عرض مشاركة واحدة
قديم 29/06/2006   #2
شب و شيخ الشباب tiger
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ tiger
tiger is offline
 
نورنا ب:
Mar 2006
المطرح:
الجنة
مشاركات:
2,700

افتراضي


إن العديد من أسباب الموت هذه مرتبط بالاختيار choice، كما يقول جيرالد كوري (1982). إذ إن الناس قد يرتكبون بعض أشكال الانتحار البطيء بإحجامهم عن ممارسة التمرينات والأنشطة وبعدم قيامهم بأعمال يشغلون بها أجسامهم وأجهزتهم الحيوية. وبذلك فإن معدل الانتحار المتزايد يمكن اعتباره أعلى بكثير من المعدل الفعلي الذي بيَّنتْه الدراسات إذا ما أخذنا في الحسبان هذه الطرق المتنوعة التي يقصِّر فيها الشخصُ حياته بنفسه من حيث لا يدري. ثم إن الكثيرين يعيشون ما يُسمَّى "نصف الموت" half-dead؛ أي أنهم "أنصاف أموات" من جراء معاناتهم الاكتئاب depression، حيث لا تمتُّع بالحياة ولا أنشطة مطلقًا، بل همود وحزن وانغلاق. فكيف يعيش مثل هؤلاء؟!
إن محاولي الانتحار ينظرون إلى الحياة على أنها "لا تطاق" unbearable. فإذا كانوا يشعرون بذلك، فهم حتمًا لا يملكون بدائل وخيارات. وبما أن فرص التغيير لديهم ضئيلة جدًّا فهم يقرون أن موتهم أفضل من مساعيهم وكدحهم لإيجاد معنى حين تنعدم إطلاقًا مثل هذه المعاني؛ إذ ذاك فإن الانتحار يغدو "الخيار النهائي" ultimate choice. صحيح أن الكثيرين من الناس يقتلون أنفسهم وينهون حياتهم، سواء عن طريق الإهمال والتجاهل أو عن طريق انتهاج أفعال وسلوكيات محددة، إلا أن السؤال الأهم هو: كيف يريد الشخص أن يحيا ويعيش فعلاً؟
ماذا تُظهِر لك خبرتُك الشخصية بهذا الخصوص؟ ربما شعرتَ باليأس أحيانًا؛ وقد تتساءل عما إذا كان من المفيد أن تحيا أصلاً. هل مررت بمثل هذا الشعور في الواقع؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي كان يجري في حياتك، فدفع بك إلى الرغبة في الموت؟ ثم ما هي العوامل التي حالت دون تلك الدوافع والأحداث والتأثير عليك سلبيًّا وأبقتك محتفظًا بقدرتك على الحياة؟
ما هي المعاني الضِّمنية التي ينطوي عليها الانتحار؟
ربما كان الانتحار تعبيرًا عن صرخة استغاثة أخيرة: "لقد صرخت، ولكن لا أحد سمعني!" ربما كان فعلاً عدوانيًّا أو تعبيرًا عن قسوة أو محاولةً مستميتةً لإسماع الصوت ولفت النظر: "لعل ذلك يدفع بعض الناس إلى الحديث عنِّي وإلى الشعور بالأسف على الطريقة التي عوملت بها." أو لعله تخلُّص من حالة يأس وإنهاء لحالة ألم مستديم.
هل تعرف شخصًا ما قد انتحر؟ عادة ما يَخبَر مَن هم على معرفة بشخص منتحر عددًا من المشاعر، مثل الذنب والغضب والخوف، التي لا تظهر في العادة ظهورًا واضحًا صريحًا: "ليتني كنت أكثر حساسية وحذرًا وأشد اهتمامًا." وربما يشعرون بذلك: "لم يدُرْ في خلدي أن هذا الأمر المهول يمكن له أن يحدث؛ وإني لأتساءل إن كنت فعلت كلَّ شيء في وسعي لمنعه." وإذا عبَّروا عن غضبهم في كلمات فلربما قالوا: "إنني غاضب عليك لأنك تركتني! لماذا لم تُعلِمَني كم كنت منعزلاً وتعاني الوحدة؟!" وربما يشعرون بالخوف: "إذا حدث ذلك له فربما أكون قادرًا على فعل الشيء نفسه!"
مراحل الاحتضار والموت
لقد أصبح علم الموت thanatology من الموضوعات الهامة التي يدرسها علماء النفس والاجتماع والأطباء النفسيون والأطباء والباحثون في ميادين متنوعة. وتُعتبَر إليزابيث كوبلر روس الرائدةَ في الدراسات الحديثة حول الموضوع. ففي كتابيها المُعَنْوَنين في الموت والاحتضار[8] والموت: شوط النمو النهائي[9] (1969، 1975) بحثتْ المظاهر النفسية والاجتماعية للموت والاحتضار. إن فهمك لتلك الأمور قد يساعدك على تقبُّل الموت وعلى أن تكون أقدر على مساعدة الأشخاص الذين هم في أواخر حياتهم.



