عرض مشاركة واحدة
قديم 18/10/2009   #75
شب و شيخ الشباب Semetic_Prince
شبه عضو
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ Semetic_Prince
Semetic_Prince is offline
 
نورنا ب:
Feb 2009
مشاركات:
65

افتراضي


الآشوريون



الآشوريون Assyrians أقوام من الجزيرة العربية هاجرت مع الأكديين إلى بلاد الرافدين واستقرت في المناطق الشمالية الشرقية منها، واختلطت بهم هناك أقوام جبلية شمالية فتغيرت ملامحهم وعاداتهم وغلبت القسوة والعنف على طباعهم.

ويبدو الآشوريون في منحوتاتهم وصورهم القديمة ذوي أنوف معقوفة وقسمات جافية تنم على القسوة، وعضلات مفتولة، وشعور كثة ولحى مضفورة. ويجنح بعض الدارسين إلى عدهم جنساً مستقلاً بذاته، إلا أن البحث والتقصي لا يقدمان، حتى في أقدم عهود الآشوريين، إلا لغة وكتابة قريبتين من اللغة والكتابة البابليتين، ولا تختلفان عنهما إلا قليلاً، وقد كانت بين الآشوريين والبابليين نقاط التقاء كثيرة في مختلف أوجه الحضارة ولاسيما الديانة، إلا أن الآشوريين تفردوا بنزعتهم الحربية وميلهم إلى الشدة في معاملة المغلوبين وإلى الحكم المطلق المستبد.

ويدل اسم آشور على كبير الآلهة الذي عبده الآشوريون، كما يدل في الوقت نفسه على مدينة «آشور» التي كانت حاضرة ملكهم (قلعة شرقاط اليوم على الضفة اليمنى من دجلة)، وكذلك على المنطقة الجبلية الشمالية من بلاد الرافدين التي كانوا يطلقون عليها باللغة الآشورية اسم «مات آشور» أي بلاد آشور. ويبدو أن المنطقة الشمالية من بلاد الرافدين استوطنت ونشأت فيها القرى الزراعية قبل المنطقة الجنوبية بين خط العرض 37 شمالاً وحتى مصب النهر العُظيم جنوباً لكثرة أمطارهاوتوافر الأخشاب ومواد البناء فيها. وقد أقام الآشوريون نحو ألفي عام في هذه المنطقة التي تحدها من الشمال والشرق جبال شاهقة وهضاب ونجاد وأراض متموجة محصورة بين أنهار دجلة والزاب الأعلى والزاب الأسفل، وكان يطلق على هذه المنطقة اسم «سوبارو» أو «سوبارتو» وهو اسم الأقوام التي سكنتها قبل الآشوريين.


وقد كُشِفت وثائق منذ أمد غير بعيد تشير إلى أوائل ملوك آشور، وتدل على أن بينهم ملوكاً يحملون أسماء ذات طابع حوري ـ آسياني، وهي أقوام سكنت المنطقة في عصور مبكرة، والملك السادس للآشوريين كان يدعى «أوشيبيا»، وتدل المرويات أنه باني معبد الرب آشور في مدينة آشور. على أنه لم ترد عن هؤلاء الملوك وثائق أخرى ثابتة. ومن مدن آشور التي ذكرت في ذلك العهد نينوى التي يقوم موقعها على مقربة من الموصل، وهي مقر الربة عشتار (إشتار باللفظ البابلي)، إذ كانت خاضعة قديماً للحكم الأكدي كغيرها من بلاد آشور.

خضعت بلاد آشور لملوك سلالة أور الثالثة في أواخر الألف الثالث ق.م، وقد اتصل حكم هؤلاء بمستعمرة آشورية تجارية في قلب الأناضول كانت تسمى كانيش (حالياً كولتبه) في منطقة قبادوقية في وسط الأناضول[ر]. وقد كشفت أعمال التنقيب فيها رُقُماً فيها معلومات مهمة عن العلاقات بين الأناضول وبلاد الرافدين في تلك الحقبة.

