عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #9
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


الخلوي« يستحق خلافاً




يمكن، بسهولة، الوقوع في فخ »شعبوية« تريد التشهير بالطبقة السياسية اللبنانية في ضوء ما يجري في فلسطين. يقال، في هذه الحال، ان حكام لبنان يخوضون في صراعات »خلوية« بينما اسرائيل تهدد استقرار المنطقة، وبينما تستعد الولايات المتحدة لاعادة رسم التوازنات فيها عبر ضرب العراق. وفي حين يبدو المصير الوطني اللبناني مرتبطاً بقوة بما يجري في فلسطين وسيجري في العراق، يتلهّى المسؤولون في بيروت، حسب وجهة النظر هذه، بهوامش لا قيمة لها.
يُستحسن عدم الوقوع في هذا الفخ. فموضوع الخلوي، في لبنان، واليوم، موضوع شديد الاهمية.
له علاقة، اولاً، بفكرة ما عن ممارسة السلطة. فنحن أمام حالة نموذجية من حالات نزاع المصالح. في مثلها يستقيل القاضي أو تُعتبر العدالة مطعونة فيها. لا يعقل، في بلد يحترم نفسه، تقبُّل نزاع مصالح من هذا النوع، فكيف بالقفز اليه قفزاً. وحتى لو اعتبرنا ان المسؤولين لدينا ملائكة من نوع خاص، وحتى لو اعتبرنا انهم يكنّون احتقاراً استثنائياً لحصصهم في كل ما له علاقة بالدولة، وحتى لو استنتجنا من تجربة ماضية معهم انهم فوق كل الشبهات، فإن ما جرى ويجري استفزاز لألف باء المسؤولية في إدارة الشأن العام. ليس في الأمر تهمة لأحد، لا لمن هو موجود في القطاع ولا لمن يسعى، كما يقال، الى التواجد فيه. وليس في الأمر تشهيراً. الموضوع، ببساطة، هو انه ممنوع بالمطلق الوصول الى وضع من هذا النوع. ومن يرتضِ هذا الوضع فليس جديرا بأن يتحكم بمصائر مواطنين يُفترض، من حيث المبدأ، انهم يدفعون راتبه.
ثم إن لموضوع الخلوي علاقة بممارسة الرقابة. فلقد ابدى وزير سابق اسفه لان القضية انتقلت الى وسائل الاعلام. وإذا كان من اسف فهو على هذا الاسف أولا. ثانياً، كان يجب على الوزير المشار اليه ان يوجه انتقادات عنيفة الى وسائل الاعلام جميعاً التي لا زالت تمارس قدراً من الرقابة الذاتية يجعلها تعفّ عن نشر كل ما تعرفه. هذا في ما يخص الاعلام. ولكن الرقابة تتجاوز ذلك الى هيئات المجتمع كلها. فليس هناك من يمارس ضغطاً من اجل شفافية اكبر، وقلائل هم من يحاسبون شركات الخلوي على اسعارها وخدماتها وتقديماتها للخزينة، ولا تبدو الحشرية كبيرة في متابعة الاتصالات مع رساميل اجنبية قد تكون متحمسة للمشاركة، ولا يوجد تطلُّب كبير لنشر تقارير وضعتها هيئات تتناول تقديم التعويضات وعناصر دفتر الشروط.
ثم ان للموضوع علاقة مهمة جداً بالعجوزات التي تعاني منها المالية العامة والسبل المعتمدة من اجل معالجتها. يقال لنا ان الاموال الناجمة عن نقل ملكية الشركتين، أو نقل ادارتهما، او استخدام العائدات في حساب خاص، ان كل ذلك محكوم بهمّ واحد هو إطفاء جزء من الدين من اجل خفض الفوائد فالعجز في الميزانية، علّ ذلك يؤدي الى تراجع الفوائد وتشجيع العملية الاقتصادية. ان الازمة التي نعيشها جعلت البعض يوافق على شر لا بد منه هو كناية عن بيع موجودات عامة لاستخدام الموارد في معالجة المديونية لا في اطلاق عجلة التنمية. ولذلك، فإن ما تجبيه الدولة، وما قد تحصل عليه، والتأكد مما اذا كان المردود عادلا، ان هذا كله في غاية الاهمية ويستحق ان يختلف المسؤولون في شأنه، كما يستحق اللبنانيون ان يعرفوا الاكثر عنه وان يحظوا بنقاش على مستوى الأزمة التي يعيشونها والتي تكاد تطحنهم.
ليس في امكان موظف في القطاع العام، حتى لو كان كسولا، ان يعيش يومياً في موقع المتهم بانه سبب الكوارث المالية كلها، وانه رمز الفساد كله، وان راتبه مصدر العجز، وان مصيره هو التعاقد بدل طمأنينة العمل. ليس في امكانه ذلك وهو يتابع هذا التراشق الذي تساوي كل عبارة فيه ملايين الدولارات.
واخيراً، ان للموضوع علاقة بقضية الخصخصة كلها. ان هذه التعويذة المكتشَفة في العقدين الاخيرين في العالم، وفي لبنان قبل سنوات، استثارت أدباً كثيراً. هناك من حوّلها الى ايديولوجيا جديدة. وهناك من يعارضها من موقع ايديولوجي. ويجب الاعتراف بأنه، في لبنان، ثمة مجال للحديث عن مزاج عام لا يعارضها او بات ميالا الى عدم معارضتها. ان السبب المباشر في ذلك ليس طلب المؤسسات الخارجية ولا الحاح صندوق النقد. ان السبب هو تشكيك المواطنين في القطاع العام، وفي كفاءته، وتحوله الى مزرعة يتقاسمها النافذون.
إلا ان ما يجري في لبنان وما جرى في بلدان كثيرة تعرّضت لهذه الظاهرة هو اجتياح لقطاع خاص فاسد للملكية العامة وذلك عبر الصلة بمواقع في السلطة فاسدة هي الاخرى. لا نكون والحالة هذه امام خصخصة يمكنها ان تحل مشكلة. نكون امام مشكلة جديدة تعرّي الدولة وتضعفها. ويمكن ان نضيف، في ظل الخصوصية اللبنانية، ان إضعاف الدولة ضرب لحيز عام لا تستفيد منه الا القوى النافذة التي تهدد الاقتصاد طبعاً وتهدد، فوق ذلك واهم منه، النسيج الوطني كله.
يقال ان وساطات تجري لطي الخلافات في حين ان المطلوب ضغوطات من اجل بلورة هذه الخلافات في سياقات واضحة ومفهومة تطالب المواطنين بالانحياز الى واحد منها، وتستقوي بالرأي العام، وتوضح له ان التباينات ليست مجرد عدم تناغم في الامزجة.

10/05/2002

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.22833 seconds with 11 queries