الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 09/01/2008   #225
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


* لقد اكتشفت السوريالية أثناء الحرب, ثم ابتعدت عن أندري بروتون, مع الإبقاء على إعجابك به <<لم أكرهه>> قلت عنه في كتيب حديث. وفي اللحظة التي تشت تت فيها لوحاته وأشياؤه وكتبه التي جمعها في شارع فونتان, كنت من الذين ثاروا. ما هي أهمية السوريالية بالنسبة إليك اليوم?


** بالفعل ارتدت السوريالية خلال بعض السنوات, ثم تركتها لانكرانا... وللإجابة عن سؤالك هناك عدة طرق, إحداها بالتموقع, إذا جاز القول, داخل الكتابة والبحث عن إيجاد طريقها وصوتها أيضا, من خلال الكلمة العادية: وسيتعلق الأمر حينئذ بالتفكير في طاقات ما كان يسميه بروتون الصورة, هذه القطيعة في شبكة ما تدعوه البلاغة: الأشكال (Figures) وهي وسائل الإدراك العقلي (التفهم). أصل إلى القول, أن طاقات الصورة هذه, وهي واقعية- بالإضافة إلى تلك التي حلمت بها السوريالية- أهملت اليوم كثيرا, للأسف الشديد, من إصغاء اللاشعور مثلا, الذي يعتبر ضروريا جدا للشعر.

لكنني أفضل البقاء في المستوى الذي التزمت به, الخاص بعلاقة الشعر بالمجتمع والتاريخ. أشعر شيئا فشيئا أن الديمقراطية مهددة في العالم. وشوهت في القرن العشرين بطرق عديدة وكارثية أيضا, في مجتمعات بعينها, وهذا الشقاء يتواصل, بطرق أجمل لكن هذه المسلمات مهددة اليوم في العلاقات بين الأمم أيضا, وفي اللحظة ذاتها التي يفترض أن تتيح العولمة فيها الحق لمختلف البلدان في أخذ الكلمة, لا من أجل إعطاء قيمة لثقافات متميزة- فهذا النوع من التبادل هو قضية أخرى- ولكن من أجل الآراء التي تملكها حول المشاكل الكبرى والمطالبات التي من حقها أن تؤخذ بعين الاعتبار. والحال أن الشعر, من أجل أن يرتقي إلى امتلاء تجربته, هو المكان الذي تتجلى فيه فكرة الديمقراطية للفكر ( العقل), وتضاء وتصبح إلزامية, لماذا?


لأن عمل الشعر, وقد قلت هذا سابقا, هو أن يجعل أنظمة القراءة التي يضعها الفكر المفهومي نسبية: هذه الأنظمة كما هي تمثل نسيانا للمتفرد, وللتناهي. وفي تمزق الشراع هذا يظهر الحضور الكامل للكائنات الأخرى, وإن يكن في غير مستطاعنا أن نختصرها إلى التمثيلات المجردة السابقة: يجب الاعتراف أن الغير-كما نقول بتشويه- له الحق في الوجود كما هو, وهو كما لو أنه واقف في كرامة وجوده. الشعر يمنحه الحق في وجهه, وفكره, ورغبته الخاصة. وهنا بالذات يكمن أساس النظام الديمقراطي. الشعر هو مباشرة هذا التحديد, وهذا التذكير, وهو على الفور سياسي, لكن فقط بالتجاوز السريع للفضاء البسيط للمدينة, لأن هذا الاعتراف بالآخر, هو بالقدر نفسه اعتراف بالآخر الموجود فينا, في خفايا الأنا الذي ليس هو نفسه إلا تمثيلا مفهوميا. وهكذا تنفتح الطريق أمام <<أنا>> كوني, يشكل العالم الطبيعي وحتى الفضائي أفقه.