وهناك وثيقة بابلية تذكر أن الملك إيلوشوما الآشوري كان معاصراً لِسَموآبو مؤسس سلالة بابل. وقد أتى بعد إيلوشوما ملوك عُنوا بمعبد آشور وبتأسيس معبد أدد (هدد)، ومنهم شاروكين (سرجون الأول الآشوري). ولكن الآشوريين لم يكوّنوا كياناً مستقلاً منفصلاً عن الجنوب إلا في حدود مطلع القرن الثامن عشر ق.م. عندما قام شمشي أدد الأول، وهو من أصل أموري، بأول توسع آشوري أوصل الآشوريين إلى مدينة ماري (تل الحريري على نهر الفرات) وإلى بلاد الأموريين حتى لبنان، واتخذ له عاصمة ثانية هي شوبات إنليل في الجزيرة الشامية (تل ليلان قرب القامشلي) ليسيطر على طرق المواصلات والتجارة، وبذلك توطدت سلطة دولة آشور وأصبحت لها علاقات مع البلاد الأخرى ومنها مصر. وبعد وفاة شمشي أدد الأول انكمشت الدولة في عهد ابنه يشمع دجن لحساب مملكة حلب وغيرها من الممالك الأمورية في سورية، وكان الكاشيون أنئذ في جنوبي الرافدين، والحوريون ـ الميتانيون في الجزيرة، والحثيون في الأناضول، والكنعانيون على الساحل السوري وفي الجنوب.

العصر الآشوري الوسيط

في القرن الثالث عشر ق.م. ضعفت السلالة الكاشية في بابل، وحدث نوع من الفراغ في بلاد الرافدين، وظهر ملوك أقوياء في آشور من أمثال أدد نيراري الأول وشلمانصّر الأول. وكان هذا الأخير كثير العناية بالمعابد، ميالاً إلى التوسع، فمد نفوذه إلى مناطق الفرات، وانتصر على تحالف بين الحثيين والآراميين الوافدين حديثاً من شبه الجزيرة العربية، ونقل عاصمته من آشور إلى كلحو (كلح = نمرود) جنوب نينوى على الضفة اليسرى من نهر دجلة. وخلفه في الحكم توكولتي نينورتا الأول الذي أسس مدينة جديدة له، وانتصر على الحثيين إثر غارة شعوب البحر على الأناضول والساحل السوري في مطلع القرن الثاني عشر ق.م. وبقيت بعض الممالك الحثية أو المتأثرة بالحثيين في شمالي سورية تزعج الآشوريين، كما كان الموشكيون في أعالي دجلة يترصدونهم. وكان الآراميون منتشرين في بادية الشام وحول الفرات وفي شمالي بلاد الرافدين ويضغطون باستمرار مع غيرهم على بلاد آشور.

قضى تغلات بيلاصر الأول حكمه الطويل (39سنة) في حركة دائمة بين هذه القوى الطامحة، فتمكن من إخضاع بقايا ممالك الحثيين في شمالي سورية والموشكيين في أعالي دجلة وتوغل في الأناضول حتى بحيرة وان، كما تمكن من ملاحقة الآراميين فاجتاز الفرات عدة مرات، وتذكر حولياته أنه عبر ذلك النهر مرتين في عام واحد لملاحقته الأخلامو (الآراميين) وتمكن من قهرهم عند تدمر في بلاد أمورو وعند خانة (عانة) حتى رافيقو في بلاد بابل، وحمل أرزاقهم معه إلى مدينة آشور.

ولمّا حاولت بابل أن تثور مستغلة اضطراب أمور الملك الآشوري في حملاته ومجابهته لتلك المصاعب جاء رد فعل تغلات بيلاصر عنيفاً فاستولى على بابل ونهبها، ولكن احتلاله للمدينة لم يكن مستقراً، بل اكتفى بوضع حاميات في بعض النقاط الاستراتيجية على الفرات. وإن أخبار تغلات بيلاصر وحملاته مرقومة على ألواح موشورية الشكل وضعها في أسس معبد آنو وأدد في مدينة آشور.

ومع الجهود الجبارة التي بذلها هذا الملك فإن الخطر ظل يتهدد آشور في عهد خلفائه، فتهدمت مدائن إيران تحت وطء الحملات البربرية، وانهارت دولة العيلاميين نحو سنة 1100 ق.م، ووقعت بابل فريسة الملوك المغتصبين، واشتدت وطأة البداة والآراميين والسوتيين عليها. ولم يحل عام 1050 ق.م حتى كانت بلاد آشور وبابل قد وهنت وهناً شديداً، وسيطر الآراميون على وادي الفرات بكامله، وسقطت المدن الآشورية وتداعت المعابد.

الامبراطورية الآشورية الحديثة الأولى

تعد هذه الحقبة من تاريخ الآشوريين من الحقب الصاخبة الدامية في تاريخ آسيا الغربية. وتتحدث النصوص المنقوشة على جدران القصور والمرقومة على الألواح والنصب عن أعمال الحرق والتدمير وإبادة الشعوب وتغيير معالم البلاد وقطع الأوصال والسلخ وقطع الرؤوس.

