3 كانون الأول
إن الذين يعملون على مساعد الآخرين هم غالباً ما يخفون عن أنفسهم و عن الآخرين ما في نفوسهم من حاجة إلى مَن يساعدهم أحياناً .
يظهرون بمظهر الشخصية " المتزنة المتكاملة " مخافة أن يمد إليهم أحد يد المساعدة ، فتنكشف حقيقتهم . كم أود أن أكتب يوماً كتاباً بعنوان " اعترافات منقذ سابق " .
إن كل مَن لعب هذا الدور يعرف حق المعرفة كم فيه من مشقة ، فلا أحد يملك الأجوبة عن كل الأسئلة و لا بإمكان أحد استنباط الحلول لجميع المشاكل . و لكن التخلي عن هذا الدور يصبح أشبه بانسلاخ المرء عن هويته . و كل من هؤلاء الذين تعودوا أن " يستريحوا في اتكاليتهم " يُصرون على أن يستمر " المنقذ " في القيام بدوره دوره و كأنهم يشعرون " بأن الله إلى جانبهم " يحمل إليهم الحل لكل مشكلة و الجواب عن كل سؤال .
عندما يحبسني الناس أو أحبس نفسي في مثل هذا الدور أجدني غير قادر على الاعتراف بحدود قدراتي و مواجهة ضعفي لأن في ذلك تهديد " للهوية " التي خلعت على نفسي " و الدور " الذي قررت أن أقوم به و أن " أحافظ عليه بأي ثمن " .
و المأساة في ذلك كله أنه ما من أحد أمكنه التعرف إلى حقيقة ذاتي و لا أنا عرفت نفسي على حقيقتها .
ما كان بإمكاني أن أدخل في علاقة حقيقة مع أحد لأن مثل تلك العلاقة تفرض المساواة ، و لا يمكن " للمنقذ " أن يسمح بذلك ، لأن المساواة في مثل هذه الحال تفسد كل شيء .