الشعر هو تغيير الحياة,و بالقدر نفسه تجديد العلاقات الاجتماعية, يمكن أن لا يستطيع معرفة ذلك, ولكن حتى في الكلمات نفسها التي يستعملها, كلمات اللغة العادية, فهو يواصل على الأقل تكثيف التبادل الإنساني. لهذا السبب, أبديت بعد الحرب, وإن كان بطريقة مازالت غامضة, اهتماما كبيرا بالمشروع السوريالي, وفيما بعد أيضا. بروتون أيضا اعتقد أن الشعر هو الموضع الذي على العلاقة الاجتماعية أن تجدد حيويتها فيه, لتصل ليس فقط إلى عدالة أكبر ولكن إلى قوى الحياة التي توجد حاليا تحت الصاع, لقد عرف كيف يحافظ على موقفه كشاعر في تحليلاته للحدث التاريخي, وقد سبق لي أن كتب ذلك, ولكنني لا أتعب من التذكير به, والدليل على أنه كان محقا هو أنه كان الوحيد من بين من كنا نسمع لهم في هذه الفترة المليئة بالفخاخ, من ندد , في آن واحد, بكل صرامة وبدون أي رغبة في الاستسلام لليأس, بالنظامين التوتاليتاريين الكبيرين لتلك الفترة: وهو فعل شجاع كذلك لأن أخطاء وجرائم الاشتراكية الحاكمة كان مسكوتا عنها لضرورة محاربة النازي


ة.
* سؤال آخر أيضا, عن هذه السنوات, وعن فاليري. في تلك الفترة التي كنت قريبا فيها من أندري بروتون, كنت تتابع أيضا دروس بول فاليري في الكوليج دو فرانس. أكان ذلك من أجل نوع من قوة موازنة للنشاطات السوريالية?


** أقول نعم, وهذه الرغبة لم يكن لها أي علاقة بالاهتمام الذي كان يمكن أن أبديه تجاه قصائد فاليري. بالتأكيد كنت أحب الكثير منها, والتي كانت تستجيب في لانشغالات لم يستطيع الشعر السوريالي أن يخفف من حدتها. حتى وإن كانت بعض أبيات <<المقبرة البحرية>> منظورا إليها عن قرب, لا تملك صرامة الكتابة التي كان مؤلفها يستند إليها, إن هذه القصيدة في مجملها, هي تجل مقدس بليغ الأثر للعالم الطبيعي في واحدة من لحظاته ذات الراهنية الفيزيائية العظيمة, حتى يتحول الفكر إلى شهادة خالصة كما هو موجود. والالتقاء هكذا بالوضوح, هذه الوصية المتروكة من اليونان القديمة والتي احتقرها لاهوتيو الخطيئة والسقوط, كان ذلك مفيدا بالنسبة إلي, على هوامش كتابة سوريالية ح لمية ومشحونة بإفراط بالاستيهامات. من جهة أخرى, إذا كانت شعرية فاليري لا تعجبني قبل هذا بنبرتها التي تؤكد على الفعل, وعلى الموضوع الذي كانت تريد أن تراه في القصيدة, وبتقنية الكتابة, كان هناك أيضا المجذف الرائع ليندهش أكثر مني بهذا الشاعري الذي كان يفسح العنان لحزنه الملغز.


لكن القرابة الكبيرة مع فاليري شعرت بها على صعيد آخر, فإذا كانت السوريالية تصر على التأكيد على الكتابة الآلية, وتدفع من جانب آخر, وهي غالبا على صواب, إلى ردود فعل مباشرة وجماعية بالقدر نفسه على الأحداث التي كانت تقع, فإن ذلك كان في نظري, تجاهلا خطيرا للدور الذي على الكاتب النهوض به. ألم يبق هذا الأخير بالفعل, الشخص المتميز, الذي وهو يعمل ويفكر بهذا الشكل, في مكانه وبكل وسائل تفكيره, قادرا إذا أن ي جمع في وحدة رؤيته تنوع المشاكل التي يطرحها زمنه على الفكر: مما يتيح له أن يضيف إلى ممارسة الكتابة, المفتوحة في الشعر على أعماق يجهلها, عقلا قادرا على أن يرى يمينا ويسارا, بالإحساس بمسؤوليته في هذه المنطقة الزلزالية والمدهشة الخصوبة في الآن نفسه, حيث تنهض المفاهيم, المخصبة بواسطة حركات القصيدة? هذا الكاتب لم يكن بروتون إلا ليكونه, وهو قد أعجب كذلك بفاليري, ولكن فاليري كان كاتبا بطريقة أكثر اختلافا, ولا تشكلا. وإذا كان يبدو أقل شاعرية, غالبا, فإن هذا الحال لم يكن إلا ليذكر بأن التطلع الشعري يلزمه أن ينتصر تقريبا دائما على المقاومات, ولكن هذا الفعل لا يؤتي ثماره إلا إذا كان الحاجز الذي يعترضه واقعيا, وإلا فإنه لن يكون قد انتصر إلا في الحلم. يحتاج شاعر المستقبل أن يجد في ذاته شيئا من فاليري ليبلغ الشعر فعلا. ومع ذلك, فقد جاء اليوم الذي طالبتني فيه إرادتي الخاصة, وهي تنسحب من المواسم الأولى المبهمة, أن أحتج بشدة ضد الاختيارات الوجودية لفاليري