ولكن البحث في هذه الحقبة شائك وإن حاول الباحث أن يوجزه. فقد كان كل ملك من ملوكها يعيد سيرة سلفه، ويغزو كل الشعوب والبلاد المجاورة، ويطنب في سرد أعماله. وقد يسوّغ سلوك الآشوريين وضع بلادهم الجغرافي، وبعدهم عن مصادر اقتصادهم، وعدم وجود حدود طبيعية لمنطقتهم تعصمهم من الغزوات، فكانت مشكلتهم تقوم على «الانتصار أو الفناء» وفي بعض أسفار التوراة مثالب كثيرة عن الآشوريين زادت من الإساءة إلى سمعتهم.

انتهت أزمة بلاد آشور، التي كانت تكافح بضراوة من أجل البقاء، نحو نهاية القرن العاشر قبل الميلاد. فعادت إلى التوسع من جديد في عهد ثلاثة ملوك حكموا بين عامي 932 و884ق.م وهم آشور دان الثاني، وأدد نيراري الثاني وتوكولتي نينورتا الثاني، وعادت آشور في عهدهم أمة محاربة تقاتل بقسوة كل جيرانها، وصارت الحرب وسيلة لضمان اقتصادها، واللغة السائدة بدلاً من العلاقات التجارية، وكان الملك يقود حملاته الحربية بنفسه، ويفرض الجزية على الشعوب والمدن المغلوبة. ويبدو أحياناً أن حملات الآشوريين لم تكن تستهدف في البدء إقامة امبراطورية ثابتة الأركان بقدر ما تستهدف سلب ما تجمع من خيرات المدن بين حملتين ولاسيما في ساحل سورية وداخلها. ثم راح هؤلاء الملوك يلحقون بعض الممالك بهم كمملكة حانيغالبات حول نصيبين شرقي الخابور، والممالك الآرامية في حران والفرات الأوسط التي استولى عليها أدد نيراري الثاني، وكذلك المنطقة بين الزاب الصغير والكبير التي ألحقها توكولتي نينورتا الثاني بمملكته.

ولما تولى العرش آشور ناصر بال (أو آشور ناصر أبلي) (883-859ق.م) كانت آشور قد غدت تزاحم نينوى وتنافسها، وثمة وثائق من عهده عثر عليها في مدينة كلحو التي عني بها عناية خاصة. وقد جهد آشور ناصر بال لتعزيز السلطة الآشورية على المناطق المحتلة شمال شرقي البلاد، فقام بحملات لإخضاعها، ثم التفت إلى الغرب فجمد نشاط الآراميين في حوض الفرات الأوسط، واحتل قرقميش (جرابلس). وكان سقوط هذه المدينة تهديداً لمنطقة سورية الشمالية بأسرها، وبعد أن تم له ذلك انحدر على العاصي حتى بلغ لبنان (لبنانا) والبحر المتوسط (بحر أمورو)، ووافاه هناك ملوك مدن البحر الكنعانية (الفينيقية) كأرواد (أروادا) وجبيل (جوبال) وصيدا (صيدون) وصور (صورو) وقدموا له الذهب والفضة والمعادن والمنسوجات والأخشاب النادرة (الأرز) والعاج وغيرها.

وخلفه على العرش شلمانصر الثالث (858-834)، الذي تحققت في عهده منجزات تعد من أروع منجزات العصر الآشوري، وقد وردت أخبارها في كتابات ومشاهد على الأبواب البرونزية المكشوفة في موقع أم غربل (بالاوات جنوبي نينوى)، وعلى المسلة السوداء المكشوفة في كلحو والمحفوظة في المتحف البريطاني بلندن، التي تحمل تسجيلاً كتابياً وتصويرياً لأحداث نحو ثلاثين عاماً من حملاته المتعاقبة. وهناك نقوش وكتابات من عهده في مناطق عدة من بلاد آشور حتى منابع دجلة. ويمكن إيجاز ما ذكرته هذه المرويات الطويلة على النحو التالي:

اجتاز شلمانصر الثالث الفرات إلى أن بلغ البحر المتوسط فغسل سلاحه في البحر تبعاً للتقاليد الرافدية القديمة وضمن ولاء المنطقة، وقطع عدداً من أشجار الأرز والسنديان من جبال الأمانوس للقصور والمعابد الآشورية. ثم التفت إلى الممالك الآرامية على الفرات فأخضع مملكة «بيت عديني» التي كانت أهمها، وكان من مدنها المنيعة تل برسيب (تل أحمر) على الفرات فابتنى فيها قصراً رائعاً واتخذها محطة له في الطريق من آشور إلى سورية مروراً بمدن غوزانا (تل حلف) وحران وحداتو (أرسلان طاش) التي ازدهرت في هذا العهد. وقد أيدت أعمال التنقيب في تلك المواقع صحة الروايات الآشورية.

