الموضوع: أسبوع وكاتب - 3
عرض مشاركة واحدة
قديم 07/02/2009   #12
صبيّة و ست الصبايا butterfly
مشرف
 
الصورة الرمزية لـ butterfly
butterfly is offline
 
نورنا ب:
Jan 2006
المطرح:
قلب الله
مشاركات:
14,333

افتراضي


موقف العرب من الإبادة الأرمنية

خلال عملي على موضوع طويل وشائك هو " سفر برلك " هي مرحلة الحرب العالمية الأولى في ظل الحكم العثماني والتي انتهت مع انتهاء الحكم العثماني ، اجتهدت تقريباً عشرين سنة بجمع وثائق مراجع ومقابلات شخصية مع أشخاص عاشوا تلك الفترة ، كنت بصدد كتابة مجموعة من الأعمال حول تلك المسألة . كتبت حتى الآن مسرحيتين "الغول " عن جمال باشا ، " أيام الجوع" عن المعاناة الشعبية وأحد أبطال هذه المسرحية شاب أرمني هارب ومهاجر .

العمل الروائي الثالث جاهز الآن للطباعة عن الصراع العربي اليهودي في تلك المرحلة ولها علاقة بموضوع الأرمن ، لأن اليهود كانوا دائماً يخافون أن يكون مصيرهم كمصير الأرمن ، أن يفتك بهم العثمانيون كما فتكوا بالأرمن ، ودائماً في الحوارات التي تتم بين الشخصيات تدور حول مسألة " أنه يجب أن لا نستفز الأتراك كي لا يفعلوا بنا كما فعلوا بالأرمن ".

استطعت أن أطلع على هذه المأساة الإنسانية الكبيرة والتصفية العرقية التي تمت للأرمن ، أسبابها عديدة لاشك. لكن أنا أرجعه الى سبب أساسي وهو الحكم العثماني ، عندما طورت في الحرب العالمية الأولى قاد جيشين : جيش بقيادة أنور باشا وجيش بقيادة جمال باشا . على جبهتين : جبهة فلسطين سينا ، يسمونها بالعامية " حرب الترعة" وجيش بقيادة أنور باشا هاجم روسيا على جبهة القوقاز . الحملتان فشلتا ، لكن الضحايا التي ذهبت على جبهة السويس كانوا أقل بكثير لأنه لم تتم حرب حقيقية ، معظم الضحايا ماتوا جوعاً أو عطشا لأنهم تاهوا في صحراء سيناء ، وأناس وصلت الى اليمن وأناس لم تعد الى قراها الى الآن ، استقرت حين وجدت لقمتها .

على جبهة القوقاز ، كانت الظروف الطبيعية أقسى مما كان يتوقعها الجيش العثماني مناطق ثلوج وبرد شديد وكان عتاة الجيش العثماني هزيلاً جداً ، جيش متخلف ، فخسر الحرب وذهب كامل الجيش الذي كان يقرب حوالي المئة ألف . إحساس القيادة العسكرية العثمانية بالهزيمة جعلها تبحث عن كبوش فداء . جمال باشا فتك في سوريا بالحركة القومية العربية وأنور باشا اتهم الأرمن بالتجسس لصالح الروس ، واتخذوا قرار الترحيل لإبعاد الأرمن عن الحدود الروسية وكان هذا القرار ذريعة لحرب إبادة ضد الشعب الأرمني بأكمله .

أنا اطلعت بكثير من الفضول والألم معاً على تطور المجزرة وأحداثها ، دائماً أقول أن السبب الجوهري هو أن إحساس القيادة العسكرية بالهزيمة جعلها قلقة على مواقعها ، قلقة على امتيازاتها . فلكي تعطي مبرر لنفسها لاستمرارها بالحكم ، تعطي لنفسها الشرعية ، لتسقط هزيمتها ، وأسباب هزيمتها على أطراف أخرى ، كما فعل أنور باشا بإسقاط أسباب هزيمته على الشعب الأرمني . وهناك برقيات متبادلة بين القيادة العسكرية ووالي حلب ووالي بيروت حول كيفية التعامل مع الأرمن ، حتى النازحين الذي استطاعوا أن يهربوا ويصلـوا الى سوريا .

