الموضوع: بصمات من كلمات
عرض مشاركة واحدة
قديم 03/10/2008   #1775
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


النّور في قلبِي وبينَ جوانحي فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ

أبو القاسم الشابي من نشيد الجبار


كلُّ ما هبَّ، وما دبَّ، وما نامَ، أو حامَ على هذا الوجود مِنْ طيورٍ، وَزُهورٍ، وشذًى وينابيعَ. وأغصانٍ تَميدْ وبحارٍ، وكهوفٍ، وذُرًى وبراكينَ، ووديانٍ، وبيدْ وضياءٍ، وظِلالٍ ودجى ، وفصولٍ، وغيولٍ، ورعودْ وثلوجٍ، وضباب عابرٍ، وأعاصيرَ وأمطارٍ تجودْ وتعاليمَ، وَدِينٍ، ورؤى وأحاسيسَ، وَصَمْتٍ، ونشيدْ كلُّها تحيْا، بقلبي حرَّة ً غَضة َ السّحر، كأطفال الخلودْ ههُنا، في قلبيَ الرحْبِ، العميقْ يرقُصُ الموتُ وأطيافُ الوجودْ




ضعفُ العزيمة ِ لَحْدٌ، في سكينَتهِ تقْضِي الحياة ُ، بَنَاهُ اليأسُ والوجَلُ

وفِي العَزِيمَة ِ قُوَّاتٌ، مُسَخَّرَة ٌ يخِرّ دونَ مَداها اليأسُ والوجَلُ

والنّاسُ شَخْصان: ذا يسْعى به قَدَمٌ من القُنوطِ، وذا يسعَى به الأملُ





أيْها الشعبُ! ليتني كنتُ حطَّاباً فأهوي على الجذوعِ بفأسي!
ليتَني كنتُ كالسيّولِ، إذا ما سالَتْ تهدُّ القبورَ: رمْساً برمٍسِ!
ليتَني كنتُ كالريّاح، فأطوي ورودُ الرَّبيع مِنْ كلِّ قنْس
ليتَ لي قوَّة َ العواصفِ، يا شعبي فأُلقي إليكَ ثَوْرة َ نفسي!
ليت لي قوة َ الأعاصيرِ..! لكْ أنتَ حيٌّ، يقضي الحياة برمسِ..!
أنتَ روحٌ غَبِيَّة ٌ، تكره النّور، وتقضي الدهور في ليل مَلْس...





إذا صَغُرَتْ نفسُ الفتى كان شوقُهُ صغيراً، فلم يتعبْ، ولم يتجشَّم

ومَنْ كان جبَّارَ المطامِعِ لم يَزلْ يلاقي من الدّنيا ضراوة َ قشعمِ



الويلُ للدّنيا التي في شرعها فأسُ الطَّعام كريشة ِ الرّسّامِ؟





قضَّيتُ أدْوارَ الحياة ِ، مُفَكِّراً في الكَائِناتِ، مُعَذَّباً، مَهْمُوما

فَوَجَدْتُ أعراسَ الوُجود مآتماً ووجدتُ فِرْدَوسَ الزَّمانِ جَحيمَا

تَدْوي مَخَارِمُهُ بِضَجَّة ِ صَرْصَرٍ، مشبوبَة ٍ، تَذَرُ الجيالُ هشيمَا

وحضرتُ مائدة َ الحياة ، فلم أجدْ إلاّ شراباً، آجناً، مسموماً

يا أيُّها السّاري! لقد طال السُّرى حَتَّام تَرْقُبُ في الظَّلامِ نُجُوما..؟

أتخالُ في الوادي البعيدِ المُرْتَجى ؟ هيهاتَ! لَنْ تَلْقى هناكَ مَرُوما

سرْ ما اسْتَطَعْتَ، فَسَوْفَ تُلقي ـ مثلما خلَّفتَ ـ مَمشُوقَ الغُصونِ حَطِيما

ما قدَّسَ المَثلَ الأعلى وجمَّلَه في أعيُنِ النّاسِ إلاّ أنّه حُلُمُ!

ولو مشى فيهم حيّاً لحطَّمه قومٌ، وقالوا بخبثٍ: «إنّهُ صنَمُ»!

لا يعبدُ النَّاسُ إلا كلَّ منعدمٍ مُمنَّعٍ، ولمنْ حابَاهُمُ العَدَمُ!

النَّاسُ لا يُنْصِفُونَ الحيّ بينهمُ حتّى إذا ما توارى عنهمُ نَدِموا!

الويْل للنَّاسِ من أَهْوائهمْ أبداً يمشي الزَّمانُ وريحُ الشَّرِّ تحتدمُ..

إنَّ ابنَ آدمَ في قرارة ِ نفسِهِ عبدُ الحياة ِ الصَّادقُ الإيمانَ

يا قلبُ! كم فيكَ من دُنْيا محجَّبة ٍ كأنَّها، حين يبدو فجرُها «إرَمُ»
يا قلبُ! كم فيكَ من كونٍ، قد اتقدَتْ فيه الشُّموسُ وعاشتْ فَوقُه الأممُ
تمضي الحياة ُ بما ضيها،وحاضِرها وتذْهَبُ الشمسُ والشُّطآنُ والقممُ
وأنتَ، أنتَ الخِضمُّ الرَّحْبُ، لا فَرَحٌ يَبْقَى على سطحكَ الطَّاغي، ولا ألمُ
تبلُو الحياة َ فتبلِيها وتخلَعُها وتستجدُّ حياة ً، ما لها قِدمُ
وأنت أنتَ: شبابٌ خالدٌ، نضِرٌ مِثلُ الطَّبيعة ِ: لا شَيْبٌ ولا هرَمُ

أبو القاسم الشابي ( أغاني الحياة )



لو كَانَتِ الأَيّامُ في قبضتي أذريتها للريح، مثل الرمال

وقلتُ: «يا ريحُ، بها فاذهبي وبدِّديها في سَحيقِ الجبالُ

"بل في فجاج الموت.. في عالَمٍ لا يرقُصُ النُّورُ بِهِ والظِّلالْ..


تَرجُو السَّعادة َ يا قلبي ولو وُجِدَتْ في الكون لم يشتعلْ حُزنٌ ولا أَلَمُ

خُذِ الحياة َ كما جاءتكَ مبتسماً في كفِّها الغارُ، أو في كفِّها العدمُ

وارقصْ على الوَرِد والأشواكِ متَّئِداً غنَّتْ لكَ الطَّيرُ، أو غنَّت لكَ الرُّجُمُ

آخر تعديل طفوله يوم 04/10/2008 في 02:19.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05194 seconds with 11 queries