عرض مشاركة واحدة
قديم 02/02/2008   #4
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

Exclamation


هربرت: كمبيوتر أو مستقبل ما قريب الشبه من الأذهان البشرية بحيث يمكن لمتجرِّد أن يسكنه. وبما أني أعتقد بأن الميكانيكا الكوانتية هي من وعينا في الأساس، بأن سبب كوننا واعين لا يعود إلى أننا كمبيوترات جيدة حقًّا – لأننا في الواقع لسنا كمبيوترات جيدة على الإطلاق؛ فوعينا يعرقل إلى حدٍّ كبير في بعض الحواس مرافقنا الكومبيوترية. الوعي هو من قبيل الكماليات؛ لذا فإني، لسبب ما من الأسباب، أعتقد أن النظرية الكوانتية، على نحو ما، تتعلق بالوعي. وبالتالي، فإن أية منظومة كومبيوترية تصلح للأمر، لكن عندئذٍ لا بدَّ من ربطها إلى مستوى يمكن لنا فهمه. وهكذا فإن الآلة الكاتبة الطورية الفائقة استعملتْ منظومة كوانتية مرتبطة، عبر كومبيوتر، بآلية مولدة للُّغة، وشرعت تطبع بالإنكليزية، والإنكليزية أتت من لامكان. أتت من عشوائية كوانتية مطلقة، ولَّدها منبع مشع. وقد وضعنا الآلة الكاتبة الطورية الفائقة في عوالم نفسانية عالية الطاقة وحاولنا أن نستدعي الأرواح لكي تأتي وتتولَّى لوحة مفاتيحها.
ميشلوف: الآن، دعني أخطو إلى الوراء للحظة، لأني أعتقد أننا قمنا بقفزة منطقية. لقد كانت تتحكم في الآلة الكاتبة فعليًّا بثٌّ من القُسَيْمات ما تحت ذرية التي يطلقها منبع مشع.
هربرت: أجل.
ميشلوف: وأنت أشرت إليها بوصفها "لامكانًا" لأن بثَّ القُسَيْمات ما تحت الذرية، كما أفهمه، يُعتبَر في الفيزياء الكوانتية ظاهرة عشوائية محضة، غير قابلة للتنبؤ.
هربرت: غير قابلة للتحكم مطلقًا. وبحسب ما يقول به الفيزيائيون، هذا أقصى ما تصل إليه الفيزياء. فالفيزيائيون لا يستطيعون أن يفسروا متى ينطلق القُسَيْم التالي. وحتى إذا كانوا قادرين على السيطرة على الاختبار سيطرة تامة، فهم لا يستطيعون أن يجعلوا القُسَيْم التالي ينطلق. فهو ينطلق من تلقاء ذاته. والفيزياء الكوانتية ككل هي على هذا النحو. فانطلاق فوتون الضوء التالي من جهاز ليزر لا يمكن السيطرة عليه، وكذلك أية ظاهرة كوانتية أخرى.
ميشلوف: لعلي يجب أن أذكر، لفائدة مشاهدينا، أن هذا هو الأساس في جانب كبير من البحث المُحَوْسَب في مجال البارابسيكولوجيا اليوم – استعمال منبع كوانتي آلي مشع، وجعل القوم – بعضهم من ذوي الخبرة النفسانية أو المزاعم النفسانية، وغيرهم من الناس – يحاولون التنبؤ أو السيطرة على البث المشع.
هربرت: وهو قطعًا أكثر عشوائية من العجلات في رينو. قد يكون من شديد التأثير أن يستطيع أحدهم تغيير بث المنبع إراديًّا.
ميشلوف: إذن، قمت بوصل هذا البث بمولِّد للغة، بحيث إنه إذا اتفق لنماذج ما أن تتشكل في البث ربما كانت مفهومة كلغة. وبالتالي، إذا تمكن نوع ما من الكيان المتجرِّد من السيطرة علة البث المشع لصار أشبه بلوحة ويجا مُحَوْسَبة: قد يتمكن من تركيب جمل، كلمات، وهلم جرا.