. * لقد جاء اليوم الذي درست فيه أيضا في الكوليج دو فرانس, ولم يكن الكرسي الذي شغلته فقط وببساطة كرسي <<الشعرية>> ولكن <<الدراسات المقارنة للوظيفة الشعرية>>. وتناولت دروسك: بودلير مالارميه, شكسبير, التراجيديا الإغريقية, وحتى دولاكروا أوجياكوميتي, وقد قبلت قبل هذا مهام التدريس مرات عديدة في فرنسا, وخاصة في الخارج, ومما أثار دهشتنا ونحن نرحل في عملك, الأهمية التي يحتلها النقد من حيث الحجم, والذي ينصب على شعراء أو رسامين أو نحاتين أو مهندسين, ما هي الروابط الموجودة عندك بين [الشعر والتدريس أو البحث]?


** إن هذا السؤال يتيح لي العودة إلى نقطة انطلاقنا, نهاية الحرب, إن هذه الفترة كانت حقلا من الأنقاض, أنقاض أيضا في الروح, لكن شيئا ما بقي واقفا, داخل هذا الهباء, وكان مرئيا كذلك, على الأقل لعيني, وتمثل في أعمال بعض الباحثين, وخاصة أولئك الذين لم يكن للإيديولوجيا نفوذ كبير عليهم, بسبب شغفهم بالبحث عن المعنى الأصلي لهذه الشذرة أو تلك من ماضي الإنسانية, وكانوا كثيرين منذ بداية القرن العشرين. أفكر هنا بعلماء إثنولوجيا, وألسنيين, ومؤرخي الأفكار, أو الإبداع الفني, هؤلاء المتبحرون والعلماء كانوا يشتغلون على مادة كانت في الغالب وهم فترة أخرى, وحتى لأشكال من هذه الأكاذيب, ولكن عملهم كان رغبة في الحقيقة, لكن أي حقيقة
ة?

إن تفكيك قراءات سابقة, ع رفت مثقلة بالفرضيات الميتافيزيقية وأحلام يقظة ذات طبيعة روحانية واستخراج الدلالات المنسية أو المرفوضة, أيا كانت هذه الأخيرة. ولاتمام هذا المسعى العقل, العقل البسيط. لقد بقيت هذه الأعمال محترمة بالكامل, عندما استبعدت أنواع أخرى من التفكير في 1944, ومن جانبي رأيتها ومازلت أراها دائما, كما لو أنها قريبة في العمق من الشعر. ألا يتعلق الأمر في الحالتين, بتخليص حضور ما, وحياة ما, من التمثيلات غير الملائمة التي تغلفها.
تبع ذلك وبسرعة أنني رأيت في بعض المؤرخين, والفيلولوجيين, الضفة التي يجب الالتحاق بها. منذ 1945 أدخلني رجل رائع هو لوسيان بيتون إلى مكتبته العظيمة, وأوضح لي جون وال, في كتبه, أن تاريخ الفلسفة يستطيع تأمل الانحرافات, وفي 1950 رحب بي أندري شاستل في حلقته الدراسية التي فتحها في المدرسة العليا. ولم أملك إلا أن أتورط في فخ عدد من أحلام اليقظة, بدأت في قراءة بعض المؤلفين الذين در س بعضهم في هذه المدرسة التطبيقية, أو في الكوليج دو فرانس. هكذا استعدت إيماني (ثقتي) إذا أمكن قول ذلك.

