"صور الماء، نعيشها حتى الآن، نعيشها متآلفين مع تعقيداتها الأصلية من خلال التحامنا اللاعقلاني بها في معظم الأحيان". هل يمكن النفس البشرية أن تعي تفاعلها مع عناصر الطبيعة؟ ماء، هواء، تراب، نار... تحرّك هذه العناصر شاعرية خيالية جماعية ذات ديناميكية تتمتع بمنطقها الخاص. ما الذي يتحكّم بحركة هذه الصور؟ إنه منطق غير عقلاني يدرجه غاستون باشلار في هيكلية علمية. نظراً الى أهمية عمله على المستوى العلمي والأدبي، تمّ تأسيس جمعية أصدقاء غاستون باشلار بهدف تخليد إسم هذا الفيلسوف وجعل كتاباته تلمع عبر العصور. تضمّ هذه الجمعية أصدقاء غاستون باشلار، وهم مجموعة من الأدباء والمثقفين والمفكرين، الذين اعتمدوا نظرته الفلسفية والفكرية حيال حركة العناصر والعلاقة مع الزمان والمكان. يطلعنا موقع هذه الجمعية على مختلف محطات سيرة باشلار الذاتية، وهو الذي ولد في بار سور أوب عام 1884 وتوفى عام 1962 في باريس. أهم ما يعرضه الموقع مقتطفات من "العقلاني الرومنسي" Un Rationaliste Romantique، وهو عمل يقدّم لحياة باشلار وفكره. بالفعل، يتميّز غاستون باشلار بكونه طبّق نظرة علمية على عناصر الطبيعة التي تؤثر في تكوين الخيال الجماعي. في الفصل المخصص للبيبليوغرافيا، يعرض الموقع دراسات هذا الفيلسوف بلغات مختلفة، إذ تعدّى تأثير كتابات باشلار الفكري حدود فرنسا. وبالفعل، تمكّن الفيلسوف من تشكيل منطق إنساني لدراسة العناصر والتفاعل بين المادة والخيال الجماعي، ذلك أن كتاباته تطبّق نظرة تحليلية على العالم الرمزي والخيالي الخاص بمختلف المجتمعات والحضارات والثقافات. وبالفعل، يذكر الموقع أن الدراسات حول فكر باشلار في أميركا اللاتينية والشرق الأقصى باتت تتخطى ما أنتجته فرنسا في هذا المجال. الى ذلك، يعرض الموقع مقالات ودراسات أكاديمية بغية مواكبة كل جديد حول باشلار. كما يطلعنا على آخر الإصدارات والحفلات الموسيقية والمحاضرات المرتبطة بهذا الفيلسوف.
ما نحبّه: أجمل ما يجذبنا في الموقع، صور غاستون باشلار، وصور البيوت التي سكنها، بالاضافة الى الصالات حيث عرضت أعماله، التي تسمح بالقيام برحلة في عالمه. هكذا، نرى من خلال الموقع منطقة الفالاج التي تناولها غاستون باشلار في كتابه L’eau et les Rêves.
ما لا نحبّه: تطغى في الموقع نظرة علمية وفلسفية على حساب البعد الشاعري والرومنطيقي الذي يميّز كتابات غاستون باشلار.
منيرة أبي زيد
جريدة "النهار"، الأحد 29 تشرين الثاني 2009، السنة 77، العدد 23888.
Mors ultima ratio
.
www.tuesillevir.blogspot.com
|