هربرت: أجل، ولكنه سيكون أحسن من لوحة ويجا، لأنه لا يوجد بشر يشغِّلها. سيكون هذا برهان مباشر علة وجود المتجرِّدين، بالإضافة إلى كونها قناتك للمتجرِّدين. وهكذا صنعنا الآلة الكاتبة الطورية الفائقة، وكذلك نسخة مطوَّرة منها مزودة بمولِّد للصوت، تُدعى "الهاتف الكوانتي الفائق"، خرج منه هذا الصوت – مرة أخرى، من لامكان، من الفراغ الكوانتي. وقد دعونا ماثيو ماننغ بعد ظُهر أحد الأيام، عند كزيروكس، بالفعل، لكي يأتي.
ميشلوف: النفساني الشهير من بريطانيا.
هربرت: لم يعجبه مسمع الصوت، ولذلك أطفأناه، وأجلسناه أمام الآلة الكاتبة، التي كانت تطبع على الآلة الكاتبة وعلى شاشة تلفزيونية في الوقت نفسه. ولقد راق له أن يشاهد الشاشة فيما كان هذا اللغو يظهر تباعًا عبر الشاشة.
ميشلوف: في الحالة العادية، هذا ما يكون عليه الأمر، لغو – أصوات لفظية عشوائية.
هربرت: أجل. فكان يشاهد ذلك عينه، محاولاً أن يريد حصول شيء. وتلك المحاولة كانت غير ناجحة. والواقع أن غالبية الأحداث كانت غير ناجحة بمقدار ما تعلق الأمر بالتوصل إلى قناة سالكة، قناة نفسانية سالكة. وقد تمكنَّا من إحداث العديد من الأحداث الغريبة، سواء عبر طَرْقها عشوائيًّا، أو عبر قيام روح ما بطَرْقِها برهة.
ميشلوف: هات مثالاً على مثل هذه الأحداث الغريبة.
هربرت: طيب، أفضلها كان احتفالاً هودينيًّا دام يومًا كاملاً، بمناسبة عيد ميلاد هاري هوديني المئة. وقد نصبنا بوسترات متحدية لهوديني، الذي زعم أنه إذا استطاع أن يفلح في العودة من الآخرة، فسيحاول أن يعود. ويومئذٍ كانت ذكرى موت هوديني. وقد قمنا بالتجربة في سان فرانسيسكو، وهو مكان يروق لهوديني. وقد عقدنا جلسات استحضار بينما كانت الآلة الكاتبة الطورية الفائقة تعمل. أطفأنا الأنوار وأمسكنا بأيدي بعضنا بعضًا وحاولنا أن نتصل بروح هوديني. جربنا كلَّ ما خطر ببالنا لكي نستجلب روح هوديني إلى هذه الآلة الكاتبة. لكن ما حصل هو أن السطر الأول من المعطيات هو أهم ما حصلنا عليه، لأن الآلة الكاتبة توقفتْ عن العمل؛ إذ إن التغذية تعطَّلتْ.
ميشلوف: ألعلَّه كان ازدحامًا أو شيء من هذا القبيل؟
هربرت: واستمرت الطباعة على سطح الصفحة كلها، راسمة إطارًا. وفي هذا الإطار ارتسمتْ كلمة واحدة، وتلك الكلمة كانت inininfinitime.
ميشلوف: أية كلمة عجيبة!
هربرت: إنها كلمة لطيفة.
ميشلوف: "في زمن لانهائي".
هربرت: لم تكن تهجئتها صحيحة؛ كانت: inininfinitime.
ميشلوف: صوتيًّا. بعبارة أخرى، لو توفر لي زمن لانهائي، لو توفر لي مليون زليون قرد يطبعون، لحصلت على مسرحية مكبث مطبوعة كلها!
