20أيار
المستوى الخامس من التواصل يمثل أضعف استجابة للتحدي الإنساني ، وأدنى مستوى من الاتصال البشري . ولا يحدث هنالك ، في الواقع اتصال حقيقي إلا على سبيل المصادفة . في هذا المستوى نستعمل دائما ً كلاما ً مبتذلا ً ، لا يتخطى سطحية المجاملات : " كيف حالك ؟ " .. " كيف حال العائلة " وقد ننطق بعبارات كالتالية " يعجبني فسطانك كثيرا ً " ، " أمل أن نجتمع مرة ثانية في وقت قريب " "تسرني رؤيتك "
في الواقع نحن لا نعني شيئا ً من كل ما قلناه أو سألنا عنه . وكم يكون اندهاشنا كبيرا ً إن بدأ الشخص الآخر يجيبنا على سؤالنا عن حاله بدقة وتفاصيل ،من حسن الحظ فأن المحاور يحس عادة بسطحية الكلام ، وقلة الصدق فيه ويوفر علينا الدهشة بإعطائه جوابا ً سريعا ً متوقعا ً " أنا بخير ، شكرا ً " .
مثل هذا الحديث هو الذي يدور في حفلات الكوكتيل ، واجتماعات النوادي ، الحديث الذي يفتقر إلى الاتصال بالآخر ، ويخلو من أية مشاركة بين الأشخاص .يتكلمون ولكن كل منهم يلازم عزلته مطمئنا ً إلى سلامته الخاصة ناعما ً في ادعائه الشخصي متماديا ً في خداعه ومتسترا ً وراء حنكته . فأعضاء الجماعة يلتقون ليكون كل منهم في وحشته بحضور الآخرين .
كل ذلك اختصره بول سيمون ببلاغة في قصيدته " أنغام الصمت " وقد استعملت بفعالية كبرى في فيلم المتخرج قال :
" وفي ظلمات الليل العارية
شاهدت عشرة ألاف شخص
أشخاص ينطقون ولا يتكلمون
أشخاص يسمعون ولا ينصتون
أشخاص يكتبون أغنيات
لن تنشد أبدا ً
وما تجرأ أحد أن يعكر سكون
ذلك الصمت "