هناك شيء مريح في هذه المجزرة العمياء ، أنه رغم أن القيادة العثمانية حاولت أن توحي بأن الحرب العالمية، الحرب ضد الفرنسيين والإنكليز والروس هي حرب الإسلام ضد المسيحيين ، الإيمان ضد الكفر . كان الانعكاس الداخلي أن حربهم مع الأرمن هي حرب ضد المسيحيين الكفار الجواسيس للأعداء ، إلا أن الشعب العربي في سوريا وتحديداً في شمال سوريا والجزيرة ، الذي كان على تماس جغرافي مع الإشكالية ومنطقة التحرر لم يقبل هذه الكذبة لأسباب عديدة ، بأن هؤلاء المسيحيين كفار .

كانت هناك القيادات ، حركة التحرر الوطنية العربية ، مجموعة من المسيحيين ، ثانياً الشخص المتابع للأحداث يعرف أن الشعب في حلب والجزيرة والقامشلي وديرالزور احتضن الأسر التي استطاعت أن تنجو بدوافع إنسانية ، لأنهم كانوا يشاهدون مشاهد لا يستطيع أي إنسان الاعتياد عليها . فعدا طريق الهجرة ، كانوا يستبيحون القتل والاغتصاب وسرقة الأموال ، وكانوا عندما يصلون الى الأنهار سواء دجلة او الفرات او الخابور كانوا يلقوا الناس لا على التعيين بمياه النهر . فالشعب الذي يشاهد كل هذا هناك الحس الإنساني جعلهم يتعاطفون أكثر . أضيف الى هذا شعار الحركة الوطنية المقاومة ضد العثمانيين " عدو عدوي صديقي " فكون العرب ضحايا والأرمن ضحايا ، فكان هذا أحد الأسباب ايضاً الذي جعلهم يتعاطفون .

هناك شيء يشفي الغليل قليلاً ، هو الفريق الفدائي الأرمني الذي تشكل بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وصفى رموز جمعية الاتحاد والترقي قيادة الجيش العثماني ، فاغتالوا مجموعة من الرموز ، بينهم جمال باشا ، وقد أدرجت أسماؤهم في مسرحيتي " الغول " . يومها كان هذا هو الحل الوحيد للانتقام أن تصفى رؤوس الشر ، أو أصحاب القرار بالتصفية .

نحن الآن أمام واقع جديد ونحمل ذكرى أليمة ، ما يساعد الشعوب على البقاء قدرتها على النسيان ، بمعنى ألا ننسى التاريخ ، لكن ألا يبقى الجرح ينزف بنفس المقدار . فأنا لا أطالب أي أرمني أن ينسى مجزرته على الإطلاق ، أتمنى أن يتحسس بها دوماً ، وأتمنى أن يقوم حملة عالمية ، لكن الخصم الذي اتخذ القرار بالتصفية لم يعد موجوداً ، وتركيا الحديثة رغم أنها تحاول أن تتنصل من المجازر والتصفية العرقية ، هذه التركية الحديثة تستنكر التاريخ العثماني ايضاً وتعتبر أنه لا يمثلهم لا كنظام حكم ولا لغوياً . فالخصم الذي ستنتقم منه لم يعد موجوداً ، لذلك نقول ما العمل ، قد يكون العمل الاستفادة من التاريخ بدروس ، أن نعرف كيف نعيش بتسامح ديني شعبي أخلاقي قومي بين بعضنا .

لكن كان يمكن الاستفادة كما استفادت اليهود ، أيام هترل والنازيين ، أي أن يكون تعاطف إنساني أكبر وان يقدموا تعويضات مادية . فالشعب الأرمني له الحق بتقرير مصيره ، بإحياء لغته والتعامل فيها بإحياء ثقافته الوطنية وفولوكلوره وبممارسة ثقافته وآدابه .

