عرض مشاركة واحدة
قديم 26/10/2007   #2
شب و شيخ الشباب MohdAnas
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ MohdAnas
MohdAnas is offline
 
نورنا ب:
Aug 2006
المطرح:
بعيداً عن مدينتنا التي شبعت من الموت
مشاركات:
286

افتراضي


كما أن لشاعرنا قصيدة عصماء أخرى في دمشق يقول في مقدمتها:
يا راكِبَ الناقَةِ الوَجناءِ يُزجيها ......... وَالشَوقُ وَالسَوقُ هاديها وَحاديها
عَرِّج عَلى جِلَّقَ الفَيحاءِ غوطَتُها ......... فَحَيّ جامِعَها عَنّي وَأَهليها
والجامع هو جامع بني أمية، الرمز الشامخ للدولة الأموية التي كانت دمشق عاصمة لها.
أما الفيحاء فهو اسم من أسماء دمشق

ويستمر الشاغوري في قصيدته فيقول:
لَولا الخُلودُ الَّذي لَسنا نُؤَمِّلُهُ ......... لَقُلتُ إِنَّ جِنانَ الخُلدِ تَحكيها
فَإِنَّها بَلَدٌ ناهيكَ مِن بَلَدٍ ......... في الحُسنِ لَيسَ لَها مِثلٌ يُضاهيها
كَأَنَّما جَنَّةُ الفِردَوسِ جِلَّق وَالـ ......... أَنهارُ أَنهارُها تَجري بواديها
فَماءُ كانونَ في سَلسالِ رَبوَتِها ......... تُطفي بِهِ نارَ آبٍ حينَ تحميها

إلى أن يقول:
يا طيبَ أَزهار أَنفاسِ الرَبيعِ بِها ......... وَالطَيرُ تُطرِبُنا أَصواتُ شاديها
ويضيف:
ظَبيٌ مِنَ التُركِ لَم تَترُك لَواحِظُهُ ......... لي نِيَّةً في جَميلِ الصَبرِ أَنويها
وَالتُركُ أَبناؤُها تسبي وَتَقتُلُ في ......... دِمَشقَ لَم تَخشَ يَوماً بِأسَ واليها
دِمَشق إِن جِئتَها مِن كُلِّ ناحِيَةٍ ......... عَلى اليَفاعِ الَّذي تَحوي حَواشيها
حَكَت بَساتينها بَحراً جَواسِقُها ......... فيهِ المَراكِبُ مُلقاةً مَراسيها
أَو السَماءَ وَواديها المَجرةُ وَالـ ......... قُصورُ فيهِ نُجومٌ سارَ ساريها
بُشرى لَها وَلأَهليها بِساحَتِها ......... فَاللَهُ كالِئُهُم فيها وَكاليها

وأهل الشام يعتقدون أن دمشق محروسة بعزة الله، لا يصيبها الضيم وإن تكالبت عليها المحن والفتن، إلى أن يقول:
وَالرُخصُ حالَفَها أَن لا يُفارِقَها ......... أَقسَمَ بَرّاً لا يُدانيها
أَيّامُ مِشمِشِها لا شَيءَ يُشبِهُها ......... في الحُسنِ كَلا وَلا في الطيبِ يَحكيها

وقال في قصيدة من قصائده التي ناهز عددها أربعمائة قصيدة:

دِمشقُ هِيَ الفِردَوسُ وَالمِسكُ تُربُها ......... وَحَصباؤُها الياقوتُ وَالماءُ جِريالُ
وَمِن شَرَفِ الدينِ المُعَظَّمِ أَصبَحَت ......... عَلى المُدنِ في وَشيِ التَبَجُّحِ تَختالُ
لَقَد خَصَّها مُذ حَلَّ فيها وَعَمَّها ......... جَمالٌ وَإِجمالٌ وَفَضلٌ وَإِفضالُ

وقــــــال في أخـــــــــرى مــــن بيــــتين:

