عرض مشاركة واحدة
قديم 06/07/2009   #14
شب و شيخ الشباب عمر
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ عمر
عمر is offline
 
نورنا ب:
Mar 2005
المطرح:
الرياض
مشاركات:
58

إرسال خطاب ICQ إلى عمر إرسال خطاب AIM إلى عمر
افتراضي


اشكركم جزيل الشكر على تفاعلكم الرائع و بغض النضر عن اختلاف الاراء التي تم طرحها فانا احترمها مهما كان اختلافها فهيا وجهة نضر ويجب احترامها ، اعجبني مقال للاخت ثريا الشهري اردت ان اقدمه اليكم لعلي من خلاله استطيع ان اجيب على بعض استفسارات الاخوة حول الملك عبدالله بن عبدالعزيز .


يرى بعض الباحثين أن القائد الفرد الذي يصنع السياسة الخارجية ليس بعامل مؤثر في صنع تلك السياسة، وبالتالي لا ضرورة لدراسة أثره على سياسة بلده الخارجية، التي هي نتيجة لعوامل بنيوية تتعدى إمكانيات الشخص.
بيد أنه قول يعد موضع انتقاد معظم دارسي السياسة الخارجية، فالقائد ليس مجرد آلة منتجة للقرارات والسلوكيات التي صنعت من قبله أو من جهة قوى أخرى، أو أن الدور الذي يقوم به هو الذي يملي عليه اتباع سياسة معينة وحسب، إنما هو ركيزة محورية تعود بثقلها إلى خصائص القائد الشخصية ودوافعه الذاتية وبيئته النفسية، إلى أن تصل إلى تاريخه السياسي وخبراته، وكذا كاريزميته جماهيرياً، ومدى مرونة تجاوبه مع التحولات والمستجدات الخارجية، وثباته في نفس الوقت إزاء قناعاته المؤمن بها، والواقع أنه لا يمكن التسليم بهذه الانتقادات دون مناقشة بعضها على الأقل، وخصوصاً إذا تناولنا بحديثنا شخصية في حجم وقامة الملك عبد الله بن عبد العزيز.
صحيح أن القائد السياسي ممثل للمصالح والتصورات، ولكنه أيضاً فاعل نشيط في إصباغ التوجهات والطموحات معان محددة من خلال رؤيته لها، ووسائل تحقيقها. فالسياسة الأمريكية تجاه الاتحاد السوفيتي في عهد نيكسون (مثلا) كان اختلافها كبيراً عنها في عهد ريجان، رغم انتماء كليهما إلى الحزب السياسي نفسه، فالأول جعل من الانفراج المحور الرئيس لسياسته السوفيتية، أما الثاني فخالفه بميله إلى المواجهة الاستراتيجية العالمية، وكذا الأمر بالنسبة لسياسة الملك عبد الله، سواء في اختياره لمبادرة السلام العربية، أو حسمه للمواقف تجاه اللعبة اللبنانية، بموقفه المسؤول منها منذ بدايتها إلى اليوم، أو قراره الأخير في حل الإشكال الفلسطيني، فبالرغم من سياسة السعودية العامة التوافقية، إلا أن أسلوب تعاطيها كان يمكن له أن يأخذ شكلاً آخر فيما لو كان القائد شخصاً آخر، مع أن مبدأ التوافق واحد في كلا الحالتين، ذلك لأن الخصائص المتعلقة بشخصية الإنسان إنما تؤثر على طريقة تعامله مع السياسة الخارجية، والتي تنصرف إلى مجموعة الخصائص المرتبطة بالتكوين المعرفي والعاطفي والسلوكي للمرء، كأن يكون الفرد ذا شخصية تسلطية، أو يكون ميالاً إلى تبني الأفكار والحلول بتكيف قد يصل إلى حد الابتكار، غير الدوافع الذاتية المرتبطة بالحاجات الأساسية للإنسان والتي تتفاوت بين البشر، وتنعكس على التصرفات، كالدافع نحو القوة، أو الحاجة إلى الانتماء، أو الإنجاز، أو احترام الذات، أو حتى عمل الخير، وللتوضيح نقول إن الشخص الذي يميل إلى السيطرة أو ذاك الذي يعاني من الشعور بعدم الأمان، هو ذاته الذي يدافع عن سياسات خارجية تنطوي على استعمال العنف والتهديد باستعماله، كما أن ردود أفعال «العقل المنغلق»، تتصف بارتفاع مؤشر القلق النفسي لدى هذا