الموضوع: مليكة مستظرف
عرض مشاركة واحدة
قديم 15/10/2008   #4
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي مجرد اختلاف


ي هذا الوقت المتاخر من الليل.يكون شارع محمد الخامس صامتا، فارغا وكئيبا الا
من بعض القطط الضالة، مواءها مخيف يشبه بكاء طفل رضيع.كلبة امامي ترفع ذيلها
وتلتفت لكلب اسود يعرج تنجح في غوايته. يركبها الكلب يلتصقان، يلتحمان . تغمض
الكلبة عينيها في انتشاء وتستسلم لحركات الكلب المثيرة. خذر لذيذ يسري في جسدي
، كم هما محظوظان! .يفعلان ذلك الشيء امام الملأ ” ربي يشوف و العبد يشوف”. لا
يخافان من “لارافل” او من كلام الناس .
بوشتى يصرخ : “اركل دين امهم”.
لا ابه به. يحمل حجرا ويضربهم. يصدر عنهما انينا كالبكاء. يفترقان.لو كنت
مكانهما لهجمت عليه وعضضته من اليتيه.
ساعتان و انا اقطع الشارع جيئة وذهابا.ولا زبون واحد.الجفاف.!
اتحسس شفرة الحلاقة في جيبي. احتفظ بها دائما تحسبا لاية حركة غدر قد يفاجئني
بها احدهم. بوشتى يقف قرب مارشي سنطرال مستندا للحائط. يغني اغنيته المفضلة
بصوت ذو بحة ناشزة”الروج الروج اوا الروج الروج مااحلى سكراته ياامي”.صوته
الخشن يجرح سكون الليل.ينتظر ان يأخذ نصيبه عن كل عملية مقدما. نحن نعرق ونجف
ونتحمل سماجة الزبائن .وهو ياكلها باردة واجدة.الله يلعن دين …
نعيمة وجدت زبونا مبكرا. ذهبت معه على متن دراجته “الموبيليت”.يبدو عاملا في
احد المصانع “انا من انصار الطبقة العاملة.هذا افضل من التلاميذ الذين تضطر
لتعليمهم ابجديات الحب.لست سيارة تعليم تكرر دائما.”
كعب حذائي يؤلمني.لااستطيع الوقوف طويلا . اتمنى الرجوع الى البيت .احتسي قليلا
من البيرة وصحن بوزروك بالفلفل الحار.هذ ه ا فضل وصفة تجعل المرء يشعر بالدفء
في هذا الجو البارد. لكن بوشتى لن يتركني و شأني.ثم لدي مصاريف كثيرة .الاكل
.الملابس.المواصلات و الكراء.اهم شيء الكراء .ادفع نصيبي في الغرفة التي
اكتريها مع نعيمة و”السكامس” .افكر في السكن بمفردي .لم اعد اطيق السكامس .فهي
ما ان تشرب كاسين حتى تفضحنا في الدرب.وتدخل في حالة هذيان غريبة. تتفوه بكلام
غير معقول .وتسب العالم كله بكلام بذيء.الامر يصبح افظع اذا ما تصادف وجود
السكارى بالدرب.
شفرة الحلاقة ما تز ا ل بين اصابعي .تدربت على استعمالها منذ هاجمني اولئك
الملتحون.قالوا انهم يريدون تنظيف المجتمع. من يومها وانا اكره
الملتحين.”اللحية وقلة الحيا”.قاموا بحلق شعر راسي. بوشتى تصرف معي بنذالة. فر
و تركني.ولولا مرور” لارافل” لحصل ماهو اسوا.لاوال مرة احب الشرطة و افرح
للرؤيتهم.هربت ا ليهم بعدما كنت افر منهم. و مع ذلك يحز في نفسي ضياع
شعري.كان طويلا و اشقر كشعر الخيل.امي كان يحلو لها ان تمشطه.وتتعمد ان تتركه
طويلا ومنسدلا على كتفي.مرة عاد ابي من احدى اسفاره الطويلة.يغيب شهورا متعددة
ثم يعود محملا بالهدايا وبعض الجبنة و الشاي وكثير من المشاكل .فاجأ امي تضع
احمر الشفاه على خدي و شعري معقوص على شكل اسفنجة. يومها ضربها حتى تغوطت في
ملابسها و قال لها.”هاد الولد غادي تخرجي عليه. سيصبح خنثى”
يده كالكماشة تطبق على ذراعي. يأخذني الى الحلاق و يحلق لي على “الزيرو”.اخفي
راسي بطاقية زرقاء صوفية. نعود الى البيت.ياخذ مصحفا بين يديه .
-استظهر الفاتحة