هربرت: أو لاستطعت أن أطبع رسالة من هوديني. وهكذا فقد كانت رسالة شديدة السخرية. انفجرنا ضاحكين، بالطبع، على هذه الرسالة، وذلك بدا لنا الشيء الواعي الوحيد الذي أفرزته الآلة الكاتبة الطورية الفائقة في ذلك اليوم. وللمناسبة، فإن الآلة الكاتبة الطورية الفائقة تولِّد أدبًا لا يقاس بالسطور، بل بالأرطال، إذا كان لك أن تتصور. يمكن لنا أن نولِّد من "الأدب" ما يمكن لسرعة الطابعة أن تطبعه.
ميشلوف: وخاصة بوجود الطابعات الفائقة السرعة اليوم! إذن، تلك كانت واحدة من المناسبات النادرة التي ظهر فيها شيء ملفت للنظر.
هربرت: أجل.
ميشلوف: طيب، لقد سبق لك أن ذكرت أنك تعتقد بأن الفيزياء الكوانتية هي من الوعي في الأساس. ليتك تعود إلى تلك النقطة وتتوسع في الكلام عليها.
هربرت: نعم، هناك الآن، فيما أعتقد، مقاربتان رئيسيتان إلى الوعي. إنهم يدرسون المخ، وينظرون في كيفية صنع المخ له – الآلة الوحيدة في العالم التي نعرف يقينًا أنها واعية – ثم يحاولون محاكاة الأشياء المعرفية في الكومبيوترات. وأظن أن المال الذكي يوظَّف هناك في هذه الأيام. أعتقد أن هذا محل جيد للقيام بالبحث.
ميشلوف: محاولة محاكاة اشتغال المخ على الكومبيوتر.
هربرت: على الكومبيوتر، مع رصد الأمخاخ. وأعتقد أننا نتعلم الكثير عن الأمخاخ والكومبيوترات هناك، لكننا لا نتعلم الكثير عن الوعي.
ميشلوف: مجال الإلكترونيات الحيوية.
هربرت: الإلكترونيات الحيوية، أو الروبوطيات، شيء من هذا القبيل. ويبدو لي أن الوعي شيء مختلف كلَّ الاختلاف عن برنامج كومبيوتر أو عن نبضات كهربائية. فالمخ هو وسيط كهربائي عجيب. ليست فيه أسلاك.
ميشلوف: لقد عُرِّف به بوصفه نوعًا من الكومبيوتر ذي نبضات كهربائية ونبضات كيميائية؛ ومن هنا فقد يكون كومبيوتر أنالوغ وكومبيوتر رقمي في آنٍ معًا. لكنك تقول إنه إنْ وُجِدَ أساس ميكانيكي كوانتي، فهو يتنازل حتى المستوى ما تحت الذري، إذن، وليس الخلايا العصبية وحسب.
هربرت: ليس الخلايا العصبية وحسب. وأعتقد أن أي كيان واعٍ لا بدَّ أن ينقر على هذا المستوى الكوانتي في مكان ما – إذ إن في المخ حتمًا مكان ما فيه منظومة حساسة للتقلبات الكوانتية، وهذه المنظومة هي التي نكون فيها واعين. إذا نظرت إلى الوعي من منظار نظرية المعلومات، هناك معدلات معينة للمعطيات مرتبطة بالأشياء. ومعدَّل المعطيات المرتبطة بالتلفزيون، على سبيل المثال، هو 6 ملايين بِتْ/ثانية. من جانبي درست معدَّل معطيات الوعي الإنساني. قد يكون 2 بِتْ أو 3 بِتْ في الثانية.
ميشلوف: 2 بِتْ أو 3 بِتْ في الثانية؟
هربرت: 2 بِتْ أو 3 بِتْ في الثانية.
ميشلوف: أبطأ من شيفرة مورس؟
هربرت: أبطأ من شيفرة مورس.