ومن الملاحظ أن علاقة سوريا كدولة بأرمينيا علاقة جديدة جداً وهو امتداد لهذا التعاطف الشعبي .

أنا كشخص متابع لقضايا العدل ، أنا مع استرجاع أراضي الأرمن ، لأنه مطلب حق .أنا بشكل أساسي مع إحياء ثقافتهم والحفاظ على هويتهم ، وهذا شيء استطاع الأرمن أن يحققوه بجدارة ، فقد حافظوا على لغتهم وعلاقاتهم بين بعضهم ، ضمن تجمعاتهم في دول عديدة ، وظلت ثقافتهم قائمة شعرهاً وأدباً . وأنا قرأت الكثير الأدبيات الأرمنية المترجمة الى العربية .

أحسست بأنه هناك مجزرة رهيبة تتم ، الهاجس الأول الذي جعلني أهتم وأسعى بالأمر هو إصرار الأرمن على الرجوع الى قراهم بعد أن تم أخذهم من قراهم ووضعوا الرجال في الجيش العثماني وأرسلوهم الى السويس ليحاربوا ثم تشتت ، إن تجربة خوض المسافات الهائلة أيام المجاعة واللصوص جعلتني أتوجه الى الموضوع . في بحثي وجددت أن التجربة الأكثر شناعة هي تجربة الترحيل لأن التهديد من الهرب من الجيش أو اللصوص مفهوم ، لكن التهديد من قبل الدولة التي تأخذه من قريته ، تستولي على أملاكه وأمواله تغتصب نساءه وتقتل أطفاله وترميه بالنهر ، هناك رحلة شاقة أعتقد أن لا مثيل لها في التاريخ .

هناك حكومات استبدادية تعتقل الناس تضعهم في السجون وتصفيهم ، لكن أن يقاد شعب بأكمله في أرض القفر دون أكل أو شرب ، مستباحين وتقتلهم وتعذبهم لمجرد أنهم أرمن . وجدت هذا شيئاً مريعاً .

كانت هناك في تلك الأيام ، حركة وطنية أرمنية ، تنظيمات موجودة تحت أنظار السلطات العثمانية ، فاتخذتها ذريعة أنها تنظيمات لتخريب الدولة العثمانية ، هي تماماً شبيهة بالذريعة التي اتخذها جمال باشا للفتك بالأحرار العرب. لكن جمال باشا لم يكن يستطيع فعل ما فعله أنور باشا لأنه إذا قام بتهجير العرب ، من سيحكم . وهو يدعي أنه يحارب الفرنسيين والإنكليز كونهم كفار . فهو لا يستطيع اتخذا قرار بترحيل العرب أو إبادة العرب لأنه حتى الخليفة كان يسمى خليفة عثماني بمعنى أنه في مرتبة إسلامية .

العلاقة بين الدولة العثمانية والعرب معقدة ، فعادة الدولة التي تحتل تفرض ثقافتها على الشعب الذي وقع تحت الاحتلال ، ما جرى بين العرب والأتراك كان العكس . هم تأثروا بثقافة المنطقة ، فانقلبت اللغة التركية الى العربية . لكن كان لهم تأثيرهم السلبي ايضاً ولذلك قامت حركة الوطنيين الأحرار .

كان الاضطهاد على الجميع ، لكن لون الاضطهاد الذي مورس على الأرمن كان يختلف وأكثر شناعة ، كانت هناك جريمة منظمة ، أما الآخر فكان اضطهاداً .

فالعربي في العراق في الشام كان مضطهداً بحكومة متخلفة ويمارسون عليه كل أنواع الإذلال والتجويع . كان الأرمن والأكراد يعيشون هذه الحالة ، لكن قرار التصفية المنظمة لم يتخذ إلا ضد الأرمن ، فعندما اتخذ ضد العرب اتخذ بتصفية الرؤوس وقيادات الحركة ، فقد أعدم المئات منهم فقط .





دمشق 20 /7/1999



انك " فقير إلى الآخر " كما هو فقير إليك " وأنك محتاج إلى الآخر ، كما هو محتاج إليك
الأب جورج

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07040 seconds with 11 queries