهر الإسفاف والابتذال . ويمكن القول في هذا الإطار أنه آن أوان وضع ضوابط تضمن الحقوق المادية والمعنوية للكتّاب المسرحيين السوريين، هذه الحقوق التي تبدو في أحيان كثيرة مستباحة بطريقة قد لا يتصورها عقل.‏


لا تحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر اخر جديد
وخلف كل ثائر يموت
احزان بلا جدوى
ودمعة سدى

،،أمــل دنقل
:
((We ask the Syrian government to stop banning Akhawia ))
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06089 seconds with 11 queries