عرض مشاركة واحدة
قديم 08/10/2009   #9
شب و شيخ الشباب الطائررر
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ الطائررر
الطائررر is offline
 
نورنا ب:
Jun 2009
المطرح:
فيروز الشطْئآااااان
مشاركات:
28

بعات رسالي عبر Skype™ ل  الطائررر
افتراضي ذاكرة الجسد ....... احلام مستغانمي......تابع 6


6
غدا ستكون قد مرت 34 سنه على انطلاق الرصاصة الأولى لحربالتحرير, ويكون قد مر على وجودي هنا ثلاثة أسابيع, ومثل ذلك من الزمن على سقوط آخردفعه من الشهداء ...
كان احدهم ذلك الذي حضرت لأشيّعه بنفسي وادفنه هنا.

بين أول رصاصه , وآخر رصاصه, تغيرت الصدور, تغيرت الأهداف .. وتغير الوطن .
ولذا سيكون الغد يوما للحزن مدفوع الأجر مسبقا .
لن يكون هناك من استعراضعسكري, ولا من استقبالات, ولا من تبادل تهاني رسميه ....
سيكتفون بتبادل التهم ... ونكتفي بزيارة المقابر .
غدا لن ازور ذلك القبر . لا أريد أن أتقاسم حزني معالوطن.
أفضل تواطؤ الورق, وكبرياء صمته .

كل شيء يستفزني الليلة.. واشعرأنني قد اكتب أخيرا شيئا مدهشا, لن أمزقه كالعادة..

فما أوجع هذه الصدفةالتي تعود بي , بعد كل هذه السنوات إلى هنا, للمكان نفسه , لأجد جثة من أحبهم فيانتظاري, بتوقيت الذاكرة الأولى .

يستيقظ الماضي الليلة داخلي ... مربكا. يستدرجني إلى دهاليز الذاكرة .
فأحاول أن أقاومه, ولكن, هل يمكن لي أن أقاومذاكرتي هذا المساء ؟أغلق باب غرفتي واشرع النافذة ..
أحاول أن أرى شيئا آخرغير نفسي. وإذا النافذة تطل علي...
تمتد أمامي غابات الغاز والبلوط, وتزحف نحويقسنطينه ملتحفه ملاءتها القديمة, وكل تلك الأدغال والجروف والممرات السرية التي كنتيوما اعرفها والتي كانت تحيط بهذه المدينة كحزام أمان, فتوصلك مسالكها المتشعبة, وغاباتها الكثيفة, إلى القواعد السرية للمجاهدين, وكأنها تشرح لك شجرة بعد شجره, ومغارة بعد أخرى .
إنّ كل الطرق في هذه المدينة العربية العريقة, تؤدي إلىالصمود.
وإنّ كل الغابات والصخور هنا قد سبقتك في الانخراط في صفوف الثورة .
هنالك مدن لا تختار قدرها ...
فقد حكم عليها التاريخ, كما حكمت عليهاالجغرافيا, ألا تستسلم ...
ولذا لا يملك أبناؤها الخيار دائما .

فهل عجبٌأن أشبه هذه المدينة حد التطرف ؟ذات يوم منذ أكثر من ثلاثين سنه سلكت هذهالطرق, واخترت أن تكون تلك الجبال بيتي ومدرستي السرية التي أتعلم فيها المادةالوحيدة الممنوعة من التدريس. وكنت ادري انه ليس من بين خريجيها من دفة ثالثه, وانقدري سيكون مختصرا بين المساحة الفاصلة بين الحرية .. والموت .

ذلك الموتالذي اخترنا له اسما آخر أكثر إغراءً، لنذهب دون خوف وربما بشهوة سريه, وكأننا نذهبلشيء آخر غير حتفنا .

لماذا نسينا يومها أن نطلق على الحرية أيضا أكثر مناسم؟ وكيف اختصرنا منذ البدء حريتنا.... في مفهومها الأول ؟كان الموت يومهايمشي إلى جوارنا, وينام ويأخذ كسرته معنا على عجل. تماما مثل الشوق والصبر والإيمان .. والسعادة المبهمة التي لا تفارقنا .

كان الموت يمشي ويتنفس معنا.. وكانتالأيام تعود قاسيه دائما, لا تختلف عما سبقتها سوى بعدد شهدائها, الذين لم يكنيتوقع احد موتهم على الغالب.. أو لم يكن يتصور لسبب أو لآخر, أن تكون نهايتهم, همبالذات, قريبه إلى ذلك الحد .. ومفجعه إلى ذلك الحد. وكان ذلك منطق الموت الذي لمأكن قد أدركته بعد .

ما زلت اذكرهم أولئك الذين تعودنا بعد ذلك أن نتحدثعنهم بالجملة. وكأنَّ الجمع في هذه الحالة بالذات، ليس اختصارا للذاكرة , وإنمالحقهم علينا .
لم يكونوا شهداء.. كان كل واحد منهم شهيدا على حده. كان هناك مناستشهد في أول معركة, وكأنه جاء خصيصا للشهادة .
وهناك من سقط قبل زيارتهالمسروقة إلى أهله بيوم واحد, بعدما قضى عدة أسابيع في دراسة تفاصيلها, والإعدادلها .
وهناك من تزوج وعاد .. ليموت متزوجا .
وهناك من كان يحلم أن يعود يومالكي يتزوج ... ولم يعد.
في الحروب, ليس الذين يموتون هم التعساء دائما, إنّالأتعس هم أولئك الذين يتركونهم خلفهم ثكالى, يتامى, ومعطوبي أحلام .

اكتشفتهذه الحقيقة باكراً، شهيداً بعد آخر، وقصة بعد أخرى..
واكتشفت في المناسبةنفسها، أنني ربما كنت الوحيد الذي لم يترك خلفه سوى قبر طريّ لأم ماتت مرضاًوقهراً، وأخٍ فريد يصغرني بسنوات، وأب مشغول بمطالب عروسه الصغيرة.

لقد كانذلك المثل الشعبي على حقّ "إن الذي مات أبوه لم يتيتَّم.. وحده الذي ماتت أمهيتيم".



بشعر نرتله كالصـــــلاه تسابيحه ...............
مـــــــــــــــــــــن حنايا الجزائـــــــــــــــــــــــــــــــر
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07325 seconds with 11 queries