الشخص، والذي عادة ما يكون السبب وراء اهتمامه بمصدر المعلومات أكثر من تعامله مع مضمونها، فتجده نادراً ما يستطيع صياغة سياسة خارجية متكاملة أو رشيدة، لرفضه أو عدم قدرته على تحليل البدائل المتاحة، وحصر نفسه في النظر إلى الأمور بعقلية تآمرية بقوالب معدة سلفاً، تقلل من استعداده لتقبل الحلول الوسطى، وتجنح به إلى التعصب القومي أو العدائي كأداة لتحقيق النجاح المزعوم لتعويض نقصه، بل وتأمره بقراءة التنازلات التي تقدمها الدول الأخرى على أنها علامات ضعف، وليست باقتراحات لتخفيف الاحتقان والتعقيد، وذلك كله بخلاف الشخص المنفتح على المجتمع والأصدقاء، والمرتاح في التعامل مع نفسه والعائلة، والذي يملك رصيداً من الأمان، حيث تجده أقرب ما يكون إلى السياسات الخارجية التي تنطوي على التعاون والتفاوض وإحلال السلام.
أما بالنسبة للبيئة النفسية للقائد والتحفظات الموجهة إليها على اعتبار أن مسألة تحليل السياسة الخارجية انطلاقاً من الظروف النفسية إنما تقلل من دور الإرادة الواعية للقائد في صنع السياسة، كما أنها تتجاهل قدرة الإنسان على التخلص من قيوده التي تفرضها عليه تصوراته السابقة، وعلى تشكيل استراتيجيات تتعدى ذاتيته، أقول إنه بالرغم من موضوعية هذا الطرح ومنطقيته، إلا أنه لا ينفي فضل التحليل النفسي في التحقق من شخصية القائد السياسي من خلال إقامة مقارنات إحصائية بين الوثائق والخطابات والمواقف التي عبر فيها عن مفاهيمه وانتفاضاته، فمن طرق معرفة ماهية الشخصية ملاحظة ما يقول صاحبها وكيف يقوله ولم يقوله! وهنا وللأمانة، لم أنظر يوماً في قسمات الملك عبد الله، ولم أستمع إليه في حديث إلا ولمست صدق الرجل العربي في تعابير وجهه ونبرات صوته، وإن كان عيب أغلب أهل الساسة التباين في أقوالهم وأفعالهم، بين علنهم وسرهم، فأعتقد جازمة أنها نظرية لا تنتمي إلى عالم الملك عبد الله، بل وكم من أحيان أتصوره وهو يعاتب أحدهم، وقد يشدد عليه لعدم التزامه بشيمة «الرجل عند كلمته»، والحق أنها من أهم الصفات التي على الرجل التقيد بها، بل وأكثرها راحة على الإطلاق له ولغيره وفي جميع مجالات الحياة، فهل هناك أجمل من الإنسان الصادق!
حين يشكل القائد السياسي آراء سلبية عن العدو، ويتبع في الوقت عينه سياسات دفاعية إزاءه، فإن هذا التصرف يكون بناء على التصور الذاتي (البيئة النفسية مرة أخرى) لتوازن القوى وفهم القائد لهذا التوازن وأبعاده، فإما أن تكون النتيجة في صالح العدو في حالة السياسات التعاونية أو الدفاعية نظراً لامتلاك هذا العدو لناصية القوة، أو أن تكون سياسات هجومية، وفي كلا الأسلوبين يخضع الأمر لمدى «إدراك» القائد ووعيه في تفسير المعطيات، وكم يكسب المجتمع الإقليمي والدولي حين يكون الحاكم عاقلاً ومتوازناً وحضارياً في اتخاذ القرارات! كلمة أخيرة: الملك عبد الله بمصداقيته وإحساسه بالأمانة التي يحملها أصبح بالنسبة للعرب والمسلمين بمثابة الأب الذي يلجأ إليه الجميع حين تستعصي عليهم الحلول، وهذا الشعور بالأمان والاطمئنان أحوج ما نحتاجه وسط عالم أوشك على فقد عقله ونظامه. كلمة بعد الأخيرة: نريد أن نصلي في القدس، فهل يتحقق الحلم العربي!

أنشدوني أنت من اية بلاد ** قلت من أطهر مكان بالوجود ** أيه أنا من شعب أبوفيصل فهد ** أيه أنا بين الذيابه والاسود
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04147 seconds with 11 queries