.يفتح فمه عن اخره. تظهر اسنانه المتسوسة ولوزتاه. قلبي يدق بعنف تحت ضلوعي .
باسم الله الرحمن الرحيم..اتلعثم.-
- الا تعرف الفاتحة يا ابن المجوسية؟ يضغط على شفته السفلى باسنانه
الاصطناعية.ستد خل جهنم يا ولد الزنى .جهنم تملوها النساء و الز..من امثالك.
يمسك المصحف بيديه و ينزل به على راسي.
الغرفة تدور, الكرة الارضية تدور و كل الاجرام السماوية.ستدخل جهنم انت و
امك..اكتب الف مرة..انا رجل ..انا رجل .
اطْاطْى راسي, انظر الى يدي, امسك الخنصر , انا رجل, البنصر انا
امرْاة,رجل..امراة,..ر..امراة.
اخذ ورقة واجلس الى الطاولة, يجلس غير بعيد عني, شفتاه لا تكفان عن الحركة,
ربما يلعنني في سره او يقرْا بعض سور القرآن .يراقبني بقرف و امتعاض كْانه ينظر
الى جثة فأر متفسخة.
“كندورته” البيضاء القطنية تشربت عرقه فالتصقت بجسده. من تحت “كندورته” البيضاء
القطنية , يظهر تبانه الابيض ذو الخطوط السوداء. تبانه يشبه جلد الحمار الوحشي
.لا استمر في النظر اليه طويلا حتى اجنب نفسي لسانه السليط.
يداه وراء ظهره,يحمل الشيطان فوق ظهره. هذا ما كان يقوله لي اذا ما ضبطني اضع
يدي خلفي. لكن امي تخبرني وهي تمشط شعري ,ان الرجال هم الشياطين و االنساء
قوارير.الرسول قال النساء قوارير .الرسول لا يكذب.وابي يكذب ,يقول ان النساء
قوارير يختفي بداخلها الشيطان.
-اش بغيتي تكون في المستقبل؟
-بيلوط.اقول بخجل و بصوت غير مسموع تقريبا.
-بينوط..؟
-بييييييلووووط. .. باللام.
-بيلوط..بيلوط,بي..لوط, يزم شفتيه الزرقاوين.يمدهما الى الامام.يبدو ساهما
كْانه يفكر في امر جلل,و هو يردد لوط , بي..لوط.يلتفت الي “تريد ان تسوق
الطائرة؟ غادي تسوق الزبل ياوجه الويل”.
* * * * * *
استاذ اللغة العربية يقول:
الفاعل اسم مرفوع بالضمة الظاهرة في اخره
المفعول به اسم منصوب بالفتحة الظاهرة في اخره
اتحسس اخري.لا توجد فتحة .شيء ما بحجم الخنصر, كذيل جرد صغير يتدلى بين فخدي.
يحرق الاستاذ ظهري بعصاه الخشبية. اْتاْوه .ينزع نظارته الطبية ,ينظفها بطرف
وزرته البيضاء .ينظر الي من فوق لتحت و من تحت لتحت . يضبطني اتحسس ذلك الشيء
الذي يشبه ذيل الجرد الصغير. يمسكني من ياقة قميصي و يرميني خارج الفصل وهو
يردد:
-”هاد ولاد الحرام كثروا.لن اقبلك الا برفقة والدك”.لم اخبر والدي بشيء ولم اعد
الى المدرسة بعد ذلك.
استاذ التربية الاسلامية يبسمل و يحوقل ويقول:
الفاعل و المفعول به في نار جهنم.-
عيناه تدو ران و تستقران على وجهي.التلاميذ ينظرون باتجاهي, احني راْسي في خجل
كاْنني اعتذر وجودي بينهم. الاعين تحاصرني, و اْنا وحيد بينهم,لا اشبههم,
الكآبة تلفني, اْعرق اجف واتمنى لو اْختفي,لو اتبخر.
صديقي يقول وهو لا يستطيع كتم سخريته:
-مادونا والتون جون,و بوشعبيب البيضاوي سيوْنسون وحدتك في جهنم.جهنم غادي تكون
مزوهرة.و في الجنة سيكون اْستاذ التربية الاسلامية ووالدك والطلبة الذين
يقروْون على القبور.ستكون الجنة كئيبة ..ينفجر من الضحك , وكالجرب تماما تنتقل
العدوى للجميع.
يخرجون من الفصل.يستبقيني الاستاذ. يلمس وجهي برفق و لطف اشك في سلامة نواياه.
وجهك املس اكثر من اللازم.كل اصدقائك نبتت لهم شوارب الا انت, ترتعش
اصابعه,تسري الرعشة في جسدي.
احساس لذيذ و..آثم.أمسح قطرات العرق عن جبهتي ,عيناه تلمعان بشيء غريب كالشهوة
.