ميشلوف: وإلى أيِّ شيء تعزو ذلك؟
هربرت: كم عدد الأشياء التي نستطيع أن ننتبه إليها في وقت واحد. أعني، بالتأكيد، أن هناك أشياء كثيرة تجري في المخ، وبالتأكيد، هناك أشياء كثيرة تجري في حقلنا البصري. ولكن كم منه نراه في هذه اللحظة تمامًا؟ نحن كيانات شديدة القابلية لصرف أذهاننا عن موضوعاتها، ضئيلة معدَّل المعطيات.
ميشلوف: أوكي، لكن ما تقوله، إذا كنت أحسن فهمك، هو، إذن، أن المخ يتلقى كمًّا كبيرًا من المعلومات، لكن الوعي يفلتر هذه المعلومات على نحو ما.
هربرت: معدَّل استطاعة المخ حوالى 1012 بِتْ/ثانية. إنه أقوى بما لا يقاس من التلفزيون.
ميشلوف: ومن الوعي نفسه.
هربرت: طيب، الوعي نفسه هو برغوث ضئيل على ظهر هذه الآلة الهائلة.
ميشلوف: ومع ذلك فهو مسؤول عن ثقافتنا برمَّتها!
هربرت: أجل. إذن فالوعي كمعدَّل معطيات يكاد في وضوح أن يكون غير قابل للرصد وسط كتل كلِّ شيء آخر يجري هناك، اللهم إلا إذا كان متوضعًا في نقطة مركزية ما، الأمر الذي قد يكون كذلك. شكَّلنا مجموعة صغيرة في سان فرانسيسكو أطلقنا عليه اسم مجموعة نظرية الوعي. كنَّا عاقدين العزم على حلِّ مشكلات الوعي. كان بيننا أناس من الفيزياء ومن علم النفس وعلوم الكومبيوتر، وكانت واحدة من هواياتنا التفرج على سلايدات للمخ ومحاولة تحديد موضع الوعي فيه. من المواضع التي تحظى بشعبية في هذا الخصوص هو المنظومة الشبكية المنشِّطة.
ميشلوف: آه، نعم، في جذع الدماغ.
هربرت: أجل، في جذع الدماغ، وهو جزء بدائي جدًّا من أجزاء الدماغ.
ميشلوف: إنه يتعلق بالانتباه، تنبيهك لإيلاء انتباهك إلى الأشياء، اليقظة والنوم.
هربرت: نعم، إلى مختلف أنواع الأشياء. لكنه ليس منظومة شديدة التعقيد.
ميشلوف: لكن ما تقوله، إذن، هو أن الوعي ضئيل جدًّا. غير أن إحساسي – وأنت تفاجئني هنا – يجعلني أميل إلى الاعتقاد بأن الوعي واسع جدًّا في الإمكان.
هربرت: لا، لا، مادام الأمر يتعلق بمعدَّل المعطيات. الأمر، في الأساس، أشبه ما يكون بالرئيس وبمئات الملايين الثلاثة، أو أي عدد يمثلهم، حيث رجل واحد يسيطر على أفعال المنظومة ككل – ليس الأفعال المفصَّلة، بل الأفعال الجماعية.
ميشلوف: فهمت. بعبارة أخرى، منظومة التحكم هي جزء ضئيل جدًّا من المنظومة ككل. أظنني فهمت.
هربرت: تمامًا. إذا كنت تعتقد بأن القصد من الوعي هو السيطرة عليها.
ميشلوف: طيب، نِكْ، لقد أثرت قطعًا أسئلة عديدة أكثر مما هو متاح لنا من الوقت للإجابة عليه هذا المساء، لكننا استمتعنا فعلاً بوجودك بيننا، مستكشفين معًا أسرار الوعي والواقع الكوانتي.
هربرت: إنه شعور متبادل، يا جِفْري.
ميشلوف: شكرًا جزيلاً.
هربرت: شكرًا.
***

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.08780 seconds with 11 queries