عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #13
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


بوش يستمع إلى نداءات تاريخية!



»إن التاريخ دعانا إلى التحرك بهدف جعل العالم أكثر سلاماً وأكثر حرية ولن نفوّت هذه الفرصة«. لم يجد التاريخ سوى جورج بوش يدعوه. والرجل لا يسعه رد دعوة من هذا النوع. لذا قرر »الدفاع عن الحرية«، أي قرّر، أو اقترب من أن يقرّر، ضرب العراق.
لم يكن هذا الجو سائداً في أثناء جولة ديك تشيني في المنطقة. ولكنه ما إن وصل واشنطن حتى قرر الأخذ بالنصيحة القائلة إنه لا ضرورة لأخذ نصائح الأصدقاء العرب بالاعتبار. لقد استمع منهم، كما قيل لنا، إلى اعتراضات على عملية ضد العراق. ولمرة، لم تقل الصحافة الأميركية إن زعماءنا مارسوا التقية فأبلغونا، عبر الإعلام، غير ما أسرّوا به أمام ضيفهم الأميركي. غير أن ذلك لم يمنع تشيني، أمام الدعوة الموجهة من التاريخ، من أن ينسب إلى القادة العرب قلقاً يوازي القلق الأميركي »عندما يرون ما يقوم به صدام حسين لتطوير أسلحة كيميائية وجرثومية وجهوده على صعيد الأسلحة النووية«. نحن لم نر ما رآه القادة، ولكن سمعنا أنهم لم يروا ما يبرّر العمل العسكري.
إن »معركة العراق« هي عنوان رئيسي من عناوين القمة العربية. وحتى إذا كانت فلسطين حاضرة بقوة، وهي يجب أن تكون كذلك، فإن نصرة فلسطين فعلياً لا يمكنها إلا أن تمر بضرب طوق من الحماية العربية للعراق.
إن هذا الطوق ممكن.
فالإدارة الأميركية تزداد توحُّداً حول موقف الصقور المغالين في تأييدهم المطلق لإسرائيل. ويستند هذا التوحد إلى ميل قوي في الرأي العام يؤيد حرباً. إلا أن هذا التقارب ليس معطى ثابتاً ولا هو قدَر. فلم يكن الأمر كذلك قبل شهور. وكان هناك من هو مستعد لجعل العقوبات أكثر »ذكاءً«، أي للتقدم خطوة في اتجاه مخالف للمنحى الذي تجري فيه الأمور هذه الأيام. ومن شأن موقف عربي جديّ أن يختبر هذه الصلابة المستجدة، ومن حقه أن يراهن على إحداث تصدعات فيها.
لقد استبق مسؤولون في الإدارة الأميركية التحفظات وأكدوا أنهم سيواجهون العراق ولو من دون حلفاء. ولقد شكل ذلك عنصر ضغط أنتج تحولاً في الاتجاه السيئ لكل من روسيا وفرنسا وكوفي أنان. إلى ذلك، أقدم رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير على العبور إلى »الضفة الحربجية«. ولكن الصراع على الموقفين الروسي والفرنسي مفتوح. وكذلك يمكن إحراج أنان في حال قررت واشنطن التهرّب من استصدار قرار جديد من مجلس الأمن. أما بلير فإنه يواجه، اليوم، رأياً عاماً يخالف مزاجه، وهذه حالة نادرة، ومزاج الرأي العام الأميركي. وثمة أصوات في حزبه وفي حكومته تدعو إلى سياسة أكثر اعتدالاً، وفي الإمكان تطوير هذه الحالة الضاغطة عليه.
لم يتشكل تحالف دولي حتى الآن. ومن المفترض، بالقمة، أن توجه رسالة واضحة مؤداها أن العرب الجاهزين ل»سلام كامل« مع إسرائيل ليسوا في وارد تغطية حرب كاملة ضد بلد شقيق. لا مجال لأن تكون تلبية بوش »دعوة التاريخ« سهلة إذا كانت الجغرافيا الإقليمية ممانعة، وإذا كان العرب يعتبرون أن العالم يكون »أكثر سلاماً وأكثر حرية« بلجم أرييل شارون وليس بفتح أبواب المجهول في العراق.
إن هذا »المجهول« هو عامل من العوامل التي تلعب ضد الجموح الأميركي. فبوش يكتفي بإعلان النوايا حيال بغداد ولكن الواضح أنه لا يملك تصوراً للعملية التي يُفترض بها أن تقود إلى تغيير النظام هناك. ولعله يخلط بين الدعوة التي تلقّاها من التاريخ وتلك التي يوجهها، منذ سنوات، أحمد الجلبي الذي تعلو أسهمه وتهبط، في الكونغرس، بفعل عنصرين: الأول، مدى اقترابه من هواجس اللوبي الصهيوني، والثاني، والأقل نبلاً، نوع التقرير الذي يصدره بحقه أي مدقق وضيع في حسابات ما يسمى »المؤتمر الوطني« الواضع يده على فتات المساعدة المرصودة ل»تحرير العراق«.
يمكن أن نضيف إلى ما تقدم، أن السلوك العراقي في الأسابيع الأخيرة يعقّد المهمة الأميركية. فالسلطة في بغداد اختلفت عن الصورة التي تحب أن ترسمها لها الإدارة الأميركية. والمبعوثون العراقيون يتحدثون بلطف غير معهود، وذلك منذ أن حاولوا تكليف عمرو موسى بإيجاد مخرج. ولعل المطلوب منهم أن يتذكروا، حرفياً، ما قاموا به في قمة عمّان من أجل أن يفعلوا عكسه في قمة بيروت.
لقد واكبت رحلةَ تشيني العراقية انعطافةٌ جزئية أميركية تجلّت في حد أدنى من التوازن بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية. ولكن ما إن غادر الرجل المنطقة، برفض لقاء ياسر عرفات، حتى عادت واشنطن إلى الاصطفاف مع أرييل شارون. وفي هذا التحول، وحده، درسٌ يجدر بالقمة أن تستفيد منه قبل أن يباشر بوش »التحرك« تلبية للدعوة التاريخية (الإلهية؟) المزعومة.

03/22/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04743 seconds with 11 queries