الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 28/09/2006   #67
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


كتبت بالفرنسية لأصحح فكرة الآخر عنا
في احدى المقابلات سؤل معلوف عن سبب كتابته باللغة الفرنسية.....

لماذا كتبت باللغة الفرنسية مع أنك تعرف العربية جيدا, وبذلك خرجت على تقاليد آل المعلوف الأسرة التي قدّمت للغة العربية والأدب والشعر العربي العشرات, بل المئات من الأدباء والشعراء.
- اختياري الكتابة باللغة الفرنسية له أسباب مختلفة, السبب الأولي, وربما الأساسي, كان الحرب في لبنان, واضطراري للانتقال إلى مجتمع آخر, وربما استسهال الكتابة بلغة المجتمع الذي انتقلت إليه.
في لبنان درست اللغة الفرنسية ولكن في الوقت نفسه, كانت اللغة الطبيعية بالنسبة إليّ هي اللغة العربية, وقد بدأت حياتي المهنية في جريدة (النهار) باللغة العربية. كنت في مرحلة معينة من عملي فيها أكتب مقالا يوميا تقريبا بالعربية, وفي مواضيع سياسية. وأتصور أنني لولا ظروف الحرب والهجرة, كنت استمررت بالكتابة بالعربية, وكان من المفروض أن يحصل هذا بشكل تلقائي.
عند انتقالي إلى فرنسا, وجدت من السهولة أن أكتب بالفرنسية إذ كانت لدي معرفة مسبقة وجيدة بها. في لبنان درست في مدرسة كانت اللغة الفرنسية تُدرّس فيها تدريساً جيداً, وربما بصورة أفضل من اللغة العربية.
بالنسبة لي شخصياً, كان مناخ اللغة العربية في المنزل, يؤمّن لي نوعا من التوازن في علاقتي باللغة الفرنسية. ويومها لو كنت منصرفا إلى اللغة الفرنسية وحدها, لكانت هذه اللغة بالنسبة إلي أقوى بكثير من لغتي العربية. ولكن بيتنا كان يتوافر على تقاليد: في هذا البيت لم أتكلم مرة إلا بالعربية. كان والدي رشدي المعلوف كاتبا وأديبا وشاعرا وصحفيا يكتب طبعا بالعربية. وكان لدينا كأسرة نوع من الفخر بما قدمه آل المعلوف للغة العربية والأدب العربي. وبالطبع كان للأسرة تاريخ معروف وعريق بهذه اللغة, ولذلك كان لابد من توافر نوع من التوازن بين اللغتين, بعدهما جاءت الإنجليزية بالنسبة لي في الموقع الثالث.
كان السبب الأول لانصرافي إلى الكتابة باللغة الفرنسية, سفري إلى فرنسا. إن الشخص الذي يعيش في مجتمع, ويندمج في هذا المجتمع, لابد له من أن يتوقع ردود فعل على ما يكتبه في هذا المجتمع, وهذا أمر طبيعي, ولا ننسى أيضا أن الشخص الذي يعيش في مجتمع ما, ولا يكتب بلغته, لا يكون وضعه سهلاً أيضا. لهذا لم أشعر يوماً وأنا في لبنان, وقبل مغادرتي إلى فرنسا, بأن من الممكن أن أكتب بالفرنسية باستمرار, وكنت كتبت بالعربية أولا, كما كتبت بالفرنسية.
سبب آخر دفعني إلى الكتابة بالفرنسية هو أنني شعرت في فرنسا بحاجة إلى نقل أشياء معينة إلى قارئ أوربي. ليس صدفة أن الكتاب الأول الذي كتبته بالفرنسية كان عن الحروب الصليبية, كما رآها العرب. كان لدي شعور بأن هناك أشياء قدمت معي من المنطقة العربية التي عشت فيها, غير معروفة في الغرب, أو أنها معروفة ولكن بشكل خاطئ أو مشوّه. شعرت بضرورة نقل صورة أخرى عن الحضارة العربية والعالم العربي, هي غير الصورة الموجودة لدى الغربيين, أو غير الصورة التي كانت ترد تقليدياً إلى الغرب عن طريق الرحّالة الغربيين الذين كانوا يجيئون إلى الشرق ثم يصفونه عند عودتهم.
هذه الناحية بدأ بها قبلي كتّاب شرقيون آخرون كتبوا عن الشرق بلغات الغرب. ثمة ظاهرة بدأت تتكثف في العقدين الأخيرين من القرن الماضي تتمثل في كتّاب قدموا أصلا من دول بعيدة بدأوا يعبّرون بلغات أوربية كالفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية عن تاريخهم وتراثهم وأحوال بلدانهم وتطلعاتهم. هناك - مثلاً - كتّاب أتراك يعيشون في ألمانيا ويكتبون بالألمانية. لأول مرة, بدأ القارئ الألماني يسمع بلغته أصواتاً قادمة من تركيا, أو من سواها, وعن قضايا كان يقرأ عنها من خلال الرحالة أو المستشرقين الغربيين.
هذه الظاهرة, ظاهرة جديدة تماما. كان الألمان في السابق يترجمون لكتّاب أتراك ولكن تلك الترجمات لم تكن مقروءة إلا من عدد محدود من الألمان, ولكن عندما يأتي كاتب أجنبي ويكتب بلغة أهل البلد, فإنه يخلق علاقة أخرى. وهذا الأمر شعرت به لأول مرة عندما انتقلت من لبنان إلى فرنسا. شعرت بداية بأن هناك سوء معرفة بالاخر, وسوء المعرفة هذا متأتٍ من الضفتين معا: من هنا ومن هناك أيضا. ثمة صورة مشوّهة, وغير واقعية, عند الغربيين عن العرب, تقابلها صورة مشوّهة وغير واقعية عند العرب عن الغربيين, لذلك أرى أن من واجب أيّ كاتب ينتقل من هذه الضفة إلى تلك, أن يعمل على تقديم الصورة الصحيحة عن بلده, أو أن يعمل على الأقل على تصحيح هذه الصورة ولو في إطار الممكن والمعقول.
أول كتاب كتبته انطلق من هذا الشعور, وكذلك كان الكتاب الثاني, وهو كتاب (ليون الإفريقي). جوهر هذا الكتاب الثاني هو ما ورد في صفحاته السبعين أو الثمانين الأولى, وهو عن سقوط غرناطة وبالتالي الأندلس, أردت أن أروي سقوط غرناطة والأندلس. لا من وجهة نظر الإسبان المنتصرين المزهوين باسترداد غرناطة, بل من وجهة نظر الآخرين الذين طُردوا منها. وكانت هذه الفكرة هي السبب الموجب الأول بالنسبة إلي لوضع (ليون الإفريقي).
وأنا أتصور أن من الطبيعي أن يتم عرض وجهة النظر العربية هذه بلغة الغربي نفسه.
وهناك - بالطبع - أسباب أخرى كثيرة دفعتني للكتابة باللغة الفرنسية.

ان الحياة كلها وقفة عز فقط.......

شآم ما المجد....أنت المجد لم يغب...
jesus loves me...
 
 
Page generated in 0.04043 seconds with 11 queries