إليزابيث كوبلر روس (1926-2004)

والمراحل الخمسة التي توصلت إليها الباحثة من خلال دراستها لمرضى السرطان تتوالى كما يلي:
1. مرحلة الإنكار Stage of Denial: ينكر الشخص خطورة حالته.
2. مرحلة الغضب Stage of Anger: يقول المريض لنفسه: لماذا أنا بالذات؟ إضافة إلى الغضب الذي يُسقِطه على أيِّ شخص آخر.
3. مرحلة المساومة Stage of Bargaining: يحاول الشخص أن يقيم نوعًا من التوافق والتسوية مع القدر.
4. مرحلة الاكتئاب Stage of Depression: تحل مع ضعف الشخص ووهن طاقته حين يتطور المرض عنده، إذ يشعر بالخسارة الكبيرة المقبلة والنهاية المحتومة (اليأس).
5. مرحلة التقبل Stage of Acceptance: يتقبل الشخص حالته ومصيره وتنتهي المقاومة.
ما المغزى من مثل هذه الدراسات؟
هناك اتجاه نحو الاهتمام المباشر بأفراد أُسَر المحتضرين، وذلك لمساعدتهم وتوجيههم إلى ما يجب عليهم القيام به لمساعدة المريض المحتضر. مثال على ذلك تلك الحركات الهامة الناشئة التي تُسمَّى "حركة وبرنامج النزلاء" Hospice Movement and Program والتي بدأت في إنكلترا في العام 1967، ثم انتشرت من بعدُ في أوروبا وأمريكا. إن مصطلح hospice استُعمِل في القرون الوسطى أساسًا لوصف أمكنة انتظار المسافرين؛ أما لاحقًا فإن مثل هذه الأمكنة أُنشئت من أجل الأطفال اليتامى والمرضى والمعمِّرين العجَّز في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حيث اهتمت الطائفة الكاثوليكية بهؤلاء الأفراد لتقديم المساعدة لهم.
لقد لاحظ كاليش (1985) أن "حركة النزلاء" الحديثة قد غيَّرت النظرة إلى الاحتضار من حالة "لا شيء يمكن فعله لمساعدة المحتضر" إلى حالة "أحرى بنا أن نفعل ما في وسعنا لتقديم أقصى درجات الرعاية والاهتمام له". وهذا يتضمن مقابلة المرضى وأُسَرهم وكل مَن له علاقة بهم، وذلك للاهتمام بالضغوط النفسية والاجتماعية التي يمر بها المحتضر. وقد حقق هذا البرنامج نتائج إيجابية في خفض حالات القلق anxiety والتوتر tension والكثير من الأعراض البدنية bodily symptoms التي كان يعانيها المريض أو المحتضر.
الحزن والأسى على الميت والانفصال وأشكال الافتقاد الأخرى
لقد بينت بعض الدراسات التجريبية والسريرية أن المراحل الخمس نفسها التي يمر بها المحتضر يمر بها كل إنسان حين يفتقد شيئًا ما أو يعاني الانفصال، كالطلاق مثلاً – هذا من جهة؛ ومن جهة ثانية، فإن هناك مراحل يمر بها المقربون من المحتضر ومن الشخص الذي يعاني الافتقاد والانفصال. فالحزن والتعزية والأسى تُعزى إلى كشف مشاعر الأسف والغضب والذنب لهذا الافتقاد ذي المغزى. وهذه الحالة ليست بسيطة في الواقع.
دَعْ نفسك تحزن وتأسى: هل عشت حالة افتقاد في سابق حياتك؟ وكيف تعاملت مع هذه الخبرة؟
من الأمور التي نفتقدها والتي تثير فينا مشاعر الحزن والأسى فقدان أحد أفراد الأسرة أو الأقارب أو أحد الأصدقاء أو الأشخاص المهمين في حياتنا، فقدان عمل ذي قيمة في نظرنا، الانفصال والطلاق، افتقاد أشياء مادية ذات قيمة خاصة في نظرنا، ترك مكان كنا نعيش فيه، فقدان الثقة في شخص ما والخيبة من إخلاصه. فهل هذه الحالات جميعًا متشابهة من حيث استجابتُنا لنوع الافتقاد ونمطه؟ وهل سلكتَ سلوكًا ناجحًا حين مرورك بمثل هذه الخبرات؟ هل أغلقتَ دونك باب الحزن ولم تعانِ الأسى أبدًا لأن موضوع الافتقاد كان مثيرًا للتوتر؟ أم عبَّرتَ عن مشاعرك حيال الشخص المهم في حياتك فقط؟ ثم هل مازلت تختبر هذه المشاعر كما كنت من قبل؟
إن العديد من الباحثين في المظاهر الپسيكولوجية للموت والافتقاد يوافقون على أن الأسى والحزن ضروريان. والأساس الذي تشترك فيه النظريات كلها حول الموضوع يشدد على السيرورة بعامة: المبادرة اللازمة للتحرك من مرحلة الاكتئاب إلى مرحلة التحسن والشفاء. ومع أن بعض الناس قد يتعاملون تعاملاً ناجحًا مع المشاعر المتعلقة بالافتقاد فإن خسارة بعضهم الآخر قد تكون دائمة ويعيشونها باستمرار. ففي حالة الأسى والحزن الناجحين، لا يتثبت بعض الناس على هذا الافتقاد ولا ينغلقون دون حالات الموت والافتقاد الأخرى. والشيء المهم الآخر في النظريات التي بحثت هذه الظاهرة هو أن جميع الناس يمرون بحالة الأسى والحزن بالدرجة نفسها، لكنهم لا يمرون جميعًا بالمراحل نفسها وعلى الترتيب نفسه.

في البدء لم يكن اول افعال الله انتشارا نحو الخارج , , بل طي , انقباض .....

في البدء لا بد ان الله انسحب , انطوى , ميسرا بذلك ولادة العالم .....

في البدء كان الكلمة .....

مملكتي ليست من هذا العالم .....
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.29058 seconds with 11 queries