لكن لم أعتبر نفسي أبدا باحثا, ولحساب الشعر كان بحثي عن هذه الضفة. في البداية, ومثل الكثير, أحسست أن فهم ما هو الشعر, وتقرير ما يريده, وكيف يكتشف ذلك, هو المطلب الضروري لحداثة لا يكون فيها مكان للإيمانات والعقائد, لربط الشعر بتصوراتها للتعالي: ذلك على الأقل بالنسبة للبعض, الذين كنت واحد منهم, لكن فهم كيفية البحث عن القيام بذلك? ألا يجب الاحتراز من ميلنا للنظرية, التي يمكن للحلم أن يغزوها, ولإمكانياتنا المحدودة في الفهم أن تهدد بكل بساطة الشعر, وأن تبقيه مورطا في نزوات المرحلة? نعم, ولكن من دواعي السرور أن الشعر ينتمي لكل الأزمنة. وكإصلاح للمفهوم, ولد الشعر مثله من نفس واحد, أي في فجر اللغة, وولدت معه في الحال وظيفته الراهنة, وإن كان في سياق آخر, والحل, بالنسبة لمن يريد أن يسائل بطريقة سليمة هو كما يلي: لكي نتعمق أو بكل بساطة نتحقق من الفكرة التي نخاطر بطرحها: فلنطلب من شعراء ومفكري الأحقاب السابقة ما أدركوه وعاشوه من الشعر, واستطاعوا قوله, وفي هذه النقطة بالتأكيد تتجلى أهمية المساءلة العالمة لقضية الشعر. فمن يريد الخوض في فرحيل أودانتي أو شكسبير, ليجد فيهم ما يدل على معنى ما, يلزمه, وهذا ضروري أن يفهم قبل أي شيء كيف أن ما أرادوا قوله تمنع, وتخفى, وحرف في لغة بلدانهم ومرجعيات لحظتهم التاريخية, يجب بمعنى آخر اللجوء إلى أعمال مختلف الباحثين: مؤرخي الكلمات, مؤرخي الأفكار والديانات, مؤرخي الفن, وبدون توسط هذه المعرفة لا يمكن تحقيق شيء جاد. وإذا افتقد هذا, فإن كل ما ليس إلا سرابنا, سيبدو بديهة. بإيجاز, لكي نفكر في الشعر, وفيما يمكن أن يكون له من راهنية وفظاظة وحتى وحشية يجب الإنصات جيدا لما يقوله الناشر الحذر والمتواضع لنص <<الرعويات>> يجب استشارة القواميس العويصة للغة الإليزابيتية
.
أي كارثة هو الموضع المشترك, الذي نشأ عند شعراء مزيفين على هامش الرومانسية, ووفقا له فإن ارتياد المدرسة أو التعمق في المعرفة ي ضر بالشعر, الذي يلزمه أن يحافظ على تلقائيته, وقوته الانبثاقية, هذه الحرية المزعومة ليست إلا استسلاما بأيد وأرجل مقيدة, لأفكار تبسيطية لم نعد نعرف كيف نطردها من حكمنا القبلي, واستسلاما لشائعات لم نعد نعرف كيف ننقدها, إنه فراغ في الرأس ينذر الثورة الأساسية العظيمة لأن لا تكون إلا سلسلة من ثورات فلاحين, من أجل السعادة الكبيرة لأعداء الشعر, الموجودين بكثرة وفي كل مكان. الشعراء الكبار هم في الوقت نفسه كل العنف الداخلي وكل الصبر من أجل الفهم, يعرفون فخ الأمية, وأنه لا يكتسح فقط الضواح

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة

آخر تعديل butterfly يوم 21/01/2008 في 18:17.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06540 seconds with 11 queries