كَم مِن قَطائِفَ كَالأَمانِي ......... في دِمَشقَ قَطَفتُها
كانَت كَأَلسِنَةِ الأَحِبة بَةِ ......... في الشِفاهِ رَشَفتُها

وقال في أربعة أبيات رائعة:

أَلا حَبَّذا أَنفاسُ ظاهِرِ جلَّق ......... وَقَد نَفَحَت غِبَّ الحَيا المُتَدَفِّقِ
وَباناتُ واديها وَهُنَّ رواقِصٌ ......... لَها طَرَبٌ تَحتَ الحَمامِ المُطَوَّقِ
إِذا شَدَت الأَطيارُ في كُلِّ بانَةٍ ......... تَجاوَبَتِ الأَوتارُ مِن كُلِّ جَوسَقِ
وَنَحنُ بِأَيدي الوَجد سَكرى كَأَنَّما ......... َبَحنا كُؤوساً مِن شَرابٍ مُرَوَّقِ
وقال:

سَلامٌ عَلى أَكنافِ جِلَّقَ إِنَّها ......... لأَوطارِ قَلبي مَسرَحٌ وَمَقيلُ
رُبوعُ الهَوى أَمّا الهَواءُ فَشَمأَلٌ ......... بِهِنَّ وَأَمّا الماءُ فَهوَ شَمولُ

ويمتدح الزبداني وهي أرض جبلية جميلة تتراكم عليها الثلوج شتاءً وتنبت الأزهار في فصل الربيع بقوله:

قَد أَجمَدَ الخَمرَ كانونٌ بِكُلِّ قَدَح ......... وَأَخمَدَ الجَمرَ في الكانونِ حينَ قَدَح
يا جَنَّةَ الزَّبَداني أَنتِ مُسفِرَةٌ .........عَن وَجهِ حُسنٍ إِذا وَجهُ الزَمانِ كَلَح
فَالثَلجُ قُطنٌ عَلَيكِ السُّحبُ تَندفه ......... وَالجَوُّ يندفه وَالقَوسُ قَوسُ قُزَح
مَتى يَجُل فيكِ طَرفُ الطَرفِ مِن مَرَحٍ ......... قَرَيتِهِ لُمَحاً تَأتي بِحُسنِ مُلَح
تَلقى النَواظِرُ مِن رَوضٍ نَواضِرَ ......... في قُلوبِنا فَرَجاً مِن هَمِّها وَفَرَح

ويقول في بيت آخر:

وَبِالزَبَداني زُبدَةُ العَيشِ جاءَني ......... بِها المَحضُ مِن مَحضِ الضُروعِ الحَوافِلِ

ويقول في نهر بردى:

أَعيرا يَسارَ الرَّكبِ لَفتَةَ ناظِرٍ ......... إِلى بَرَدى وَالرَوضِ ذاتِ الخَمائِلِ
هُنالِكُما نَهرٌ يُرى النيلُ عِندَهُ ......... إِذا فاضَ في مِصرٍ كَبَعضِ الجَداوِلِ

وهي مبالغة لها ما يبررها من حب دمشق على سائر البلدان ويضيف:

إِذا قابَلَ النَهرُ الدُجى بِنُجومِهِ ............ أَرانا بِقَعرِ الماءِ ضَوءَ المَشاعِلِ

دلالة على صفاء ماء ذلك النهر.

بل ويفاخر بدمشق على مصر ونيلها فيقول:

إِذا اِفتَخَرَت مِصرٌ عَلَينا بِنيلِها ......... فَدَمعي فُراتٌ في دِمَشقَ وَنيلُ
والمقصـــــود بالبيت أن طيب العيــــش ولذته في دمــشق أكسب شاعرنا عذوبة في الدمع!.


بقلم: أ.د. عبدالملك بن علي الجنيدي

مآذن الشام تبكي إذ تعانقني
.................................. وللمآذن كالأشجار أرواح
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.07188 seconds with 11 queries