التفت شلمانصّر الثالث بعد ذلك إلى بلاد الشمال ولاسيما «نايري» وأورارتو حول بحيرة «وان». وفي عام 854ق.م زحف بجيش عبر به الفرات على القِرَب المنفوخة حتى وصل إلى قرقميش فخضعت له، وتوجه منها إلى حلب فاستقبلته، وبعد أن قدم الأضاحي إلى إله الصاعقة (هدد حلب) انحدر إلى منطقة حامات (حماة) وقهر عند مدينة قرقر على العاصي تحالفاً آرامياً قوياً بين أورخوليني ملك حماة وهدد عزر ملك دمشق ومعهما عدد من الممالك الكنعانية والآرامية الجنوبية والساحلية، وكانت تلك معركة قرقر الأولى. وكان مع التحالف ملك اسمه جُندُب أطلق عليه الآشوريون لقب العربي ومعه ألف جمل (وهو أول ذكر للعرب باسمهم الصريح). وبعد هذا النصر الذي لم يكن حاسماً، لتناقض الروايات الآرامية والآشورية عنه، أكمل شلمانصر حملاته في منطقة دمشق وحوران وجبل الشيخ وأخذ من ملوك الساحل الجزية. ومن أخبار عهد شلمانصر الثالث الأخرى فتحه منطقة آرامية على الخليج العربي يقطنها الكلدو (الكلدانيون). وهذه أول مرة يذكر فيها الكلدانيون الذين شادوا لهم امبراطورية واسعة على أنقاض الامبراطورية الآشورية فيما بعد. ثار على شلمانصر الثالث في أواخر عهده أحد أولاده، ونشبت حرب أهلية مات فيها شلمانصر، ومع أن خليفته أخمد هذه الفتنة فإن الامبراطورية الآشورية بدأت تضعف بسببها. ولما تولى العرش حفيد شلمانصر الثالث أدد نيراري الثالث، وكان حدثاً، تولت أمه سمورامات الوصاية عليه.

وسمورامات هي الملكة الشهيرة التي تذكرها الأساطير الإغريقية باسم سميراميس، وتزعم هذه الأساطير أنها طلبت من زوجها في إحدى نزواتها أن يجلسها على العرش لعدة أيام، ولما حقق لها ذلك سجنته أو قتلته، وظلت تحكم أربعين عاماً. واستمر الضعف في الامبراطورية الآشورية حتى انكمشت إلى أصغر حدودها.

الامبراطورية الآشورية الحديثة الثانية

بدأت هذه الحقبة في عهد تغلات بيلاصّر الثالث (745-727 ق.م) وهو الفاتح المشهور الذي أقال الآشوريين من عثرتهم، واستطاع القضاء على دولة بابل التاسعة، ونصب نفسه ملكاً على بابل باسم «بولو» مُقِراً ضمناً باستقلال بابل عن مملكته الأصلية لقداستها ومكانتها الخاصة في بلاد الرافدين. وقد حارب تغلات بيلاصّر الثالث الميديين في إيران، وبذل نشاطاً واسعاً غرب الفرات، فغزا مملكة «أرفاد» الآرامية المنيعة في منطقة حلب، وساعد بنمو الثاني ملك شمأل (زنجرلي في تركية اليوم) وضمه إلى حلف الآشوريين. وخضع له ملوك كثيرون في داخل سورية وساحلها وجنوبها. وممن دفع له الجزية زبيبي (المسماة ملكة العرب)، وثارت عليه شمشي وهي ملكة عربية أخرى وكانتا تحكمان في منطقة دومة الجندل. وقد وصل تغلات بيلاصر الثالث إلى الحجاز حتى بلغ تيما (واحة تيماء)، وألحق دمشق بالامبراطورية الآشورية. وخلفه ابنه شلمانصر الخامس وكان عهده قصيراً، أما أهم أعماله فكان حصاره عاصمة مملكة السامرة في فلسطين. ثم اعتلى العرش من بعده أخوه سرجون الثاني (721-705 ق.م) ويعرف كذلك باسم صرغون وشاروكين، وهو ملك يحفل عهده بالأمجاد. وقد اتخذ سرجون هذا عاصمة جديدة له قريبة من نينوى سماها دورشروكين (أي مدينة سرجون أو حصن سرجون، وتعرف اليوم باسم خورسباد) وقد هجرت بعد موته.