أطأطئ رأسي , أنصرف . يلاحقني صوته. ..يجب ان تهتدي الى الطريق القويم, القويم.
صوته يشبه قرقرة المصارين.
* * * * *

آخر مرة ذهبت فيها الى الحمام للاستحمام تعود لسنوات. دخلت حمام النساء, وضعت
دماليجي الفضية في الجيب الداخلي للحقيبة, و ما أن هممت بنزع جلابيتي المليفة
السوداء , حتى تجمهرت حولي النساء.قمن بشد شعري .واحدة منهن حملت عصا مكنسة و
حاولت القيام بشيء مخجل و عنيف .وهناك من انزلقت يدها تحت بطني لتتأكد من شيء
ما.كنت اعتصر بين نهودهن و أجسامهن المترهلة .رائحة العرق و الحناء و مرطب
الشعر تصيبني بالدوخة.أفلت بأعجوبة.قالت احداهن” انت راجل سير لحمام الرجال”.
في الشارع كانت تصلني زغاريدهن وصلاتهن على النبي وضحكاتهن الخليعة .غضبهن كان
مصطنعا,وصراخهن أيضا.
بعدها دخلت حمام الرجال.أمسكوني من قفايا و طردوني.”انت امرأة سيري لحمام
النسا”. هكذا قالوا. كان أقسى يوم في حياتي. كلما أتذكره أحس بالمرارة تصعد الى
جوفي و أرغب في التقيِؤ.
لا أفهم لماذا يتعاملون معي بهذه الطريقة. بخشونة.وفي بعض الاحيان بلا مبالاة
حد القسوة.في الشارع ينظرون الي كأنني نزلت من كوكب آخر,ومع ذلك أحمل بين كتفي
رأسا لا تختلف كثيرا عن باقي الرِِِِِؤوس الأخرى.في البداية تتسع أعينهم
،ينظرون الي باستغراب ثم بتقزز, يحاولون كتم ضحكاتهم, وفي كثير من الاحيان
يهمسون بكلمة بذيئة تبدأ بحرف ز”.أو يقولونها بفرنسية أنيقة حتى لا يخدشوا
حياء زائفا.وهناك من لا يعرف كيف يخاطبني ,يختلط عليه ضمير المخاطب بضمير
المخاطبة فتخرج الجمل شائهة بلا معنى. ماذا به شكلي ؟ لا أحد يختار شكله.”هذي
خليقة الله”.الطبيب الذي زرته لا يكف عن حك أرنبة أنفه و العطس. بعد عدة جلسات
وكثير من الثرثرة و اللأوراق المالية و بعض التحاليل, اخبرني ان أشياء لم
أستوعبها جيدا. هرمونات ,جينات, كروموزومات… و في الأخير أخبرني انه علي ان
اتقبل جسدي كما هو. ياللعبقرية!.نعيمة قالت لي نفس الجملة بطريقتها:”ديري
القطن في ودنيك وعيشي حياتك كيف ابغيتي انت”. كيف أقنع الأخرين باختلافي؟
* * * * * *
الساعة الثانية بعد منتصف الليل.أصابعي تكاد تتجمد من البرد.هذه الليلة
“فالصو”.سأعود الى البيت, أحتسي قليلا من البيرة و صحن “بوزروك” بالفلفل الحار.

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
بوزرزك : فواكه البحر
بيلوط: ربان طائرة

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05547 seconds with 11 queries