تتجلى عملية الانتحار فنيا في هذا الموقع من خلال رسوم ومنحوتات. وتندرج هذه الاعمال الفنية ضمن مجموعات ترتبط كلٌّ منها بأسطورة تاريخية أو أدبية. تُظهر هذه الأعمال الفنية عظمة مقتل أجاكس الذي طعن نفسه بالسيف خلال احدى المعارك تفادياً للذل. أما في المجموعة المخصصة لكاتو اليوتيكي، فيقرأ هذا الأخير وصيته قبل ان ينتحر في إحدى المنحوتات. وفي رائعة غيوم غيون لاتيار الفنية، تتجلى جمالية جسد كاتو اليوتيكي العاري الملطخ بالدماء وتعابير وجهه المحتضر. كما يعرض أحد الرسوم ذات الطابع الرومنطيقي الكئيب جثة الشاعر الإنكليزي المنتحر توماس شاترتون، مستلقياً على فراشه قرب نافذة شبه مفتوحة. أما انتحار الملكة كليوباترا التاريخي فيظهر في سلسلة من الرسوم والمنحوتات تُبرز تفاصيل جسدها العاري. وقد قتلت هذه الملكة نفسها لأنها عجزت عن الفوز بقلب أوكتاف، ممّأ أدى الى انهيار سلطتها في مصر. كذلك أثّر انتحار لوكراسيا الرومانية التي طعنت نفسها بالخنجر على مجرى التاريخ. إذ كان موتها حجّة للتخلص من هيمنة الملك تاركين العظيم. وتتجّلى جمالية فيدر، البطلة المسرحية المنتحرة بفستانها الابيض الطويل في لوحة الفنان ألكسندر كابانال. وتتسلسل حوادث المسرحية الشكسبيرية الرائعة "روميو وجولييت" في مجموعة من الأعمال الفنية. أما ريشة الفنان تشارلز مانغنغ فقد رسمت جسد الشاعرة اليونانية المنتحرة سافو التي ألّفت قصائد حول السحاقيات. وتعدّدت صور إنتحار الفيلسوف سقراط الذي أُجبر على تجرع السمّ، عقاباً على تأثيره الفكري في الأجيال الصاعدة. ويندرج انتحار الملكة النوميدية سوفونيسب في سياق تاريخي، إذ آثرت أن تقتل نفسها بدل أن تقبل أن تكون عبدة لدى الرومان. وأخيراً، يقدّم الموقع أعمالاً فنية لا ترتبط بالأساطير التاريخية، نذكر منها لوحة إدوار مانيه الإنطباعية حيث تبرز جثة رجل مستلق على سريره ممسكاً بالمسدس الذي قتل نفسه به.
ما نحبّه: يعرّفنا هذا الموقع الى حوادث تاريخية وأعمال أدبية من خلال التحف الفنية. كما يبرز انتحار الشخصية نفسها من خلال وجهات نظر عدد من الفنانين، فتتحوّل لحظة الموت التاريخية لحظات تختلف بحسب الرؤى الذاتية، والتيارات الفنية والأجواء الأدبية.
ما لا نحبّه: قد يزداد الموقع غنى وجمالاً لو ترافقت اللوحات والمنحوتات بمع معلومات تاريخية حول مواضيعها والرسامين الذين نفّذوها.
منيرة أبي زيد
جريدة "النهار"، الأحد 4 تشرين الأول 2009، السنة 77، العدد 23834.