أتم سرجون حصار السامرة وأسر ملكها الذي كان ينتظر المؤازرة من مصر، وسبى سكانها إلى مناطق الخابور وبلاد الميديين واستبدل بهم سكاناً جدداً. وفي عام 720 ق.م حاول سرجون إخضاع بابل من جديد وكان فيها سلالة كلدانية على رأسها الملك مردوك أبال إيدينا (مردوخ بالادان) فانكسر تحت أسوارها، ولكنه عاد في عام 710ق.م فانتصر على الملك الكلداني المتحالف مع العيلاميين وسجل اسمه بين ملوك بابل. وفي بداية عهده حصل تحالف جديد في سورية على الآشوريين بتأثير من مصر، وترأس التحالف مملكة حماة ومملكة أرفاد، ولكن سرجون الثاني هزم الحلفاء عام 720ق.م في معركة قرقر الثانية التي كانت وبالاً على حماة فدُمّرت وسُلِخ جلد ملكها «ياوبعدي» وهو حي، وأحرقت غزة، وفر الجيش المصري الذي كان في الجنوب. كذلك سبى سرجون الثاني الميديين وقهر الأورارتيين وأكثر شعوب الأناضول واستبدل بكثير من سكان تلك المناطق غيرهم، واستولى على قبرص وعلى صور التي كانت قد استعصت عليه.

كانت من نتائج هذه الحملات أن بلغت الامبراطورية الآشورية أوسع مداها وامتلأت خزائن العاصمة بثروات البلاد والشعوب، وبأجمل تحفها ومنتجاتها الثمينة. وكان سرجون إلى ذلك كله رجل دولة يهتم بشؤون مملكته ويعمل على إقامة مستعمرات آشورية في قلب البلاد المغلوبة. وكانت له عناية بالعمران والري، كما أحدث مكتبة في نينوى كانت نواة مكتبة آشور بانيبال التي اشتهرت فيما بعد.

اعتلى العرش بعد سرجون ابنه سنحريب (705-681ق.م) وبقي سنتين بعد اعتلائه العرش ملكاً على بابل نفسها أيضاً. وحاول الكلدانيون الثورة عليه بمساعدة عيلام والعرب ولكنه انتصر عليهم ونصب على بابل ملكاً كلدانياً موالياً له، إلا أن هذا الملك اتفق مع مردوك أبال إيدينا قائد الثورة على الآشوريين فاضطر سنحريب إلى مهاجمة بلاد الكلدانيين عند الخليج العربي وفر مردوك إلى ساحل عيلام، وسعى سنحريب للقضاء عليه مستعيناً بالقبارصة والصوريين الذين ساعدوه في بناء أسطول هاجم به سواحل عيلام.

ثم قام سنحريب بحملة على شمالي شبه جزيرة العرب لفرض الجزية على القبائل العربية التي ساندت بابل، وللاستعانة بقوافلها الشهيرة في حملته المقبلة على مصر، وتسمَّى بملك العرب كما يذكر هيرودوت. ثم التفت بعد ذلك إلى بابل فحرقها وأغرقها بالمياه، ثم جعل ابنه أسرحدون ملكاً عليها فبناها من جديد.

ولما تدخل المصريون في فلسطين والساحل الكنعاني واستعاد ملك صور جزيرة قبرص قاد سنحريب حملة جديدة أخضع فيها كل المدن السورية حتى الجنوب، ومعها مملكة يهوذا، ودفعت القدس الجزية، ولكن مدينة صور استعصت عليه وظلت سيدة البحار حتى فتحها الاسكندر. وعندما أخذ الجيش الآشوري يستعد لملاقاة الجيش المصري بقيادة طهرقا الفرعون المقبل هبت عاصفة هوجاء مدمرة (بحسب النصوص المصرية) تسببت في انكفاء الجيش الآشوري وعودته إلى بلاده، ويقول المؤرخ هيرودوت إن انكفاءه كان بسبب الجرذان، أما التوراة فتعزو ذلك إلى حلول غضب الرب عليه. وبعد عودة سنحريب إلى آشور ثار عليه اثنان من أولاده فقتلاه، ولكن النصر كان حليف ابن موال له اسمه أسرحدون.

http://www.arab-ency.com/index.php?m...d=14597&vid=24
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07709 seconds with 11 queries